أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جريدة الغد - حل مشكلة الطاقة هو التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي والعشرين!! الحلول الحالية ستنهي البشرية الى مأساة!!















المزيد.....


حل مشكلة الطاقة هو التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي والعشرين!! الحلول الحالية ستنهي البشرية الى مأساة!!


جريدة الغد

الحوار المتمدن-العدد: 983 - 2004 / 10 / 11 - 08:32
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


الحلقة 6
ثالثاً: ظاهرة النينو El Nino واللانينا La Nina

في الثمانينات، وخصوصاً في التسعينات من القرن الماضي، بدأ الكل يتكلم عن هذه الظاهرة، واصبحت حديث الصفحات الاولى والمقالات الرئيسية للجرائد والمجلات الاعتيادية، بالاضافة الى المجلات العلمية. علاوة على ذلك اصبح الموضوع حديث السياسيين ورجل الشارع الجاد والهازل، ومناقشات البرلمانات او الندوات العلمية والثقافية وغيرها. وكان الامر متعلقاً بالعواصف الهوجاء والاعاصير المدمرة والامطار الغزيرة في مكانات مختلفة من العالم من العالم، مع جفاف وحرائق في مناطق أخرى، وكأن هذه الظاهرة، والتي كانت تسمى النينا، هي امر جديد لم يحدث سابقاً، اذ لم يسمع بها الناس العاديون سابقاً. وحدث النينو العنيف في سنة 1982 - 1983، وكانت نتائجه مدمرة للبشر والممتلكات وادى الى افلاس عدد من شركات التأمين بسبب طلبات التعويضات للاضرار التي وصلت الى (8) مليارات دولار، وهذا الامر اصبح المحرك لاهتمام الناس. إن الدول والشعوب المشمولة بهذه الظاهرة هي الدول المطلة على المحيط الهادي والهندي وخصوصاً في المناطق القريبة من خط الاستواء، بالاضافة الى التأثيرات الكبيرة على الجو بالنسبة للعواصف والامطار الموسمية والجفاف التي شملت مناطق أخرى بعيدة عن مركز الحدث. وتدخلت الجمعيات العلمية القديمة والجديدة والدول المعنية في دراسة هذا الامر لفهم الظاهرة ومحاولة الوصول الى توقعات حدوثها وحجمها، تجنباً او تخفيفاً للاضرارفي حالة حدوثها مجدداً.
لقد ظهر من دراسة الوثائق التأريخية والعلمية، إن هذه الظاهرة قديمة جداً، ومعقدة جداً، ولم يستطع احد ان يتوصل الى دراسات مفهومة ومرضية، نوعاً ما، الاّ في اواخر الثمانينات واوائل التسعينات. لقد وضح أن هذه الظاهرة هي حقيقة طبيعية تتم بصورة دورية ومنذ الاف السنين. إن حوادث النينو، وبالرغم من انها دورية، ولكن لاتحدث بصورة منتظمة، فهي تحدث في فترات تصل بين (2 - 7) سنوات، ومعدل حدوثها يكون اعتيادياً بين (3 - 4) سنوات، والحدث يدوم بين (12 - 18) شهر، وإن قوة الحدث، وبالتالي تأثيراته على النطاق المناخي العالمي، تختلف بين مرة وأخرى.
نبدأ هذا الموجز المبسط للظاهرة الكونية بالشكل المرقم (6) والذي يمثل سنوات حدث النينو ومنذ سنة (1550) م، مع تبيان قوة الحدث. علماً وكما سنرى أن الظاهرة طبيعية وتتعلق بالظروف المناخية على الارض.
هناك سجلات تاريخية، وبعد مراجعتها مؤخراً توصل العلماء أن في سنة (1567) م حدثت ظاهرة النينو. لم يربط الحدث التأريخي، في حينه بين قلةّ الاسماك، او الجفاف، او الامطار الغزيرة والتي كانت تتلف الزرع نتيجة الفيضانات. اذ لاحظ هذه الظاهرة الملاحون وصيادوا الاسماك على شواطيء بيرو، (وهي دولة تقع على المحيط الهادي على الساحل الغربي لامريكا الجنوبية ويمر خط عرض “10" جنوب خط الاستواء في منتصفها). ففي الظروف الاعتيادية كان الصيادون في بيرو والاكوادور يستخدمون القوارب الصغيرة لصيد الاسماك على السواحل الغربية لامريكا الجنوبية، حيث السمك وفير والمياه باردة، واتجاه التيارات المائية من الجنوب الى الشمال. ولكن في سنوات محددة ودورية، وبصورة غير منتظمة (بين 2 - 7 سنوات)، فإن المياه تصبح دافئة واتجاه التيارات المائية يكون معاكساً، ويقل السمك الى درجة كبيرة ويكون الموسم غير مجدي. عندما تحدث هذه الظاهرة، فإن قمتها تكون في موسم عطلة الكرسمس، ولذا فإن الصيادين اطلقوا على هذه الظاهرة El Nino، والتي تعني”الطفل الصغير” باللغة الاسبانية، تيمناً باسم السيد المسيح.
الى حد اواخر القرن التاسع عشر، لم يكون العلماء يعتقدون بوجود علاقة بين هذه الظاهرة والمناخ، ولو ان علماء امريكا الجنوبية حاولوا تسجيل تأثيرات هذه الظاهرة في العشرينات من القرن الماضي. وأول من اشار اليها وحاول وصفها موقعياً في دولة البيرو، في سنة 1891، هو رئيس جمعية “ليما” الجغرافية، فلقد تكلم عن هذه الدورة وقال انه لا نعرف سببها. وعندما عُيّن الخبير الانكليزي جلبرت ووكر لدراسة الامطار الموسمية في الهند، وسبب التقلبات التي تحدث فيها، خصوصاً عندما حدث جفاف ومجاعة في سنة (1899) بسبب انقطاع الامطار، بدأ التفكير لاول مرة على النطاق العالمي وليس المحلي لهذه الظاهرة. اذ بعد ان اطلع ووكر على معلومات المناخ في معظم انحاء العالم، لاحظ وجود نوع من التناسق لتساقط الامطار في امريكا الجنوبية يصاحبها تبدلات في درجات حرارة المحيط. كما لاحظ وجود علاقة بين قياسات الضغط بين محطات الجانب الشرقي والجانب الغربي للمحيط الهادىء، حيث عندما يرتفع الضغط في شرق المحيط، ينخفض في غربه، والعكس بالعكس. واستخدم تعبير “التأرجح الجنوبي Southern Oscillation، والذي لا يزال يستخدم لحد الآن كجزء من الظاهرة. كما لاحظ وجود علاقة بين الامطار الموسمية في الهند ودفىء الجو في شتاء كندا!!. وعندما اعلن الملاحظة الاخيرة، اثار ضجة من الانتقادات العلنية، على اساس لا توجد امكانية علمية لربط المناخ على هذه الرقعة الجغرافية الواسعة. واعترف ووكر بأنه لا يستطيع أن يثبت نظريته او تفسيرها، ولكن اضاف أنه يتبنأ إن ما يؤثر على المناخ في هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة هو طريقة تحرك الرياح فوق سطح الارض، والتي لم تكن تُسجل او تُراقب بصورة روتينية في ذلك الوقت، وفي حالة ادخالها في المعادلة سنجد الحل . وما قاله صحيح، ولكن اُثبت ذلك بعد ما يزيد عن الخمسين سنة من قوله، وذلك عندما استطاع عالم المناخ جاكوب جيركنيز Bjerknes النرويجي الاصل والذي استطاع أن يصنع الصورة كاملة في الستينيات من القرن الماضي في جامعة كاليفورنيا. وكان اول من لاحظ العلاقة بين دفئ درجات سطح البحر والرياح الشرقية الخفيفة وسقوط الامطار الغزيرة. وبالنتيجة توصل أن المياه الدافئة للنينو في شرق المحيط الهادي (مثال البيرو والاكوادور)، وتأرجح الضغط (التأرجح الجنوبي الذي لاحظة ووكر)، هو ظاهرة واحدة وسماها ENSO (انسو)، وهو من Southerm Oscillation “SO وEl Nino EN. وتستعمل كلمة “انسو” حالياً بدلاً من النينو. ولكن رغم هذه التقدم لم يستطع أن يُعطى شروحاً رياضية اكثر لنظريتة، وتم ذلك في العقدين الاخيرين من القرن الماضي. اذ تمت دراسات واسعة حول هذه الظاهرة، ولقد ساعد اختراع الكومبيوتر السريع في اختصار الكثير من العمليات الرياضية بسبب التداخل الكبير بين العوامل والمؤشرات المختلفة التي تؤثر على المناخ والتي يصعب حلها بالرياضيات الاعتيادية. ورغم ذلك، ففي سنة (1982-1983) حدث النينو العظيم التي اُعتبر اعنف الكوارث الطبيعية التي واجهت العلماء في القرن العشرين، حيث اُخذوا على حين غرّة، ولم يعرفوا أن هذا الحدث هو ظاهرة النينو الاّ بعد شهور من تطوره، لأنه اختلف عن النينو الذي تم في العقود الثلاثة السابقة، حيث لم يسبقه فترة من الرياح الشرقية على خط الاستواء اقوى من الاعتيادية، كما انه بدأ في فترة لاحقة من السنة مقارنة بحوادث النينو السابقة, لقد تم تشخيصه بعد مرور نصف الوقت، ولكن تأثيراته كانت كبيرة ولوحظت في مختلف بقاع العالم. حيث مرت الولايات المتحدة بجو غير اعتيادي في سنه 1983 من امطار وعواصف وفياضانات، ومرت استراليا بجفاف كبير وحرائق غابات على نطاق واسع، وكانت من اسوأ سنين الجفاف في هذه المناطق، كما أن الامطار الموسمية كانت قليلة في المحيط الهندي. قُدّرت قيمة الدمار الذي حدث بين (8-13) مليار دولار، ومقتل حوالي (2000) شخص.
حدث بعد ذلك نينو 1986-1987 وكان اقل قوة من السابق، ولكن نينو (1990-1995)، وكان اطول فترة للنينو منذ (130) سنة, في سنه (1988-1989)، حدث “لانينا”، والذي يحدث مباشرة بعد انتهاء حالات النينو ولكن ليس بعد جميع هذه الحالات، واللانينا La Nina تعني بالاسبانية “البنت الصغيرة” وهي تقريباً عملية ذات نتائج معاكسة للنينو وتؤدي الى برودة سطح المحيط في السواحل الشرقية للمحيط الهادي بدلاً من تدفئته.

ولكن كيف تحدث ظاهرة النينو؟
قبل توضيح كيفية حدوث الظاهرة يرجى ملاحظة الشكل (7):
هنا يجب أن نوضح إن هذه الاحداث المناخية تقع اصلاً في المحيط الهادي (ثم تمدد الى المحيط الهندي) وعلى جانبي خط الاستواء، ولذا فإن الشرق هو سواحل امريكا الجنوبية الغربية والسواحل الغربية لاميركا الوسطى، وإن الغرب يعني اندنوسيا او استراليا والهند, ولقد تم في الشكل اعلاه، اختيار خط الطول (80 غرب)، اي غرب كرينج في انكلترا، قرب الايكوادور وبيرو، وهو يقع في الشرق بالنسبة للمحيط الهادي. وكذلك خط الطول (120 شرق)، اي شرق كرينج، وهو الذي يمر قرب اندنوسيا واستراليا، وهنا يمثل الغرب بالنسبة للمحيط الهادئ.
في الظروف الاعتيادية (اي بدون النينو- الشكل 7أ)، فإن الرياح التجارية وتسمى الرياح الشرقية (اي من الشرق الى الغرب)، وتسير فوق المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ. وهذه الرياح تدفع وتجمع المياة السطحية الدافئة للمحيط، في المنطقة الاستوائية، نحو غرب الباسفيك، وبهذا يكون مستوى الماء اعلى في اندنوسيا منه في الايكوادور بحوالي نصف متر, وتكون درجة حرارة ماء المحيط في الغرب (اي قرب اندنوسيا)، حوالي (8ْم) اعلى من درجة حرارة المحيط الاعتيادية. بنفس الوقت ترتفع تيارات الماء البارد من مستويات اكثر عمقاً في المحيط الهادي في المنطقة الشرقية، وهذا الماء يكون بارداً لأنه يأتي من مناطق منخفضة من المحيط، وهو ايضاً يحوي على مواد غذائية غنية، ويكون مجالاً جيداً لمعيشة الاسماك والحياة البحرية في الطبقات الاعلى من المحيط، وبهذا تنتعش اعمال صيد الاسماك والحيوانات البحرية. كذلك تتبخر مياه اكثر في غرب المحيط بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لتتكثف في طبقات الهواء العليا ويكون موسم الامطار الموسمية جيد والامطار غزيرة. اما شرق الباسفيك فإن الامطار تكون قليلة بسبب التبخر القليل لأن ماء المحيط بارد. إن الشكل (7أ) يرينا اختلاف في مستوى سطح المحيط (وهنا فرق المستوى مكبّر)، فهو اعلى في الطبقات العليا من المحيط في الغرب، ويّكون تيار ماء دافيء يسير من الشرق من الغرب، وبنفس الوقت نرى المستوى الادنى من المحيط، وهو المنطقة الباردة، اعلى في المنطقة الشرقية نتيجة صعود المياه الباردة الى الى السطح، وبهذا يهبط مستوى المياه الباردة كلما اتجهنا غرباً وعملياً يتكون تيار من المياه الباردة في الطبقات السفلى يتجه من الغرب الى الشرق حيث تصعد هذه المياه الى الاعلى في المناطق الشرقية من المحيط (قرب الايكوادوروبيرو) حاملة معها المواد الغذائية الموجودة في اسفل المحيط، والتي تكون غذاءاً ثميناً للاسماك في مناطق الصيد السطحية.

* * *
اما في اثناء فترة وظروف حدوث النينو (الشكل 7 ب)، فإن الرياح التجارية الشرقية تتضاءل او في بعض الاحيان، وفي خط الاستواء من المحيط الهادىء، تسير في اتجاه معاكس بحيث تتجه من الغرب الى الشرق. هذه الرياح تسير فوق سطح المحيط وتوصل المياه الدافئة، بسبب الشمس الاستوائية، الى الساحل الغربي من امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية. وطبعاً فإن الامطار تسير مع المياه الدافئة المتجهة شرقاً، وتسبب فيضانات في البيرو مع جفاف، جزئي او كلي، في اندنوسيا واستراليا. إن المؤشر الاساسي لحدوث النينو هو، اعتيادياً، ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية للمحيط على جانبي خط الاستواء في وسط شرق المحيط الهادىء. إن الحالة النمطية لحدوث النينو، هو إن دفىء المحيط يبدأ في ربيع او صيف نصف الكرة الارضية الشمالي، ويزداد الدفىء ليصل الذروة في نهاية السنة، وينتهي اعتيادياً في الصيف اللاحق.
بالواقع إن الامر ليس بهذه البساطة، اذ لو كان الامر يقف عند هذا الحد، فهذا يعني أن النينو (او الانسو)، سيؤثر فقط على مناطق المحيط الهادىء الاستوائية. ولكن يجب أن نلاحظ أن تبدل حرارة البحر سيؤثر على الجو، اذ أن الهواء الحار والرطب فوق المحيطات سيؤدي الى توليد عواصف رعدية استوائية. وكما تسير مياه الباسفيك الدافئة نحو الشرق، فإن اكبر العواصف الرعدية تسير معها. هذه العواصف الرعدية تبدأ بضخ الهواء الحار والرطوبة الى الهواء العالي في ارتفاعات تتجاوز الـ (15) كيلو متر. وهذا بدوره، يؤثر على التيارات الهوائية النفاثة في الاجواء العالية. إن النينو يبدل مواقع هذه التيارات الهوائية النفاثة بصورة جذرية، ويؤدي الى جو غير طبيعي في جميع انحاء العالم، وبهذا لايكون تأثير النينو على مناخ امريكا الشمالية والجنوبية فحسب، وانما يشمل مناطق بعيدة مثل افريقيا او المنطقة القطبية.
ومن الجهة الأخرى فإن اللانينا، تتميز ببرودة مياه المحيط في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادي (بدلاً من دفئها في حالة النينو) وهذا يؤدي الى تأثيرات في المناخ تعاكس حالة النينو. إن حالة النينا القوية التي حدثت في كانون اول 1998، حيث كان المحيط الباسفيكي الشرقي ابرد جداً من البرودة الاعتيادية (والتي اشرنا اليها اعلاه في الشكل 7أ)، بحيث يتحرك الماء السطحي البارد الى مسافات ابعد نحو الغرب.
لغرض الوصول الى امكانية التنبؤ بهذه الاحداث، فلقد تم اتخاذ اجراءات لمراقبة درجات حرارة المحيط والضغط واتجاه الرياح وغيرها من العوامل المؤثرة، ومن خلال الاقمار الصناعية،او طوافات مثبتة بالمحيط او طوافات متحركة، تبث يومياً المعلومات المطلوبة الى مراكز البحوث المختلفة، ومنها سفن بحوث خاصة.
يجب أن نؤكد هنا، بأن النينو والنينا، هما احدى العوامل المؤثرة في المناخ وخصوصاً في مناطق خطوط العرض العالية فوق خط الاستواء، وهذه العوامل تظهر بصورة واضحة في الشتاء. ففي سنوات النينو، فإن درجات الحرارة تكون في الولايات الشمالية والوسطى من الولايات المتحدة ادفىء، اعتيادياً، من الظروف الطبيعية الاعتيادية، وتكون ابرد في الولايات الجنوبية. اما في سنوات النينا فإن الامور تنعكس.
إن تأثيرات النينو والنينا هائلة على نطاق العالم وذلك فيما يتعلق بالامطار والفيضانات والاعاصير والجفاف، وحركة الاسماك والحيوانات الأخرى، واشعال الحرائق، والجوع والتشرد والرخاء. ولكن هناك عوامل اخرى كثيرة جداً تدخل في هذه الامور، تؤثر عليها سلباً او ايجاباً، ودراسة هذه العوامل تزيد جداً من معرفة المناخ او السيطرة عليه او توجيهه لخدمة البشر. والعلماء يسيرون بخطى حثيثة لمعرفة هذه الاسرار، وما يحتاجونه هو دعم الحكومات وخصوصاً الغنية لمعرفة هذه الاسرار. ولكن هناك تناقض في المصالح، كما وأن الحكومات الغنية وخصوصاً الولايات المتحدة لها اجندات واولويات اخرى تجعل عمل العلماء محدود واحياناً في تناقض مصالح بعض فئات في هذه الدول.
وللتعرف اكثر عن هذه الظواهر فهناك مواقع علمية مهمة على الانترنيت، يمكن الدخول اليها لمعرفة تفاصيل كثيرة، اذ ما مذكور اعلاه هو فقط لاعطاء صورة للظواهر الطبيعية لاغراض بحثنا هذا. وإن معلوماتنا المذكورة اعلاه من هذه المواقع. وسنذكر ادناه قسم من هذه المواقع للمعاهد والجمعيات العلمية الحكومية بالاساس، وايضاً لمعاهد بتمويل خاص وحكومي. ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- ENN Enviromental News Network
- NOAA National Oceanic and Atmospheric Administrations Climate Prediction Center
- TAO Tropical Atmospheric Ocean project
وهناك عدد كبير آخر من المعاهد الوطنية لمعظم الدول التي لها علاقة بهذه الظواهر.

رابعاً: تبدلات المناخ في العصور الجيولوجية السابقة: انقراض الدينوصورات.

يلاحظ القارىء بأنني تكلمت عن تأثير الظواهر الطبيعية (اي الخارجة عن ارادة الانسان)، في المناخ في العصور الحديثة جداً، وبحدود الخمسة الاف سنة الماضية، وركّزت على الظواهر المستمرة لحد الآن. اما ما قبل ذلك وخصوصاً ما قبل انتهاء العصري الجليدي الاخير (قبل 11500 سنة)، فلم اتطرق لها، لانها امور نادرة الوقوع في عمر الانسانية المنظور، وهي جزء من التاريخ الجيولوجي للارض ومن اهتمام العلماء والمختصين، كذلك من اهتمام كتاب روايات الخيال العلمي. كانت غايتنا بالاساس من كتابة هذا القسم من الدراسة، وبالرغم من احتمال اعتبارها من قسم من القراء بأنها خارج صدد الدراسة، ولكن اردت زيادة معلومات القارىء بأن الطبيعة لوحدها تسبب مشاكل جمة للبشرية وتحديات كبيرة يجب فهمها وحلها، وسيكون من المؤسف والامر القاتل أن تزيد البشرية - نفسها - من هذه المشاكل، نتيجة جهل في البداية ونتيجة جشع في الوقت الحاضر. ولعل من المفيد ولزيادة المعلومات، ولعلاقتها بالموضوع، بانهاء هذا القسم، بأن اتكلم عن مثل واحد عن المآسي التي حدثت في العصور الجيولوجية القديمة جداً والتي ادت الى ابادة للحياة. اذ يقدر العلماء أن 99% من الانواع التي عاشت على الارض قد تم انقراضها، منها 95% لم تتعرض بسبب حدث طبيعي فاجعي كبيراً اوبسبب تبدل مناخي جذري مريع، وانما بسبب تبدلات مناخية معتدلة نسبياً، او نقص في الغذاء، او المنافسة على مناطق الغذاء وغيرها من الامور التي تحتاج الى التأقلم والمرونة. من اهم الانواع التي انقرضت هي الداينوصورات والتي سادت الارض في فترة من الزمان.
إن انقراض الداينوصورات لايزال امراً محيراً جداً للعلماء المختصين. ولقد تطورت النظريات، ولاسيما في الثلاثين سنة الماضية، حول هذا الموضوع المحير، لترابطه الواضح مع مشكلة الانحباس الحراري والبيوت الزجاجية، وهي المشكلة التي تشغل العالم الآن. هناك عدة نظريات لانقراض الداينوصورات، اهمها نظريتان. إن كلا النظريتين تعتمدان على الحدث المسمى: الحدود بين العصرين الجيولوجيين الطباشري والثالث: The K - T Boundary “Cretaceous - Tertiary”
اذ إن K تأتي من الكلمة اليونانية Kerta “الطباشير”، والموجودة بكثرة في العصر الطباشيري، اما T فتأتي من الكلمة Tertiary العصر الثالث، الاحدث من الطباشيري. لقد حدث هذا الامر قبل (65) مليون سنة، والذي ادى الى ابادة جماعية للحياة على الارض والبحر، حيث يقدر العلماء أن نصف الاحياء قد ماتوا، بضمنهم الداينوصورات، وكثير من انواع السمك والاسفنج والقشريات وغيرها، وإن بهذا الحادث انتهى عصر “الزواحف”، وبدأ عصر “الثديات”.
النظرية الاولى التي قدّمها ديوي ماكلين، وهي استمرار لبحثه الذي حصل فيه على شهادة الدكتوراه من جامعة ستانفورد، في امريكا في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، واستمر على تطويرها لمدة تقارب العشر سنوات، ونشر اول بحث لتأكيدها في سنة 1978، وثم استمر بنشر بحوث جديدة، حتى بعد ظهور النظرية الثانية التي نُشرت في 1980 .
إن ماكلين الان يشغل منصب بروفسور الجيولوجي في معهد فرجينيا للبوليتكنيك في امريكا. لقد اعتمدت على تلخيص نظريته من موقعه على الانترنيت، ولمقالة قام بنشرها في سنة 1995، اوجز بها نظريته. تعتمد هذه النظرية على أن سبب الحدث قبل (65) مليون سنة، وهو التفجيرات البركانية العنيفة التي حدثت في الهند، فيما يسمى حدث “ديكان ترابس البركانية، Deccan Traps Volcanism، او “المصطبات البركانية الجنوبية”. اذ أن كلمة Deccan اتت من الكلمة Dakhan “الجنوب”، وكلمة Traps من الكلمة السويدية Trapp “مدرجات او مصطبات” وإن هذا الحدث يُعتبر احد اعنف الحوادث البركانية التي حدثت في تأريخ الارض. نتيجة الحدث هو حدوث شكل من ظاهرة “البيوت الزجاجية” على نطاق واسع كبير وشمل غالبية سطح الارض حيث غطّت الحمم البركانية اكثر من (2.6) مليون كيلو متر مربع، وتكونّت طبقات، “مصطبات” من الحمم البركانية البازالتية، ونراها اليوم، وبعد مرور (65) مليون سنة من التآكل، وبسمك يقارب (800) متر، وبمساحة تعادل نصف مليون متر مربع، في غرب الهند قرب مومباي. علماً أن الهند في الوقت الذي حدثت فيه الانفجارات البركانية، في اواخر العصر الطباشيري، كانت جزيرة هائمة نحو الشمال لتتصل بآسيا. في خلال هذه الانفجارات، وما انتجته من سلسلة انفجارات بركانية في مناطق أخرى، حدث تبدل مفاجىء وكبير جداً في دورة الكاربون (وثاني اوكسيد الكاربون CO2)في الطبيعة. اذ اطلق الانفجار كميات هائلة وبسرعة من الـ CO2، بحيث لم يستطع النظام “المستقر” في ذلك الوقت، لتوازن الـCO2 بين اشعة الشمس والارض والجو المحيط بها، من أن يستوعب هذه الكميات الهائلة من الـ CO2، والذي ادى الى تغير في الحياة، استطاعت بعض انواع الحياة أن تتلائم مع مرور الوقت، اما القسم الآخر، ومنها الداينوصورات، لم تستطع أن تتأقلم وبالتالي انقرضت.
إن الـ CO2 المنطلق الى الجو صاحبه كميات هائلة من بخار الماء، وكليهما سببّا انحباساً حرارياً ادى الى هذه المشكلة الحياتية. اما في البحر، فإن الامر كان اصعب، اذ بالاضافة الى الكميات الهائلة من الـ CO2 المذابة والتي ادت الى الاخلال بتوازن الاوكسجين المذاب، فإن حامضية ماء البحر قد تبدلت وادت الى النتيجة البيولوجية في انقراض الكثير من الانواع. ويلاحظ إن انواع الحياة البدائية في البحر، والتي انتجت اصلاً الطبقة الطباشيرية (في العصر الطباشيري) قد تأثرت جداً بهذه الظروف وانقرضت، وهو احد الاسباب التي جعلت الغازات البركانية المستمرة في الانطلاق الى الجو تحوي كميات هائلة من الـ CO2.
ولكي يزيد ماكلين من البراهين على صحة نظريته، فإنه يقول بأن اكبر عملية انقراض للحياة في تأريخ الارض حدثت قبل (250) مليون سنة وفي ظروف بركانية متشابهة، اذ يتطابق تأريخ هذا الانقراض مع براكين مصطبات سيبريا Siberian Traps في سيبريا، حيث يوجد احد اكبر فيضانات الحمم البركانية البازالتية في تأريخ الارض. ويقدر العلماء ان هذا الحادث (قبل 245 مليون سنة)، ادى الى انقراض 50% من جميع عوائل الحيوانات، وإن 95% من الانواع المائية، والكثير من انواع الاشجار قد ماتت. يستمر ماكلين ليقول حول تأثير الانحباس الحراري في نهاية العصر الجليدي الاخير،(قبل 11500سنة)، بوجود حالة انقراض حالية لبعض الثديات بسبب ظاهرة “البيوت الزجاجية”، اذ هناك انواع كثيرة من الثديات قد وصلت الحدود العليا لمستواها الحراري، وسنتطرق الى هذا الموضوع لاحقاً.

* * *
أما النظرية الثانية....
البقية لاحقا



#جريدة_الغد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيو يورك تايمس تتنبأ بـ “كرنسكي عراقي”!! نريد انتخابات لتحري ...
- لومومبا شهيد الحرية وضحية الذهب والالماس
- الحصاد الأخير: أقوال لا تحتاج الى تعليق!!
- لا تنس ايها العراقي رفيق نضالك من الثلاثينات من القرن الماضي ...
- ماذا قال الامريكان قبل واثناء احتلالهم العراق،
- ; الحصاد الأخيرأقوال لا تحتاج الى تعليق
- حل مشكلة الطاقة هو التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي وال ...
- موقف مخجل إتجاه المتقاعدين لقد باع المتقاعدون في زمن صدام جم ...
- الزواج في زمن “التحرير - الاحتلال” الاميركي !!. او “كبد الحق ...
- الفيدرالية في جنوب العراق هي “مشروع انفصالي”، ويعني السير با ...
- العراق وايران والارهاب...والضجة الحالية!!لماذا هذه الحملة ال ...
- !!حل مشكلة الطاقة هو التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي و ...
- !! اسرائيل دولة فوق القانون والخطر النووي الأسرائيلي
- لماذا جعلت سياسة بوش امريكا معزولة حتى عن العالم الغربي؟
- !!العراق وتموز
- !!حل مشكلة الطاقة هي التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي و ...
- أقوال لا تحتاج الى تعليق!!
- الآن... عرف نبيه الحكمة من عدم زواجه!!
- هل نحن على ابواب “قادسية بوش” حفظه الله ورعاه
- سلام على مثقل بالحديد ويشمخ كالقائد الظافر


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جريدة الغد - حل مشكلة الطاقة هو التحدي الاكبر للبشرية في القرن الحادي والعشرين!! الحلول الحالية ستنهي البشرية الى مأساة!!