مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 10:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محاولة لتفكيك الخطابات الدينية السائدة
أو محاولة لإعادة اكتشاف الإنسان في الخطابات الدينية السائدة
الحقيقة أن الجانب الإنساني في الشخصيات التاريخية الواقعية و التي تتعرض لعملية نزع لإنسانيتها من خلال عملية تطويبها و تحويلها إلى رافعة لمقدس ديني ما ( و إيديولوجي مؤخرا ) هو الضحية الأولى لهذه العملية .. النبي محمد , يسوع , موسى , الحسين , عائشة , الصحابة , الأئمة , جمعهم أشخاص حقيقيون , بشر عاشوا كسائر البشر , لكن الخطابات الدينية السائدة بتطويبهم ألغت وجودهم و تاريخهم الفعلي كبشر , أنكرت عليهم إنسانيتهم في سبيل مقدسها , "لتسمو" بهم إلى رموز فوق إنسانية لمقدسها المزعوم , لقد أعادت مؤسسات الكهنوت الديني ( و الإيديولوجي في وقت لاحق ) كتابة التاريخ الفعلي لهؤلاء البشر بما يتوافق تماما مع إنكارها هذا لإنسانيتهم لتتمكن في نهاية المطاف من تحويلهم إلى أنبياء , قديسين , آلهة , الخ .. لا يمكن للقديسين خلافا للبشر العاديين , و لا يسمح لهم , بارتكاب الأخطاء الإنسانية العادية , التافهة و الكبيرة منها , إن الصورة السائدة تصورهم على أنهم لا يخطئون , و بالتالي يعاد إنتاج تاريخهم الفعلي بعد أسطرتهم , تحويلهم إلى أسطورة , لكن حقيقتهم البشرية ترفض إلا أن تطل علينا باستمرار من وقائع حياتهم المسكوت عنها , و التي شكلت على الأغلب المنطلق في "بطولتهم" الرمزية طالما أنهم حتى اليوم هم الأبطال المنصبون لحياتنا و تاريخنا , لا يكفي أبو طالب مثلا أنه حمى ابن أخيه من ألد أعدائه , أبي سفيان , الخطاب السائد يعيد قراءة الواقع , و هو يخلق منطقه الخاص ليبرر قلبه للواقع , أبو سفيان أسلم الأمر الذي لم يفعله أبو طالب , هكذا يصبح العدو الأول لمحمد في مركز القراءة الجديدة للتاريخ بينما يطرد أبو طالب خارجها , هذا طبعا مثل مصلحة لسلطة قائمة , امتلكت و نسبت لنفسها الحق في إعادة تفسير التاريخ بما يناسبها , يبقى الشيعة المساكين مضطرين للزعم باستمرار أن أبا طالب قد أسلم ليدافعوا هم أيضا عن قراءتهم المزيفة على طريقتهم للتاريخ , لكن هذه قضية ثانوية في محاولتنا هذه لإعادة قراءة التاريخ , فما نريد الحفر عنه هم البشر الفعليون , كما عاشوا فعلا , في هذه القراءات المزورة للتاريخ , مثلا طريقة صياغة ما تسمى بحادثة الإفك , أو قصة الاتهام الذي نسب مثلا لزوجة النبي محمد المفضلة عائشة يصور على أنه مادة لجدال بين حق مطلق يمثله إله محمد و نبيه و شر مطلق يمثله الأشرار الذين "اتهموا" عائشة بالزنا , وجود عائشة هنا هامشي ثانوي و خاضع كلية لأولوية الدفاع عن محمد و إلهه , هذه الواقعة التاريخية تساوي تماما واقعة أن يسوع قد ولد من أم غير متزوجة و التي تحول من واقعة إنسانية عادية و مكررة إلى "معجزة" , الحقيقة أن هذه الوقائع في الحقيقة وقائع بشرية بسيطة و عادية بمعنى تكرارها لا بمعنى أنها غير مهمة , بل هي ذات أهمية هائلة لمن عاشوها , الأنا الأعلى الأخلاقي هنا يعامل الزنا كجريمة أخلاقية , لكن الأكيد أن ممارسة الجنس ليست جريمة إنسانية , إنها حالة إنسانية , صحيح أن الجنس شيء معقد و مركب , صحيح مثلا أن الإنسان يشترك في هذه الغريزة مع الحيوانات , بل الكائنات المتطورة كلها , التي تتكاثر جنسيا , لكن هذا لا يقلل من إنسانية الغريزة و الممارسة الجنسية , صحيح أن للجنس وظيفة أكبر من الفرد , ما يسميه علماء البيولوجيا الحفاظ على الجنس , لكن الأكيد أيضا أنه من أهم أشكال و أسباب الإشباع الفردي , حتى وظائف أكثر أولية كالطعام و الشراب , أي الكفاح في سبيل البقاء أو العمل الإنساني , تساهم أيضا في خلق الإشباع الإنساني الفردي بقدر ما تملك مهمة اجتماعية أخرى و لا أقول أكثر أهمية , طالما كان الجنس حالة إنسانية مركبة , مثلا يمكن للإنسان أن يمارس المثلية الجنسية بدافع الكبت الجنسي و القمع الجسدي أو على العكس كخيار حر و طوعي لتلبية أو إشباع حر لرغبة إنسانية بامتياز , و طالما كانت نظرة الأنا الإنسانية للجنس نظرة فصامية مشتتة بين غرائز الهو و توبيخ الأنا الأعلى القمعي , طالما احتفظ الكثيرون بشخصيتين , واحدة تتناسب مع اشتراطات الأنا الأعلى الأخلاقية و أخرى تبحث عن إرضاء و إشباع غرائز الهو و لو عن طريق ممارسة الجنس أو وسائل بلوغ اللذة الجنسية الأخرى مع المومسات أو حتى الأطفال أو المحارم , باختصار ليس فعل الزنا أو الجنس جريمة إنسانية , إنه حالة إنسانية واقعية جرت و تجري و ستجري كل دقيقة .. يمكن القول استنادا إلى استقراء المسكوت عنه في التاريخ أن محمد كان شخصا إيروسيا شبقا , و لو أن توجهه نحو تلبية رغباته الجسدية جاء متأخرا , ربما بسبب ضغوط الدعوة و حاجته ليحتفظ بصورة طهرية ما قبل أن ينتصر دينه عمليا و يصبح من الممكن أن يعتمد بدلا من تلك الصورة الطهرية على دعم الوحي له في تلبية و إشباع رغباته الإنسانية , مع هذا الانتصار سيبدأ محمد بالالتفات إلى جسده الذي أصبح متعبا بعض الشيء , متقدما في السن أيضا , لا يمكن القول بأن علاقة محمد بخديجة كانت قائمة على الشهوة , لقد كانت عقلانية أكثر منها شهوانية , تماما على عكس علاقته بعائشة , فعائشة رغم أنها لم تكن على قدر هائل من الجمال الجسدي , لكنها كانت جسدا قادرا على أن يمنحه إشباعا هائلا , جسد أنثوي غض , فتي , سنها الصغير , و حقيقة أنها عذراء , سيجعل هذا من عائشة أقرب نسائه إلى قلبه و جسده , هكذا ستنشأ علاقة نموذجية بين زوج كهل و زوجة شابة تلعب دور الزوجة المفضلة أو المدللة , لكن الغيرة تشكل جزءا ضروريا من مثل هذه العلاقة , هذه الغيرة التي ستتصاعد في قلب الزوج تدريجيا , ليس فقط تجاه عائشة , بل كل نسائه , ليبدأ بفرض الحجاب , ثم منعهن من الخروج إلى الأسواق و الاختلاط بالرجال .. بالنسبة لعائشة لا بد أن ممارسة الجنس في سن مبكرة جدا مع رجل كهل كانت تحمل أو تخلق مشاعرا متناقضة , لقد مارست عائشة الجنس قبل أن تكون قادرة على الاستمتاع بذلك و هذا يترك لدى المرأة ذكريات مختلفة عن فعل الممارسة الجنسية , خليط من الإشباع الطفولي و إرهاصات اللذة الجسدية الثائرة و إنهاء طفولتها الفعلية للقيام بلعب دور الزوجة و ربما الكراهية الدفينة الممزوجة بالإحساس بالدونية من ممارسة الجنس و من الشريك الجنسي نفسه , المنطق الإنساني البسيط يقول أن عائشة الإنسان , المرأة , قد تمارس فعلا الجنس إذا توفرت لها الفرصة مع شخص آخر , أصغر سنا , أقرب إلى الصورة الذكورية التي تحرك شهوة المرأة من زوجها الكهل , نقطة أخرى هامة هي أن إشباع المرأة المتزوجة يكون عادة أكبر بكثير مع عشيقها من زوجها , أن الجنس مع العشيق يكون لاهبا , مقارنة بالجنس الروتيني مع الزوج , لكن بغض النظر عن الاحتمالات المرتبطة بما قامت به عائشة بالفعل , فإن عائشة اضطرت للتوقف عن ممارسة الجنس أيضا في سن صغيرة , كانت كسائر أزواج النبي ممنوعة من أن تتزوج ثانية بعد موت النبي , و هذا الانقطاع المبكر عن ممارسة الجنس و لفترة طويلة حتى الموت بينما كانت الرغبة ما تزال مشتعلة في الجسد الفتي هي على الأغلب السبب وراء انغماس عائشة في الألاعيب و المؤامرات السياسية التي بدأت في الفترة الأخيرة من حكم عثمان بن عفان و بعد أن خسرت معركة الجمل و فشلت محاولاتها الأخيرة لتولية أحد إخوتها خلافة المسلمين , انتهت بها إلى مواقفها المتزمتة و المعادية للمرأة في فتاواها و الأحاديث التي نقلتها عن زوجها الرسول , إن هذا الانقطاع المبكر و الطويل عن الجنس إضافة إلى الرض الهائل الناتج عن اتهامها بالخيانة الزوجية يقود بشكل طبيعي إلى إنكار و من ثم كره الممارسة و الغريزة الجنسيتين في نهاية الأمر , إلى أن تصبح هي نفسها بمواقفها المعادية لجنسها , أن تصبح تجسيدا للأنا الأعلى الأخلاقي الذي حاكمها يوما و ما زال لأنها امرأة ..
لا شك أن يسوع , كطفل لامرأة , لأم , غير متزوجة قد عانى من عقدة أوديب مقلوبة , من ألم داخلي هائل , سببه له النظام الأخلاقي السائد , الابن هنا يحاول أن يعوض عن الأب المفقود بصورة خيالية لأب ما , عدا عن محاولة التوفيق بين كراهية الأم و تحميلها مسؤولية آلامه و بين حبها الطبيعي كمصدر للحياة , كمأوى و كملجأ من الآلام التي يعانيها بسبب موقف المحيط الرافض له .... الحقيقة أن هذا التوتر الهائل بين أنا متألمة و أنا أعلى تواصل التوبيخ باستمرار و تكرس عند الأولى شعورا هائلا بالدونية و بالرفض , من السهل جدا أن يحل على الصعيد السيكولوجي باعتبار أن الأب المفقود ليس إلا الرب , الأب ... لكن حتى في لحظة تغلبها الفصامي الشيزوفيريني على ألمها تبقى الأنا عند يسوع تشعر بالمهانة أمام الأنا الأعلى الأخلاقية , المنافقة بالمناسبة , للأخلاقيين و رجال الدين و حتى الرأي العام المجتمعي , فيعلن يسوع في هذه اللحظة أن الجنس لا يجب فقط تقنينه أخلاقيا و اجتماعيا لصالح الأسرة الأحادية كتعبير عن انتصار الجنس الذكوري و إخضاع الجنس الأنثوي كما تفعل سائر الأديان , بل يعلن أن الجنس , الزواج , هو رباط مقدس , يسوع بذلك يكرس عقدة نقصه أمام الأنا الأعلى الأخلاقية التي سببت له كل تلك الآلام بالتأكيد , إنه يعلن هزيمته أمامها , انكساره , إن الله – الأب لا ينقذ يسوع فقط من توتره , من صراعه الداخلي و من الرفض الخارجي له كابن لأم غير متزوجة , بل إن تلك الأنا الأعلى تتحد بالله , بصورة الأب المفقود , لتجعل تلك الوصفة الأخلاقية جزءا من أهم أجزاء المقدس , من الرب نفسه , هكذا يهزم يسوع في لحظة انتصاره الفصامي , و يخلق بالضرورة , يؤبد , بتماهيه بالأنا الأعلى التي واصلت تعذيبه و الاعتداء عليه طوال حياته , أسباب إنجاب أطفال مثله , محكومين مثله بالألم و المعاناة , بتحويله الوصفة الأخلاقية السائدة إلى أقصى أشكالها الممكنة جمودا و رفضا و عداءا لإنسانية و لجسد الإنسان , إن الله – الأب لن ينقذ البشرية عن طريق آلام ابنه المنبوذ يسوع , بل سيقسمها فقط بين قلة في النعيم و غالبية في الجحيم , إن يسوع المستسلم للأنا الأعلى , الذي يقدس الأنا الأعلى , بإعلانها على أنها هي الله – الأب , لا ينقذ البشرية , إنه يكبلها من جديد .... في الحقيقة إن هؤلاء البشر هم أبطال التاريخ الإنساني الفعلي , التراجيديا الإنسانية الفعلية , التي بدأنا بروايتها و تمثيلها منذ ظهر الإنسان الأول الواعي على هذه الأرض و حتى الغد البعيد , و لذلك فهم مثل هاملت تماما , و مثل أبطال الأساطير اليونانية يشدنا إليهم ما يشدنا في هؤلاء الأبطال من صراع مضن مع مصائرهم , مع العالم و مع رغباتهم , مع الخيانة , و الهزيمة , أي باختصار كل ما هو إنساني , لا يعني هذا أنهم لم يكونوا فصاميين أو عصابيين , أو أنهم لم يمارسوا الخداع , أو أنهم في نفس الوقت لم يكونوا صادقين في ما قالوه و زعموا أنهم رأوه و اعتقدوا به , إن الخداع ليس فعل شيطاني , إنه مثل الزنا أو الجنس , فعل إنساني بامتياز , و في الأغلب يكون خداع النفس ( المرضي أو الهستيري حتى أحيانا ) هو المدخل لخداع الآخرين , و إيهام النفس هو المدخل لإيهام الآخرين , إن التسامي كعملية سيكولوجية يحاول أن يقلب الأدنى , التافه , الإنساني , الغرائزي , في نظر الأنا الأعلى الأخلاقي إلى ما هو سامي , فوق إنساني , فوق غرائزي , في محاولة لإخفاء أصوله الغرائزية الإنسانية , إنه يبقى مشدودا إلى حالته الغرائزية الإنسانية الأولية , لكن بشكل منافق ... لا شك أن التراجيديا الإنسانية الفعلية تتضمن أكثر من مجرد الغرائز التي يكبتها الأنا الأعلى , مثلا كانت العادة في العالم المتحضر في عصر المسيح أن الأباطرة , الفراعنة , الملوك , هم من يعلنون أنفسهم , أو يعلنهم الكهنة آلهة أو أبناء للآلهة , كان أكبر فعل هرطقي في العالم القديم يومها هو إعلان يسوع , الابن الذي ولدته مريم دون زوج , ابنا للإله – الرب , ملكا لليهود , لا شك أن هذا كان يومها أخطر مؤامرة على الأنا الأعلى – السلطة , و لهذا على الأغلب ظهر المسيحيون الأوائل بين الفقراء و المحرومين و لهذا على الأغلب كان يسوع قادرا على أن يلهمهم تلك القوة الاستثنائية في مواجهة بطش أباطرة روما – آلهة العالم القديم , و لكن ما في كل قصص التراجيديا الإنسانية – التي تقترب هنا من الملهاة – يظهر كهنة يقومون بتطويب يسوع , "تخليصه" من إنسانيته , من آلامه الإنسانية , ليصنعوا قصة آلامه الإلهية , المقدسة , ليندمج أخيرا آلهة العالم القديم بإله المحرومين المهرطق – يسوع , لتصبح المسيحية دينا للإمبراطورية , و ليحكم الأباطرة باسم يسوع نفسه هذه المرة .... إن عملية تطويب القديسين و الأنبياء و الآلهة هي أسوأ و أحط و أكثر جبنا مما فعله شكسبير مثلا مع هاملت , فعندما لا تستطيع أن تكون بطلا فقد تمارس بطولتك بأن تكتب عن الأبطال , كما نفعل نحن , لكن عملية تطويب يسوع و عائشة هي أحط و أكثر همجية و لا إنسانية , إنها عملية توظيف هؤلاء الأبطال الفعليين للتراجيديا الإنسانية الواقعية لصالح قوى سلطوية , لكي يقوموا بوظيفة مباشرة في بنية و خطاب هذه السلطات القائمة , الأشخاص التافهون , الذين يقومون بفعل التطويب هذا , بفعل الأسطرة هذا , يقنعون بدور موظفين في بنى السلطات القائمة , و هم لأنهم متميزون فقط في فعل التطويب , في فعل التقديس و إزالة الأنسنة عن هؤلاء الأبطال الفعليين فإنهم مناسبون تماما لممارسة دور كهنوت دين السلطة القائمة , إنهم تافهون و جبناء لدرجة أنهم لا يستطيعون ممارسة البطولة الإنسانية أو حتى الحديث عنها لذلك فإنهم يخلقون وهم البطولة الإلهية , أنا أعتقد أنه هنا بالتحديد تكمن قوة تحليل نيتشه , عندما يمزق القناع الذي وضعه هؤلاء الكهنة على وجوه أبطال تاريخنا البشري و يكشف عن جوهر و حقيقة معاناتهم و آلامهم الإنسانية , هذا ما أظن أنه يشكل الجانب الثوري , و ربما الأناركي , في فلسفة نيتشه عن التاريخ و الإنسان .... إن الأفعال الكبرى , أفعال التمرد على ما يبدو أنه مصير إنساني محتوم , أي على القدر , تماما كما في الأساطير اليونانية , يحفز الرغبة في تقديس أبطال هذه الأفعال , ربما لن يكون غريبا مثلا أن يجد رجلا مثل علي بن أبي طالب أو الحسين كل هؤلاء الناس ليعلنوه إماما أو حتى إلها , حتى خصم الحسين في كربلاء , يزيد , يوجد من يؤلهه , لكن فقط كامتداد للمتمرد الكوني الأول , الشيطان نفسه , خصم الإله الدائم و خصم كل الآلهة .... لا نستطيع أن نحكم كيف تصرفت عائشة بالفعل عندما جاءتها فرصة ممارسة الجنس مع شخص غير زوجها , و لا يمكن لأحد أن يقطع بما حدث فعلا , لهذا بالتحديد جرى حسم القضية فقط بواسطة تلك القوة التي لا نستطيع مجادلتها و التي يزعم محمد أنها تعرف السر و أخفى , أي الله نفسه , و هنا إما عليك أن تفعل كما فعل محمد نفسه أو أن تستمر في التفكير دون طائل ... أخيرا , كانت عائشة و يسوع أمثلة لبشر مضطهدين , لبشر مكبوتين , قمعهم النظام الأخلاقي و الاجتماعي السائد , بينما كان ردهم إنسانيا بامتياز , أي متناقضا بقدر ما أن الإنسان يبقى أسير تناقضاته الداخلية و تناقضات عالمه , عالم السادة , لم يكونا أحرارا و متمردين مثل سبارتاكوس الذي أطاح بسيفه و بثورته , بالأنا الأعلى – السلطة في هذا العالم من ألفه إلى يائه و حلم بتغييره كلية و إقامة عالم جديد تماما , كانا أضعف من هذا , مثلنا , مثل غالبية البشر , فتمردوا قليلا و خضعوا كثيرا , و أعاد وعيهم إنتاج مأساتهم في صدامهم مع النظام الذي قمعهم و نبذهم بشكل إنساني بامتياز , قائم على الوهم , بالضرورة , و في لحظة ما , تحولوا إلى جزء من منظومة القمع و الكبت السائدة كرموز في الأنا الأعلى لحالة فوق إنسانية , لكبت جديد قديم , لهذا بالذات يبقى سبارتاكوس هامشيا في قراءة السادة للتاريخ , فهو يبقى حاضرا على الدوام كإنسان , من دم و لحم , كحالة إنسانية أبدا عصية على التطويب , و يبقى مع ذلك ممتلكا ذلك السحر الخاص الاستثنائي للثوار , الخارجين على كل اشتراطات الأنا الأعلى , و لذلك دوما كان يبعث من جديد , لأنه الإنسان الذي يخلق تاريخه مرة أخرى بثورته , بينما يخلقها في بقية الأوقات كهنة السادة و سيدهم – أناهم الأعلى ................
مازن كم الماز
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟