|
الحقوق العمالية .. ومعوقات حركة التغيير الديمقراطي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 12:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بتاريخ 8 / 10 /2004 نشر موقع أخبار الشرق القسم الأول من مقال للأستاذ العزيز أنور البني تحت عنوان " معوقات الحركة نحو التغيير الديمقراطي " وحقوق الإنسان " . تناول فيه مشكوراً بخبرة القانوني والداعية لحقوق الإنسان تلك المعوقات ، وعرضها بإيجاز ووضوح ، بادئاً بالمواد الدستورية التي تشرعن الاستبداد ومن ثم تناول قانون الطوارئ رقم 51 لعام 1962 وقانون حماية الثورة رقم 6 لعام 1964 والمحاكم الاستثنائية والعسكرية والميدانية التي تشكل الآليات الأساسية للاستبداد . ثم تعرض لجملة قوانين صدرت تحقيقاً لهذا الاستبداد ، منها القانون 49 لعام 1981 القاضي بإعدام كل منتسب لجماعة الأخوان المسلمين وقانون العقوبات الاقتصادية .. وأدرج ضمن لائحة قوانين الاستبداد المنافية للديمقراطية وحقوق الانسان القانون رقم 49 لعام 1962 الذي ورد ذكره في المقال خطأ برقم 47 المتعلق بقضايا تسريح العمال .
وما يعنينا في هذا المقال هو ، تناول الأستاذ البني القانون 49 / 1962 المتعلق بقضايا تسريح العمال ضمن سياق المواد الد ستورية والقوانين المعوقة لحركة التغيير الديمقراطي وحقوق الإنسان ، كجزء من البنية القانونية لنظام الاستبداد ، وكذلك التعريف الذي قدم به الأستاذ البني القانون المذكور للقارئ . إذ جاء بالمقال عن لجان قضايا التسريح ما يلي حرفياً " وهي لجنة ا ستثنائية مشكلة للبت بقضايا علاقات العمل لدى القطاع الخاص وتسريحهم ويرأ سها قاضي وبقية الأعضاء موظفون خاضعون للتسلسل الوظيفي والسلطة التنفيذية وغير مستقلين إضافة إلى ممثل عن نقابات العمال . ولاتتبع هذه اللجنة الأصول والقواعد القانونية العامة ، بل تحاكم حسب أصول خاصة نص عليها المرسوم47 1962 ، الذي يعطي ميزات خاصة للعامل بمواجهة أرباب العمل " . مع العلم ، ولاشك أن الأستاذ البني يعلم ، أن القانون المذكور قد صدر في عهد ما سمي ب " الإنفصال " . أي أن ممثلي أرباب العمل ، البورجوازية الحاكمة في ذاك العهد ، هم الذين أصدروه ، وذلك في محاولة منهم لتغطية عملية إلغاء قرارات التأميم وا ستعادة معاملهم بالقوة من جهة ، ولوضع حد لعمليات التسريح التعسفي الكيدية للعمال جماعات وفرادا ، التي قام بها أرباب العمل آنذاك من جهة أخرى . وقد اعتبر هذا القانون أحد المكتسبات التشريعية العمالية في ذلك الحين ، وسد ثغرة كانت موجودة في قانون العمل رقم 91 / 1959 ، التي كانت تتيح تسريح العمال تعسفياً ، وتخضع العمال للإجراءات القضائية التي تمتد سنوات وسنوات حتى يصل العامل المسرح إلى نصف أو ربع حقه . وقد جاء هذا القانون ليس لإلغاء حق أرباب العمل بتسريح عمالهم المخالفين لأوامرهم المتعلقة بواجبات العمل ، أو المخالفين للقانون المحددة بعشرة أ سباب بالتمام والكمال ، بل لإلغاء التعسف باستخدام هذا الحق . وأشرك ممثلاً عنهم في اللجنة مقابل ممثل العمال - وهذا قد سهى عن هذا الأستاذ البني - فضلاً عن وضعه قاضي على رأس اللجنة يوجه عمل اللجنة وإجراءات سير القضيايا حسب القوانين العادية المرعية بما فيها أصول المحاكمات والبينات
وبالمناسبة فإن التشريعات العمالية السورية لاتتضمن لجان قضايا التسريح فحسب ، بل تتضمن لجاناً أخرى يتم تشكيلها من مندوبين عن دوائر حكومية مختصة من مديرية الصناعة والإقتصاد والعمل إضافة إلى ممثلين عن العمال وأرباب العمل مثل لجان تحديد الأجور ولجان التحكيم في خلافات العمل الجماعية ولها بعد ا ستكمال إجراءاتها صفة القرارات القضائية . فأين التنافي في ا ستخدام القانون 49 / 1962 الذي يحمي العمال من التسريح التعسفي حصراً مع حقوق الإنسان .. أليس للعمال نصيب بحقوق الإنسان .. ؟ وأين هذا القانون من معوقات الحركة نحو التغيير الديمقراطي .. أليس العمال معنيين بالتغيير الديمقراطي و حمالو قضية وأصحاب حق فيه ؟
وأخيراً ، وقد كان هذا ينبغي أن يكون أولاً ، إن معوقات الحركة نحو التغيير الديمقراطي وحقوق الإنسان ليست هي كل ما ذكره الأستاذ البني ، مع تحفظنا على ما يتعلق بالقانون 49 / 1962 ، بل يضاف إليها وبقدر عال من الأهمية ، هي محدودية المفاهيم والتوجهات التي تستخدمها النخب السياسية والثقافية والحقوقية في حراكها الديمقراطي التي أدت إلى ضعف هذه الحركة ، وفي مقدمتها عدم التعاطي مع البعد الإجتماعي والبنى الوطنية الداخلية . والمقصود هنا عدم الإلتفات إلى النسيج الوطني السوري وتفرعاته القومية ، وخاصة ما يتعلق بالمسألة الكردية ، وقضية الأكراد المحرومين من حق الجنسية ، ووضع إلغاء المرسوم 93 / 1962 المتعلق بالحزام الشوفيني الأسود ، وليس الأخضر كما يسمى ، ووضع صيغة ديمقراطية مع الأحزاب الكردية لتمتع الأكراد السوريين بحقوقهم المشروعة . وعدم التوجه إلى القوى الشعبية ودرا سة أحوالها وتطلعاتها ، والعمل معها لبرمجة مطالبها ضمن أولويات التغيير الديمقراطي .
ونعود إلى القانون 49 / 1962 . إن عدد العمال المشمولين بهذا القانون يتجاوز الثلاتة ملايين .. فهل من مصلحة التغيير الديمقراطي أن تصدم الطبقة العاملة في القطاعين العام والخاص البالغ عددها أكثر من أربعة ملايين .. تارة بطرح خصخصة القطاع العام أو تأجيره .. وتارة أخرى بتجريدهم من مكتسباتهم التشريعية ؟
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسام حرية على صدر الحوار المتمدن
-
الصفقـة الخاسرة .. السؤال الملح الآن
-
عن اليسار والقوى العلمانية والديمقراطية
-
ثلاثون عاماً على النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي 2
-
ثلاثون عاماً على النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي
-
متى ترفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سورية
-
إلى عاشق الحرية والحب والفرح .. عماد شيحا
-
انتصار ميسلون
-
مابين الأمير .. والجلاد .. والضحية
-
الإصلاح في سورية .. والخيارات المفتوحـة
-
نحو نهوض كفاحي ضد عالم الاستغلال والقهر
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|