|
أني أحلم .. وأحقد علي الشعب الامريكي!!
عمرو اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 09:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يسعني ألا أن أقر بحقيقة استمتاعي بالمناظرة التليفزيونية التي جرت بين بوش ومنافسه الديمقراطي كيري و أقر و أعترف بشعور الحسد والغيرة والحقد الذي انتابني نحو الشعب الامريكي .. فرئيس اقوي دولة في العالم والذي ترتعد أمامه فرائص حكامنا الأشاوس وقف أمس يستجدي شعبه أعادة انتخابه وتعرض لأسئلة محرجة من جانب جمهور عادي من الشعب الامريكي وتعرض لهجوم قاسي من منافسه الديمقراطي وتعرض لتشكيك في جدوي سياسته الخارجية والداخلية وتعرض لاتهامات قاسية بانحيازه لأثرياء أمريكا والشركات متعددة الجنسيات من جانب المرشح الديمقراطي .. ورغم ذلك لم يخرج عن أعصابه ولم يتهم منافسه ومن أحرجوه بالأسئلة من الجمهور بأنهم يريدون تقويض الاستقرار الذي تتمتع به أمريكا أو انهم أعداء الوطن الذي يتم اختصاره في شخص الحاكم مثلما يحدث في الجزء التعيس من العالم الذي نعيش فيه. أثناء المناظرة وبعدها لم استطيع ألا أن أقارن بيننا وبينهم .. بين شعوبنا والشعب الامريكي وغيره من الشعوب التي تتمتع بنظام حكم ديمقراطي .. بين حكامنا وحكامهم ..بين نظامنا السياسي ونظامهم .. وهذه المقارنة للأسف تؤدي الي نتيجة و أجابه واحدة للأسئلة المنطقية : لماذا أمريكا هي اقوي دولة في العالم ولماذا نحن في الدرك الاسفل ؟.. في قاع النظام العالمي الجديد وقاع الحضارة .. ولماذا شعوبنا يتفشي بينها الفقر والتعصب والارهاب ؟.. لماذا تعيش شعوبنا في الماضي بينما تتطلع شعوب العالم نحو المستقبل؟ .. أجابة بسيطة وساطعة وواضحة وضوح الشمس ولكننا لا نراها او نتعامي عنها عمدا حفاظا علي الوهم الذي نعيش فيه وهو أن العالم كله يتآمر علينا خوفا منا .. لا أدري خوفا من ماذا .. نحن لا نمثل تهديدا في أي شيء .. لا تهديد حضاري ولا اقتصادي ولا سياسي ولا عسكري .. ولو أراد العالم القوي ان يسحقنا مثل الحشرات المزعجة لكان قادرا علي ذلك لولا قيم الحضارة المسيطرة علي العالم الآن و خوفا من منظمات حقوق الانسان والاعلام الحر الذي لا يرحم من يعتدي علي المواثيق الدولية .. نفس الاعلام الذي كشف جرائم التعذيب التي حدثت في سجن ابو غريب .. رغم أن نفس السجن وجميع سجوننا العامرة بفضل حكامنا كانت ومازالت تجري فيها مايندي له جبين الانسانية من جرائم تعذيب واعتداء علي ابسط حقوق الانسان , ولكن أعلامنا الوطني الهمام لايستطيع ألا أن يهاجم أمريكا والغرب والآخرين .. أما ما يفعله سادتهم فهو من الخطوط الحمراء والا اصبح نجوم هذا الاعلام هم نزلاء هذه السجون .. وقناة الجزيرة خير مثال علي ذلك .. تهاجم الجميع الا اسيادها حكام قطر . لا يسع المرء الا المقارنة بيننا وبينهم .. الحاكم عندهم يحاول ان يرضي شعبه ويستجديه ليظل في الحكم أربعة سنوات أخري ويعرف انه بعدها سيكون حاكما سابقا مهما فعل ومهما أجاد في أداء وظيفته لأنه والشعب معه يعرفون أن سنة الحياة هي التجديد وانه دائما هناك من هو أفضل .. ولكننا شعبا وحكاما تسيطر علينا ثقافة الحكم مدي الحياة .. نملأ الدنيا صراخا وأعجابا بسيدنا أبو بكررضوان الله عليه, عندما قال " أن رأيتم في اعوجاجا فقوموني " ونتجاهل عن عمد أو عن جهل أنه لم يقل اعزلوني .. ونتجاهل عن عمد أو عن جهل ان أي حاكم الآن في أي دولة حرة وديمقراطية يقول لشعبه " أن رأيتم في اعوجاجا فاعزلوني ولا تعيدوا انتخابي" .. نتجاهل عن عمد أو عن جهل اننا كنا ومازلنا منذ أربعة عشر قرنا نحتاج لعزرائيل ليخلضنا من حاكم هو مكتوب علي الجبين مثل القدر والمرض .. نحتاج لعزرائيل ليخلصنا من الملل الذي يصيبنا من رؤية وجهه الدائم علي وسائل الاعلام وواجهة الصحف لمدة تزيد أحيانا عن ربع قرن , أن لم نكن نريده أن يخلصنا من قهره وظلمه واستبداده . لا يسع المرء ألا أن يقارن بيننا وبينهم .. شعوب تنتج كل شيء وتتمتع بمستوي معيشه يحسدها عليه العالم كله ولكنها رغم ذلك تحاسب حكامها وتطلب منه المزيد والا فليذهب لمنزله يستمتع بمعاشه ويكتب مذكراته .. بينما نحن شعوبا لا ننتج شيئا ونعيش عالة علي ماينتجه الآخرون و علي كدهم وعرقهم أو علي ما يمن عليه الله علينا من ثروات تخرج من باطن الارض ونستقدم من العالم الاخر من يستخرجها لنا ويعتبر حكامنا انهم يملكون الارض وما عليها وما في جوفها.. ورغم ذلك نملأ الدنيا صراخا أننا خير أمة أخرجت للناس .. وأن العالم يتآمر علينا ولذا يجب علينا أن نفجرهم ونقتلهم وننحرهم ونخرجهم من أرضنا .. رغم أن الجميع يعرف أن غير المسلمين لو خرجوا من أرضنا وتوقفوا عن بيع منتجاتهم لنا ..لما وجدنا ما نأكله ونلبسه ولما وجدنا وسائل مواصلات ألا الابل والجمال ولظلت الثروات الطبيعية في باطن الارض لا تجد من يستخرجها لنا .. نفجر ونقتل السياح كما حدث في في العملية الارهابية في طابا و التي يسميها المهاويس من الارهابيين غزوة سيناء المباركة وكما حدث من قتل السياح في الاقصر من قبل .. رغم معرفة الجميع ان السياحة هي مصدر الرزق للملايين من المصريين ومصدر أساسي للعملة الصعبة التي نستورد بها القمح الذي لاننتجه فما بالك بغيره .. ولكن حياة الشعوب ورخائها لا تهم هؤلاء المهووسين .. المهم ان يصلوا الي السلطة ويعيدوا عصور الاستبداد والقهر التي لم نتخلص منها تماما بعد . أني لا أخفي أعجابي الي درجة الحقد بالنظام الذي أنتج مناظرة الامس بين بوش وكيري ولا يسعني ألا أن اصرخ قولا أني أحلم " مع الاعتذار لمارتن لوثر كينج " باليوم الذي يستجدي فيه الحاكم العربي شعبه مثلما كان يستجدي بوش شعبه أمس . أني أحلم باليوم الذي يكون فيه الشعب في أي دولة عربية هو السيد علي أرضه والحاكم هو الخادم لهذا الشعب.. أني أحلم باليوم الذي نستطيع فيه أن نغير حكامنا دوريا وسلميا دون الحاجة لعزرائيل ليقوم بهذه المهمة نيابة عنا .. أني أحلم باليوم الذي تدرك فيه شعوبنا أن الحياة هي هبة من عند الله يجب أن نحافظ عليها لا أن ندمرها عبثا في عمليات أرهابية لم ولن تعيد لنا حقا ضائعا ومسلوبا ولا تؤدي ألا الي استعداء العالم علينا .. أني أحلم باليوم الذي تدرك فيه شعوبنا قبل حكامنا ما هو المعني الحقيقي لحقوق الانسان و أن أهم هذه الحقوق هو حق الانسان في أن يؤمن بأي دين يشاء ويمارس شعائره بحرية تامة طالما لا يفرض ما يعتقد فيه علي الآخرين بالقوة ولا يهين معتقداتهم .. بل وحقه ألا يؤمن بأي دين طالما لا يستهزيء بالاديان ولا يحاربها.. أني أحلم باليوم الذي نفهم فيه معني الشوري الحقيقي والتي حضنا عليها الاسلام وهي انتخاب ممثلين عن الشعب بحرية وشفافية ليراقبوا الحاكم والحكومة ويسنوا القوانين التي تحمي حقوق المواطن وليس ولي الامر ويكون الشعب من خلال ممثليه قادرا علي عزل أي حاكم لا يؤدي واجبه كما يجب .. بطريقة سلمية دون الحاجة لقتله أو سحله .. أني أحلم باليوم الذي تدرك فيه شعوبنا ان الذي انتصر و يقود العالم الآن ليس أمريكا أو غيرها ولكنها نظم الحكم الديمقراطية التي تحترام حقوق الانسان وحقوق المواطن بصرف النظر عن الجنس او الدين او اللون .. أني أحلم باليوم الذي تدرك فيه شعوبنا أن الديمقراطية لا تتعارض مع الاسلام أو اي دين ولذا لا مبرر أطلاقا لما يدعيه البعض من طلاب السلطة مما يرفعون راية الدين رياءا ليبتزوا مشاعر البسطاء من شعوبنا من أقصاء الديمقراطية كنظام للحكم و أنها في الحقيقة مع الانتخابات الحرة النزيهة لاختيار الحكام والسلطة التشريعية هي التطبيق العصري للشوري . أني أحلم فهل هناك من يحلم معي .. أم تراني أخرف !!!!!
#عمرو_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عملية طابا الارهابية وعلامات استفهام علي رد فعل البعض؟!!!!!!
-
نحو عالم أكثر أنسانية .. كل من له نبي يصلي علي النبي
-
لماذا أنا ضد العنف..ردا علي اتهامات ظالمة
-
رسالة أتمني ان يقرأها أيمن الظواهري !
-
عزرائيل- آليتنا لتداول السلطة والتغيير
-
لقد جنت علي نفسها براقش
-
من حق صدام أن يدعي أنه كان علي حق!!
-
متي نعي الحقيقة المرة ؟
-
كفانا نفاقا .. لابد ان نجد حلا لهذه النصوص
-
رؤوس أفعي الارهاب الثلاث
-
هل هذا هو الاسلام ؟
-
الدين والسياسة في عصر الديمقراطية
-
فكرسيد قطب .. قوة ونتيجة واحدة ..العنف والارهاب
-
الي المرشد العام للأخوان المسلمين ..التنديد لا يكفي
-
دعوة للتأمل .. لماذا لا نقاوم بوضع السلاح ؟
-
فلسطين و العروبة
-
هل دماء العراقيين رخيصة ؟
-
المتحدثون الرسميون باسم الله ..عمائم ومصائب
-
تخاريف.. النجف والفلوجة نماذج رائدة فلما لانعممها
-
أزمة العقل العربي
المزيد.....
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|