بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 3295 - 2011 / 3 / 4 - 18:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في ثورة الحرية والكرامة المجلس التأسيسي ليس مهمة من مشمولات بقايا الدكتاتورية والقوى الليبرالية والإصلاحية
إن حصر أهداف الثورة ومهماتها في بعد واحد هو البعد السياسي والذي يكثفه شعار المجلس التأسيسي دون إعتبار بعدها الاجتماعي، وإقصاء قوى الثورة الحقيقية من الفعل في المرحلة الإنتقالية والتي نصبّت نفسها وصيّة عليها بقايا الدكتاتورية ممثلة في رئيس الوزاء وريئس الجمهورية اللاشرعيين سيجعل مهمة إنجاز المجلس التأسيسي مهمة من مشمولات بقايا الدكتاتورية والقوى الليبرالية والإصلاحية. إنه بمثل هذا التمشي سيفرغ مطلب المجلس التأسيسي من كل محتوى ومن كل دينامية تعكس بالفعل إرادة الشعب لأن بقايا الدكتاتورية والليبراليين والإصلاحيين والإنتهازيين من كل شاكلة هم الذين سيرتبون كل القوانين والإجراءات والترتيبات التي ستفضي لإنتخاب هذا المجلس. إن المطلب الأول من مطالب الجماهير ومن مطالب الثورة والذي هو حكومة مؤقتة من دون التجمع ومن دون الشخصيات التي تبوأت مناصب في عهد الدكتاتور أو ساندته تحضر لإنتخاب مجلس تأسيسي يفضي لسلطة تعكس إرادة الشعب وتواصل مهام الثورة مازال قائما. إن القفز على هذا المطلب والإعتراف ببقايا الدكتاتورية لإدارة شؤون البلاد في ظل المرحلة الإنتقالية في أعلى هرم سلطات القرار في الحكومة وفي الدولة وفي التحضير لإنتخاب المجلس التأسيسي سيجعل منه، ومنذ البداية، مجلسا مجردا من كل محتوى ديمقراطي وشعبي، لأن قوى الثورة ستكون خارج دائرة الفعل والتأثير. إن بقاء السلطة بيد بقايا الدكتاتور سيجعل من هذا المجلس جهازا بيد القوى البرجوازية والليبرالية المعادية في الأساس لكل ديمقراطية حقيقية، جهاز لا يختلف في شيئ عن كل البرلمانات البرجوازية التي نعرف دورها التضليلي المعادي للعمال وللأغلبية الممثلة للشعب والمتمثل في إضفاء طابع من الديمقراطية الزائفة على دكتاتورية الطبقة البرجوازية على كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن مطلب الجماهير ومهمة الثورة السياسية المكثفة في مطلب المجلس التأسيس تفترض لتحقيقها دينامية مرتبطة بالثورة وبالقوى الحقيقية للثورة دينامية تعبر بحق عن إرادة الشعب في أن يؤسس لسلطة شعبية قائمة على مؤسسات بالفعل ديمقراطية تكون الكلمة الأولى والأخيرة فيها والقرار بيد الشعب أي بيد الأغلبية المكونة من العمال ومن الفئات والشرائح الإجتماعية المفقرة والمهمشة غير المستغِلة. إن كل تحقيق لمطلب المجلس التأسيسي خارج هذه الدينامية ما هو في الأخير إلا مسعى لوقف الثورة دون تحقيق مطالبها السياسية والاجتماعية، والتفاف عليها ومواصلة لنظام بن علي بدون بن علي ومنع الأغلبية التي أطاحت به يوم 14 جانفي من إرساء سلطتها وتكريس النظام السياسي الذي ترتئيه .
ـــــــــــــ
بشير الحامدي
تونس في 4 مارس 2011
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟