أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل















المزيد.....

رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 10:53
المحور: حقوق الانسان
    


"وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم". قرآن كريم.

بعد عقود طويلة، من الدجل الثوري والطهراني، على حد سواء، انكشف ما يسمى العالم العربي على حقيقته العارية وعلى نحو مقذع ورث وموجع ومفجع، عالم واسع من الفروقات والتباينات الطبقية الهائلة والعنصرية والتمييز والشللية والزبائنية والقبلية والعشائرية والاستئثار المطلق بالثروات والقبض على أعناق الناس، عالم واسع مترامي الأطراف يعج بالجياع والمحرومين والمهمشين والبؤساء والقهر والظلم والعبودية والاسترقاق والنهب وهضم الحقوق واللصوص والنهب والفقر والفساد المقرف، وويتوج ذلك كله غضب كامن وسخط عارم على الحكام.

وسط هذا السياق، قام العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، (86 عاماً)، وفور عودته إلى بلاده وتعافيه من عمل جراحي (تصورا لا يوجد في طول المملكة وعرضها مستشفى تعالج بها "صاحب" البلد أو ربما، وهو الأرجح لا يثق بخبرات وكوادر بلده فهو يعرف البئر وغطاءه)، نقول قام بتوزيع مبلغ 37 مليار دولار على السعوديين، كإعانات فورية وعاجلة ( زيت وسمنة ورز وسكر وكأن هناك مجاعات أو كارثة وطنية ألمت بالشعب وعلى غرار الإعانات التي توزع لضحايا الفيضانات والزلال والبراكين)، بسبب أوضاع بائسة تعيشها شرائح عريضة من السعوديين، وشملت هذه "الإعاشات" وهو معناها الحرفي تبرعات وزيادات على الرواتب وتعويضات أخرى وإعفاءات من قروض، وما شابه ذلك، والذي "منه".

وفي الحقيقة لم نكن ندري أن المواطن السعودي بحاجة أصلاً لأي نوع من المساعدة و"العطف" والحنان من "ولي الأمر" الذي يحاول الظهور بمظهر الأب الحنون وملاك الرحمة المرسل من السماء في واحدة من أغنى دول العالم إذ تعتبر هذه المملكة الخليجية المصدّر الأول للنفط في العالم، بمعدل 12 مليون برميل يومياً أي ما يدخل ميزانيتها من هذا القطاع الحيوي الهام، فقط، حوالي المليار دولار، تم رفعها حوالي 700 ألف برميل لتعويض النقص الحاصل عن انقطاع الإمدادات من "مهلكة" القذافي، جراء الزلزال المدمر والعاصفة البوعزيزية المباركة، التي –المهلكة- تمور بغضب جامح، عارم وشامل ضد هذا الكراكوز المهرج الأزعر المجنون.

ولا ندري في الحقيقة كيف يمكن لأي حاكم في العالم أن "ينثر" ويرش المال هكذا، ودونما تخطيط وحساب ومن أين خرجت هذه الأموال، وأين كانت، وفي هذا الوقت بالذات، ومن دون مقدمات ويا سبحان الله، وما هو القانون، والبند القانوني والمالي، الذي أجاز له هذا التصرف شبه الشخصي بهذه الأموال الهائلة، وعلى هذا النحو الغريب، والسؤال الأساسي، الذي يكشف لا أخلاقية هذا الفعل، هو لماذا تزامن هذا التوزيع مع ثورات الغضب التي تقوم بها الشعوب العربية ضد مجوعيهم ولصوصهم وناهبي لقمة عيشهم والجلادين وجلاوزة الاستبداد؟

ومن هنا تعتبر هذه الرشاوى غير قانونية، بهذا الشكل، المفضوح والفج المرفوض. وهذا يعني أن المال العام هو بيد الحاكم العربي يعطيه لمن، ومتى شاء بدون حساب، وليس بيد مؤسسات مالية وطنية مختصة تديره وفق المصلحة العامة وليس مصلحة الحاكم الشخصية، لينفقه كيفياً ومزاجياً، وهذا مخالفة قانونية واضحة، فضلاً عن كونه تصرف غير أخلاقي، لا يجوز العمل، أو الأخذ به. كما أنه يظهر أن هذا الدول ما زالت تحكم بشكل شخصي وفردي وكيفي ومزاجي، وأن هذه الدول لم تبلغ مرحلة الحداثة السياسية، ولم تأخذ شكل الدولة القانونية، بل هي مجرد عزبة يتصرف فيها الحاكم على نحو اعتباطي وظرفي ولحظي وبما يخدم مصلحته ومصلحة بقائه في الحكم وليس كرمى لـ"سواد" هيون شعبه المسكين. فذه الرشوة، وبهذا المعني، هي ليست حباً بأطفال البلاد، ومن أجل سعادتهم، ورفاهيتهم، ولأنهم بشر يستحقون أن يتمتعوا بثروات بلادهم، وإنما من أجل إطالة بقاء الحاكم، واستدامة بقائه، وامتصاص حدة النقمة والسخط الشعبي العارم الذي يجتاح الشارع ضد الممارسات المافيوزية واللصوصية للأنظمة العربية. وبالطبع لولا هذه الثورات والانتفاضات التي شهدها الشارع العربي، لكان قد حدث العكس، أي فرض المزيد من الضرائب الباهظة والمرهقة وجلد ظهور وتجويع الشعوب، كما هي العادة.

والأمر الأهم من هذا كله، أن هذه التي سوقت على أنها "مكرمات" من العالم، ليست، في الحقيقة، هي ليست ملك شخصي للحاكم العربي يوزعها متى وكيفما شاء، وعلى هواه، فما هي سوى حقوق شرعية وقانونية لمن يسمون مواطنين في هذه البلاد من مليكهم، يجب أن يتمتع بها كل مواطن على قاعدة التوزيع العادل للثروات، وليس على أساس العطاءات والمكرمات و"المنـّيات"، والمطلوب أن يتم مأسسة هذه الحقوق، عبر سلسلة من القوانين والإجراءات وترتبط بقانون وليس بشخص ومزاج و"عطف" الحاكم على الشعب الجائع. أي أن هذا الشعب يجب ألا يكون رهناً باستثارة نخوة و"عطف" الحاكم فقط، بل يجب أن تكون هذه الثروة والأموال حقوقاً شرعية ثابتة تقدم للمواطن من الدخل الوطني. فالمواطن في أي بلد في العالم، ليس متسولاً وليس شحاذاً على ناصية الشارع ينتظر "بركات" وصحوة ضمير الحاكم الذي يقرر في لحظة "شهامة" ؟أن يطعم ويسد رمق أطفال بلاده وذلك خوفاً على نفسه من أن تلتهمه، وليس لأية أسباب أخلاقية وإنسانية أخرى.

إسكات الشعوب وعلى مبدأ "اطعم الفم تستحي العين" كي ترفع الأقلام وتجف الصحف وتخرس الألسن "الطويلة" عن تبيان مخازي وشذوذ النظام الرسمي العربي "الآبق"، وهي تساوي مجرد فتات و"فكة" بسيط مقارنة مع ما "يلهطه" ويبلعه حيتان وضباع المال الكبار حلفاء وزبانية الحكام، أنفسهم، هذا إذا علمنا أن إحدى طائرات ابن شقيق ذات الحاكم "الحاتمي" هذا، تقدر بـ300 مليون من الدولارات، وهي تعادل ميزانية لدولة "إسلامية" فقيرة من إياهم، التي يرسل لها ذات الملك، ويخدرها بنسخ مجانية، ويا عيني عليه، من القرآن.

وفي الحقيقة لو أتت هذه "المكارم" في غير هذه السياقات والظروف اللاهبة التي يجتازها الشارع العربي، لآمنا وصدقنا، ولكن طالما أنها تترافق مع ثورات الجوع فهي لخدمة الحاكم أولاً وأخيراً وليست لأسباب وجواع إنسنية وهذا يفرغها من أي مضمون أخلاقي وقيمي وإنساني. وهي ذر للرماد في العيون ريثما تمر العاصفة الببوعزيزية، ومن ثم تعود حليمة لعادتها القديمة، وكأنك يا أبو زيد ما عزيت، ولذا فمأسسة هذه "المكارم" عبر تشريعات في ما يسمى بمجالس الشعب والشورى والعربية توزع وفق حاجة الأسرة وضروراتها المعيشية وتنفق كتأمينات تقاعدية وصحية وضمانات اجتماعية دائمة لكل مواطن بالتساوي، باتت أكثر من حاجة إنقاذية على أن تصبح قوانين ثابتة تحترم، ويتم الحفاظ والسهر عليها، من ذات الحاكم العربي الذي يوزعها على نحو استعراضي مرفوض بهذا الشكل يظهر الشعوب كجموع من الجياع والمحرومين والمحتاج والبؤساء وكمتسولين، وليس كمواطنين.

ولن نتكلم، أو نعرج ها هنا عن رشوة الحاكم العربي للزبائن والمحظيين والمأجورين والأبواق وكتبة ووعاظ السلطان، فتلك قصة، ومسألة، أخرى سيفرد لها بحث خاص.(قال سيف الإسلام في مقابلة العربية أول من أمس بأن الشيوخ الذين أفتوا بقتل والده كانوا يلعقون أحذيته، والعياذ بالله، وأستغفر الله لي وله على أية حال). هكذا وبالحرف الواحد

المهم، أظهرت هذه المكارم، أنها وزعت كما يوزع، عادة، ويرش "أصحابنا" ما غيرهم الدولارات في الملاهي والكازينوهات والكباريهات والحانات والبارات وهي مشاهد اعتدنا أن نراهم بها، واعذروهم، رجاء، فربما اختلط الأمر على بعضهم ولم يعد يميز، في لحظات الثمل وجنون العظمة الفارغ وطغيان النرجسية الفوقية وهوس السلطة الشبق ونهم الإنفاق، نقول لم يعد يميز بين أجساد الراقصات اليانعة اللذيذة، وأجساد "رعايا" وأشباه آدميين، أجساد بائسة أنهكها الجوع والفقر والإملاق.

هي حق مشروع ومعلوم، وليست منة، ولا كرم أخلاق حسب مسك الختام الذي جاء في تلك الآيات العطرة من القرآن: "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمير هي الحل
- رأس الأفعى الوهابية: مزبلة الطغاة العرب
- تنازلات الطغاة العرب قي الوقت الضائع
- الطاغية العربي وحيداً ولا يجد من يدافع عنه
- عصابة اللهو الخفي المصرية في قاووش واحد
- سيف الأحلام القذافي: سيف من خشب أتى ليكحلها فعماها
- سقوط الاستراتيجيات الأمنية للأنظمة العربية
- إياكم أن يضحكوا عليكم: لا لرشوة المواطن العربي
- هل جاء دور العقيد الليبي؟
- لن تحميكم أمريكا ولا إسرائيل، ولا ملياراتكم، بل حب شعوبكم
- باي باي: في رثاء معسكر الاعتدال العربي
- هل تكفّر الجيوش العربية عن تاريخها القديم؟
- طوبى للأغبياء: الغباء يصنع المعجزات
- هل تتحرر مصر من حقبة مبارك الوهابية ؟
- تنحوا، طال عمركم، قبل أن تُنحوا، فذلكم خير لكم لعلكم تفلحون! ...
- اقبضوا فوراً على فيصل القاسم مفجر الثورات والشوارع!!!
- سَيُصْلى ثورة ذات غضب
- ما أغنى عنه ماله وما كسب
- وامرأته حمّالة الذهب
- أطعموا شعوبكم كي تحبكم ولا تثور عليكم


المزيد.....




- مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران ...
- -الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا ...
- الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين ...
- الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو ...
- هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل