يوم كانت تطفئ الانوار في دمشق

سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 08:29
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

في دمشق عاصمة الامويين, يوم كانت تطفئ الانوار,القادم ليس معاوية ولا يزيد,القادم كيسنجر.
والتر ايزاكسون مؤلف كتاب كيسنجر-سيرة حياة

يبدأ المؤلف من طفولة كيسنجر في مقاطعة بافاريا الالمانية,وفي بيئة يهودية حطمتها النازية ,ويصل بنا الى المرحلة الراهنة ,منقبا في الذكريات وفي الوثائق العامة والسرية,جامعا ألف شهادة وشهادة,لا ليعرض علينا رحلة حياة فقط,بل ليشرح كيف يتمكن رجل نفعي ووصولي ,ذو كبرياء وغطرسة من الاستيلاء على سلطة واسعة دون ان يكون قد أُنتخب أبدا,وكيف يدوس بانتظام قواعد الديمقراطيةكلها,مستغلا ليلا نهارا أجهزة الاعلام ,المتواطئة معه غالبا,وكيف ينتهي الى جعل الناس يعتقدون بأن كل ما يقوم به من اعمال يتاخم العبقرية,في حين يوضح التحليل المتزن حدودها ,بل فشل تلك الاعمال وعجزها.

يلعب هذا الرجل دائما لعبة مزدوجة,ولا يعرف العمل الا في الخفاء,ولا يفكر الا بالتجسس على غيره,نعتقدا باستمرار انه مراقب كأنه مريض بنزعة الشك والارتياب.

قضية ((ووترغيت))لا تُعزى اليه,ولكنه في اساس هذه الممارسات :وهو الذي اقام شبكة من (السباكين) ليبحث عن مصدر تسرب المعلومات,وأي تسرب للمعلومات؟انها تلك التي أتاحت معرفة قيام القاذفات الضخمة ب52 بقصف كمبوديا.بينما كان هذا القصف غير شرعي -غير قانوني- لأن الكونغرس لم يُعلم به بالاضافة الى اخفاق القصف بشكل يدعو الى الرثاء.

اما القانون الدولي----=فحدث ولا حرج=:الفيتنام ,وقلب النظام في شيلي,وعمليات التخريب,والاعتراف بنظام بكين.والرحلة الى موسكو.والمحادثات الخاصة بالرقابة على التسلح.وانغولا.والشرق الاوسط.وبذلك يعود المؤلف بالقارئ الى زيارة (الازمات الكبرى)برفقة عبقري ينطلق غالبا من فرضيات خاطئة,ويقيم استراجيته على ثلاثة مبادئ:
-الواقعية التي تلعب فيها القوة العسكرية الدور الحاسم
-المصداقية ((القائلة بأن فقد المقدرة هنا,يعني فقدها غدا))
-عدم الاهتمام بدعم الحركات الديمقراطية والحركات المناضلة من اجل حقوق الانسان في البلدان ذات الانظمة المتسلطة.

وعندما قام كيسنجر والرئيس فورد بزيارة اندونيسيا,كانا على اطلاع تام على الخطط التي حضرتها جاكرتا:ففي اليوم التالي لوصولهما قامت قوات الجنرال سوهارتو مستخدمة اسلحة امريكية باجتياح تيمور الشرقية حيث قتل اكثر من مئة الف من المدنيين.
وماذا في الامر؟طالما ان كيسنجر يكسب اليوم ثروات طائلة من نصائحه كمستشار للشركات الكبرى التي تستثمر اموالا في اندونيسيا.
ويقوم كيسنجر بالتعليق على اخبار المكسيك في الجرائد وفي التلفزيون ,وتأخذ تعليقاته منحى يخدم الشركات التي تستثمره .

((احدى الحقائق الاولى في امريكا اليوم وهي تعيش عصر وسائط الاعلام ,هي ان الشهرة تعني السلطة))

انها قصة رجل نفعي وصولي ,ذو كبرياء وغطرسة ,انه كيسنجر مطفئ انوار دمشق,والذي لا زلنا في دمشق نتذوق ظلامه حتى الأن

#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات