أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - نفسية المسؤول














المزيد.....

نفسية المسؤول


حسن الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 3289 - 2011 / 2 / 26 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إبعاد التشريعات التي فيها منفعة لعامة المواطنين عن الشخصنة والحزبية في النظام الديمقراطي ضرورة ملحة تفرضها علينا طبيعة المرحلة التي نعيشها حاليا، حيث إنه إذا لم يكن الشخص الذي يشغل مسؤولية في الدولة العراقية متجرداً لا يمكن أن يؤدي وظيفته بالتزام ومهنية، وإذا لم يكن أباً لا يمكن أن يؤدي وظيفته بشكل جيد، والنفسية التي تعطل إرادة الأبوة في مؤسسات الدولة، إنها في حقيقة الأمر نفسية ضيقة الأفق لا تريد الخير للمجموع بل للفرد، وهذه هي الطامة الكبرى.
والأنانية تارة تكون شخصية بأن يحب الشخص الخير لنفسه دون سواه، وأخرى تكون أنانية حزبية أو قومية أو طائفية أو دينية بأن يحب الشخص الخير لحزبه أو لقوميته أو لطائفته أو لدينه، والأنانية عند المسؤول ممقوته في كلتا الحالتين، وإذا ما أراد النجاح عليه أن يوزع خيره على جميع المواطنين بغظ النظر عن خلفياتهم العقدية والاجتماعية، ويكون همه الأول والأخير خدمة المواطن بما إنه مواطن، أما في حياته الخاصة لا بأس أن يعتز المرء بشخصيته أو حزبه أو دينه أو مذهبه أو قوميته، وإذا ما تم الفصل بين الحالتين فنحن بخير ونكون قد سرنا في الطريق القويم والعكس بالعكس.
وطالما التزم المسؤول بمنطلقاته الشخصية والحزبية فإنه لا محالة سينحاز لمثيله المزاجي أو الحزبي في تمشية معاملته دون سواه وهذا ما سيلحق الإجحاف بحق شرائح كبيرة من المجتمع قد لا تتفق مع ميوله الشخصية أو الحزبية، أما إذا ما تجرد عن منطلقاته وهو يؤدي دوره الوطني فإن الجميع سينتقع منه ربما حتى الذي يختلف مع ميوله ورؤاه، وهذا ما سيعزز موقعه وموقفه، وسيدر على المجتمع المنافع ويزيل عنه المطامع.
ولنا في قصص التاريخ عبرة في هذا الشأن، حيث كان أبو إسحاق الصابي أديبا بارعا وكاتبا معروفا، له في الكتابة والإنشاء مقام رفيع، فلقد شغل وظيفة كاتب الإنشاء ببغداد عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه، كان أبو إسحاق الصابي يصوم رمضان احتراما للمسلمين ويحفظ القرآن ويقتبس آياته في كتاباته، كان الصابي رفيقا مخلصا وصديقا وفيا للشريف الرضي ولما توفي سنة 384هـ رثاه الشريف الرضي بقصيدة مشهورة جاء فيها:
أرأيت من حملوا على الأعواد*** أرأيت كيف خبا ضياء الفادي
جبل هوى لو فر في البحر اغتدى*** من ثقله متتابع الأزياد
ما كنت أعلم قبل حطك في الثرى*** إن الثرى يعلو على الأطواد
بعد أن رثى الشريف الرضي الصابي بهذه القصيدة الفريدة، لامه الناس وعاتبوه على ذلك، وحجتهم إن الصابي وكما هو معروف من اسمه لم يكن مسلما، فرد عليهم الشريف الرضي بقوله: إنما رأيت فضله!
فلنتعلم من الصابي كيف إنه كان يدوس على شخصيته ويضمر ديانته ويحتفظ بهما ضمن حدود ذاتياته عندما كان يعمل في محيطه الإسلامي، إذ يذوب بخصوصياته من أجل المجموع بالرغم من إنها تبقى عزيزة عليه وعلى الآخرين، وليس يذوب المجموع من أجل خصوصياته، هذه النفسية هي التي تتفجر فضلا ومعرفة وتنبه إليها العظماء ومن بينهم الشريف الرضي الذي حفظ له جميل نفسيته المتعالية وتجرده عن خصوصياته في تلك المقطوعة الخالدة.
نحن وعندما ابتعدنا عن تلك القيم السامقة قد آل الوضع بنا إلى تكريس الوضع الشخصي للمسؤول في بعض مرافق الدولة، وهذا ما نلاحظه من تلكؤ في الأمن والخدمات في حياتنا اليومية، أما الخدمة العامة والوضع العام والمشاكل الحقيقية كيف تعالج! هذا ما لم نقف عنده؟!! كم تشريعا إلى الآن نفتقر إليه؟!! كم مشكلة من المشاكل نعاني منها؟!! كم نعاني من مشاكل الخدمات والكهرباء والماء والمجاري والأمن؟! كم حالة فساد نعاني منها؟! نريد حلولاً حقيقية ؟! وليست حلولاً ترقيعية أو تسويفية؟!.
نحن بحاجة إلى نفسية وطنية ترجح كفة المجموع على كفة الشخصنة بحاجة إلى تلك النفسية في مجلس النواب عندما يشرع، وفي مجلس الوزراء عندما ينفذ، وفي مجلس القضاء الأعلى عندما يقضي، وفي دوائرنا عندما تنجز معاملات المواطنين، وفي القوات الأمنية عندما تحافظ على الأمن والاستقرار، وخلاصة القول إننا بحاجة إلى النفس الوطني في تعاملنا مع الآخرين وفي كافة الميادين.
إن جرعات العلاج موجودة وبحاجة إلى همة وجهد ومتابعة وميدانية، فالبلد غني وكل شيء فيه متوفر ولكن المشكلة أين؟! إنها تكمن في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، رجل يتحمل المسؤولية بمصداقية كاملة ويحارب المفسدين أينما كانوا ولا يخشى ردود الأفعال، فالبلد ما زال بخير وإنه يحمل المزيد من الكفاءات والمخلصين الذين إذا ما تبوءوا المراكز العليا في البلد فإنهم يقدمون الكثير لإرساء أسس دولة المؤسسات في بلدنا الحبيب.



#حسن_الهاشمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام وحقائق
- الديمقراطية وإرادة التغيير
- أسرار السعادة
- عاشوراء وحقوق الإنسان
- صخرة صماء
- رجولة ما بعدها رجولة!
- تشجير
- هل ممارسات الوهابية تدل على إيغالهم في الدين برفق؟!
- أخلاقيات الطبيب أولا
- تأهيل السجون للمغرر بهم لا للمجرمين
- الديمقراطية بين سندان الأحرار ومطرقة الأشرار
- أيها السادة... لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى
- التصدي للحكم.. شروطه وانعكاساته
- المطلوب قضاء عادل ومستقل
- أخلقة الدوائر
- الفساد آفة الديمقراطية
- أزمة الكهرباء مسؤولية من؟!
- التكافل مسؤولية الجميع
- استغاثة مرضى
- قوانين بحاجة إلى تغيير


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - نفسية المسؤول