|
الدروس المستخلصة من تظاهرات الشعب العراقي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 12:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو تكلمنا عن التظاهرات الاخيرة فقط و من خلال نظرتنا الموضوعية الى الاحداث و ما توقعناه، وما تخللتها من الشوائب، يجب ان نذكر بداية، انه في النتيجة نجح الجميع دون خسائر كبرى تذكر، او كانت اقل من ما كان يتكهن بها الاطراف العديدة التي خططت كل منها من اجلها، و حاولت توجيه العملية لمسارهادف ولغرض معين. بعد متابعتنا و تمعننا فيما جرى لحظة بلحظة بعين و عقلية مراقب محايد مجرد من اية ايديولوجية او فكر و قصد مسبق و من خلال تقييم الشارع و ماحدث فيه، اخذين بنظر الاعتبار ما طبخ قبل هذه العملية الديموقراطية من وراء الستار لتسييس ما يجري و لاهداف معلومة، ويجب ان يعلم الجميع ان ما نستنتجه اليوم يفيد الشعب و السلطة على حد سواء. لكي نكون اكثر دقة في تمحصنا و بيان الراي بعد تحليلنا، لابد من قراءة هذه الركيزة الاساسية من العملية الديموقراطية برمتها من جوانبها المختلفة العديدة لبيان ما يتعلق بها بشكل وافي سوى من جانب المشاركين و اهدافهم او السلطة و تعاملاتها مع الاحداث و الاكثرية الصامتة التي تحفظت لاسباب سياسية اجتماعية ثقافية عديدة، و توضيح ما شابت العملية من الخروقات من الجانبين، و عكرت الاجواء بحيث كانت بدوافع متعددة و من نتاج المزاجات الشخصية المختلفة و المصالح الضيقة و ما يحتوي الشارع بذاته من الاشكال و الانواع من الشخصيات، اضافة الى المتابعين و المسؤولين، هذا ان لم نتطرق الى الايادي الخفية الغفيرة من المتربصين من وراء الحدود و المختصين باوضاع العراق، وان اكتفينا بالظروف الداخلية فقط و ما افرزتها العملية و انبعثت منها و جلبت معها النغيرات، و بعد قراءة السياسات المتبعة من قبل كافة الاطراف و الجهات العراقية و مواقفهم جميعا وفق ظروفهم و مصالحهم الخاصة و من دافع نظرتهم الى العملية السياسية منذ سقوط الدكتاتورية و ما وصلوا اليه في هذه الاونة و مستوى ايمانهم بالديموقراطية الفتية التي هي في بداياتها في العراق. و كما يعلم الجميع ان المرحلة حبلى بالعديد من الولادات في المنطقة بالاخص و التي تفرض علينا التحسب لكل صغيرة و كبيرة وتاثيراتها على اوضاعنا الداخلية، كي نضيء الطريق الصحيح امام المخلصين و نقطع وصل المتامرين و الشامتين، و لا يتم ذلك الا بجهد الخيرين و من ابناء هذا البلد فقط. و هذا ما يفرض علينا القراءات المختلفة و من كافة الجوانب من اجل الدراسة العلمية و بتعاون الخبراء الوطنيين من كافة الاختصاصات ، و استضاح الامور من قبل العديد من العينات في كافة الفئات. لو اننا حددنا الجهات المشاركة في التظاهرات و اهداف كل منها ،كي نستوضح مجريات الامور لاستخلصنا ما يفيدنا من الدروس لتفادي الاخطاء مستقبلا، و هذا ما يصب في خانة تصحيح مسار الديموقراطية. كما يعلم الجميع ، كانت النسبة الاكبر من المتظاهرين من الشباب و الجيل الجديد المنفتحين و المتضررينفي نفس الوقت من الظروف اليائسة و العاطلين عن العمل نتيجة الاسباب العديدة المتراكمة ومنها الحروب التي اشعلتها الدكتاتور البائد، و الوضع الاقتصادي السيء في ظل انعدام العدالة الاجتماعية المنشودة و اتساع الهوة بين الغنى الفاحش و الفقر المدقع الموجود على هذه الارض الغنية بالثروات الهائلة ، و ما يتلمسه المواطن من الفروقات الشاسعة بين المستفيدين من الاوضاع في المرحلة الجديدة استنادا على صفات غير اللائقة من الوصولية و الانتهازية في مجتمع مسيس حتى النخاع و في ظل الفساد المستشري التي تتسع رقعته يوما بعد اخر رغم وعود الجميع بمحاربته. هؤلاء الشباب اصحاب النوايا الحسنة ومشاركتهم في التظاهرات لم تخرج من اهداف مطلبية خدمية و في دائرة الاحتياجات الخاصة و ضرورات الحياة التي هي من ابسط حقوقهم المعيشية و لم تتوفر لهم ،اضافة الى مطالبة تحسن الاوضاع الخدمية العامة للشعب. و هؤلاء يستحقون ان يستمع اليهم و يؤخذ بارائهم و ان تعمل السلطة على تحقيق اهدافهم و امنياتهم على وجه السرعة. وهذا لايعني انهم لا يحملون اهدافا سياسية عامة و ارادة تغيير فاعلة و اصلاحات واجبة الانجاز في كافة المجالات، وهذا من حقهم ايضا . اما القسم الاخر من المتظاهرين كان مدفوعا من الجهات و الاحزاب السياسية الموجودة على الساحة ضمن العملية السياسة الجارية، فحاولوا تسييس التظاهرات و المطالب لاهداف و اغراض معينة و مصالح ضيقة محاولين استغلال العملية و ضعف ظروف الشباب من اجل صراعات سياسية دائرة بين الكتل منذ الانتخابات الاخيرة ولا صلة لها بما يخص معيشة جموع الشعب و في مقدمتهم الشباب باي شيء، محاولين كسب اكبر قدر ممكن من الحصص التي يصرون عليها و يحاولون الحصول عليها بكل السبل و باي ثمن كان، اي هم احزاب و تيارات و تكتلات مرحلة مابعد السقوط المشاركين في العملية السياسية الان، و هؤلاء على اشكال و انواع ، فمنهم يؤمنون بالسلم و الامن في صراعاتهم و يتحفظون على التشدد و الخشونة في التعامل مع الاحداث، و منهم يتبع كل الطرق مهما كانت من اجل تبؤ المناصب مهما كانت النتائج من سلوكهم و ان تخلله الارهاب و القتل حتى، و هؤلاء من ارادوا تغيير مسار التظاهرات لكي تخرج من تحت السيطرة ومن اجل احداث الفوضى ليتسنى لهم فرض اجنداتهم . اما القسم الثالث ، فهم من يرفضون العملية السياسية الجارية جملة و تفصيلا و لم يؤمنوا يوما بالتغيير الحاصل و يعيشون و يحلمون بالماضي و يدئبون على عرقلة مسيرة الحياة السياسية الجديدة باية طريقة تضمن لهم من اجل وأد المسار المسلوك في الديموقراطية مهما تضرر الشعب ، و يتعاونون مع الشيطان في سبيل تحقيق تلك النوايا و لهم اجندات مختلفة، و ورائهم اطراف عدة داخلية و خارجية، و اصبحت هذه التظاهرات فرصة ذهبية لهم من اجل الصعود على اكتاف المظلومين ، محاولين استغلال متطلبات الشباب و الميئوسين ايضا من اجل اهداف سياسية خبيثة لم تمت بامنيات الشباب و تطلعاتهم و اوضاعهم المعيشية بشيء. اما القسم الرابع ، و هم النخبة و لهم اهداف محقة و امنيات و افكار سواء كانت سياسية ام اقتصادية ام ثقافية ، و محركهم الوحيد هو ما تتطلبه الحياة العامة للمجتمع و ما يجب ان يكون عليه العراق و كيف يوضع على السكة الصحيحة في هذا العصر، و هؤلاء يجب ان يستمع اليهم و على السلطة ان يشاركهم في همومهم و توقعاتهم و تحليلاتهم و خططهم. و بين هذا و ذاك من الانواع المختلفة من المتظاهرين اختلط الحابل بالنابل و لم يكن التمييز سهلا على ارض الواقع الا ما شاهدناه من رفع الشعارات الخاصة و الاعلام القديمة و الهتافات العصبية و العنصرية المغرضة التي فضحت امر هؤلاء القلة المندسة هنا و هناك، و استغلت مناطق و مواكب لهذا الهدف البائس، و هنا شارك البعثيون و الارهابيون من جميع المشارب بقوة و جهد معلوم . اما تعامل السلطة مع كل هؤلاء المشاركين في التظاهرات في كافة المدن ، فيمكن تقييمه بشكل علمي ، الا اننا نعتقد انها نجحت في نسبة كبيرة منها لانها فوتت الفرصة عن المتربصين من جهة و لم تجعل ما يحدث ان يتحول مساره الى الفوضى و يمكن ان يتصيد فيها المغرضون، الا انها اخطات ايضا في جوانب عدة و ربما لانها كانت تواجه هذا الحجم من المتظاهرين لاول مرة او نتيجة اختلاف ثقافات و مزاجات المعنيين من منطقة لاخرى او لاختلاط مسيئي النية مع حسني النية و لا يمكن التمييز في التعامل في وقته، الا انه لم يكن لبعض التصرفات اي داع مما يجب ان يحاسب عليها كل من اقترفها سواء كانت من تفكيرو تنفيذ اني من خلق ساعتها او من تخطيط و سبق الاصرار او من اجتهاد مسؤول. و لكن ما يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار هو؛ ان هذه التجربة الاولى للتظاهرات الشمولية العامة التي يمكن ان تعاد في اي وقت لو لم تهتم السلطة بالمتطلبات الحقة التي رفعتها الجهات المحايدة و النخبة المحبة للوطن ، كي تقطع الطريق عن المغرضين و منع استغلالهم لظروف الناس لاغراض و اسباب في غير محلها و محاولين الصيد في الماء العكر. و هنا يجب على السلطة التفكير الجدي و التخطيط الاني و الاستراتيجي السريع من اجل البدء بالخطوة الاولى، و مبتدئين من الاولويات الضرورية التي تفرض نفسها و لا تحتمل التاخيرو هي ما تخص الشعب و معيشته و الخدمات الضرورية صب كل الجهود من اجل ذلك معالاصرارعلى ايجاد الوسيلة الحاسمة لمحاربة الفساد و التوجه نحو العدالة الاجتماعية و تحقيق مصالح المجتمع و تفويت الفرصة عن المغرضين .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استخدام القوة المفرطة سينعكس على اصحابها حتما
-
العولمة و الصراع السياسي في كوردستان
-
فسقط الصنم الثالث و اما بعد........!!
-
عزيمة الشباب لن تدع التاريخ ان يعيد نفسه
-
ثورة الشباب بين الاندفاع الجامح و الخوف الكابح
-
سمات المرحلة الجديدة في الشرق الاوسط
-
هل وجود سوريا في المحور الايراني ينقذها من الانتفاضة
-
اسباب استمرار العنف في العراق لحد الان
-
هل ينتفض الشعب السوري ايضا ?
-
للجميع ان يقيٌم ما يجري في الشرق الاوسط الا النظام الايراني
-
التغيير الاجتماعي بين الدافع و المثبط في منطقة الشرق الاوسط
-
مصر و الدرس الثاني للحرية و الديموقراطية في السنة الجديدة
-
الحرية و العلاج الملائم للقضايا العالقة في الشرق الاوسط
-
كيف نتفهم جوهر قضية المناطق المتنازع عليها في العراق
-
حدود علمانية و ديموقراطية العراق الجديد
-
افتعال الازمات لا يصب في حل اية قضية
-
كيفية تجاوز اشكاليات الديموقراطية في منطقتنا
-
العراق يئن بسبب التشدد و التعصب و ليس تحت ضغط الفدرالية
-
دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء
-
الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|