أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الحداثة والدين : إشكالياتٌ وتوضيح لبعض الاخوة















المزيد.....

الحداثة والدين : إشكالياتٌ وتوضيح لبعض الاخوة


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 10:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقاربات انثروبولوجيـــة :

1- حيــز الفراغ الاعماقــي : توضيـــح

في مواضيع سبقت ( نحن والدين : مقاربة سيكولوجية ) , تناولنا قضية الباطن " الاعماقي " لنفس المثقف , خصوصاً مثقفنا الشرقي الإسلامي و توصلنا لنتائج تشير إلى وجود " منقطة فراغ " في الاعماق الرمزية للوعي الجمعي وارتباطه بالوعي الفردي , حيث يوجد " خلل " أو " عطب " ترابطي بين الوعي الفردي للمثقف والوعي الجمعي الذي يعبر عن نفسه ضمن نطاق الوعي الفردي في الاحلام والرؤى لنفس هذا المثقف ، سواء عبر احلام مزعجة او مضطربة غير انسيابية خالية من المعنى ( متناقضة الرموز ) أو عبر احتراق نطاق الترابط " التفسيري " بين الفرد والكل الذي يظهر بصورة احلام لا يمكن تذكرها ( بسبب اختلاف واقع التربية الاولى عن واقع الحياة الآنية لهذا الفرد ) ..
بالنسبة لتلك المواضيع ، اعترض بعض الاخوة على تناول مثل هذا الموضوع حول المثقف الذي ينحدر من بيئة دينية مثلاً يخالفها في بعض الثوابت العقائدية .. سيعاني من اضطراب في التواصل الاعماقي مع الوعي الجمعي الذي تربى عليه منذ طفولته ، الاعتراض كان على تصوير المشهد بهذه الزاوية " المحبطة " في نظرهم ..
كذلك أدلى آخرين من الإخوان باستفسار عن السبيل لردم هذه " الهوة " الاعماقية التي تشكل عائقاً أو اضطراباً يجعل المثقف يعاني عدم " السوية " الإجتماعية ، وهو ما سنتناوله في الفقرة الثالثــة ( ما هو الحل ؟ ) بعد توضيح الإلتباس بالنسبة للمعترضين .
وجه الاعتراض الحقيقي بالنسبة لاخواننا المعترضين هو إن هذا الراي يعتبر المثقف إنساناً غير سوي ، مع إنه يتحمل مسؤولية النهوض وتوعية باقي افراد المجتمع .. !
ونقول :
ماذا في ذلك ..؟
عدم سوية الترابط بين وعي فردي عصري وبين وعي جمعي كلي ماضوي " عملاق " مثل التراث والثقافة الشرقية الإسلامية ذات جذور السبعة آلاف سنة واقع فعلي .. !
كما كما إنه لا ينتقص من قيمة الثقافة والوعي التي عليها هذا المثقف قدر ما يسلط الضوء على واقع العلاقة بين تمدن هذا الفرد وموروثه الإجتماعي الثقيل الذي ينعكس على واقعه النفسي كثيراً ..
حاولنا من خلال الإضاءة تلك تبيان حقيقة " التحدي " الذي يواجه المثقف والذي يحتاج هو إلى إدراكه بجدية وواقعية بعيدة عن التبسيط ..
غالباً ما يظن بعضنا إن مسالة مواجهة الواقع الثقافي سهلة جداً , يتصورون إنها لا تحتاج أكثر من إرادة في اتخاذ قرار " الثورة " على التأريخ ..
ما اردنا قوله يخالف ذلك في جانب ويتفق معه في جانب آخر ، يخالفه في اعتبار المسالة ابسط من " خلل " بنيوي اعماقي , ويتفق معه في أن الثورة مطلوبة لإدخال المجتمع إلى عصر ٍ جديد يلائم ما عليه العالم المتحضر وما يشهده من تقدم وتسارع لا يمكن لواقع الثقافة القديمة مجاراته او استيعابه .. ولكن ما هي طبيعة هذه الثورة المطلوبة لتحقيق الإنسجام ؟ ( سنعرف هذا في الفقرة ثالثاً : ماهو الحل ؟ )

2- ما هي سلبيات " القطيعة " بين الوعي الفردي ووعيه الجمعي ؟

المخلوق الإنساني كائن اجتماعي , وطبيعي ان يتأثر بعلاقاته الإجتماعية بسبب ضآلة الترابط بين مكونات اعماقه الفردية والكلية , النتيجة :
فرد يعاني من المجتمع وقيمه , حياته صعبة بسبب ضعف العلاقات الإجتماعية بمثل هذا المجتمع , بل , يتعالى صوته كلما حانت الفرصة لوصم الامة بالرجعية والتخلف كما يشيع اليوم بما بات يعرف بجلد الذات الجمعية ..
احياناً وفي حالات شاذة قد يصل الامر إلى حد " التطرف " المضاد لما يعتبره تطرفاً قيمياً مثل حالات كثيراً ما تطرقنا إليها مسبقاً لمتطرفين " علمانيين " يؤيدون المسيحية الغربية ويناكفون الثقافة الإسلامية برمتها ..
لا يعني هذا إن امة هذا الفرد غير متخلفة , ولكن من المستحيل إصلاحها بالجلد الثقافي الذاتي هذا , اصلاحها يتم بخطوات عملية بقيادتها نحو حداثة ايجابية سلمية لا تعتمد " القسر " بفصلها عن تاريخها مرة واحدة .. وهو مستحيل بكل المقاييس وناقشناه في مواضيع عدة نقدنا فيها التوجه الاصولي الصهيو مسيحي ومن يجرون خلفه بابلسة التاريخ والقيم الإسلامية باعتبار المجتمع الغربي انموذجاً فريداً يحتذى به ..
فسوية الفرد الغربي وعلى الرغم من إنها نابعة من كون الاجيال الحالية نشأت في بيئآت ثقافية ربتها على " العصرنة " أو الحداثة منذ الطفولة , ما يعني إن هذا الفرد في صلح مع مجتمعه ووعيه الكلي لكن , الغرب " فرداني " التنشئة منذ اليونان والرومان حيث " الفلسفة " و " الديمقراطية " و " القانون " , اي إن الفردانية أو الشخصانية اصيلة في موروثه الجمعي الثقافي حتى قبل المسيحية بدليل إن طابع المسيحية الثقافي قائم على " فرادة " المسيح كرمز للإنسان المكافئ للإلـــه ..!
فربوبية المسيح إنعكاس وتجل لربوبية العمق لدى كل فرد تربى في ظلال هذه المنظومة التاريخية , بالتالي , سوية الفرد الغربي نابعة من صلح جوهري بين المسيحية والحداثة وإن بدا ظاهراً وجود " قطيعة " مع الطقوس الدينية او المعتقدات الاخرى ..
وهكذا , المجتمع الغربي هو الرابح الاكبر في التفاعل والصراع بين الفردانية والكلانية ، لان كلانيته الجمعية واطئة التاثير قياساً بكلية الشرق العميقة المتأصلة .. التي لا تستطيع إنتاج الإله الإنسان الذي تتطلبه الحداثة ..
فالإله الشرقي لا يبلغ مقامه في الأرض إنسان , وكما سندرس دلالات هذا المعنى في مواضيع لاحقة ، الإلــه الشرقي وخصوصاً " الله " تجلٍ واضح للكلية الجمعية التاريخية الموروثة المتعالية المتجبرة على الفردية ..
وعليه , من المستحيل , وأؤكد هنا هذه النقطة , مستحيل " تحرير " الفردانية الضعيفة في مجتمعات الشرق ذات العمق التاريخي ذو السبعة آلاف عام ببساطة , ولو تحررت في بعض الافراد الشرقيين فهم يخوضون صراعاً إجتماعياً ونفسياً عميقاً يؤدي إلى نتائج تفضي لشخصية تميل للإنطواء أو تكون نتائجها كارثية احياناً تدفعهم إلى كره المجتمع والتطرف ضده مثل نماذج عديدة من المفكرين والمثقفين الليبراليين الذين ينفسون عن معاناتهم " الاعماقية " في الحوار المتمدن ..

3- مـــا هــو الحل ..؟

الحل هو محاولة " خلق " مناطق ترابط بين الانا والنحن ( قيم الفرادة وقيم الكلية الجمعية الموروثة ) , وهو الخط الذي ينتهجه بعض المفكرين المحدثين في الفكر الإسلامي نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر نصر حامد ابو زيد وسيد القمني وجمال البنـا ..
فمحاولة تطويع الفكر الإسلامي تجاه الحداثة , تحديث النماذج لتتوافق مع النظريات العلمية والبنى المؤسسية والإجتماعية العصرية تردم " الهوة " الاعماقية بموصلات تؤدي إلى تناغم وإنسجام وسوية فردية نامية ومتطورة في المجتمعات الإسلامية الكلية تنتج " منظومة " قوية مترابطة بين الانـــا و النـحن ..
فعلى سبيل المثال , قبول " الله " في حياة الفرد كمسير ومدبر لقوانين الطبيعة بدلاً من " الملكوت " والملائكة , افضل بكثير من نفي وجود الله بالمطلق الذي يؤدي إلى انسلاخ تام لدى الفرد العادي عن كل قيم موروثة وكثير منها ايجابي إذا استثنينا السلبيات " الظلامية " ..
قبول التحديث يكون مناسباً للكثيرين ولا نقول للكل ، الموضوع شائك في حالات خاصة ونادرة لذوي الثقافة المعرفية العلمية القوية ممن يحتاجون " الإلحاد " لاكتشاف ذاتهم الحقيقية مع إنه امرٌ بالغ الخطورة .. وهو موضوع خارج سياق مناقشتنا هذه ، لكن عموماً ، التحديث افضل الحلول لمجتمع يمكن أن يعيش السواد الاعظم من افراده بسوية اعماقية ..
مع ذلك , ورغم هذا التقديم وما سبقه من مواضيع , لا زلنا لا نرى الداخل .. وتحديداً " حيز الترابط " بين ذاتنا الفردية والذات الكلية الجمعية ، وانسب مدخل لولوج هذا العالم هو نتاج التفاعل بين الفرد والكل وهي برأيي كباحث الأحلام Dreams وما تحمله من دلالات باطنية اعماقية كما سندرس مقدماتها البنيوية في موضوعنا القادم .

[email protected]



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _3_
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _1_
- الجاذبية الجنسية : رؤية ٌ ماركسية
- ليبيا ... عروس ُ عروبتنا الحمراء
- إسرائيل في مواجهة الطوفان العربي : رؤية استراتيجية للمستقبل
- مذبحة الساحة الحمراء في البحرين والإعلام العربي
- اخرجوا المحتلين من بابل خائبين
- الجنس والأنثى والحضارة
- هذا الجيل : من الصحوة الإسلامية إلى ما بعد الحداثة
- التخاطر وسيكولوجيا الجماهير
- إغلاق قناة السويس : المرحلة الثانية من الثورة
- هذا الجيل : زلزالُ مصر وحاكمية الشعب
- وصايا للثورة في مصر***
- ميدان التحرير : رمزُ ثورةِ هذا الجيل وميزان رؤيته الجديدة
- مبارك يحزم حقائبه
- روبرت فيسك : الغربُ لا يريد ُ ديمقراطيةً في تونس ولا ايَ بلد ...
- كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -4-
- محمد حسنين هيكل يحكم بالإعدام شنقاً على انتفاضة الخبز والكرا ...
- الانتفاضة ُ التونسية و طريقُ الثورةِ الجديد : حاكمية الامة


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الحداثة والدين : إشكالياتٌ وتوضيح لبعض الاخوة