فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 07:55
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كلما امتدت غربتي وطالت لياليها، وتعملقت نهاراتها ..كلما ازدادت أحلامي وتواصلت مع الشام ، وامتد حبها ينمو في شراييني ..يتأصل في أعماق ذاتي ...وكلما حاولت أن أفتعل النسيان، وأن أفتعل العيش في مجتمع اخترته مرغمة ...رغم كل امتناني واحترامي لهؤلاء الفرنسيين ، الذين احتضنوا مشردين مثلي ، ومدوا لهم أذرعة الحب والعطاء السخي، منحوهم أرضا ووطنا آخر ..تفهموا أوجاعهم ، وحبهم للحرية ...تعاطفوا مع قضاياهم ...الا أن جلدي يرفض الانسلاخ, ودمي يأبى التلون ...رغم كل لغات الأرض وحواراتها ...رغم كل تفاعلات المعرفة، وتبادل ثقافاتها ..الا أن دمشق وحوران ، تعيشان في أعماقي ، أحمل الجوري والياسمين ، عطرا أبديا لجسدي، وضفاف اليرموك وبردى ..وسادة لراحتي ...رغم جفاف الآرض وصرخات الظلم والمتعبين في وطني ، الا أن ضفاف السين ، تشدني مرغمة ، الى حيث شلال اليرموك ...شمسه وانحداراته ...أمتشق حسام النسيان، وأعض على نواجذ الوجع ...تدميني أيام غربتي ، وأكتشف في كل لحظة ...اني واهمة ، وأن سحر باريس مختلف ...تبقى عطور الشام العتيقة ...تقطر في المآقي ..وتتسلل في عتمة الليل، لتضاجعني ..تتوسد مخدتي وتؤرقني ..يظل قمح أذرعات ولفحات شمسها ...طاقة تمدني بالصبر ، والقدرة على الاحتمال ، وأن باب الأمل بات قاب قوسين أو أدنى ..ولقاء الحب سيتجلى ...رغم كل احباطاتي اليومية القادمة من هناك ، وأن الأيام لم تغير في وطني...سوى الانحدار ..والانحدار المتواصل والمستمر نحو هاوية الانسحاق ..نحو هاوية البعد الكلي عن التواصل مع العالم الحر ..نحو الانعزال عن هواء الحرية والحق ، والانتصار للوطن والمواطن ...وطني تحكمه أيادي البطش والاستشراء ...اياد لم يعد لها هوية في عالم اليوم ...لاتعرف سوى الأخذ ..لاالعطاء..لاتعرف سوى نشر القهر والبلاء ..وطني يعيش في قرون اندثرت ..ولهذا ليل الغربة يطول ..الا أن تصميمي على العودة وكسر حاجز الانتظار أخذا طريقهما الي...رغم العجز الداخلي والعتمة القابعة في سماء الوطن الا أن عودتي صارت محتمة ...رغم أني كليلة الرؤيا في هكذا وطن..
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟