|
ثورة الشباب في وطننا العربي ... تطالب بمكافحة الفساد..
نادية حسن عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 00:23
المحور:
حقوق الانسان
هل كان الفساد أحد أسباب الثورة؟
الدكتورة شذى ظافر الجندي 27 شباط/ فبراير 2011
"إنها ليست ثورة جياع كما حاولت بعض الأنظمة تصويرها، أنها ثورة ضد الفساد، والقمع، والخوف هي ثورة تصحيح لمفاهيم إدارية وسياسية وتنموية خرجت عن جادة الصواب، وتجاوزت كل إمكانيات الإصلاح أو التغيير".
من كان يصدق إن ثورات شبابية ستتفجر في منطقتنا العربية تتهم الرؤساء زين العابدين ومبارك والقذافي وغيرهم في الفساد، وتوجه لهم الاتهامات باختلاس أموال الشعب؟
من كان سيصدق أن هؤلاء الشباب سيخرجون في مظاهرات واحتجاجات يطالبون فيها سقوط هذه الأنظمة العربية واتهامها بالفساد؟
كان الفساد، موضوع غير مرغوب بالتحدث عنه، يتحاشى الناس ذكره، ويتجنبون الخوض فيه، ويعتقدون أنه لا يمكن مكافحته، الحاضر الأكبر والغائب الأكبر". ونرى الآن إن أخبار الفساد تحتل المكانة الأولى بين الأخبار ومتوفرة بشكل كبير عن القادة والرؤساء وكبار المسئولين والوزراء السابقين وعائلاتهم.
عندما كان هؤلاء القادة يطرحون "موضوع الفساد"، كان هدفهم استغلاله لتلميع صورهم، وخاصة عندما يريد أحدهم التقرب من الجماهير، خلال حملته الانتخابية، لترويج نفسه كزعيم داعماً للنزاهة والرقابة والشفافية وحكم القانون.
ولكن عندما ظهر "ويكيليكس" بأخبار وفضائح الحكام العرب، وظهر جوليان اسانج ليزلزل العالم بنشر أكثر من (250) ألف وثيقة سرية أمريكية أحدثت ذعراً في صفوف ودوائر الحكام والقادة والبلدان، فضائح أقلقت مضاجع الحكام لاسيما في دول العالم العربي. وظهرت قصص فساد فاقت كل التوقعات لهؤلاء الرؤساء.
ثورة الشباب التي بدئها شباب تونس وأدت إلى سقوط نظام زين الدين بن علي بعد 23 عاما من الاستبداد والفساد والتفرد بالسلطة وتبعها ثورة شباب مصر والتي أدت إلى سقوط حسني مبارك بعد 32 عاما من الظلم والفقر والفساد وسرقة الأموال العامة وغياب حرية الرأي والتعبير وبناء الدولة الأمنية. وثورة شباب ليبيا الثائر على نظام معمر القذافي الذي مثل عبر أربع عقود تمسكه بالسلطة الفردية المطلقة وتغييب دور المؤسسات الأهلية والبرلمانية.
إن المتابع والمحلل السياسي لما يجري اليوم على الأرض العربية يرى إن هذه الثورات ليست ذات طابع إيديولوجي أو خلفها أحزاب سياسية أو قوى تحركها من الخارج.. وإنما حركات شعبية وتحركان جماهيرية سلمية استفادت من وسائل الاتصال الحديثة وشبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فاسبوك وتويتر التي ساهمت في خلق بيئة وتوجهات شبابية ذات طابع جماعي مشترك لدى الشباب العربي .
لماذا انتفض الشباب العربي اليوم بعد عقود من الاستبداد والظلم ضد الأنظمة الفاسدة :
- الأوضاع العربية الداخلية وسوء الإدارة والتخلف والفساد والبطالة والقهر والاستبداد وسوء توزيع الثروة وغياب الديمقراطية وتقدم القيادات العربية في السن التي لم تترك دورا للشباب في بناء أوطانها على أسس حضارية إنسانية معاصرة
- الاغتراب السياسي وما ارتبط به من ظلم واستبداد وقهر، والأزمة الاقتصادية بكل تفرعاتها من بطالة وفقر وطبقات مهمشة وسوء توزيع الثروة، وفساد قضى على كل إنجازات البلاد،
- قيادات أنظمة بالية ما زالت تفكر بعقلية القرن التاسع عشر، فتتحكم بالانسان في زمن الحرية العالمي، وتقيد الاتصالات في زمن القرية الكونية، وتراقب الانترنت في زمن التواصل الاجتماعي العالمي، وتحتكر حرية التعبير في زمن العولمة؛ لذا زادت الفجوة واتسعت رقعتها بين جيل الشباب المعاصر رافع لواء الحرية والتغيير، وأنظمة دكتاتورية فاسدة تواجه رياح التغيير الشبابي بالعنف والإرهاب .
- الأوضاع الاقتصادية وما يرتبط بها من فساد وسوء توزيع ثروة، وتمازج السلطة السياسية الحاكمة بالثروة الفاحشة، في الوقت الذي ترزح فيه ملايين الشعوب العربية تحت وطأة الفقر والجوع والذل والبطالة.
- فسوء إدارة الموارد وتطبيق برامج إصلاح اقتصادية فاشلة نجم عنها بالنهاية تخب سياسية حاكمة متحالفة مع طبقة رجال أعمال نهبت ثروات البلاد، وباعت مؤسسات الدولة تحت مسمى الاستثمار، فزادت نسب البطالة والجوع والفقر،
• تطور وسائل الاتصال وثورة المعلومات التي وفرت للشباب العربي فرصة الإطلاع على ثقافات أخرى وتبادل للمعلومات والحوار واللقاء والتفاهم بواسطة المواقع الاجتماعية للشبكة العنكبوتية حيث تجمعهم أمال وتطلعات للمستقبل مشتركة.
في مصر خلال حكم مبارك إزداد الفساد السياسي بشكل كبير، بسبب إزدياد النفوذ على النظام المؤسساتي الذي هو ضروري لتأمين الرئاسة لفترة طويلة. وقد أدى هذا الفساد إلى سجن شخصيات سياسية وناشطين شباب بدون محاكمة[، ووجود مراكز احتجاز خفية غير موثقة وغير قانونية. وعلى مستوى الشخصي، كان بإمكان أي فرد أو ضابط أن ينتهك خصوصية أي مواطن في منطقته بإعتقاله دون شرط بسبب قانون الطوارئ .
أحد شعارات ثورة 25 يناير " الثورة على التعذيب والفساد والبطالة":
أن أسباب الثورة في مصر تمثلت في الفساد والقهر الذي عانى منه المصريون لفترة طويلة.
ان الأثر الاقتصادي الايجابي للثورة المتمثل في فتح الباب أمام كشف الفساد ومحاسبة الفاسدين، يمكن إذا اكتمل أن يعيد لمصر الكثير من مالها العام المنهوب، وأن يمنع ويكافح الفساد الذي يستنزفها ويسحق حقوق شعبها.
فمصر التي تريد التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية أفرزت شبابا رائعا قادرا علي القيام بهذه المهمة،حيث عانى الشعب المصري ولزمن طويل مما يلي: - الاحتقانات المتراكمة بسبب القمع وكبت الحريات وتسلط الشرطة وتعسفها واستخدامها لأشكال التعذيب التي وصلت إلي حد القتل بدم بارد كما حدث في واقعة قتل الشهيد خالد سعيد؛
- تفاقم مشكلة البطالة التي تحرم ملايين الشباب، أو نحو 8.4 مليون عاطل من كسب عيشهم بكرامة وتحولهم إلي عالة علي أسرهم التي يقتسمون دخلها المحدود معها؛
- انتشار الفقر الذي يغطي بمظلته السوداء عشرات الملايين من أبناء مصر في ظل سوء توزيع الدخل بسبب قوانين الأجور والضرائب المتحيزة للرأسمالية الكبيرة علي حساب الشعب من العمال إلي المهنيين وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة ممن لا يملكون نفوذا سياسيا؛
- سيطرة رجال الأعمال الفاسدين على الرئيس وعلى النظام، وتمكن رجال الأعمال السيطرة على النظام السياسي الحاكم، بسبب طمع مبارك في إشراك جمال مبارك وتوريثه الحكم؛
- ضعف مبارك ومعاناته من الأمراض ما غير صفاته الشخصية تماماً، ووجدت جمال مبارك يسقط بين ثعالب رجال الأعمال وانتشار الفساد وأصبح ينخر في عظام الكيان الحكومي والإداري؛
- شجاعة الشباب المصري وكسر حاجز الخوف والإحباط. الأمر الذي دفع الملايين إلي المشاركة معه في الثورة.
إن الثورة الجديدة تحتاج إلى قرارات ثورية وسريعة لاجتثاث رؤوس الفساد والإفساد من تزاوج السلطة مع رأس المال، ولا يجب القول أن الشعب نجح في تطهير البلاد من الفساد الذى يتحكم فى كل شيء. ما زال الطريق طويلا أمام الشعب المصري ليقضي على الفساد المستشري في كافة أجهزة الدولة.
انخرطت تونس في برنامج الإصلاح الهيكلي المملى من قبل صندوق النقد الدولي منذ 25 سنة، وذلك باتخاذ إجراءات اقتصادية قاسية وخصخصة متوحشة وفاقدة للشفافية لقطاع عام انتشر فيه الفساد لدرجة كبيرة
الثورة في تونس ضد الفساد والقمع، والانغلاق السياسي ومنع حرية التعبير
ركزت احتجاجات الشباب وشعاراتهم المرفوعة، والتي تمحورت حول حرية التعبير، والقضاء على الاستبداد والقمع والحق في التشغيل والعدل في توزيع الثروات ورفع وصاية العائلات الفاسدة على الاقتصاد التونسي،
"لا للفساد" و"لا للظلم" و"لا للتزوير"
حيث أصبحت تونس تعاني مما يلي:
- بروز طبقة متنفذة على هامش أجهزة الدولة مكونة أساسا من أقارب الرئيس وزوجته والعائلات المصاهرة بالغت في الاستثراء السريع، من خلال ما سماه السفير الأمريكي في ما تسرب من وثائق ويكيلكس بممارسات عصابات المافيا
- حرمان تونس من أي مؤسسات وسيطة بين الدولة والمجتمع سوى أجهزة أمنية ضخمة وصلت إلى ما يزيد عن 150 ألف شرطي في بلد لا يتجاوز عدد سكانه الـ 10 ملايين.
- الاستيلاء على أملاك الناس وأراضيهم غصبا
- إجبار أصحاب الأعمال على الدخول في شراكات قسرية مقابل توفير الحماية،
- الاستيلاء على مؤسسات القطاع العام بأبخس الأثمان وبتمويل قروض مأخوذة من البنوك الوطنية في غياب كامل للشفافية.
الشباب في العراق يثور ضد الفساد الذي انتشر بشكل كبير بعد احتلال العراق
يقول عدد كبير من الخبراء ان رئاسة الجمهورية منذ احتلال العراق تسهم بشكل مباشر في حماية الفاسدين ،حيث ان الفساد لايزال مستمرا بنجاح ساحق، وليس أمام الشعب العراقي سوى ان يثور بوجه الفساد والفاسدين الذين دمروا البلاد وحولوا حياة الناس إلى جحيم في ظل الاحتلال الأمريكي الذي كان ولايزال غطاء جميع الفاسدين
قال رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي رحيم العكيلي عن أسباب الافساد :
- إن الوزراء العراقيين يفضلون التغطية علي الفساد في وزاراتهم علي مكافحته
- الزعماء السياسيين بالبلاد يفتقرون حتى الآن للإرادة اللازمة لمكافحة سرطان الفساد
- الحكومة العراقية فقدت 18 مليار دولار بسبب الفساد، وأن 31 من موظفي مفوضية النزاهة قتلوا بسبب عملهم،
- منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي للعام 2010 قد صنفت العراق كرابع أكثر دولة فساداً في العالم ، وقد ازداد عدد الموقوفين بدعاوى الفساد بشكل مطرد على مدى السنوات الماضية
- الفساد ازداد واتسع بعد سقوط نظام صدام حسين وذلك بسبب ضعف الدولة خلال فترات التحول والتغيير والى تعاقب الحكومات قصيرة الأمد
أن الفساد الفاحش في النظام الليبي والظروف الاقتصادية غير الملائمة للعمل، تعتبر العوامل الأساسية التي تسببت في الأزمة الراهنة بليبيا.
أن الثورة التي تحصل الآن في ليبيا هي بسبب ظهور جيل الشباب المثقف، نتيجة إطلاعهم على وسائل الإعلام المختلفة،
شعارات الثورة في ليبيا
عدالة حرية كرامة إنسانية
نحن أولاد عمر المختار ولدنا لنكون أحرار
لا مغبون ولا محروم ولا مظلوم بعد اليوم
لا سكوت بعد اليوم، لا فساد بعد اليوم
من أهم أسباب الفساد في ليبيا
- غياب الديمقراطية.. وهذا عامل مشترك بين أغلب البلدان العربية.. ففي غياب الديمقراطية الحقيقية استطاع معمر القذافي أن يدير شؤون البلاد والعباد، ونتج عن غياب الديمقراطية كل ما يمكن تصوّره من انتهاكات لحقوق المواطن الليبي الأساسية، بما في ذلك امتهان كرامته واستبعاده عن المشاركة السياسية الفعلية.. - أن معمر القذافي قد أمضى 42 عاما على سدة الزعامة في هذا البلد العربي, وهو بهذا، ليس أقدم حاكم عربي فقط، بل أقدم حاكم في العالم..لم يكن سهلا على المواطن الليبي البالغ من العمر 50 عاما مثلا، ان يقتنع برئيس فرض عليه التعايش معه منذ بداية تكوّن وعيه السياسي..
- انتقلت الخلافة عبر لُـعبة الدوائر، من إطار "مجلس قيادة الثورة" إلى إطار أضيَـق، هو دائرة "القذاذفة" ثم إلى دائرة أشدّ ضيقا هي أسرة معمر القذافي
- يتحكم أبناء عائلة القذافي على الولاية العامة للدولة الليبية مما يعتبر من أوضح صور الفساد المحمي بالأجهزة القمعية وبحصانة اكتسبها هؤلاء دون وجه حق ، مما أسس بالتالي لإمبراطورية الفساد الضخمة التي ترعرعت ونمت في رعاية هؤلاء الأنجال وتحت حماية الوالد ( القذافي )...
- إدراك الشعب الليبي بأن القذافي قد قطع شوطا طويلا على طريق توريث الحكم لأحد أبناءه (ربما سيف الإسلام)...
كيف ينتشر وينتعش الفساد؟
يوجد الفساد عندما يحاول شخص وضع مصالحه الخاصة فوق المصلحة العامة أو المثل العامة التي تعهد بخدمتها على نحو محرم أو غير مشروع، ويأتي على أشكال شتى، ويتراوح بين الأمور العادية والأعمال الكبيرة جدا، فهو يشمل سوء استخدام أدوات السياسات العامة وتنفيذ القوانين والعقود، وقد يكون في القطاع الخاص أو القطاع العام، وأصبح الفساد في بعض الدول مؤسسات منظمة .
وصف "صموئيل هينغتنتون" في كتابه عن "التطور السياسي" أن ثمة ظروفا وحالات ينتعش فيه الفساد الحكومي مثل النمو السريع والتحديث والتجديد الذي تتعرض له بعض الدول وذلك بسبب تغير القيم ومصادر الدخل والقوة والتوسع الحكومي، ويزيد الفساد أيضا في الدول التي تغلب فيها المصالح التجارية الأجنبية .
أن للفساد في الدول العربية أشكال كثيرة، فقد يكون فردياً أو مؤسسياً أو منتظماً، وقد يكون الفساد مؤقتاً أوفي مؤسسة معينة أو قطاع معين دون غيره . وأن أخطر هذه الأنواع هو الفساد المنتظم حين يتخلل الفساد المجتمع كاملاً ويصبح ظاهرة يعاني منها هذا المجتمع
ويصنف الفساد في الأنواع التالية:
الفساد السياسي: إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة كالرشوة، الابتزاز، المحسوبية، والاختلاس.
الفساد المالي: يتمثل بمجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها.
الفساد الإداري: يتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية، وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام خلال تأديته لمهام وظيفته الرسمية ضمن منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية.
ان الفساد في العالم العربي.. متمأسس ومتمكن حيث يتمتع بدرجة من المؤسسية والعبقرية في عمله ووسائله وحيله حتى يكاد يكون عصيا على محاولات مكافحته مهما كانت جادة وصادقة لقد ارتبطت حياة قطاع كبير من المجتمعات بالدخول السرية التي مصدرها الفساد، وأصبحت دخلا أساسيا تقوم عليه ترتيبات في الحياة لا يمكن الاستغناء عنها كالسكن والتعليم والعلاج أو أخرى إضافية كالسيارات الخاصة، وسيكون صعبا أو مستحيلا على هؤلاء إعادة ترتيب حياتهم والتزاماتهم على أساس دخولهم الشرعية الحقيقية، وهكذا فقد تشكلت دورة حياة ودخول وعلاقات اقتصادية واجتماعية قائمة على الفساد. في الدول الشمولية يكون الفساد عملية منظمة ، فقدرة الحكام على تحويل السلطة السياسية إلى ثروات تعطيهم أسبابا للتشبث بالحكم والوسائل التي تحفظ لهم بقائهم، فقضية الثروات بالنسبة لهم لا تعني فقط حياة فارهة والكثير من الأموال، ولكنها وسيلتهم لكسب الولائات واسكات المعارضين ومنح سلطات وقوة مطلقة لأجهزة الأمن وضمان ولاء رجال الأعمال كثرت التقارير التي تتحدث عن تفشي الفساد في الدول العربية وآخرها تقرير منظمة الشفافية الدولية لكن الحديث عن استشراء وتفشي الفساد في الكثير من الدول العربية لا يتوقف ، ومع ذلك فإن الفساد يتضخم ويتغول ويزداد الفاسدون تألقا وبريقا وعتوا وغرورا وفسادا في الأرض وطغيانا في الثروة والسلطة وتسلطا بينما يزداد الفقراء فقرا والضعفاء ضعفا وتتجه معظم الشعوب العربية إلى مستقبل مجهول وقد قدرت المنظمة العربية لمكافحة الفساد أن حجم الأموال التي نهبت وسرقت وبددت في العالم العربي خلال الخمسين عاما الماضية بأكثر من ألف مليار دولار وهو مبلغ يصعب تخيل ما يمكن أن يقوم به في تنمية الإنسان العربي.
ان مكافحة الفساد يتطلب توفير الإرادة السياسية الحقيقية، وتطبيق مبادئ النزاهة والشفافية والمحاسبة كوسائل لا غنى عنها لمكافحة الفساد. وتعزيز وسائل الرقابة والتدقيق والوقاية لتجنب أي ممارسات فاسدة، رغم القيود على المجتمع المدني العربي يساهم المجتمع المدني إلى حد كبير في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد ووضع مكافحة الفساد في العالم العربي على الاجندات الوطنية والعربية والعالمية رغم المعيقات القانونية والمضايقات الذي يتعرض علها وذلك وفقاً لدراسة صدرت حديثا عن مؤسسة الارشيف العربي. هذه الدراسة هي الاولى من نوعها في العالم العربي التي تناقش دور النشطاء المستقلين في البلدان العربية في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية. وبرغم الاجراءات التشديدية والتشريعات المانعة، الا ان المجتمع المدني العربي يشهد حيوية ملحوظة وتضاعفت اعداد جمعيات ومنظمات المجتمع المدني في العالم العربي في السنوات القليلة الماضية وازداد اعداد النشطاء في مجال الدفاع عن الحريات والديمقراطية . رغم أن هؤلاء النشطاء يستعملون الوسائل الحديثة من موبايل وانترنت وساتلايت للترويج لقضاياهم والقيام بنشاطاتهم الا ان السلطات ما زالت متوجسة على ما يبدو من السماح بظهور منظمات غير حكومية تعنى بالشأن السياسي وتقوم بدون تردد بمنع النشاطات وحجب المواقع الالكترونية لنشطاء المجتمع المدني
يؤثر الفساد على النواحي الاجتماعية في المجتمع حيث يؤدي إلى خلخلة القيم الأخلاقية والى الإحباط وانتشار اللامبالاة والسلبية بين أفراد المجتمع،. كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل والشعور بالظلم لدى الغالبية مما يؤدي إلى الاحتقان الاجتماعي وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع
حيث يقود الفساد إلى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية منها الفشل في جذب الاستثمارات الخارجية، وهروب رؤوس الأموال المحلية إلى خارج البلاد حيث ان الفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة تشكل شرطا أساسيا لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية على حد سواء، وهو ما يؤدي إلى ضعف عام في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والفقر.
كما يؤدي استفحال الفساد إلى هجرة الكفاءات الاقتصادية والشرية نظرا لغياب التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في أشغال المناصب العامة.
وفى هذا السياق، توجد علاقة وثيقة بين الفساد ومظاهر تعارض المصالح والمحسوبية والمحاباة والواسطة، التى تخلق جوا من عدم الثقة بسبب الاعتماد على الروابط الشخصية والعائلية بدلا من معايير الكفاءة والخبرة فى الترشح للوظائف العامة
إن الفساد يعيق التنمية ويؤثر على حقوق الإنسان ويزيد حجم البطالة والفقر وانتشار الجريمة وشعور المواطن بعدم العدالة ويشكل عقبة امام الاقتصاد الحر والحاكمية الرشيدة.
الدكتورة شذى ظافر الجندي دكتوراه في العلوم السياسية مكافحة الفساد والتنمية وحقوق الإنسان
#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليبيا تتعرض لخطر الانقسام، خطر الحرب الاهلية، وخطر التدخل ال
...
-
العنف! ..... إلى متى سيعاني شبابنا العربي
-
ثقافة الخوف، هل نحن أمام تغيير
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت لارتكا
...
-
الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال بحق قائد كتائب القسام محمد
...
-
حيثيات تاريخية لإصدار أمر اعتقال نتنياهو وجالانت لارتكاب جرا
...
-
وزيرة إسرائيلية تصف مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة ضد نتنيا
...
-
بن غفير يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية ردا على مذكرا
...
-
قيادي لدى حماس: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تؤكد أن العدال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ويوآ
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الجنائية الدولية: توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية ل
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|