أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - كانت المسافة بين الحاكم والمحكوم كالمسافة بين راعي المواشي وبهائمه















المزيد.....

كانت المسافة بين الحاكم والمحكوم كالمسافة بين راعي المواشي وبهائمه


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 00:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المستبد يصور لشعبه زمانه على أنه زمن السكوت وملازمة البيوت والاكتفاء بذكر الحي الذي لا يموت , أو أنه أوان الترقب والإعداد لخوض معركة فاصلة مع العدو الغاشم , أو وقت حشد الجهود لبناء الوطن وزراعة الصحارى وتجديد البنية الأساسية ...., فيوهم الناس أن أمامهم أمورا مصيرية أَوْلى بالاهتمام والعناية من المطالبة بالعدالة والمساواة والحرية والوفرة والديموقراطية , وبذا يكون المُطالِب بها معطِّلا للمسيرة وبرامج التنمية ومخذلا عن منازلة العدو فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة , أي معركة . وبذا يَقنَع الناسُ من السلطان بأقل القليل , فالظمآن يقنَع بيسيرالماء .
وسلطة الأغلبية هي حجر الزاوية في أمر الحكم والإدارة في الإسلام , فالشورى والاختيار والمبايعة , كلها أمور تؤكد سلطة الأغلبية .
وحديث الله لعباده في القرآن موجَّه للأغلبية : " يا أيها الذين آمنوا ", "يا أيها الناس , وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم - وليس ولي الأمر . ولا مكان للانفراد بالسلطة , ولا إمكان لتهميش الأغلبية سواء بانفراد المستبد بالنفوذ أو بتضليل هذه الأغلبية وصرف انتباهها بعيدا عن مصالحها . ومظاهر الاعتداد بفعاليات الجموع والأغلبية في الإسلام عديدة : كتجمُّع الحج , وصلاة الجمعة, وصلاة الجماعة , وإذا لم تكن السلطة في يد الأغلبية لوقع الظلم عليها بفعل الإقطاع والطبقية والرأسمالية .
ولم يتدرب الناس على التحرك الجماعي . فالإدارة الجماعية هي أشد ما يخيف المستبد إذ لا يقوى على مواجهة الناس دفعة واحدة , بل يهزمهم إن واجَههم فرادى , فيحرص على تفرقتهم إذا اجتمعوا , فحرَّم المظاهرات , وحنَّط الجامع , وجرَّم ممارسة النشاط السياسي في الجامعات , وضيّق على النقابات المهنية , ومنع تشكيل الأحزاب.
ويتم تضليل الغالبية بأنها فاعلة ومشاركة في حكم نفسها بسن دساتير تنص على حريات موهومة لا تحظى بالتنفيذ , أو بتشكيل هيئات ومجالس شيوخ وشورى , وكلها كيانات هشة ومؤسسات من ورق تسيطر عليها مجموعات المصالح وحراس مكاسب السلطان وبطانته والطبقة التي ينتمي إليها أو تسانده . ويوهمون الأغلبية بأنها تعيش في نظام ديموقراطي تديره الأغلبية لمصلحة الأغلبية , وتنطلي هذه الحيلة على الأميين فهم جهلة لا يعلمون . وفي واقعنا المعاصر يُشاع أن المواطن العادي هو صاحب السلطة , ولكنها سلطة لا يعترف لها أحد بالسلطة ! وليس الشعب إلا نائما في صورة يقظان , وهو كزيد وعمرو في كتب النحاة , إذ تجري عليهما الأفعال وهما لا يشعران .
وهناك معايير لتقييم الحُكم يُنظر إليها من ثلاثة وجوه : الحاكم والمواطن والوطن : أولها , الحاكم :
ومعياره الأول كيفية وصوله إلى العرش ( بالانتخابات النزيهة أم بشرعيات موهومة كشرعية قريش أو الجيش والسيف والدبابة والانقلاب العسكري أو بالتعيين وولاية العهد) , وهل يسمح بتداول السلطة ومشاركة قوى المعارضة في الحكم أم يلاحقها فلا تنطق , وما هي قدراته على إدارة شؤون الحكم , وما علاقته ببيت المال , وهل يحترم القانون والصحافة , وهل الحقوق التي يكتسبها تزيد على حقوق المواطن ؟ وما هي ثروته قبل تولى الحكم وبعده ؟ وهل يوصي بالحكم لأبنائه أو أحد أعوانه منعا للملاحقة وحرصا على استمرار المكاسب ؟ وهل يحرص على غياب صف ثان قوي إلى جانبه خشية سلب الحكم ؟ وهل يواصل خداع شعبه بالحديث عن معدلات تنمية وهمية ومستقبل قريب زاهر ويستمر الوعد بالمستقل الزاهر طوال حكمه دون أن يتحقق شئ , وما علاقته بالديمقراطية والشورى , وعلاقته بالمثقفين وأصحاب الرأي والمفكرين وأهل الثقة وأهل الخبرة , وهل يسن قوانين تصونه وتهدر حقوق المواطنين كالتعديلات الدستورية المستمرة المراد بها تثبيت العرش مثل قوانين الأحكام العرفية وفعاليات زوار الفجر وقانون العيب ! وهل أرواح الناس معلقة في طرف إصبع السلطان , إن شاء عفا وإن شاء قتل , وهل السلطة القضائية مِلك يمينه وتأتمر بأمره ؟ وهل يأخذ جنودُه المعارضين بالظنة ؟ وهل تلفق لهم اتهامات وهمية بقصد عقابهم أو على الأقل شل نشاطهم المعادي ؟ أما عن المواطن :
ولا أقول المسلم وحده , فالمواطنة حق لكل من يعيش في كنف الدولة ويدين لها بالولاء , ويؤدي ما عليه لها من واجبات : هل تحقق للمواطن العدل والمساواة والحرية مع سائر المواطنين دون النظر إلى الدين أو الجنس أو العرق , وما مدى ضمان سلامته وأمنه : سلامته النفسية والبدنية , وهل يهان في أقسام الشرطة ؟ وهل تصادر حقوق المواطن - أي مواطن - في المشاركة في حكم بلده ؟
لقد تم ترويض المواطن , إذ وُعظ حتى مل , وقُهر حتى ذل , وتل جبينه لذابحه , فأصبح عاجزا عن مجرد إدراك أنه مظلوم , وانعدم وعيه بوضعه الطبقي , وأوهمه فقيه السلطان أن الطبقية هي قدَر الله فالناس منازل ودرجات في الدنيا والآخرة , وأن الدنيا راع ورعية : فالسلطان هو الراعي , وسائر الناس هم الرعية , كان ذلك هو التصنيف الطبقي العنصري للأمة في نظر الفقهاء وواضعي الأحاديث , ففي الوجدان العربي وهو مجتمع رعوي يكون الراعي فيه هو سيد الأمر على ما يرعاه وهم الغنم والماشية . ومفهوم الراعي والرعية يصنع مسافة هائلة بين السلطان والمسلم , مماثِلة للمسافة بين الراعي وبهائمه .
وهذا المواطن المغلوب على أمره مسؤول عن جرم تهاونه في حق نفسه , فالله يصف فرعون وشعبه - كما أسلفنا - بقوله تعالى : {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } الزخرف54 - 55 , فالله أنزل بهم عقابه بسبب مقابلتهم استخفاف الفرعون بالطاعة وقبول الضيم . ذلك هو كلام الله المغاير في وضوح كلام نصابي الوعاظ ممن قالوا بمهادنة الفرعون وإن نهب وقتل , وحسَّنوا للمسلم إعطاء خده الأيمن للسلطان , وخده الأيسر للكاهن , ولم يبق له سوى قفاه يلطمه عليه رجال الشرطة والعسس . والظلم الذي عانى منه الإنسان في جاهلية ما قبل الإسلام , لا يقل عنه في إسلام الفقيه الذي زيف الدين خلف جدران معبده , فالظلم الذي عانى منه إنسان ما قبل دعوة محمد , لم يحمل علامة الله التي وضعها عليه الفقيه العميل . أما عن الوطن :
هل زادت فيه الفجوة بين الطبقات والمستويات المعيشية للناس وهل نشأت فيه طبقات سيادية أخرى تعلو فوق القانون وسائر الناس وتحظى بامتيازات طبقية كرجال الأعمال ممن يحتكرون الصناعة ويستولون على أراضي الدولة ويسيطرون على البورصة ودنيا المال والأعمال؟ وهل فيه مجموعات مصالح ترقص على أنغام الحاكم وهى ظهيره من باب الحرص على استمرار حصولها على الامتيازات والمكاسب .
وماذا عن معدلات البطالة والفقر والعنوسة وهل تنصرف جهود الشرطة لتأمين النظام وملاحقة المظاهرات وسحق المعارضين بدلا من مكافحة الجريمة والفساد ؟ وماذا عن تفاقم مشاكل الإسكان وانهيار النظام التعليمي , والزيادة الفاضحة في نسبة الأمية الأبجدية فضلا عن أمية استخدام الحاسوب , وماذا عن بؤس مستوى البحث العلمي , والعجز عن توفير حد الكفاف للناس لا حد الكفاية , والفشل الذريع في تحقيق اكتفاء ذاتي زراعي , وانهيار الصناعة الوطنية وماذا عن الغلاء وانفلات الأسعار؟ وهل يتم غض الطرف عن ملاحقة المفسدين والتراخي في ملاحقتهم بل وتسهيل هروبهم من البلاد خشية الكشف عن تواطؤهم مع الصفوة أو لأنهم من أصحاب الحظوة السلطانية ؟ وهل عم الفساد بحيث يستحيل معالجته دون هدم النظام كله ؟ تلك كانت أسئلة كنا قد طرحناها قبل عام من سقوط النظام .
بتصرف من كتاب (خرافة اسمها الخلافة – قراءة في سقوط الدولة الدينية) لنبيل هلال – الكتاب للتحميل المجاني من مكتبة الحوار المتمدن



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -لص بغداد الظريف-أشهر حرامي في القرن الرابع الهجري كان أشرف ...
- الحاكم الظالم كراكب الأسد يهابه الناس وهو لما يركب أهيب-المق ...
- ماذا لو حاكَم النبيُ محمد (ص) نظامَ مبارك . أو حد الحرابة بي ...
- تعالوا إلى متاع الخونة : أو بين أبي بكر الصديق وزين العابدين ...
- الطغيان الشرقي بين الكواكبي وبلفور وأرسطو (المقال الثاني من ...
- العبيد يحكمون الأحرار: هل تراثنا هو تراث العبيد؟ (حديث في عد ...
- أيها الجبان ..أنعمنا عليك بحرية النباح , لكن تذكر ..إياك أن ...
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- ورثة الأنبياء و مس العفاريت
- نحن المسلمين رقيق العصر , مددنا للذل أعناقنا فامتطانا كل راك ...
- هل المسيحي كافر- أو الدين عند الله الإسلام ..ولكن..
- آية السيف وأسرارها بين الفقيه والسلطان (الجزء الثاني والأخير ...
- آية السيف وأسرارها الخفية بين الفقيه والسلطان -مقال في عدة أ ...
- في ظل انعدام ثقافة المقاومة يفترع العمدة العروس قبل زوجها
- قالت العرب :جوِّع كلبك يتبعك ,لكن من يضمن ألا يأكل الكلبُ مج ...
- لهذه الأسباب لا يجوز قتل المسيحي – آية السيف والفكر المؤسس ل ...
- القابلية للاستنعاج
- من يرتق الفتق غير من يفتق الرتق –ومحنة فيلم الرسالة
- الدكتور البرادعي ومحاكم التفتيش - تعقيب على الفتوى بإهدار دم ...
- تسييس الدين وتديين السياسة


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - كانت المسافة بين الحاكم والمحكوم كالمسافة بين راعي المواشي وبهائمه