|
هل؟؟ يمكننا حسم جميع التغيرات بالسياسة
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3296 - 2011 / 3 / 5 - 00:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل؟؟ يمكننا حسم جميع التغيرات بالسياسة
دعت الكتب المنزلة إلى الإيمان بالله وترك المعاصي والمخالفات .. لتقليل من الجهد الفكري المبذول إزاء المصالح المادية والنزوات الشخصية والتكالب السياسي على السلطة ... للتركيز على جوانب الأخرى كالاقتصاد والقوة العسكرية .. دون ربطهما بالسياسية وجعلهما مؤسسات مستقلة لا تخضع لسيطرة حزبيه أو محاصصة طائفيه على إن يتم إدارتهما وفق أفضل الكوادر العلمية......من أسباب انهيار الشعوب والمؤسسات مع انهيار الأنظمة لأنها ربطت بالسياسة ..... ففي الغرب لا نجد هناك تأثير سياسي على المؤسسة العسكرية والاقتصاد عند تغير السياسات
لكي يكون الموضوع أكثر وضوحا نستشهد بهذا الحدث الديني... لأن إحداثه تتناسب مع ما يجري حاليا على الساحة العربية ... ليس لنا أي إبعاد من هذا القول مجرد فكره نستفد من إحداثها ... رفضت قريش دعوة التغير الديني في مكة ونظرت إليها نظره سياسيه ليس إصلاحية... لذلك اندفعت بكل ما لديها من جهود فكرية لصدها خوفا من فقدان مكانتها السياسية في مكة وخارجها .. وإرادات مجابهة جميع التغيرات والظروف بالفكر السياسي وعدم القبول بأي فكر أخر لان مصالحها فوق جميع الاعتبارات دون الانتباه إلى ما ستفرزه الظروف من تغيرات تقف إمام مصالحها لا يمكن حسمها سياسيا
.. توعد الله سبحانه وتعالى قريش بكارثة تفرزها ظروف لم تتوقع منها الإطاحة كما لم تكن بالحسبان ... عن طريق تغيرات مستقبليه تطرأ على الواقع العالم تعصف بمصالحها السياسية... ليس لها القدرة على مجابهتها وستكون سببا لهلاكهم .. لم تحمل قريش ما وعد الله به محمل الجد إنما ركبت أمواج التحدي والغطرسة. وأخذت تستهزئ وتستعجل بما وعد الله به ...تستعجلك قريش [أي يا محمد] بالسيئة أي العذاب قبل الحسنة أي التوبة ..ربما يسأل سائل لماذا اقترن العذاب بالمعصية والنجاة بالطاعة ..لان المعصية تجعل الإنسان يتجاهل التحذيرات ..والإيمان يدع إلى الالتزام بها .. لماذا تستعجلك قريش بالعذاب وقد خلت من قبلهم المثلات أي الأمثال على أمم من قبلهم ..لأنهم لم يكونوا مستعدين لما تفرزه الظروف من تغيرات ..لذلك تجاهلوا التهديد وأصبحوا مثلا لغيرهم... لا ينطبق هذا المثل على الذين اتبعوا المغفرة لان إيمانهم واكب التغير .. إنما ينطبق على من تجاهل التغيرات ولم يأخذه بالحسبان ..إن ربك لشديد العقاب
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ{6}
من المطالب التي تقدم بها الفريق المعارض للتيار الديني كشرط للإيمان الدليل المادي ..طبعا الدليل المادي من الصعب تحقيقه لأنه متعلق بقدرة الخالق ..قدم الله سبحانه تعالى الدليل المادي لأمم عقبت الكتب المنزلة كشرط للإيمان.. لكنها لم تستجب له ....{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }الإسراء.. هذا يعني إن أسلوب الدعوة بالدليل المادي لم يكن فاعلا في التغير .. لذلك تغيرت الدعوة من الدليل المادي إلى التغير الفكري عن طريق الكتب .. يقول الفريق المعارض ..لماذا لا ينزل الله أية ليهلكنا كما انزلها على أمم من قبلنا.. أسلوب تحدي ... هذا يعني إن الفريق المعارض على علم ودراية إن الله لا ينزل أية على محمد .. لأنها لم تعد فاعله في التغير... لذلك وضع السياسيين هذا المفهوم أمام القاعدة الجماهيرية لاحتوائها فكريا وإقناعها إلا وجود للعذاب ....
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ{7}
اطمئن الفريق المعارض وطمئن قاعدته الجماهيرية إلا عذاب بالآيات .. ولكن التهديد مازال مستمر في قوله ...إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ .. هذا يعني هناك إطاحة مجهول الشكل موعودون بها..... مجرد وقت .. ضرب الله مثلا له علاقة بالوقت .. وما له من دور في خلق ظروف يفرزها الزمن تكون كفيله للإطاحة بهم... ضرب هذا المثل للذين امنوا لبين الله لهم فيه مدى علمه بما يجري على الواقع ليؤكد الهم إن جميع الأمور لا تغب عنه وكل شيء عنده بمقدار .. الله يعلم ما تحمل كل أنثى .. وما تغيض الأرحام... أي تنقص من حملها إما بسبب الإسقاط أو فشل الإخصاب .. وما تزداد .. أي الزيادة في الحمل إلى أكثر من واحد أو الزيادة بالحجم مع الوقت إلى يوم الولادة ...فالحمل له نهاية.. إما بالإسقاط و إما بالولادة .. كذلك مصير المفسدون له نهاية .. إما بعذاب يسقطهم ويهلكهم ..أو ولادة عهد جديد قادر على الإطاحة بهم .. وكل شيء عنده بمقدار عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ{9}
اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ{8}عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ{9}
طرح الفريق المعارض سؤالا فكريا على التيار الديني له إبعاد سياسيه جعل القاعدة الجماهيرية أكثر اطمئنانا بان لا وجود للعذاب لفرض سيطرته السياسية عليها وإبعاد شبح التهديد عنها ...وبرهن لها على استحالة وقوع العذاب لان المجتمع أصبح خليط من المؤمنين والمشركين.. فلا يأخذ الله المؤمن بجريرة الكافر كما لا يمكن إنقاذ المؤمنين من بين جموع المشركين في حالة وقوعه... قلنا إن الكتب المنزلة دعت إلى الإيمان بالله وترك المعاصي والمخالفات .. لتقليل من الجهد الفكري المبذول إزاء المصالح المادية والنزوات الشخصية والتكالب السياسي على السلطة...أراد الله سبحانه إن يبرهن للفريق المعرض مدى قدرته على إنقاذ المؤمنين من بين المشركين في حالة وقوع العذاب عن طريق التغير... سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ{10} لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ
جعل الله للمؤمن معقبات .. أي متابعات .. يتابع فيها نفسه وحياته لان الإيمان قلل من الجهد الفكري وجعل له فسحه من الوقت أتاحت له الفرصة في الانتباه إلى أمور خارج المصالح السياسية ... لكن الفريق المعارض لا يرى هناك تغير لأنه منهك الفكر في متابعة المصالح والأهداف ... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...هذا يعني إن القاعدة الجماهيرية انشقت إلى فريقين .. الفريق المعارض لا يرى هناك تغير لان الله لم ينزل على محمد أيه كما لا يمكن إنقاذ المؤمنين من بين المشركين .. بينما الفريق المؤمن يرى هناك تغير لأن الإيمان غير ما في نفسه واخذ ينظر إلى الأمور بشكل أوسع وابعد وأيقن إن الخالق له القدرة على خلق ظروف جديدة قادرة على الإطاحة بالفريق المعارض.... وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ{11}
سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ{10} لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ{11}
فشلت الدعوة الدينية إمام الفريق المعارض في مكة وأسفر الصراع الفكري على طرد محمد والذين امنوا معه إلى المدينة .. ومصادرة جميع أموالهم متاجرهم ومساكنهم .. في ألسنه الثانية للهجرة تقدمت بعض سريا المسلمين للتعرض لقوافل قريش التجارية المارة ما بين اليمن ومكة مع سواحل البحر الأحمر .. كحق مشروع في استرداد جزء من الأموال التي سلبت منهم ... اعترضت قوة من قريش محمد وإتباعه في بدر ما بين الساحل والمدينة .. ومنعتهم من الوصل إليها .. بإمكان قريش إن تتجنب تلك المعركة ما مادامت قوافلها في أمان ولكن الغطرسة السياسية جعلتها تتجاهل جميع التحذيرات المسبقة لأنها لا ترى غير مصالحها السياسية.. وكان همها خوض المعركة للحصول على مكاسب سياسيه أخرى في المنطقة عن طريق القوة العسكرية ولاسيما ستخوض معركة قوميه في ارض العرب .. ولكن حساباتها كانت خاطئة ..لأنه لا يمكن حسم جميع الظروف للمصالح السياسية.. هكذا أطاح الله بهم وسلب النعمة والرئاسة منهم...[ لأنهم أردوا حسم كل شيء لصالحهم بالسياسة حتى جاءتهم ظروف جعلت شعاراتهم في مهب الريح مثل ما يحصل ألان لقريش.. حكام العرب ]...علما إن الله قدم لهم التحذير وقال لهم وقد خلت من قبلهم المثلات .. ولكنهم تجاهلوها حتى أصبحوا مثلا مع المثلات ... كدأب آل فرعون والذين من قبلهم
ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{53} كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ{54} إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{55
تجتاح وطننا العربي موجه عارمة من حركات التغير إطاحة بعض الحكام وآخرون ينتظرون مصيرهم المخزي ..ولكن هناك تكالب سياسي على السلطة من قبل كتل التغير.. ربما ينذر بعودة الأنظمة المستبدة إلى الساحة العربية من جديد إن لم يكن هناك توافق سياسي بين الكتل يضعون فيه مصلحة البلاد فوق جميع المصالح الشخصية والحزبية... وقد يتحول التغير إلى نقمه... إذا الم تضع كتل التغير مؤسساتها خارج العمل السياسي و على أن تكون إدارتهما بأفضل الكوادر المتقدمة دون خصصتهما لاعتبارات حزبيه أو طائفيه مثل ما حصل في العراق ... ولا استبعد من سقوط دولة رئيس الوزراء في الأيام المقبلة إذا تضع الرجل المناسب في المكان المناسب .. بعيدا عن المحاصصه الطائفية والاعتبارات السياسية
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة الأديان السياسية... للاستبداد
-
دعوة الأديان السياسية للفجور المقدس ..
-
التحالفات الدينية ضد القوى اليسارية
-
تحيه لأبطال التغير [انتفاضة مصر]
-
متى صنع الإله المسيحية... [يسوع]
-
انتفاضة مصر ما بعد / 4 فبراير..
-
النفاق الديني.. وانتفاضة مصر...
-
رد على مقالة سردار احمد في العبودية في الاسلام24
-
جذور الإرهاب 2
-
إبليس..والصراع المسيحي اليهودي على الكتاب المقدس
-
جذور الإرهاب...
-
ثورة تونس المباركة
-
صرخة ....من تونس
-
التطرف المسيحي.. حرق اليهود في الإنجيل..
-
رد على مقالة ادم عربي الرسم ألقراني ..إشكاليات الإملاء
-
أقباط المهجر واليهود بعضهم أولياء بعض
-
رد على مقالة رويده سالم في.. بعيدا عن أوهام القداسة .الإسلام
-
الصراع السلفي المسيحي اليهودي على الكتاب المقدس
-
كل مجزره ورائها قرد
-
الصراع السلفي بين المسيحية اليهودية
المزيد.....
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
-
عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب الديمقراطي المسيحي عن رفضه حزب البدي
...
-
259 مستعمراً يقتحمون المسجد الأقصى
-
أستراليا: إحباط هجوم ضد الطائفة اليهودية قرب سيدني
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|