خالد عايد
الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 00:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نداء الى شباب فلسطين والأردن رقم 6
هاهي نيران الثورة تنتشر في هشيم النظام العربي القائم على الاستبداد و الاستغلال والفساد والتبعية، وعلى المراوغات والأضاليل والأكاذيب المفضوحة التي تستغبي الجماهير.
وهاهي شعلة الثورة تنتقل من قطر عربي الى أخر كما في سباق التتابع . وهاهي زهور الربيع العربي المبكر / المتأخر تتفتح في تونس الخضرا الحرة وأرض الكنانة وليبيا الشعب واليمن "السعيد"بشماله وجنوبه معاً، ولبنان الأرز رمز المقاومة ولكن المبتلى بسرطان الطائفية، وظفار عُمان والبحرين السابحتين فوق خليج من نفط قابل للانفجار، وحتى بلاد مابين الرافدين حيث يعيث الاحتلال الأمريكي وعملاؤه في السلطة التابعة فسادا في الأرض يطال مصير البلاد وأرزاق العباد.
وهاهي جماهير الثورة الكامنة، كما يكمن الشرر في الجمر، تتململ وتتاهب في كل قطر عربي من دون استثناء من المحيط الى الخليج.
*********
في الاردن وفلسطين- كما في غيرهما- ترتبط مجموعة قضايا الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية ارتباطاً جدليا وثيقاً بمجموعة قضايا التحرر الوطني والوحدة القومية .وواهم، بل مضلِّل/ مضلَّ ، كل من يظن من على جانبي نهر الاردن , ان اي "حراك" قطري محدود الافق , يمكن أن ينجز المهمات الشعبية , من خلال " جدار عازل " بين الضفتين ,أو بين القضايا سابقة الذكر. فمن جهة , يستحيل من الضفة الغربية انجاز اهداف التحرر والعودة , ناهيك بالاهداف التنموية , في ظل سلطات فلسطينية تنفيذية وتشريعية وامنية...الخ منبثقة من اتفاق أوسلو وينخرها الفساد وتقوم على أساس قمع المقاومين , كما في ظل سلطات عربية مشابهة
من جهة ثانية , وبالقدر نفسه، يستحيل من الضفة الشرقية انجاز اهداف التغيير الحقيقي , تحت لواء"عنصرية" قطرية أو عشائرية وما شاكل،وفي ظل نظام يقوم على الاستبداد والاستغلال والفساد والتبعية الكاملة لأعداء الاردن وفلسطين . فيستحيل على الأردن- كما على غيره من الكيانات العربية- مثلا تحقيق " التنمية المستدامة "وحل مشكلات الفقر والبطالة وغلاء الاسعار في اقتصاد "ريعي " غير انتاجي , وبمعزل عن التكامل الاقتصادي العربي , القائم على اساس الاكتفاء الذاتي وانهاء التبعية للمراكز الامبريالية , لا سيما الامريكية منها .
وباختصار , ليس ثمة أهداف خاصة بالاردنين أو الفلسطينين ( أو غيرهم من الشعوب العربية ) يمكن انجازها كاملة بمعزل عن أهداف عامة تخص الأمة كاملة , بل يتعلق بالإقليم و سائر العالم .
********
لقد بدا واضحاً أن شروط الوضع الثوري ناضجة منذ زمن في كل قطر , وأن خصوصية القطر لا تلغي عمومية الثورة , وأن من "مكرمات" الثورة ومن بركاتها أنها جعلت الطبقات الحاكمة تسارع الى "إصلاحات" هي في حقيقتها رشوات تنتمي الى فساد الأنظمة نفسه. كما بدا بالقدر نفسه من الوضوح أن الثورات وحركات المقاومة إنما تُستلهم ولا تُستنسخ. وفي هذه التحركات الثورية جميعها سالت دماء زكية , لم تذهب هدراً,ووضعت كنزاً ثمينا من الدروس والعبر بين أيدي الشعوب الثائرة..
ثبت بالملموس أن وحدة الشعب"( الطبقات والفئات الشعبية )كانت ولا تزال الصخرة الصلبة التي عليها تتحطم الانظمة السائدة . كما ثبت أن هذه الانظمة لا تتورع عن اللجوء اليائس الى البطش بكافة أشكاله , والى تقيؤ أبشع أنواع الاكاذيب والخداع , وتستثير أكثر أنواع الغرائز والعصبيات انحطاطاً , من عشائرية وقبلية الى طائفية ومذهبية , الى جهوية واقليمية , ويضمها الى سلّة فزاعاته الاخرى المتمثلة في الترهيب من "الفوضى والفراغ" المتأصلة في عهود الفساد والاستغلال والاستبداد، وفي الترغيب الذي يأخذ شكل الرشاوى المفضوحة .
بالنسبة الى الشعب الفلسطيني , ليست " وحدة الشعب " على المحك بسبب " الانقسام " السياسي بين حركتي فتح وحماس، فمثل هذا الانقسام لا يشكل" خصوصية " فلسطينية، بل هو واقع الحال في جميع المجتمعات العربية وغيرها .أن الخصوصية الحقيقية تتمثل في التوزيع الجغرافي للشعب الفلسطيني , على ست تجمعات على الأقل , يعيش كل منها وضعاً مختلفاً اختلافاً كبيراً , من المناحي الاقتصادية والاجتماعية و السياسية والثقافية. ولا يقتصر الامر على الانقسام بين الضفة والقطاع , بل يتعداه الى وجود تجمعات اخرى: في فلسطين ال 48 , وفي عدد من المجتمعات العربية المتباينة الى درجة كبيرة , ويتباين فيها مدى اندماج اللاجئين الفلسطينين ايضاً : لا حقوق اجتماعية ومدنية للفلسطينين في لبنان، و لهم كافة "الحقوق" المتاحة للمواطنين في سوريا، أما في الأردن فإنهم جزء لا يتجزء من المجتمع واقتصاده وسياسته وثقافته , وهم يتمتعون ب "حقوق المواطنة" التي ينص عليها الدستور والقوانين ، ولكن لا يكلفها الواقع.
**********
في ظل هذا الواقع , يواجه الشباب الاردنيون والفلسطينيون تحديات هائلة , ويواجه الشعبان ما يكاد يرقى الى درجة "الاستعصاء " الخاص الذي يجب معالجته كشرط أساسي من شروط" ثورة شعبية شبابية " تستلهم التجربة الثورية من كل من تونس ومصر وغيرهما حتى الآن.
لا يساورنا الشك في القدرة الشعبية الشبابية على ابتكار نموذج للتغلّب على تلك التحديات وفك ذلك الاستعصاء , وتوحيد صفوف الشعب تحت راية واحدة , تحمل ربما أكثر من شعار . واسهاما منا في هذا السبيل , فأننا نؤكد ما يلي
- اثبتت التجربة حتى الان فشل مبادرات الاسنهاض التي قامت بها مجمعات فلسطينية متفرقة تحت شعارات :"الشعب يريد انهاء الانقسام " , او "هويتنا " أو "عائدون" أو " مسيرة العودة"... الخ.
كما اثبتت التجربة أن المبادرات الموازية التي قامت بها مجموعات اردنية متفرقة تحت الشعار الفضفاض " الشعب يريد إصلاح النظام ".
- لقد نجح النظام حتى الان في احتواء مطالب الاصلاح والتغير بشتى السبل والوسائل , لا سيما نجاحه في ادامة سيطرته على المجتمع من خلال ما اصطنعه على مدى عقود طويلة من انقسامات مجتمعية , على أسس عشائرية وجهوية ....الخ. وأدخل النظام في روْع كل مجموعة خوفاً من المجموعات الاخرى , واقتناعاً زائفاً بانه حامي الحمى الوحيد لكل منها من سيطرة الاخر ى. وهكذا ظلت قطاعات كبيرة ( في المخيمات والقرى والبادية وبعض المدن وضواحي العاصمة ) في منأى عن حركة التغير الجارية , بل وفي تشكك وخوف منها.
- ان السلطة الفلسطينية في رام الله , على الرغم من انكشاف فسادها وقمعها وتبعيتها للعدو الصهيوني ـ ظلت بمنأى عن رياح التغير الثوري التي تجتاح المنطقة , وهذه السلطة هي الأجدر بأن تكون هي أول من تكنسه هذه الرياح . لقد "خنست " طغمة رام الله , فيما كان هدير الهتافات الثورية العربية يكاد يطغى على أصوات الاتهام الموجهة ضدها على مدى تاريخها منذ صفقة أوسلو : صفات الاسمنت "المصري " لبناء الجدارالعازل والمستعمرات ؛عشرات الشهداء من المقاومين ضحايا التعذيب في سجون السلطة و المقتولين غيلة بالتواطؤ مع العدو الصهيوني , وصولاً الى فضيحة وثائق المفاوضات السرية مؤخراً ، وانكشاف قمة راس جبل الجليد و جبل التفريط بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وفي القدس وكل فلسطين.
وعلى الرغم من ذلك كله , لم تتلمس الثورة بعد طريقها الى الشعب الفلسطيني، ولم يفلح شباب الضفة في استنهاض شعبها على طريق تجديد شباب الثورة الفلسطينية , بانتزاعها من بين براثن عصابة غدرت بها واغتصبتها وأهدرت كرامة شعبها وارتضت لنفسها دور حرس حدود إضافي للكيان الصهيوني
- يضاف الى حرس حدود أخر يمثله النظام في عمان منذ نشأته حتى الان .
- حالة التشابك والتلازم اعلاه تفرض وجود حالة موازية من التشابك والتلازم بين المهمات المطروحة على شعب فلسطين وا لأردن
- ان تحرير فلسطين كان منذ انطلاقة الثورة سنة 1965 وحتى الآن مهمة فلسطينية وقومية عربية وأممية لأحرار المسلمين و العالم . وإن نهج المقاومة والتحرير وحده ـ لا نهج المفاوضات الاستسلامية - هو الكفيل بإنجاز هذه المهمة , وبناء فلسطين ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية , من دون أي تمييز على أساس الدين أو المذهب أو العقيدة أو الجنس أو الجهة , وتكون جزءاً لا يتجزأ من دولة الوحدة العربية الديمقراطية الاشتراكية.
ان هذا النهج , نهج المقاومة والتحرير، هو الكفيل أيضاً بإسقاط مخططات" الوطن البديل" الصهيونية , وفي الوقت نفسه إسقاط فزاعة /وهم "الوطن البديل " التي تؤججها النزعات العصبوية البغيضة من هنا وهناك، بالأضافة الى دوائر النظام القائم
- ان اي تغيير حقيقي في الاردن (او في الدول العربية الاخرى , وخصوصاً مصر )لا يستقيم ولا يكتمل الا اذا أعاد للقضية الفلسطينية مركزيتها وانخرط في نهج المقاومة والتحرير , بدءاً بإلغاء اتفاقي كامب ديفيد ووادي عربة , وما يستتبع ذلك من اجراءات وترتيبات .
- ضرورة انخراط الشباب الفلسطيني وخاصة شباب المخيمات، في التحركات الشعبية الجارية في الأقطار العربية الشقيقة.
- نزع شرعية" النظام " الفلسطيني: المجلس الوطني واللجنة التنفيذية وسائر المؤسسات ذات العلاقة.
- التمسك بالميثاق الوطني كما أقرته الثورة سنة 1968، ورفض "التعديلات" المفروضة في جلسة غزة تحت إشراف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
- اعادة الاعتبار الى نهج المقاومة المسلحة المترافقة مع المقاومة المدنية الشاملة.
- العمل على عقد جمعية تأسيسية تضع استراتيجية جديدة للثورة، وتعيد النظر في الميثاق في ضوء التطورات الثورية الأخيرة في الوطن العربي.
أماالحدالأدنى للمطالب الانتقالية المرحلية المطلوبة في الأردن:
- تعديل جذري للدستور باتجاه جعل الأردن دولة ديمقراطية حقيقية، بما يجعل الشعب يمارس سلطته كاملة من خلال ممثليه في برلمان منتخب بعيدا عن سلطة الرأسمال السياسي التي اغتصبها"رجال الأعمال الجدد" في ظل "برامج الإصلاح الهيكلي" التي أملاها صندوق النقد الدولي وفي ظل اتفاقية وادي عربة وملحقاتها( مناطق الكويز وسواها).
- تعديل جذري للقوانين التشريعية المكملة للدستورالمعدل بما يضمن العدالة الاجتماعية (من خلال قانون جديد لضريبة الدخل ومؤسسات رقابة حقيقية وإعلام مستقل ...)، كما يكفل حرية تأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات، وحرية الإعلام والنشر، واعتماد قانون انتخاب جديد على قاعدة التمثيل النسبي والدائرة الواحدة، وما الى ذلك من قوانين.
- لجنة تحقيق مستقلة في قضايا الفساد المتعلقة بالتصرف بأراضي الدولة ومؤسسات القطاع العام وسائر قضايا الفساد المكشوف منها والمستور.
- المواطنة المتساوية : دولة لكل مواطنيها " من شتى المنابت والأصول"، وبغض النظر عن الجهة الجغرافية أو الدين أو الجنس أو العرق.
- الفصل بين السلطات الثلاث التنفنذية والتشريعية والقضائية،
وإعطاءالبرلمان بوصفه ممثلاً للشعب، "مصدر السلطات" ، الدور الرقابي والتشريعي الكامل، ووجود سلطة قضائية مستقلة ونزيهة، ومحكمة دستورية تحاسب كافة المسؤولين بدون استثناء.
- التنمية الحقيقية :تنمية انتاجية، لا ريعية أو ارتزاقية .
اعتماد استراتيجية تنمية شعبية حقيقية، موجهة نحو الاقتصاد القائم على المعرفة والإنتاج التعاوني الصناعي والزراعي( لا سيما إنتاج السلع البديلة للمستوردات والسلع الغذائية التي كانت أداة لترسيخ التبعية للأسواق الخارجية) ، ونحوالانفكاك من إسار هذه التبعية الاقتصادية، والعدالة في توزيع الدخل الوطني من خلال سلّم للأجور متحرك مع الأسعاروضريبة دخل تصاعدية مع إلغاء الضريبة العامة على المبيعات...الخ، ومكافحة نزعة الاستهلاك الباذخ/ التفاخري، ونحوالتكامل مع الاقتصادات العربية الأخرى، والتوجّه الى العمالة الكثيفة والانحياز للفقراء وحقوق الإنسان بأوسع معانيها الاجتماعية والاقتصادية).
أردن حر
فلسطين حرة
...والثورة مستمرة
#خالد_عايد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟