أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -















المزيد.....

ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 06:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس المهم إصدار بيانات الشجب والإدانة لتفجيرات طابا ونويبع ورأس الشيطان التى هزت المنطقة بأسرها ، مثلما هزت أفكاراً شائعة حتى صارت فى عداد الثوابت .
فكل من يتحلى بذرة من العقل والضمير لا يمكن الا ان يستهجن عمليات تستهدف مدينين أبرياء ، ويمكن ان أكون انا او أنت او أبني او بنتك من بينهم بالصدفة البحتة !
وربما أرتاد مقهى او فندقاً او اى مكان عام .. لشرب فنجان قهوة او لقاء صديق او حضور اجتماع عمل او حتى للترويح والتسلية البريئة .. فادخل ولا اخرج الا مقطع الأوصال او محمولاً على نقالة او فى بطن صندوق مظلم كئيب ، لا لذنب جنيته سوى التواجد بالصدفة فى هذا المكان الذى قرر شخص لا اعرفه ولا يعرفنى ولا تربطنى به اى صلة من اى نوع ان ينسفه على رأس كل من فيه ويحيله الى قطعة من جهنم لشكه فى ان شخصاً معيناً يترصده ويستهدف تصفيته ربما يكون حاضراً .
وحتى اذا كان هذا الشخص صاحب قضية عادلة او حق مغتصب واذا كان غريمه المستهدف ندل ويستحق العقاب .. فان هذا لا يعطى " المنتقم " الحق فى تعريضى أنا وغيرى ممن لا ناقة لهم ولا جمل فى هذا النزاع لخطر الموت كمداً وغيلة.
ناهيك عن المعضلة الأكبر التى تتمثل فى ان هؤلاء " العادلون " – إذا استعرنا تعبير ألبيركامو – الذين احتكروا الحقيقة لانفسهم وأعطوا لذواتهم الحق فى أن يكونوا القضاة والجلادين لخلق الله .. ربما لا يكونون على صواب اصلاً .
ويكفى مثلا ان نتذكر ذلك الشاب الجاهل الذى لم يقرأ حرفاًً واحداً من الإبداع الأدبي للكاتب الكبير نجيب محفوظ ، ومع ذلك أعطى لنفسه الحق فى الحكم على الأديب الحائز على جائزة نوبل بالكفر والإلحاد ، والحق فى تنفيذ الحكم بيده ، فتعقب الرجل الأعزل والطاعن فى السن واخرج السكين من ثنايا ملابسه وانهال بها طعنا فى رقبته !!
هذه الحيثيات .. وغيرها كثير .. تسوغ استنكار واستهجان عملية " رأس الشيطان " التى وقعت تحت جنح ظلام الخميس الماضى .
لكن هذا التنديد– البديهى والمفروغ منه – ليس هو المهم .
الأهم هو التحليل الموضوعى لما حدث ، دون " تهويل " ودون " تهوين " ، من اجل استخلاص الدروس المستفادة للحيلولة دون تكرار هذا الكابوس الأسود او استشرائه وانتشاره .
ومن اجل تمهيد الطريق نحو هذا التحليل الموضوعى المطلوب يجدر اولاً كشف النقاب عن الأوهام التى أسقطتها تفجيرات الخميس الدامى الذى كان يوافق اليوم الأخير من عطلة " عيد العرش " اليهودى .
أول هذه الأوهام إسرائيلي الأصل والفصل .

فقد عاشت حكومة ارييل شارون وهم الافتتان بالقوة الغاشمة ، وتصورت ان القبضة الحديدية هى الطريق المضمون لتحطيم إرادة الفلسطينيين وسحق روحهم النضالية كمقدمة ضرورية لاستسلامهم ورفعهم الرايات البيضاء أمام هذه القوة التى لا تقهر .
وبعد أربعة أعوام من الانتفاضة الفلسطينية التى فشلت كل المحاولات الإسرائيلية لإخمادها ، بالقمع والتآمر ، قرر شارون شن أقسى وأشرس حملة إبادة جماعية . وكان اختياره لاسم هذه الحملة بالغ الدلالة . حيث أطلق على هذه العملية الوحشية اسم " أيام الندم " فى إشارة الى ان القبضة الحديدية الإسرائيلية الباطشة ستجعل الفلسطينيين يندمون على تفكيرهم فى الانتفاض والمقاومة، والتفكير – مجرد التفكير – فى ان تكون لهم دولة ووطن .
ولم يكتف شارون بشن غارات " أيام الندم " جواً وبراً ، بل زين غرور القوة الغاشمة له انه سيفلت بجريمته دون عقاب وانه سيدفع خصومه الفلسطينيين الى مهاوى الندم واليأس .
لكن ضربة " عيد العرش " اليهودي التى استهدفت الإسرائيليين – اساساً – فيما يبدو من طبيعة الأهداف التى تم ضربها ، ومن جنسيات ضحايا التفجيرات ، تبين أن هذه القناعة التى أصبحت إحدى ثوابت سياسة شارون مؤخراً مجرد وهم .
فها هى " أيام الندم " التى أصابت الفلسطينيين بأضرار جسيمة تتحول ال مصدر للندم الإسرائيلي أيضا . حيث لم تضمن " حصانة " رعايا الدولة اليهودية من القتل .. بالعشرات .
وعنجهية شارون التى جعلته لا يتورع عن تعقب الفلسطينيين خارج فلسطين على النحو الذى جرى فى اغتيال شخصية فلسطينية قيادية فى دمشق لاثبات أن ذراع إسرائيل طويلة ، ارتدت عليه ، لان أحد أبعاد حادث الخميس الدامى هو عودة " العمليات الخارجية " التى كانت قد تراجعت واختفت فى السنوات الماضية ، وبعثتها سياسات شارون الى الوجود مرة ثانية .
وخلاصة هذا كله ان عملية الخميس الدامى أسقطت وهم إسرائيل الذى صور لها ان " أيام الندم " وتعقب الفلسطينيين فى الداخل والخارج وإذلالهم بالاستخدام المفرط للقوة سيكون من شانه حماية أرواح الإسرائيليين. فجاءت إراقة دماءهم بالعشرات على رمال سيناء لتبدد هذا الوهم ، خصوصاً مع ترافقه مع هرولة آلاف الإسرائيليين الذى كانوا يستجمون فى منتجعات سيناء للعودة الى إسرائيل فيما يشبه " الخروج " من مصر إذا استعرنا كلمات "العهد القديم" .
ثانى الأوهام .. أمريكي الحسب والنسب

فقد تصورت الإدارة الأمريكية ان احتلال العراق سيجعل إسرائيل اكثر أمناً .وقد اعترف الرئيس الأمريكي جورج بوش – فى مناظرته الأولى مع منافسه فى السباق الرئاسى جون كيرى – ان الهدف الرئيسي من الغزو الأمريكي للعراق كان الحفاظ على أمن إسرائيل .
وقد أثبتت الأحداث ان الذرائع التى أعلنها بوش لغزو العراق كانت مجرد أكاذيب ، واعترفت الإدارة الأمريكية نفسها بان حكاية أسلحة الدمار الشامل ملفقة ومفبركة ، لكنها مع ذلك تمسكت باحتلالها لبلاد الرافدين بحجة محاربة " الإرهاب " .
وفى إطار هذه الحرب توازت عمليات الإبادة الجماعية للشعب العراقى التى تقودها قوات الاحتلال الأمريكية ، مع عمليات الإبادة الجماعية التى تشنها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بضوء اخضر أمريكي وبحماية " الفيتو " الأمريكي فى الأمم المتحدة كما حدث مؤخراً .
لكن الاحتلال الامريكى للعراق أدى الى العكس حيث ظهرت على ضفاف دجلة والفرات جماعات "إرهابية" مثل تلك التى يقودها ابو مصعب الزرقاوى ، والتى اعترفت أجهزة المخابرات الأمريكية انه لم يكن يربطها رابط مع نظام الرئيس صدام حسين ولم يكن لها موطئ قدم فى العراق قبل الاحتلال .
ومثلما اثبت وجود الجماعات " الإرهابية " على ضفاف دجلة والفرات ان تبرير العدوان على العراق بانه " حرب على الإرهاب " مجرد وهم ، اثبت التعاون الأمريكي مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتحويل هذا العدوان الى إبادة جماعية للفلسطينيين بزعم محاربة " إرهاب " حماس والجهاد وبقية الفصائل المقاومة ، اثبت انه وهم اكبر .
والدليل ان هذه هى المرة الأولى التى لا تسارع فيها إسرائيل الى اتهام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات او " حماس " او اى فلسطيني آخر بمسئوليتهم عن الخميس الدامى ، بل قالت ان العملية من تدبير وتنفيذ " القاعدة ".
واذا صح هذا الزعم الإسرائيلي فانه يعنى سقوط وهم أمريكي كبير بان ضربها لأفغانستان والعراق من شأنه ضمان أمن إسرائيل ، فإذا به يجلب لها عدوا لم يكن فى الحسبان .. هو "القاعدة"!
ثالث الأوهام .. مصرى المنبع والمصب .

فقد تصور فريق من المصريين انه ليس من مصلحة مصر – بعد ان استردت سيناء – ان تدس انفها فى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، بل ان مصلحتها ان تدير ظهرها لهذا الصراع وان تنكفئ على ذاتها وتهتم بسياستها الداخلية وشئونها الاقتصادية . وهو الفريق الذى سبق ان استشهدنا بتعريف مكرم محمد احمد له على صفحات مجلة " المصور " بانه تيار يردد شعارات " لا تتوقف عن دعوة مصر إلى أن تكف عن اعتبار نفسها الحارس على مصالح الأمة العربية والأمين على القضية الفلسطينية ، وبحجة أن العروبة شرك خادع يستنزف الجهد الوطنى ، وان أمريكا هى الحل والملجأ والملاذ ، وانه ليس من مصلحة مصر ان تكون وحدها الطرف المناوئ لإسرائيل ".
هذا التيار الانعزالي المصرى الذى تحدث عنه الكاتب الكبير مكرم محمد احمد راودته أوهام إمكانية بناء مصر وتحديثها ، ليس فقط بفصل الإصلاح الاقتصادي عن الإصلاح السياسى ، وانما أيضا بنفض أيدينا من المقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية واى مقاومة تغضب أمريكا (وإسرائيل). لكن أحداث الخميس الدامى جاءت لتبدد هذه الأوهام ، وأننا حتى لو أدرنا ظهورها للصراع العربى الإسرائيلي فان نيران هذا الصراع يمكن ان تمتد إلينا لتحرقنا بألسنة لهيبها لتؤثر على السياسة والاقتصاد معاً
والخلاصة .. ان الدم الإسرائيلي على رمال سيناء " والخروج " الإسرائيلي الكبير من مصر على خلفية " أيام الندم " التى مازالت نيرانها تحرق أصابع الفلسطينيين ، والتزامن مع تداعيات وتفاعلات تراجيديا الاحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين وملحمة المقاومة العراقية .. يسقط ثلاثة أوهام كانت راسخة .
وبسقوط ثلاثية الأوهام هذه ينفتح الطريق أمام تحليل موضوعى مطلوب لأحداث الخميس الدامى .. التى لا يكفى صب اللعنات ( المستحقة ) على مرتكبيها .. أيا كانوا .. وأيا كانت نواياهم الذاتية .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
- -مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
- دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3
- الفلوس والثقافة العربية
- يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة
- ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
- !بلد المليون شهيد .. ومعتقل
- ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -