أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - السياسة والثقافة في المجتمع















المزيد.....

السياسة والثقافة في المجتمع


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 986 - 2004 / 10 / 14 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر السياسة إحدى أنماط الثقافة لأنها تسعى لتمثل التوجهات والآراء والأفكار الاجتماعية المختلفة، وتهدف لتحقيق المصالح للفئات الاجتماعية من خلال استيلاءها على السلطة السياسية. ولا تحتكم في عملها للقيم الميتافيزيقية، لكنها قد تتخذها أداة للتضليل والخداع والتمويه لكسب الفئات الاجتماعية في صفوفها. كما أنها تعتبر أحد الأشكال المتدنية للثقافة، لأنها تعمد للهيمنة على الأنماط الثقافية الأخرى بغية تجييرها لخدمتها.
ولا تتردد في استخدام كافة وسائل القمع والعنف لفرض توجهاتها على الأنماط الثقافية الأخرى وعلى سائر الفئات الاجتماعية، أنها أحد أشكال فنون القتال على السلطة السياسية.
يرى ((أودنيس)) "أن السياسة هي فن الضياع، فن التغيب والحجب، وهي بوصفها فناً في السلطة فأنها لا تقبل إلا الحجاب (وكل حجاب قمع) فهناك تماهٍ ووحدة هوية بين فن السياسة وفن (الطغيان)".
وبالضد من ذلك نجد أن الثقافة تنبذ كافة أشكال العنف والتغيب والهيمنة، وتدعو لقيم العدالة والمساواة والحرية وإشراك كافة الفئات الاجتماعية في اختيار شكل السلطة. وتعتبر الثقافة الضمير المحتجب للمجتمع والمعبر عن تطلعاته الإنسانية والسبيل نحو التقدم والتطور الاجتماعي، وهي المنبع للقيم الإنسانية. وإن كانت السياسة تمثل مرحلة من مراحل السلطة، فأن الثقافة تمثل التراكم الحضاري لنشوء الأمم.
ويعتقد ((رالف لنتون)) "أن الثقافة هي تضافر السلوكيات المتعلمة وما ينتج عنها من نتائج، وهي تضافر العناصر المختلفة التي يتقاسمها أفراد المجتمع ويعملون على توريثها لأجيالهم القادمة".
أساءت الأحزاب الشمولية بشكل كبير للسياسة باعتبارها أحد أنماط الثقافة، وجعلت من الثقافة السياسية سوقاً لتصريف بضاعتها الايدولوجية ولكسب العناصر (للحزب) التي تعاني من نقص في تعليمها وثقافتها وسلوكها الاجتماعي. وأعدت السلالم اللازمة للمتسلقين من حثالات المجتمع نحو السلطة السياسية، وأدى ذلك لتمهيد الطريق نحو الاستخدام المتعسف لأدوات العنف لدى السلطة ضد المناوئين.
ولا يحتاج السياسي (الحثالة) المتسلق إلى السلطة عبر حزبه الشمولي سوى لإتقان أساليب النصب والخداع والتمويه ولاستخدام السلاح ضد المناوئين عند الحاجة. وبالضد من ذلك يحتاج المثقف لسنوات من الجهد الفكري المتواصل، لإحراز لقب (مفكر).
ويرى ((أدونيس))"أن السياسة العظيمة هي الفكر العظيم، ومستحيل أن يكون السياسي عظيماً إذا لم يكن مفكراً عظيماً".
لقد أوصلت الأحزاب الشمولية، السياسة إلى أسفل الدرك من خلال استقطابها لعناصر من حثالات المجتمع تسعى لإيجاد مركز اجتماعي لها بكل الوسائل غير المشروعة. وأصبحت الخيارات متاحة لها في الحزب أو السلطة لفرض نفسها على المجتمع. بدليل أن أغلب الطغاة في العالم (هتلر؛ وموسوليني؛ وفرانكو؛ وستالين؛ وصدام حسين) استولوا على السلطة السياسية من خلال أحزاب شمولية، فسحت المجال لهم بالتسلق عبر السلالم الحزبية نحو السلطة السياسية.
وبالنتيجة فأن تلك الحثالات أسرفت في عملية القتل والتعذيب ضد المناوئين لها، ولم تسلم الأحزاب الشمولية ذاتها من بطش وعُسف تلك الحثالات.
يقول ((أودنيس))" أنني لا أدعو لنبذ السياسة في العمل الثقافي، وأنما أدعو إلى وعي أن الثقافة السياسية بمعناها العميق، وليست تلك التي تبشر بسياسة النظام أو بالايدولوجية التي ينهض عليها. وأنما هي الثقافة التي تؤسس مدنية الإنسان ومدنيته من مبادئ الحق السياسي وتؤسس الدولة عليها".
والدعوة لعصرنة الأحزاب السياسية، هي دعوة لعصرنة السياسة ذاتها كإحدى أنماط الثقافة خاصة في البلدان المتخلفة ووضع قواعد صارمة تحد من منح العضوية في الحزب لحثالات المجتمع. إن عملية الكسب الحزبي بدون ضوابط التي تمارسها الأحزاب الشمولية، هي مساهمة واعية في صنع الطغاة في العالم. فأقصر الطرق لوصول الحثالات إلى السلطة السياسية هو عن طريق الأحزاب الشمولية، لأن جميع الطرق الأخرى تعتبر غير سالكة وصعبة المنال لهم للفوز بالسلطة السياسية.
لذا تتحمل الأحزاب الشمولية المسؤولية الكاملة عن وصول تلك الحثالات إلى السلطة السياسية، لأنها الممهدة للطريق والمساهمة في رفع شأن تلك الحثالات لمستوى يصعب عليها بلوغها في الأوضاع الطبيعية. ويولد الانتقال المفاجئ للحثالة من الحضيض إلى القمة، حالة من الانحراف يصعب التحكم بها. وحينها يميل الحثالة أكثر نحو استخدام العنف للحفاظ على مستواه الجديد في القمة خشية العودة لمستواه الأول في الحضيض، نتيجة شعوره الدائم بالنقص والدونية تجاه الآخرين. وهذا الأمر يدفعه بشكل أكبر للانتقام والتعامل بقسوة مع المناوئين، ويولد لديه نوع من الغرور والتعالي ضد المحيطين به!.
ويرى ((بارسونز))"أن الانحراف هو ميل دافعي لدى الفرد للتصرف على نحو يتنافى مع واحد أو أكثر من الأنماط المعيارية المؤسسية".
وليس من السهولة في النمط الثقافي، أن ينتقل المثقف من مستوى لأخر دون بذل جهد فكري متواصل وعلى مدى سنوات عديدة. وهذا الانتقال التدريجي بالمستوى الاجتماعي والفكري يقلل من نزعة الانحراف لصالح السوية الإنسانية الساعية للصالح العام. كما أنه يولد حالة من الرضى لدى الفرد السوي نتيجة إتباعه الأنماط الاجتماعية وعدم التسلق على أكتاف الآخرين لاحتلال المستوى المرموق في المجتمع.
ويعتقد ((بارسونز))"يشعر الفرد السوي بالرضى عند تنفيذه الأنماط المعتمدة بفعالية، ويشعر بالخزي والإحباط عند فشله في الوصول لتلك الأنماط.
والخلاصة: ساهمت الأحزاب الشمولية في الحط من قدر السياسة الثقافية من خلال كسبها الحزبي العشوائي وغير النوعي للعديد من حثالات المجتمع بغية استخدامهم في بادئ الأمر في ترويع واضطهاد المناوئين لها، وعمدت لتحويل الحزب السياسي لعصابة أو مافيا تسعى للتحكم بالمجتمع وفرض توجهاتها عليه!.
وهذا الأمر أدى فيما بعد لفقدها السيطرة على تلك الحثالات داخل الحزب، نتيجة سطوتهم غير المحدود وبالتالي تحكمهم بمرافق وقرارات الحزب للفوز بالمراكز الحزبية المتقدمة وفيما بعد بالسلطة السياسية. وللحد من هذه الظاهرة غير المشروعة في الأحزاب الشمولية الساعية لصناعة الطغاة، يتوجب وضع ضوابط صارمة لقبول الأعضاء داخل الحزب وإقصاء الحثالات عن مراكز القرار بل طردها من صفوف الحزب تحاشياً لامتداد نفوذهم وتحويل الحزب إلى عصابة أو مافيا.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
- الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
- العملية الانتخابية وشرعية السلطات
- ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة ...
- سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
- التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي
- المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي
- صراع السلطات بين الدين والدولة
- أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة
- توظيف التاريخ والأعراف الاجتماعية لخدمة العملية الديمقراطية
- معوقات التغير والتحديث في المجتمع
- المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال ...
- الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
- السلطة الديمقراطية والمجتمع
- الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
- المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
- المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
- شرعية الأنا ومقومات الذات
- المنظومات الشمولية والذات الإنسانية
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 3-3


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - السياسة والثقافة في المجتمع