|
ثرثرة الإعلام العربي
خليل محمد الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 13:03
المحور:
الصحافة والاعلام
من عادتي كلما قرأتُ مقالا أو استمعتُ إلى درس أو تابعتُ برنامجا على الشاشة أنْ أتلبثَ قليلا بعد انتهائي منه لألخصَ أهم العناصر وأطرف الفوائد في ذلك الحديث أو المقال..وهي ممارسة عوّدت نفسي عليها منذ بداياتي لأستثمر الوقت وأحصل على الفائدة وأبقي شيئا للذاكرة في كل ما أشاهد وأقرأ..وربما يرجعُ ذلك إلى إدماني على تلخيص المحاضرات أيامَ الجامعة لأخرج المعلومة الهامّة واللمحة الدالة وأرتبها لتسهيل حفظها وتيسير مراجعتها قبل الامتحان..وأنا اليوم أستطيع استذكار أحداث كاملة ليوم من تلك الأيام كلما تعلق خاطري بمثـَل سمعته أو طرفة سجلتها أو ظاهرة شاهدتها ذلك اليوم، كأنها المفتاح لوعاء ممتلئ بتلك الأحداث تحتويه الذاكرة..وذلك محسوس وملاحظ في كثير من العادات الحياتية للبشر، فكأسُ الشاي الثانية لا تكون أبدا بطعم ونكهة ولذة الكأس الأولى وإن كان الشاي من نفس الوعاء وطـُبخ على ذات النار ومـُزج بكمية مطابقة من السكـّر..لكنّ مذاق الكأس الأولى ووقعها يكون دائما هو الأقوى..كأنّ الزمن لا تترك أحداثه أثرها في الإنسان إلا بمقدار جـِدّتها وطرفتها على النفس. وقد مكنتني هذه العادة من الحكم الموضوعي على كل ما أجده أمامي من إنتاج مقروء أو مسموع أو مشاهـَد بعد استعراض فوائده واسترجاع طرائفه ووزنها..فما أرى في كل ذلك إلا بمقدار تأثيره ووقعه في نفسي وزيادته في فكري لا بمقدار تأثيره في نفوس الآخرين وفكرهم..ومن أجل هذا يعتب عليّ بعض الأصدقاء وينقم عليّ آخرون مخالفتي لهم في تحليل كثير من الظواهر المختلفة والحكم على الوقائع المتشابهة، وقد تتراكم أمامهم الإشارات والعناوين على أمر ما حتى يروه جبلا متراميا أمامهم ثمّ لا أجدُ فيه إلا وزنَ حصاة صغيرة..وقد يستصغرون دليلا معينا فألفتُ انتباههم إلى الجزء المنسي الهادئ منه، كما تتجمع الرغوةُ وتعلو حتى تبدو زبدا ً عائما ً في مكانه وربما كان تحته تيار يعبّ ويجري..وأنا هنا لا أزعم أنني الصحيح والثابت بينهم لكنّ طريقتي هذه في وزن الكلام والظواهر وتأملها تتيح لي غالبا إخراج الخفي ورؤية البعيد واستنباط الحقائق..وكثيرا ما أتوجه إلى زملائي بالقول: إنكم إذا نظرتم إلى القمر قبل اكتماله خلال الأيام العشرة الأولى من الشهر القمري وجدتموه قرصا ً يتوزعه النور والظلمة، لكنكم تعودتم إهمال الجزء المظلم فلا ترزن القمر إلا هلالا مضيئا، ولو أنكم حاولتم تدقيق النظر إلى حافة النور عند اختلاطها بالظلمة وأدمتم النظر قليلا فإن شعورا غريبا سينتابكم عندما تدركون للحظة أن هذا الهلال المضيء في الحقيقة يكمله ويتحد به جزء هائل مظلم كأنه عين ُ الليل وهو يراكم بها من حيث لا ترونه، أو كأنه خمارٌ أسودُ أسدله الليل على هذا الوجه الوضيء المستدير..وكذلك هي الحقيقة في عالمنا: لا يظهر منا إلا القليلُ وأكثرها خاف ٍ ! إلا أن جهاز التصفية والتنقية الذي لديّ أصبح لا يُخرج شيئا يستأهل التدوين أو الاستذكار، خاصة في السنوات الأخيرة بعد انتشار القنوات الفضائية، وأنا أتكلم هنا عن العربية منها خصوصا ً..فقد ينتهي برنامج استغرق أكثر من ساعة في البحث والتحليل والمناقشة فلا أجد فيه فائدة ولا مغنى ما خلا الثرثرة والصراخ والجدل العقيم..وتبدو هذه الظاهرة بشكل أوضح في القنوات الإخبارية والحواريّة..إذ يعاني الخبر والحدث من التشويه والمسخ وهو يمر بمحطة الأخبار مثلما يمر الماشي بين صفين من المرايا المقعرة والمحدبة التي تغير الشكل وتمسخ الهيئة تضخيما أو تحقيرا بمقدار تقعرها وتحدبها..وما سلسلة المرايا تلك في القنوات العربية إلا هؤلاء المذيعون والمحللون والثرثارون..حتى يمكن أن يطلق على أي من هذه المواد والبرامج اسم (ضيّع وقتك معنا).. مما حمل الكثيرين على متابعة الأخبار والتحليلات المختلفة على الانترنت والقنوات الأجنبية. ومن أهم عوامل فشل قنوات الأخبار لدينا هو ضعف كفاءة المذيعين في إدارة الحوار بين المتحاورين، فالوقت الذي يأخذه المذيع في التعليق وصياغة الأسئلة عادة هو ضعف الوقت الذي يبقيه للمجيب أو المحلل للتعليق وإبداء الرأي، يتخللها الكثير من التنحنح والتكرار ومط الحروف من أجل تذكر الفكرة واستعمال اللغة التفاوضية والتراكيب الصحافية المتداولة في محاولة لإظهار قدرته ومهارته، ثم لا يلبثُ أن يقاطع المحاور بين الحين والآخر بدعوى الخروج عن الموضوع أو محاولة الاستفسار أو لعلة نفاد الوقت، مما يجعل المحلل يقفز من نقطة إلى أخرى دون إكمال الأولى كي يستبق المذيع دون تنسيق ولا ترتيب لينتج عن ذلك كله حوار تكثر فيه الجعجعة التي لا طِحن تحتها، وجدال تعلو خلاله الأصوات وتخفتُ الأفكار، ونقاش تضيع به الأوقات وتنعدم منه الفائدة. ويرجع السبب في النهج الفاشل للمذيعين وطريقتهم في القطع المتعمد للحوار إلى غياب الحيادية عن أغلب القنوات، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال طبيعة الأسئلة الموجهة ونوعية المواضيع المطروحة للنقاش وتوجهات المحللين المستضافين مع ابتعاد الكلام الذي قد يمس ممولي القناة أو الدولة الراعية لها..على أن جميع الذين يخرجون علينا في القنوات يؤكدون باستمرار حياديتهم وموضوعيتهم وتقبلهم للرأي الآخر وهو كلام خاو وادعاء لا يمكن أن يُصدّق فيه أحد إلا إذا كان غير مؤمن برأيه هو..إذ لا يمكن تصور قناة محايدة يتحدث فيها الجميع بحرية ويعرضون آراءهم وانتقاداتهم بلا مُقاطع ولا رقيب، ويبعد ذلك أكثر من المذيعين الذين يشبه أحدهم –في تأثر رزقه بكلامه– عدّاد الأسهم في أسواق المال..ترفعه كلمة وتخفضه كلمة ! وإذا تأملنا قليلا فسنجد أصل التطرف وعدم الحيادية في إذاعاتنا وقنواتنا العربية هو الشعب العربي نفسه..فهو شعب تتملكه فكرة (لحق المطلق) في كل شيء، وتسوقه عقلية (الحد الفاصل) عند أي موقف، وتهيمن عليه طبيعة (النظر النصفي) للإناء الذي يملأ الماء نصفه: إذا قلت بأنّ الإناء فارغ فأنت عربي وإذا قلت بأنّ الإناء ملآن فأنت عربي أيضا، لكنك إذا قلتَ بأن الإناء ماءٌ وهواءٌ فقد أغربتَ وأعجمتَ ! ولأجل هذا لا تذيع محطة إخبارية أو إذاعة وتنتشر في العالم العربي إلا إذا داعبت ذلك العـِرق وتماشت مع تلك الطبيعة..وأنا هنا لا أتكلم عن القنوات الحكومية والمحلية فهذه أشبه بالأبواق الطويلة الذي يمتد طرفها الضيق عادة إلى باحة القصر الجمهوري أو الملكي في تلك الدول..بل أتكلم عن القنوات التي ذاع صيتها وانتشر بين أوساط الشعب العربي فتابعها وأصغى إليها واقتنع بالأخبار المنقولة عن طريق شاشتها..وخذ (الجزيرة) مثالا..فما زالت هذه القناة تربو في ميزان الذوق العربي حتى أصبحت الآن في المرتبة الأولى من ناحية عدد المشاهدين وإقبال الجمهور..وهي في مسيرتها تلك ما زالت تزداد تطرفا ً وتحيزا ً وتحولت إلى بؤرة مركزة صغيرة تختصر طبيعة الجمهور العربي ولونه المتميز..ومع أنها تمثل صوت المقاومة للشعب العربي وتطلعه للتحرر وآماله في النهوض والتطور إلا أن ذلك نأى بها عن الحيادية في عرض الأخبار وتحليل الأحداث بما لا يختلف كثيرا عن المحطات المشتراة والموجهة في الاتجاهات الأخرى..أي أنها باتت تكرّس فلسفة النظر النصفي للأمور..وهذا ما أفقد حواراتها الحالية البعد الموضوعي والفائدة المرجوة من حرية إبداء الرأي..وانظر ماذا صنعت قبل أشهر عندما سربت وثائق سرية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وجعلتها كالملحمة الصحفية وفرقتها إلى أجزاء وعرضتها على مدى أيام مع التحليل المتطرف والاتهامات المهيجة والحوارات المحمومة، ثم قارن ذلك بما صنعته مؤسسة ويكيليكس من قبل بآلاف الوثائق السرية الأميركية بكل أمانة وموضوعية وصمت..إنك ستجد بالتأكيد الفرق بين من ينقل الخبر ويتركه أمام عقل المشاهد وتحليله وبين من يلتف على الخبر ويصنع منه عبوات وحقن ليبثها في أعصاب المشاهد وعواطفه..لذلك لا أستطيع اليوم استخلاص أية فائدة من حوارات الجزيرة لأنها ببساطة أصبحت تتناول نصف الموضوع دائما. قد يكون برنامج (الاتجاه المعاكس) أحد أكثر المواد التي تروّج لمبدأ الرأي والرأي الآخر ولكنه في الحقيقة أصبح أكثر المواد فضوحا ً في تطرفه وانحيازه، مع أنه انحياز لإرادة أغلب الجمهور العربي، ويتضح ذلك من خلال الدعاية الأولية للبرنامج والتعليق العام في بدايته (حيث تكاد تعرف منذ البداية من سيكون الطرف الخاسر) ونتيجة الاستفتاء اللاموضوعي (إذ يمكن لشخص واحد أن يدلي بآلاف الأصوات) والوقت الممنوح لصاحب (الرأي الآخر) والمقاطعات والمداخلات والتجاوزات المختلفة من قبل المذيع التي تـُلزقُ دائما بأشخاص مزعومين على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بل يتضح التطرف حتى في اسم البرنامج (الاتجاه المعاكس) فهو منحاز منذ البداية إلى طرف واحد في الحقيقة هو أحد الاتجاهين وكان من الإنصاف تسميته (الاتجاهان المتعاكسان)..مما جعله يتحول من كونه برنامجا حواريا ومادة للتفاعل والتحليل إلى كونه فترة للسخرية والضحك والانفعالات المصطنعة والتمثيل المكشوف الذي لا يخفى على أضعف المشاهدين..ثم يكون سببا لجذب المشاهدين من خلال تكريس التحزب وتعميق التطرف وإشباع الرغبة الكامنة للانتقام –ولو بالكلام– لديهم. ومن أجل ذلك أيضا لا يخرج المتأمل والباحث عن الفائدة الحقيقية بشيء من هذا الجدال العنيف والحوار الصاخب مهما حاول أن ينقيَ ويستخلص كالماء لا يتمخض عنه سوى الماء..وهي محاولة مضحكة لا يوازيها إلا محاولة المذيع إمداد أحد الضيفين بالأدلة المؤيدة واستنطاقه كي يرد عندما يكون المنافس الآخر الذي يفترض أن يكون خاسرا أقوى من الأول، وترتسم على وجه المذيع عندها نظرة حائرة وضحكة مستهترة كأنه قد راهن على الحصان الخاسر. وأنت فانظر إلى ما يقابل محطاتنا الإخبارية من مثيلاتها الأجنبية تعرف الفرق، حيث تحرص تلك المحطات على إيراد كافة الآراء واستعراض كل الاحتمالات، وإن شابها التحيز في بعض المواقف، ثم ترى المذيعين ومديري البرامج يحسبون كلامهم ويزنون أسئلتهم ويدَعون أكبر مجال ممكن للضيوف والمحللين كي يعرضوا رؤيتهم بصورة كاملة، لا كمذيعينا الذين لا يحترمون الوقت فيقضون نصفه بالتعليقات والتحليلات الموجهة ويجعل واحدهم نفسه ضيفا آخر ثم لا يكاد يسأل سؤالا حتى يطلب من الضيوف الإجابة بـ (نعم أو لا) لضيق الوقت..فلا نحصل من مادته بعد التمحيص إلا على الأفكار المبتورة والتحليلات الناقصة والثرثرة العبثية.. إنها في الحقيقة حملة واسعة لمصادرة عقول المشاهدين العرب ! إن المطابخ الإخبارية في وطننا العربي اليوم لا تصنع إلا أطعمة باردة ومعلبة تخصص غالبا للزبائن الذين لا يملكون الوقت لإعداد طعامهم بأنفسهم، فهي أطعمة –وإن أشبعت وأتخمت– لا تنمي ولا تـُشبع الذوق ولا الإحساس بالفائدة لدى آكليها..ولن يتحسن أداء مؤسسات نقل الخبر حتى يكون أصحابها والعاملون فيها جميعا من المحترفين الذين ينقلون الخبر بأمانة ودقة فيتحدثون بصمت ويشكلون معابر بلا صمامات للأفكار والآراء بين المحللين والمفكرين وبين عقول الجمهور..ولن تصل قنواتنا إلى هذه المرحلة إلا إذا أدار حواراتها مديرون مهرة لا يتأثرون بعواطفهم ويكون واحدهم كمدير طاولة القمار: يرمي النرد ويقف ليراقب ببرود ويجعل أنظار المشاركين والمراقبين جميعا في اتجاه واحد، وإن اختلفت آمالهم ومطامحهم وانقطعت أنفاسهم وهم ينتظرون الرقم الذي سيقف عليه النرد !! وإلا فإنّ الثرثرة الفارغة لن تملأ عقول المشاهدين ويوشك الإعلام الذي استمر بعض الوقت معتمدا على مزاج الشعب أن ينقلب عليه هذا المزاج بعد حين.
#خليل_محمد_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في غَيابات قُبلة
-
ليبيا .. الثورة الحمراء تطمس آيات الكتاب الأخضر
-
صناعة الشعر (3)
-
صناعة الشعر (2)
-
صناعة الشعر (1)
-
الموضوعية المحمديّة الباهرة
-
فلنتثقف أولا ...
-
أثر الإختلاط بين الجنسين في أداء مؤسساتنا المدنية
-
الغُربة
-
الشعر الحر وخمسون عاما ً من العقم (1)
-
تسونامي الثورات العربية: إلى أين؟
-
النظرة الإزدواجية للمرأة في المجتمعات المتمدنة
المزيد.....
-
بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني
...
-
سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
-
هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال
...
-
المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ
...
-
اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن
...
-
أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة
...
-
بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة
...
-
-القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية
...
-
للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|