الحقوق النقابية والكيل بمكيالين

هاشمية سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 09:04
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

فصل النقيب محمد سالم من عمله في‮ ‬شركة طيران الخليج هو حلقة من حلقات سلسلة متواصلة لإضعاف الحركة النقابية في‮ ‬خطوة لتقويضها وإجهاضها من قبل بعض الإدارات التي‮ ‬لم ولن تستوعب عهد الإصلاح والديمقراطية وحرية العمل النقابي‮ ‬التي‮ ‬أقرها دستور المملكة وقانون النقابات العمالية وما أتاحه من حقوق للعمال في‮ ‬المشاركة في‮ ‬صياغة القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى رأسها الدفاع عن مصالح وحقوق العمال‮.‬
وقد بدأت فصول الانتهاكات للحقوق والحريات النقابية عندما أقيل النقيب حسن مدن من عمله وكذلك إقالة النقابي‮ ‬علي‮ ‬الفضالة من عمله في‮ ‬شركة طيران الخليج،‮ ‬واستأصلت نقابة بكامل أعضائها من الوجود بعدما أقدمت شركة عقارات السيف على فصل جميع العاملين في‮ ‬مجال الأمن من عملهم ضاربة بعرض الحائط جميع المحاولات التي‮ ‬بذلت لثني‮ ‬الشركة عن هذا القرار الجائر‮. ‬ويومها حذر معظم النقابين من أن السكوت على هذا التصرف‮ ‬يعطي‮ ‬الضوء الأخضر لباقي‮ ‬الشركات للقيام باتخاذ اجراءات مماثلة بحق النقابيين العاملين لديها،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يحدث الآن وبعد مرور قرابة ستة شهور على إقالة النقابيين المذكورين أعلاه‮.‬
والمضحك المبكي‮ ‬في‮ ‬هذا السياق هو أن المحامي‮ ‬النائب الوطني‮ ‬الذي‮ ‬تعهد بالدفاع عن النقيب محمد سالم هو نفس المحامي‮ ‬الذي‮ ‬وقف ولازال ضد النقابي‮ ‬حسن مدن،‮ ‬ففي‮ ‬الحالة الأولى أبدى استعداده للدفاع عن النقيب محمد سالم معتبراً‮ ‬إن الفصل الذي‮ ‬تعرض له النقيب فصلاً‮ ‬تعسفياً،‮ ‬وتحدث عن وقوفه المطلق في‮ ‬صف الحقوق العمالية وأنه سيقوم بقيادة تحركات نيابية لدعم مواقف العمال المتضررين في‮ ‬طيران الخليج،‮ ‬هذا ما جاء على لسانه في‮ ‬جريدة الأيام الصادرة‮ ‬يوم الاربعاء الموافق ‮٥١ ‬سبتمبر ‮٤٠٠٢. ‬مع العلم بأننا نقف مع النقابي‮ ‬محمد سالم قلباً‮ ‬وقالباً‮ ‬وندعو جميع قوى المجتمع؛ النقابية والحقوقية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني،‮ ‬لمساندة هذا النقابي‮ ‬الذي‮ ‬تم فصله على خلفية نشاطه النقابي‮ ‬الذي‮ ‬كفله الدستور وميثاق العمل الوطني‮ ‬وقانون النقابات وجميع المعاهدات والمواثيق العربية والدولية‮.‬
وفي‮ ‬الحالة الثانية فإن النائب الوطني‮ ‬وبصفته محاميا‮ ‬يمثل الشركة فإنه اعتبر الفصل الذي‮ ‬تعرض له النقيب حسن مدن هو قانوني‮ ‬وصحيح،‮ ‬بل وذهب إلى أكثر من ذلك حين اتهم النقيب بتنظيم نقابة سياسية تهدف إلى تعكير صفو العلاقات بين مملكة البحرين ودولة شقيقة لتلك الشركة ووصل الأمر به أيضا الى رفع شكوى الى وزير الداخلية مطالبا سعادته بردع النقيب من إقامة اعتصامات‮ ‬غير قانونية،‮ ‬ضارباً‮ ‬بعرض الحائط حق الاعتصام الذي‮ ‬أقره دستور المملكة كوسيلة سلمية مشروعة للتعبير عن الرأي‮ ‬والتظلم من أي‮ ‬اجراء‮ ‬يتعرض له المواطن البحريني‮. ‬وفي‮ ‬مرافعته أمام القاضي‮ ‬الذي‮ ‬ينظر في‮ ‬قضية فصل النقيب حسن مدن طالب بإلغاء هذه الدعوة وتحميل النقيب كافة تكاليفها وكذلك تحميله أتعاب المحاماة‮.‬
كيف نفسر هذا التناقض في‮ ‬موقف النائب الوطني؟ وكيف‮ ‬يبرر تبنيه لموقف مساند للحقوق النقابية وآخر مناهض لها؟‮! ‬ففي‮ ‬موقفه من قضية فصل النقيب محمد سالم مسانداً،‮ ‬في‮ ‬حين موقفه من قضية نقيب السفر والسياحة إدانة‮!! ‬وهل تبني‮ ‬موقف الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية تحكمها الأهواء الشخصية أم أنها مواقف مبدئية بغض النظر عن المتورط فيها؟ وإذا كان معيار المحامي‮ ‬الوطني‮ ‬في‮ ‬الدفاع عن الحقوق النقابية هي‮ ‬اعتبارات شخصية فما هو مصير المواطن الذي‮ ‬صوت له في‮ ‬الانتخابات البرلمانية؟ ألا‮ ‬يعتبر ذلك مناقضاً‮ ‬لما تعهد به أثناء حملته الانتخابية بالدفاع عن حقوق المواطن البحريني؟ أسئلة كثيرة تثار حول موقف هذا النائب الوطني‮ ‬وغيره،‮ ‬التي‮ ‬تدعو المواطن لليقظة في‮ ‬منح صوته لمن سيترشح في‮ ‬الدورة القادمة،‮ ‬فالتجربة بينت أن الكثير من النواب الذين تعهدوا أمام ناخبيهم بتبني‮ ‬قضاياهم والدفاع عن حقوقهم وتحسين مستوى معيشتهم،‮ ‬تنكروا لكل تلك الوعود بمجرد وصولهم إلى قبة البرلمان واضعين مصلحتهم الشخصية فوق كل اعتبار‮!!‬
الحقوق والحريات النقابية والعامة وحرية التنظيم والاعتصام والاجتماع هي‮ ‬حقوق لا‮ ‬يمكن التمييز فيها ومنحها للبعض على حساب البعض الآخر من المواطنين،‮ ‬والنواب‮ ‬يتحملون مسئولية تاريخية في‮ ‬الدفاع عنها وتكريسها بعيدا عن المحسوبية والانتقائية وبعيدا عن المصالح الشخصية،‮ ‬وهو ما نتمنى أن نراه على‮ ‬أرض الواقع،‮ ‬وأن‮ ‬يعي‮ ‬النواب دورهم هذا وما‮ ‬يترقبه منهم المواطن الذي‮ ‬صوت لهم وعقد الآمال الكبار عليهم،‮ ‬فهل‮ ‬يعون؟

#هاشمية_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات