|
الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 1 - 4 .
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 12:41
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يجب أن تنتظر اللحظة المناسبة على أكثر ما يكون الصبر , مثلما فعل فابيوس / القائد الروماني / وهو يحارب هانيبال / القائد القرطاجي / . هذا هو شعار أشهر الاشتراكيات ألاّ وهي الاشتراكية الفابية / نسبة للقائد الروماني / . تكونت في انكلترا في 4 / 12 / 1884 . الكثيرون انتقدوا القائد الروماني في تأخيره . عندما يحين الوقت المناسب يجب أن تضرب بشدة كما فعل فابيوس وإلاّ كان انتظارك هباء لا جدوى منه . من هذا المنطلق ومن شعار الاشتراكية الفابية , هل قامت ثورة أكتوبر 1917 / روسيا / في الوقت المناسب , أم انها تخطت مرحلة تاريخية كان لابد من انتظارها ؟ فكرة سلسلة مقالاتنا – الجمود العقائدي عند الماركسيين / تتلخص بما يلي : هل انتظار اللحظة المناسبة هو الأفضل في سبيل الوصول إلى الاشتراكية الديمقراطية التي آمن بها بعض الفلاسفة الماركسيين بالنسبة للثورة الروسية أم تطبيق الاشتراكية الدكتاتورية بالقوة كان هو الأمثل ؟ من وجهة نظر شخصية / غير مُلزمة لأحد / فشل التجربة الاشتراكية والسقوط المدوي لمنظومة الدول الاشتراكية سببه هو : عدم انتظار اللحظة المناسبة وليس كما يقوله بعض السادة / خيانة بعض القادة السوفيت / إذ ليس من المعقول أن تنهار هذه المنظومة بسبب خيانة شخص أو أشخاص ثم أنني اعتبر ذلك تبريراً غير منطقياً . سوف اعتمد على كتاب المستشار – محمد سعيد العشماوي – في كتابه – حصاد العقل , في اتجاهات المصير الإنساني – الجزء الثاني – حصاد العقل الغربي – بالرغم من عدم إيماني في بعض ما يطرحه المستشار / مع شديد الاحترام / ولكن وكما يقول المثل العربي – خذوا من كلّ شيء أحسنه – وأنا هنا وجدتُ أفكاري متطابقة مع ما قاله السيد المستشار بخصوص الاشتراكية . لنبدأ إذن وبتصرف : من تطور النظامين الاجتماعي والاقتصادي في أوربا نشأت الاشتراكية . لدى تحليلها تعود إلى عناصر أربعة : الاشتراكية الفرنسية . الاقتصاد السياسي الانكليزي . الفلسفة الألمانية . العقلية الأغريقية . النقطة الأولى ( الاشتراكية الفرنسية ) : انتهت أفكار سان سيمون في الاشتراكية الفرنسية إلى الغاء الميراث – تأميم وسائل الانتاج – تسود في العمل والتوزيع قاعدة / من كل حسب قدرته ولكل حسب عمله / . أما في أفكار لويس بلان فإنها انتهت إلى ضرورة تغيير النظام السياسي ليتولى إدارة المصانع من أجل الصالح العام ولتشريع القوانين التي تكفل ذلك . إذن هذه هي الأسس الاجتماعية التي قدمتها الاشتراكية الفرنسية للتاميم وهيمنة الدولة على الاقتصاد وإلغاء الميراث والاشتراكية في الانتاج وفي توزيع الربح والأرباح . النقطة الثانية ( الاقتصاد السياسي الانكليزي ) : في الاقتصاد السياسي الانكليزي قدّم ريكاردو نظريتين : أ : نظرية العمل في القيمة / ومن خلالها تنشأ القيمة التبادلية للسلعة من العمل وتقاس بكمية العمل اللأزمة لإنتاج السلعة . ب : نظرية الأجور – ومضمونها أنّ الأجور لا تتحدد بإنتاج العامل وإنما تتحدد بمقدار ما يجب أن يحصل عليه من ماكل وملبس ومسكن / الوسائل الضرورية للعيش / . ( بعض فقهاء المسلمين قالوا بأن غاية الإسلام توفير الحاجات الضرورية للإنسان وهي الأكل والشرب واللبس والسكن ولكل فرد من أفراد المجتمع ) . من هاتين النظريتين ( نظرية العمل في القيمة ونظرية الأجور ) نشأت نظرية / فائض القيمة / عند كارل ماركس , والتي تنص على : أن الفارق بين ثمن إنتاج السلعة والثمن الذي بيعت به يمثل / فائض القيمة / . طبعاً هذا الفائض يذهب للرأسمالي – وهنا بيت القصيد في جميع الكتابات التي تتناول نقد الرأسمالية – الرأسمالي يوظف رأسماله ثم حرمان العامل من الأجر الحقيقي ثم إعطاءه / أي العامل / على ما يكفي لكي يقيم أوده . النقطة الثالثة ( الفلسفة الالمانية ) :
في الفلسفة الألمانية – بعد هيغل – والتي قضت على الفكرة القديمة من أنّ العالم والنظم الاجتماعية تتميز بالثبات . الفكرة الجديدة التي صاغها هيغل ترى أنّ التغير يحدث نتيجة الصراع بين العناصر المتناقضة والتحامها في بناء تركيبي . من العنصرين الأصليين تتكون صورة جديدة , وبطبيعة الحال تكون أعلى من العنصرين حسب هيغل . التناقض هو مصدر كل حركة وحياة , أيّ شيء لا ينطوي على تناقض لا يمكن أن يتمتع بالحركة والقوة . العملية المستمرة للنفي هي التي تؤدي إلى النفي أو نفي التركيب الجديد وهكذا .. هذه الفلسفة هي الأساس الفكري للصراع الطبقي . عند ماركس العنصر الموجب هو الملكية الخاصة أما العنصر السالب فهو الطبقة العاملة / البروليتاريا / . وعلى ضوء ذلك سوف يكون الصراع بين العنصريين ويؤدي إلى ظهور مجتمع جديد , تنتصر فيه الطبقة العاملة / البروليتاريا / بالقضاء على نفسها وعلى ضدها فتصبح الجانب المطلق في المجتمع ( وهذا ما لا أومن به شخصياً لعدم وجود مطلق من وجهة نظر شخصية , من الممكن أن اكون على خطأ كبير فرأيي هنا خطأ يحتمل الصواب والرأي الآخر صواب يحتمل الخطأ ) .
النقطة الرابعة ( العقلية الأغريقية ) : ظهرت في عهد الاستنارة , قدّمت الاجتراء في البحث حتى في الدين والألوهية وإحساساً بالإنسان دون النظم الاجتماعية وفصله عن روابط الكون والاهتمام بحياة الإنسان الدنيوية وعالمه الأرضي باعتباره كلّ شيء , فضلاً عن مناهج البحث والتي تناولوا فيها الأغريق كلاًّ من الكون والإنسان .
من خلال النقاط الأربعة الواردة أعلاه ظهرت الاشتراكية المعاصرة من خلال تفاعل العقل الغربي مع واقعه وتراثه . كان هناك طلائع للاشتراكية سابقة على ما أوردناه أعلاه تجسدت في أدبيات وأشعار الفلاسفة الغربيين , امثال توماس مور وفرانسيس بيكون حيث يتصور كل منهما مدينة مثالية تقوم على الاشتراكية . يقول سوذي 1774 – 1843 في تحبيذ الشيوعية الأولى في ظل القانون الطبيعي : لا حدود يمكن تصورها بين مالي ومالك . مما قد يقيد تجوالنا . فالطبيعة تعطي الكفاية للجميع ولكن الإنسان في انانية متعجرفة وفي مباهاة بأكوامه يكتنز مخزوناً يفيض عن الحاجة . سرقة من زملاء أضعف ويدفع الفقير إلى الجوع , أو يقدم من باب الشفقة ما كان يجب أن يقدمه بالحق . ( هذا هو وصف الرأسمالية ) . أما شيللي 1792 – 1822 فيقول مخاطباً الشعب : الحّبّ الذي تبذرونه يحصده غيركم – والثروة التي تنتجونها يملكها غيركم – والأثواب التي تنسجوها يلبسها الاخرون – والأسلحة التي تصنعونها يحملها سواكم . إذن تبلورت الأفكار الاشتراكية واتخذت لها سبيلين : الأول : يرى أنّ الطريق الصحيح لتحقيقها يقوم في دكتاتورية الطبقة العاملة / البروليتاريا / . الثاني : يرى أنّ هذا الطريق يقوم في الديمقراطية البرلمانية . الاتجاه الأول هو اشتراكية الدكتاتورية . الاتجاه الثاني هو اشتراكية الديمقراطية . من البديهي ومن خلال استعراض النقاط الأربعة الواردة أعلاه فإن الاشتراكية الدكتاتورية تقوم على نفس الأفكار التي انتهت إليها الاشتراكية الفرنسية والقصد هو : توزيع فائض القيمة توزيعاً عادلاً . لقد منهجت الاشتراكية الفرنسية اهدافها على ما أنتهت إليه الفلسفة الألمانية / فلسفة هيغل / فجعلت من الصراع الطبقي ضرورة تاريخية وجعلت من التطبيق الاشتراكي حتماً لا مفر من حدوثه ولكن بأسلوب ثوري ينتهي إلى / ديكتاتورية الطبقة العاملة – البروليتاريا / . قواعد هذه الاشتراكية هي : التفسير المادي أو / الاقتصادي للتاريخ / . فكرة الصراع الطبقي . نظرية فائض القيمة . هذه مقدمة بسيطة كان لابدّ منها من أجل الوصول إلى الغاية والرأي الذي نتبناه والذي سوف يتم طرحه في الأجزاء القادمة وهي للقراء العاديين من امثالي وليست للنخبة التي تمتلك الحقيقة المطلقة التي هي عند المتدينيين وجود الله وعند بعض الماركسيين النظرية الماركسية نفسها . هل ما تحتاجه شعوبنا حالياً والتغيير الذي نشاهده في البلدان العربية بإسقاط الطغاة جاء بناءاً على النظرية الماركسية والتي هي حقيقة مطلقة أم أن الثوار دعوا إلى تحقيق العدالة عن طريق التخلص من الحزب الحاكم والدكتاتور الأوحد وأن لا يكون هناك فرق بين المواطنيين وأن الجميع على قدم المساواة من اجل مجتمعات حرة كريمة فيها التداول السلمي للسلطة مع مساهمة جميع الأحزاب دون إقصاء لطرف على حساب طرف أخر ومساهمة المرأة بدورها الحقيقي وإجراء انتخابات برلمانية لا يفوز فيها الحزب والقائد بنسبة 99 أو 100 % وخالياً من التزوير والتخلص من الحكم القمعي البوليسي وقانون الطواريء والمادة الثانية والتوريث الخ . موقع الحوار المتمدن موقع يساري والمنسق العام الأستاذ رزكار عقراوي / ماركسي مستقل / مع بعض كوادر الحوار والقائمين عليه , فهل تحتاج الأحزاب الشيوعية مسيرة آخرى غير التي سارت عليها سابقاً أم تعمل على مباديء جديدة مثل – حقوق الإنسان – الحريات – العدالة الاجتماعية – الديمقراطية – العَلمانية , وهل المنهج الماركسي هو البديل لجميع هذه المُسميات مع العلم بأن الأحزاب اليسارية تدعو لنفس المُسميات التي ذكرناها أعلاه . بالنظر إلى خريطة العالم والمقارنة بين الدول سوف نجد أن الاشتراكية الديمقراطية هي الأفضل وهي التي فيها الإنسان أعلى وأغلى قيمة بينما الاشتراكية الأخرى فيها العكس , ليس هناك مثالية بل هناك أفضلية وهذا ما نؤكد عليه دائماً . فأي الطريقين هو الذي يجب أن نسلكه من اجل مجتمعاتنا في الوقت الحاضر خصوصاً وأن الثورات في العالم العربي قد بدأت , هل سوف تذهب جهودها سدى لعدم اتباعها النظرية الماركسية , لا أدري ؟ للحديث بقية . / ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماركس وداوكنز والدين !!
-
يوم الغضب العراقي .
-
قناة الجزيرة وإسرائيل !!
-
لكل زمان دولة ورجال !!
-
مصر , التغيير , والسياسة الأمريكية !!
-
لماذا لا يكون الحاكم مسيحياً ؟
-
هذا هو حالنا .. فلا تلوموا إلاّ أنفسكم !!
-
منْ سيقطف الثمار ؟
-
وقفة مع السيد أحمد القبانجي !!
-
عربة خضار أقوى من كل الأفكار !!
-
إذن .. ما هو الحل ؟
-
عمر الإنسان بين النصوص الدينية والاكتشافات العلمية !!
-
شامل عبد العزيز !!
-
يا مسلمي العالم احذروا !!
-
حقيقة الروايات التاريخية 1 - 3 ؟
-
البيدوفيليا .
-
يا مسلمي العالم اتعظوا !!
-
سيرك العراق الديمقراطي ؟
-
الفيلسوفة هيباتيا .
-
التطرف والأعتدال ؟
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|