|
أحذر الحكام العرب
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 17:20
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أبتداءً أقول : إنني أعتبر التحذير للحكام العرب واجب ومسؤولية وطنية وأخلاقية ، خاصةً في ظل الظروف التي يُسحق فيها الإنسان العربي وتُهدر فيها كرامته ، ويتلاعب به حسب أهواء السلطان ورغباته صبيان السياسة وتجار السوء ، إن التحذير ليس تنبيه منا وحسب بل هو أمر للحكام العرب كي يكفوا أيديهم و يرحلوا من سدة الحكم ، من غير مزاودات ومن غير خطب وشعارات وإتهامات وإلهاء متعمد للشعب وللمجتمع الدولي في عملية تضييع للوقت مقصودة .
إن تحذيرنا ينطلق من حرصنا على سلامة الأوطان العربية من التدمير والتمزيق ، كما إنه تحذير ينبه الجميع إلى أهمية الوطن وأهمية عدم المساس بوحدته وبإستقلاله ، فالحكام العرب حسب ما أعلم لم يتصرفوا ولا لمرة واحدة بشجاعة وشرف ، ولهذا فهم يستحلون دماء وأعراض وممتلكات المواطن والوطن من دون وجه حق ، ولهذا فالثورة عليهم لم تأت من فراغ بل جاءت كتعبير عن واقع حال متردي هُتك فيه عرض المواطن وشرفه ، وأما القتل فغدى الحكام العرب يتبارون فيه ويتسابقون أيهم يقتل أكثر ؟ ، وقولنا : هذا يشمل الجميع من المحيط إلى الخليج ، فمن منهم لم تتطلخ يداه من دماء الشرفاء من أبناء وطنه ؟ ومن منهم لبى مطالب شعبه من غير عنف ولا سلاح ؟ ومن منهم من حفظ لشعبه كرامته من غير تذلل وخنوع ؟ ، هؤلاء القتله يعتبرون أنفسهم فوق القانون ، ويعتبرون أنفسهم هم الوطن ، ومن يحتج لديهم فمصيره الهلاك ، هذا حال شعبنا العربي والمسلم ، هذا حال أوطاننا العربية التي أثقلتها المحن والمصائب من كثرة سيئات حكامها ، ولهذا ثار المواطن العربي الذي طحنته سنوات الأستبداد والفساد ، ثار بعد أن ملء الوعود الكاذبة ، وسئم الكلام الفارغ الذي يخرج عليه به حكام قتله مجرمون ، ثار يبحث عن ذاته أولاً وعن موقعه في وطنه ومكانه بين شعوب الأرض ، ثار ليطالب بحقه في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة ، الشعب العربي في هذه المرحلة من تاريخه خرج من الصمت وأعلن الرفض العام المطلق ونزع منه الخوف والتردد ، خرج و لن يتراجع هذه المرة مهما كلفته التضحيات ، ولقد أثبت الشعب العربي إنه أقوى من ترسانة أسحلة حكام العار ، أثبت إنه قادر على المقاومة وعلى التحدي وعلى الصبر ، وقد أبهر العالم كله وهو يخوض صراعه من أجل الحرية والديمقراطية ، بل جعل من العالم كله يُعيد النظر فيه من جديد ، فهذا الإنسان العربي الجديد تعلم من السنوات كيف يمكنه خلق المعجزات ؟ وكيف يمكنه تحقيق النصر على كل أدوات الحكام وأجهزتهم الأمنية ؟ ، إن صراع الشعب العربي ضد حكامه صراع شريف أهدافه ونواياه وخططه والغرض منه ، صراع بين المظلوم والظالم ولهذا وقف العالم كل العالم معه مؤيداً وناصراً .
إننا نشعر بالفخر هذه الأيام نشعر بان العرب قد تخلوا عن الهرطقة وعن الثرثرة ، ودخلوا الساحة وهم يرفعون شعار الحرية والعدالة والسلام ، في وجه حكام جهله مستبدون قد تجاوزوا الحدود في إضطهاد شعوبهم والتنكيل بهم ، حكام أصبحوا هم وأبناءهم وأخوانهم والمنتفعين منهم عبارة عن عصابة للنهب والسلب والقتل ، نرى ذلك جلياً عندنا و في كل الأقطار العربية التي تشهد ثورات وإنتفاضات شعبية عارمة ، إن هؤلاء الحكام إنما يتعاملون مع شعوبهم وفق المثل القائل : - جوع كلبك يتبعك - ، ظانين إنهم بهذا يمكن ان يركعوهم وينسوهم حق المطالبة بالحقوق وحق ان يرفعوا رؤوسهم ، إن طريقة الحكام العرب ومعاملتهم لشعوبهم أدت إلى تشكيل جيش من العاطلين ، إن طريقتهم في ذلك تستهدف خلق مجتمع إنتهازي وصولي منافق ، مجتمع مؤذي غير نافع ومؤثر سلباً في حياة الوطن .
إن الشعار الذي يرفع في بغداد اليوم وفي مناطق أخرى من عموم العراق ، يلخص هذه الحالة فهو يتحدث عن الفساد بكل أنواعه وعن السرقه بكل أنواعها وعن الظلم بكل أنواعه ، وهذه الموبقات دعت بعض المرجعيات الدينية للتدخل بعد أن رأت إن السكوت عن الحق وعن الفعل القبيح هو مشاركة فيه ، ولهذا رأت أن تبرئ نفسها من هذا وان لا تتحمل الخطايا فهذا الذنب غير مغفور يقيناً ، ولهذا نادت بتغيير قواعد اللعب ليكون الشعب جزء من الحياة لا خارج عنها ، وليعلم الجميع إن مهمتنا هنا هو في التنبيه والتذكير ، و شق الطريق للجيل الجديد لكي يقوم بما عليه من فعل ، يصحح الأوضاع ويرسم خارطة فعل سياسي وإجتماعي للمرحلة المقبلة ، إننا هنا نساهم برفع الاشواك عن الطريق ، كما إننا نزرع الأمل في عيون وعقول المجتمعات العربية ، إننا نغرس البذور الطيبة في نفوس أبناء الأمة مستلهمين ذلك من إيماننا بالحق وقدرته على إزهاق الباطل .
وإننا نؤمن بأن معالجة الامراض التي تفتك بالمجتمع العربي والمسلم ، يتطلب المبادرة للوقوف مع الشعب أمامه لا خلفه ومعه في عمق الآلامه ومعه في وعيه وجهده لكي يتخلص من ذلك ، ومعه حتى تنجح جهوده في تحرير أرضه وكرامته من هذا التدنيس والفحش السياسي والعبث ، ونحن لسنا في معرض النقد هنا بل نحن في صدد المعالجة ، ولهذا نحذر الفئات الحاكمة من عاقبة الاستمرار في سياساتها العدوانية ، وفي الوقت نفسه نوجه إنظار المجتمع العربي كي لا يضيع الفرصة التي أهدتها له السماء في هذا الوقت بالذات ، لأننا نؤمن بإن إصلاح حال الحكام العرب أمر غير ممكن ، ولهذا نحشد الشعب وندعوه لتحرير نفسه وليثق بقدرته على ذلك ، فإن شعوب العالم الحر كلها معه من غير إستثناء ، ان الحكام العرب هم عبارة عن فئات غير وطنية وغير نزيهه ، ولا ترتبط بالشعب ولا بحياته بأية صلة ، وكل الذي يحركها مصالحها الاقتصادية وأعتباراتها العائلية ، التي تفرض عليها نوعاً من القيود تستبيح معه حق الشعب وحريته وكرامته ، اننا نؤمن بان السياسة الانتهازية التي يتبعها الحكام العرب إنما تقوم على اغتنام الفرص، وتعطيل حركة المجتمع وتجهيله وسلب المبادرة منه ، هذه السياسة الجائرة والغير مبررة ساهمت بشكل مفضوح بتعطيل حركة الوعي وزيادة نسبة التطرف والجاهلية بين صفو ف المجتمع ، لقد آن الأوان للشعوب العربية ان تعرف هذه الحقيقة ، فتضليل الشعب بالكلام عن الديمقراطية وعن الحرية وعن الوطنية وعن القانون ، هو عمل مرفوض وسيجلب على الشعب الكثير من المآسي ، صحيح إن الحكومات العربية تمتلك المال والسلاح ، وصحيح إنها قادرة على أن تقتل وتسجن وتصادر الحريات وتكم الأفواه ، ولكنها لن تستطيع أن تخمد ثورة الشعب ، وهو يتقدم بخطى ثابته وبصدور يملئها الحب للحياة وللوطن ، لن تستطيع أن تثنيه عن تحقيق أهدافه ومطالبه مهما تجبرت ومهما أدعت ، فصوت الشعب أقوى من كل هذه الأجهزة ، وهو أشد شكيمة في أوقات الصراع والنضال ، ولهذا ندعوا الجميع للمشاركة مع الشعب في حركته وثورته وإنتفاضته ، فالشقي من سمع نداء الغوث والنصرة ولم يجبه ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب يريد إسقاط النظام
-
هل أفاق العرب من سباتهم ؟
-
الثورة المصرية ... الحلم العربي
-
ثورة الشعب المصري
-
الحرية والثقافة
-
الثورة التونسية في مواجهة التحديات
-
لماذا الليبرالية الديمقراطية ؟
-
على أبواب عام جديد
-
أردوغان والوحدة
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|