|
الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 07:16
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تعتبر الأحزاب منظمات سياسية تحترف العمل السياسي، وتهدف لاستلام السلطة لتحقيق توجهاتها المعبرة عن مصالح فئة أو فئات اجتماعية متعددة. وتعمد لاستخدم آليات العنف للوصول للسلطة السياسية مستندةً لقاعدة (الغاية تبرر الوسيلة). اسقط مفهوم اللجوء للعنف لاستلام السلطة السياسية في الدول الديمقراطية، وحل محله خيار التوجه الديمقراطي (الانتخابات) للفوز بالسلطة السياسية. ومع مسيرة تطور النظام الديمقراطي، ونزوع الاتجاهات الفكرية نحو التوجهات الليبرالية بشكل أكثر لتحقيق المزيد من المطالب، تم توسيع دائرة المطالب لتشمل مطالب إنسانية أخرى خارج حدود المجتمع الديمقراطي: كالمطالبة بزيادة المساعدات الخارجية للدول الفقيرة؛ والمطالبة بتطبيق لائحة حقوق الإنسان في البلدان ذات الأنظمة الشمولية؛ والمساعدة على نشر المبادئ الديمقراطية في المجتمعات المتخلفة..وغيرها. حينها ظهرت الحاجة لوجود منظمات المجتمع المدني لتعمل على ممارسة الضغط على السلطة السياسية لتحقيق أكبر قدر من المطالب وأطلق على تلك المنظمات (مجموعات الضغط) وهي تختلف في مهامها عن الأحزاب السياسية، فالأولى: عبارة عن منظمات اجتماعية غير سياسية، لكنها قد تمارس العمل السياسي بشكل غير مباشر من خلال تأثيرها الضاغط على الأحزاب السياسية لتحقيق أهدافها ومطالب فئاتها الاجتماعية وتشمل: النقابات والمنظمات الاجتماعية والأكاديمية. في حين الثانية: توجهها سياسي بحت. ويرى ((موريس دوفرجيه)) " أن فئة (جماعات الضغط) ليست محدودة المعالم كفئة (الأحزاب السياسية) لأن الأحزاب عبارة عن منظمات توجهها مقتصر على العمل السياسي. إما جماعات الضغط فأن أكثرها منظمات غير سياسية لا تسعى إلى السلطة، ولكن نشاطها الأساس التأثير على السلطة وهناك نوعين من جماعات الضغط: 1-جماعة الضغط المنصرفة، انصرافاً كلياً للعمل في الميدان السياسي والتدخل لدى السلطات العامة. 2-جماعات الضغط التي لا تنصرف للعمل في الميدان السياسي إلا انصرافاً جزئياً وليس الضغط السياسي إلا جانباً من جوانب نشاطها ولها أهداف أخرى وتعتمد وسائل متعددة مثل: النقابات المهنية والمؤسسات الأكاديمية". وتمارس جماعات الضغط أشكالاً متعددة من النضال غير المباشر في الميدان السياسي، فأن كان لديها جمهوراً كبيراً عمدت لتشكيل وجهات (أحزاب) سياسية تمارس العمل السياسي الصرف وتحضى بدعمها بهدف تحقيق مطالبها كما هو الحال في الأحزاب السياسية في بريطانيا حيث نجد أن حزب المحافظين الواجهة السياسية لجماعات أرباب العمل، وحزب العمال الواجهة السياسية لجماعات نقابات العمال. وهذا الشكل من جماعات الضغط، يدفع لواجهة العمل السياسي الصرف أحزاباً تعمل على تمثيلها وتحقيق مطالبها. وهناك شكل أخر من جماعات الضغط خاضع للأحزاب السياسية وتوجهاتها تنضوي تحته معظم الأندية والاتحادات الثقافية والرياضية والاجتماعية والتعاونية، وتهدف لتجيير الطاقات الاجتماعية الرافضة للانضواء تحت يافطة الأحزاب لخدمة توجهاتها السياسية. ويعتقد ((موريس دوفرجيه)) أن بعض جماعات الضغط ملحقة بالأحزاب السياسية لتوسع بها مجال تأثيرها، فالأحزاب قد تصل بواسطة منظمات الشباب والجمعيات النسوية والاتحادات الثقافية والرياضية والتعاونية..وغيرها من الجمعيات المسيطر عليها لأغلب الناس الرافضين الانضواء تحت يافطتها. وبالضد من ذلك بعض الأحزاب ليست إلا هيئات ملحقة بجماعات الضغط : فحزب المحافظين في بريطانيا ليس إلا أداة سياسية لمنظمات أرباب العمل المسيطرة عليه سيطرة كاملة، وحزب العمال البريطاني أداة سياسية لنقابات العمال. عموماً في أغلب البلدان الديمقراطية هناك جماعات ضغط تستخدمها الأحزاب السياسية أو بالعكس. وهذا الشكل من العمل الديمقراطي جاء نتيجة للتراكم الكبير لأساليب العمل الديمقراطي بغية إشراك أكبر عدد من قطاعات المجتمع في النشاط السياسي المباشر وغير المباشر لتحقيق المطالب الاجتماعية. إما في الدول المتخلفة المتحكمة بها أحزاب شمولية فأن جماعات الضغط: عبارة عن منظمات تابعة للسلطة السياسية، بل أنها ( في أغلب الحالات) تستخدم كأجهزة قمع ومخابرات ملحقة بأجهزة السلطة السياسية خاصة منها النقابات المهنية ومنظمات الشباب والطلبة والنساء..وغيرها. وتسعى الأحزاب الشمولية للبلدان المتخلفة الناشطة كأحزاب معارضة في المنفى لاستخدام آليات النظم الديمقراطية لتشكيل (جماعات ضغط) بهدف توسيع دائرة نشاطها بين صفوف الجالية من خلال تشكيل عدداً من الجمعيات والأندية الاجتماعية والنسوية والشبابية وكذلك منظمات لحقوق الإنسان لخدمة أهدافها الحزبية. ولا يهدف هذا المسعى للأحزاب الشمولية في أوروبا لاستخدام تلك المنظمات كـ (جماعات ضغط) وإنما لاستخدام الإعانات المالية المقدمة لها من البلدان المضيفة لخدمة أهدافها الحزبية، ويأتي ذلك على حساب النشاطات الاجتماعية للجالية. والقائمون على تلك المنظمات غالباً من الحزبيين ذوي المستوى الثقافي المتدني وتثار حولهم الشبهات باللصوصية لأموال الجالية وممارسة التهديد والإرهاب ضد المخالفين لهم في الرأي بما يتنافى ومبادئ النظام الديمقراطي في البلدان المضيفة. هذا الشكل من (جماعات الضغط) هو شكل متدني، تعمد إليه الأحزاب الشمولية لخدمة أهدافها الحزبية. كما أنه يعبر عن حالة الإفلاس السياسي والفكري لتلك الأحزاب، فلقد بلغ بها الأمر إلى توقيع بيانات (مناشدة وتضامنية) مع منظمات وهمية عمدت لإنشائها من بعض منتسبيها ذوي السمعة السيئة مما جعلها موضع للسخرية والتندر في أوساط الجالية في المنفى!. وترصد البلدان الديمقراطية المضيفة عمل وممارسات تلك المنظمات الوهمية لتتحقق من أوجه صرفها المالي ومن حقيقة نشاطها الاجتماعي ومن تهديداتها الإرهابية ضد المخالفين لها بالرأي!. وتناقش العديد من الجهات الرسمية المعنية بشؤون المهاجرين في البلدان المضيفة عدداً من الاقتراحات تهدف لإغلاق البعض منها غير الملتزمة بتشريعات تأسيس المنظمات المهنية وإحالة من يثبت عليهم تُهم الاختلاس المالي وممارسة الإرهاب إلى القضاء لينالون الجزاء العادل حفاظاً على النظام الديمقراطي. والخلاصة: أن جماعات الضغط ممارسة ديمقراطية تلجأ إليها الأحزاب السياسية أو بالعكس لإشراك قطاعات سكانية أكبر في صنع القرار ومراعاة للرافضين لأشكال العمل الحزبي. وتشكل جماعات الضغط في المجتمعات الديمقراطية ثقل (سياسي) تدفع السلطة السياسية لإجراء نوع من التسوية لتحقيق مطالبها للحد من تأثيرها الضاغط على مؤسسات السلطة السياسية. في حين أن مهام جماعات الضغط في البلدان المتخلفة المتحكمة بها أحزاب شمولية، حُرفت بشكل كبير وتم استخدامها كأجهزة للقمع ضد المناوئين لسلطتها السياسية. والتحريف الأخر الذي طال مهام جماعات الضغط في البلدان الديمقراطية جاء من الأحزاب الشمولية المتخذة من المنفى نشاطها ضد السلطات السياسية، حيث لجأت لأساليب رخيصة لابتزاز أموال الجالية وتعطيل الدور الفعلي لجماعات الضغط واتخاذها كواجهات لممارسة الإرهاب ضد مخالفيها بالرأي!.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
-
العملية الانتخابية وشرعية السلطات
-
ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة
...
-
سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
-
التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي
-
المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي
-
صراع السلطات بين الدين والدولة
-
أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة
-
توظيف التاريخ والأعراف الاجتماعية لخدمة العملية الديمقراطية
-
معوقات التغير والتحديث في المجتمع
-
المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال
...
-
الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
-
السلطة الديمقراطية والمجتمع
-
الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
-
المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
-
المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
-
شرعية الأنا ومقومات الذات
-
المنظومات الشمولية والذات الإنسانية
-
*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 3-3
-
*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 2-3
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|