|
سرقة الآثار المصرية .. وبروبجندا الحزب الوطني
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن-العدد: 3295 - 2011 / 3 / 4 - 20:48
المحور:
حقوق الانسان
تعودنا أن نسمع ونسمع عن آثارنا المصرية من المسئولين وعلى رأسهم السيد / زاهي حواس قبل أن يكون وزير دولة للأثار وللأن ، ونحن نقدر جيدا قيمة هذه الآثار ، وأهميتها ، وضرورة المحافظة عليها باعتبارها ضرورة حتمية لزيادة الدخل القومي ، وتوفير فرص عمل للشباب ، وتقليل البطالة ، بل نعتبرها كنز ثمين تركه لنا الأجداد . لكن للأسف الشديد أن القائمين على أمر الآثار نيابة عنا نحن الورثة الشرعيين لا يقدرون قيمة هذا الكنز الثمين ، ولا يعيرونه اهتماما كافيا للمحافظة عليه ، ولا يعرفون قيمة هذه الأثار ، ولا أهميتها التاريخية والحضارية الضاربة في أعماق التاريخ ، والتى تثبت بحق عمق الحضارة المصرية القديمة ، والتي كانت سببا لتباهينا ، وتفاخرنا على العالم بأننا أصحاب فضل السبق في التحضر ، والتمدن ، وقيام أول حكومة لدولة ذات كيان قبل الأمم الأخرى بقرون طويلة ، وهذا ما يجعل السائحين من كل بقاع الدنيا تأتي إلى مصر شوقا لرؤيتها ، وحبا في مشاهدة آثارها ، وبحثا عن سر تقدم المصري القديم ، وعجبا من المصري صانع العجائب ، في كل الأحوال ، ومهما كانت الظروف : عسرا أو يسرا ، حزنا أو فرحا ، ضعفا أو قوة ، فحين تم عبور قناة السويس لتحرير أرض سيناء بعد أن أشاعت إسرائيل أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر ، وأن الجندي الإسرائيلي لا يهزم ، وأن اقتحام خط بارليف الحصين يحتاج إلى قنبلة ذرية ، أطلق العالم على الجنود المصريين لقب ( أحفاد الفراعنة ) ، وعندما كانت لنا بعض المواقف الكروية كان يطلق على فريقنا القومي ( فريق الفراعنة ) ، وأخيرا وبعد ثورة 25 يناير كانت تعليقات زعماء دول العالم كلها تؤدي إلى معنى واحد مفاده : ( أن المصري ليس بجديد عليه أن يصنع مثلما صنع أجداده ) . ولكنني أتساءل هل قيمة الأثار وأهميتها التاريخية ، والحضارية ، وضرورتها الحتمية في زيادة الدخل القومي ، وتوفير فرص العمل للشباب ، ومحاربة البطالة تكون بالكلام فقط دون اتخاذ أية إجراءات منطقية ، وواقعية . فما كنا نسمعه من تصريحات المسئولين ، وحواراتهم ، وما كنا نشاهده من زيارات ميدانية للمسئولين أكد لنا أن هذه الآثار لها من القداسة ما يجعلها موضع النن من حبة عين المسئول ، ولكن للأسف الشديد اتضح أن كل ذلك ما هو إلا بروبجندا إعلامية على طريقة الحزب الوطني ، وكله كلام .. كلام فقط . وإلا فبما نفسر : أولا : سرقة بعض القطع الأثرية ولا يعلن عنها إلا بعد أن يكثر الهمس واللمز حتى يخرج الأمر رغما عن المسئولين ، فتخرج بعض التصريحات المائعة والمبررة والملتمسة عذر المسئولين كلها تتحجج بعدم وجود أمن . ثانيا : وسط أحداث ثورة 25 يناير أعلن بداية أن محتويات المتحف المصري سليمة ، ولم تمتد إليها يد سارقة أو مخربة ، ثم أعلن عن سرقة ثمان قطع ، بعدها أعلن عن العثور على حوالي ثلاثة قطع منها قطعة وجدت خارج المتحف ، أي أن القطعتين الأخرتين وجدتا بداخل المتحف وهذا أمر مثير للدهشة ... فكيف تم الجرد ؟ هل تم الجرد فعليا وبمطابقة القطع على السجلات ؟ لو تم كذلك لسهل العثور على هاتين القطعتين قبل الإعلان عن سرقتهما ضمن القطع المسروقة . ولكن وغالبا ، والله أعلم أن الجرد تم بالعين فقط دون الاستعانة بالسجلات ، واعتمادا على الذاكرة . أما بالنسبة للقطعة الثالثة كيف وجدت خارج المتحف وسط ذلك الحشد الهائل من المتظاهرين ؟ ولم تعبث بها يد عابثة ، ولم يقولوا لنا أن أحدا من المواطنين قام بتسليمها ، فالأمر كله وكما قلنا يدعو للدهشة بل الريبة . ثالثا ما أعلن أخيرا عن سرقة مخزن للآثار تابع لهرم ( خوفو ) بالجيزة وما علمناه أيضا وطبقا لما أعلنته وسائل الإعلام الرسمية أنه كان قد تم سرقة أكثر من 55 مخزنا للآثار من قبل ، وما يزيد الأمر سوءا هو ما نسمعه من المسئولين خاصة مسئولي الآثار من حجج ، ودفاعات واهية ، مثيرة للغضب والسخرية أكثر منها تبريرات تغطي على التسيب والإهمال ، والعمل الروتيني وحسب النظام ، وبعيدا عن المسئولية القانونية ، والأدبية ، والاجتماعية . وكل مانسمعه ، ويردده المسئولون : أن عدد أفراد الحراسة غير كاف ، وأنهم غير مسلحين ، ولا يوجد أفراد شرطة نظرا للظروف التي تمر بها البلاد . وإني لأتساءل .. لماذا لم يعلن عن سرقة هذه المخازن كل في حينه ، وبصورة علنية واضحة للجميع ؟ إذا كنا حقا نقدر المسئولية لعل وعسى أن تتحرك الأجهزة المعنية لمعرفة الجناة ، ومحاصرتهم ، أو أن يتحرك بعض المواطنين ، وبعض منظمات المجتمع المدني لاستنهاض أفراد المجتمع المصري وتوعيتهم بأهمية هذه الآثار ، وقيمتها في زيادة الدخل القومي ، وزيادة فرص العمل للشباب ليتطوع البعض بالبحث والتحري ومحاصرة الجناة فيسهل القبض عليهم من قبل جهات الضبط المسئولة . ولماذا لا نعترف صراحة أنه نتيجة لسياسات الحزب الوطني الفاسدة الفاشلة تم سرقة وتبديد هذه الآثار ، وأن أحداث ثورة 25 يناير فرصة لتسوية الدفاتر والسجلات المخرنية خوفا من النظام الجديد الذي قد يسائل الجاني قبل المغلوب على أمره ، و أنها فرصة أيضا استغلتها عصابات النهب للاستيلاء على ما يمكن الاستيلاء عليه . لماذا توضع هذه القطع الأثرية في المخازن أصلا ؟ وما جعلت المخازن إلا لتجميع أصناف لتوزيعها على مؤسسات الدولة ، أو تجميع أصناف تمهيدا لتكهينها والتخلص منها ، وما أظن أن يفعل ذلك في الآثار ، وكان الأجدى والأولى أن توضع هذه القطع بالمتاحف وليس بالمخازن ، وإن لم يكن لها مكان بالمتاحف الموجودة فلماذا لا تقام متاحف أخرى ؟ تعرض فيها هذه القطع لمزيد من تنشيط السياحة ، وجلبا لفرص عمل جديدة ، وزيادة للدخل القومي المهدد من مثل هذه السياسات الفاشلة والغير مسئولة . قد يقول قائل أن هذه القطع وضعت بالمخازن تمهيدا لترميمها ثم عرضها ، والإجابة سهلة وبسيطة جدا ، نعم هناك مخازن لمثل هذا الغرض ولكن ليس بمثل هذه الأعداد ، فنحن نعرف ان يكون هناك مخزن ، مخزنان ، ثلاثة ، عشرة ، لا مائة أو أكثر ، فالآثار لا يجب التعامل معها عددا تعامل الأفراد مع المعارض كل من شاء له الحق في إقامة أو إنشاء معرض أو أكثر للسلع خاص به وبأي عدد ، وإلا فلتترك هذه الآثار بباطن الأرض حفاظا عليها من السرقة ، وانتظارا لتدبير الأموال اللازمة لعملية الترميم . إذا تم عرض هذه الآثار بالمتاحف ، أو إذا أقيمت لها معارض جديدة فسوف تزيد فرص العمل بالسياحة ومن عائد هذه المتاحف يمكن تعيين العدد الكافي من أفراد الحراسة اللازمة دون تكليف الدولة أو الهيئة مليما واحدا ، أو إسناد مهمة الحراسة لشركات خاصة ، وكل التكاليف من العائد . هذه بعض الأفكار وبالتأكيد هناك أفكار أخرى أكثر نضجا لمسئولين وأفراد سيكشف عنها ولكن بعد تغير النظام القائم ، وتغيير منظومة العمل داخل هيئة الآثار التي تشكلت تحت رعاية الحزب الوطني ، وفي أحضانه ، وحينئذ سنجد من يقدر المسئولية عن حب وولاء وانتماء لهذا البلد الطيب السالم أهله ، أما إذا استمرت الأمور على طريقة الحزب الوطني ، أي أن كله كلام ... كلام بس ، فقل على الآثار السلام .
#حسين_عبد_المعبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا ترحل حكومة شفيق ؟!
-
دم شهداء ثورة 25 يناير في رقاب المتفاوضين
-
مبارك المخلوع .... يمارس الإرهاب ببجاحة وينشر الفوضى !!
-
هل مات بو عزيزي .... كافرا ؟ !
-
من تونس الخضراء .... انتهى الدرس !!.
-
النظم الاستبدادية لاتنتج ... إلا الإرهاب !
-
ولتكن بداية .... لرحيل الحزب الوطني
-
ما الفرق بين نظام جباجبو والنظام المصري !!!
-
السلفية الدينية والسلفية السياسية
-
ليس دفاعا عن وزير التعليم .. ولكن حبا في مصر المحروسة
-
جودة التعليم ...رؤية نقدية وكلام في الجودة
-
التعليم ( المشكلة والحل) رؤية ليست متشائمة ولكنها تحتاج لمنا
...
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت لارتكا
...
-
الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال بحق قائد كتائب القسام محمد
...
-
حيثيات تاريخية لإصدار أمر اعتقال نتنياهو وجالانت لارتكاب جرا
...
-
وزيرة إسرائيلية تصف مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة ضد نتنيا
...
-
بن غفير يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية ردا على مذكرا
...
-
قيادي لدى حماس: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تؤكد أن العدال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ويوآ
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الجنائية الدولية: توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية ل
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|