|
كل شيء في أوانه
زكرياء الفاضل
الحوار المتمدن-العدد: 3289 - 2011 / 2 / 26 - 13:22
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
كل شيء في أوانه عبارة نطق بها عاهل المغرب في خطابه عقب احتجاجات 20 فبراير كجواب على مطالب الشعب بإقامة نظام حكم على الشاكلة البريطانية، وكأنه يقول ضمنيا لا مانع له في تبني هذا النموذج المتحضر منهاجا لتسيير الشعب شئون بلاده بنفسه، لكن عندما يحين الوقت المناسب ( الكاتب/الذي نتمنى أن لا يتأخر حتى لا يعاد السيناريو الليبي الأليم ببلادنا فنحن مغاربة ونعرف بعضنا البعض جيدا). هذه العبارة العارضة في الخطاب الملكي ذكرتني بما صرح به ابن عمه الأمير هشام العلوي حيث أجاب على سؤال وجه له في البرنامج الفرنسي "كلمات متقاطعة" حول ما يحدث في شمال إفريقيا من تغيرات وتأثيرها على الشارع المغربي إذ قال "المغرب لن تكون به ثورة بل سيعرف تطورا". فهل هذا يعني أن المغرب مقبل، عما قريب، على تحول تاريخي طالما انتظره الشعب المغربي؟ هناك معطيان أخران يسيران في هذا الاتجاه، الأول دعم حزب صديق الملك وزميله بالدراسة لاحتجاجات يوم 20 فبراير الماضي، والثاني تصريح الوزير الناطق رسميا باسم الحكومة الذي قال بأن على المغرب أن يفتخر بشباب 20 فبراير. بالطبع قد يكون المعطيان الأخيران مجرد محاولة لامتصاص غضب الشعب حتى لا يتحول إلى ثورة تعصف بالمستبدين والناهبين لأموال وخيرات الشعب إلى قعر المحيط الأطلسي، لكن جواب الأمير المتمرد لا يمكن بأية صفة اقحامه في هذه العملية. ثم إن التغيير حادث في كل شمال إفريقيا ولن تكون هناك استثناءات على الإطلاق والقصر المغربي، مهما يكون من أمره، ليس مجنونا كصاحبنا بونابارت الليبي، فذاك ليس فقط مجنون بل وكما نقول بالعامية المغربية "احمق ومقطع السنسلة" أي ضارب في الجنون إلى حد وجوب تكبيله بالسلاسل وعزله في زنزانة منفردة حتى نأمن شره. هناك جانب آخر مهم للغاية يسير في هذا المسار وهو تلك الأخبار، حتى الآن مجرد أقاويل وإشاعات، التي تتحدث عن صراع داخل القصر بين الملك غير الراغب في السلطة وأسرته المتشبثة بأسلوب تسيير البلاد على النمط القديم، لكن كما هو معروف لا دخان من دون نار. إذا صحت كل هذه التخمينات فكيف سيكون مصير المتشبثين بنظام الملكية المطلقة من ساسة وأحزاب وإعلاميين وبلطجية وعلى رأسهم أمين عام حزب العدالة والتنمية المهدد بإقالته من منصبه في المؤتمر الاستثنائي المقبل للحزب؟ ففي حالة عزل حزب العدالة والتنمية أمينه العام عن منصبه، فإنه سيتحول إلى شعلة تونسية توقد موجة ثورات داخل العديد من الأحزاب المغربية خاصة اليسارية منها، حيث أن قياداتها تآمرت مع النظام المخزني على جماهيرها وباتت تتخذ القرارات الاستسلامية منفردة وفي عزلة عن قواعدها الرافضة لهذا التحول الخطير في مسارها. كل هذه التحولات التي، ربما، ستجري في المغرب قد يعثّر مسارها مشكل الصحراء الذي، وإن حسم عسكريا منذ البداية، يبقى مفتوحا على الساحة الديبلوماسية والسياسية حيث أن المشكل لازال قائما وقيد النقاش بين المغرب والجزائر التي تحاول حاليا كسب مودة الرباط خوفا من انتفاضة الشعب الجزائري ودعم النظام المغربي لها، وهو نفس الشعور الذي دفع بالرباط إلى عدم التنديد بتورط النظام العسكري الجزائري في نقل المرتزقة الأفارقة إلى طرابلس حيث أن السلطة المغربية أيضا تخاف من انتفاضة شعبية قوية قد تدعمها الجزائر حسب زعمها. وهذا يعني أن المحبة المتبادلة بين النظامين والتي عبر عنها وزيرا خارجيتي البلدين منبعها الخوف المتبادل من بعضهما البعض. من جهة أخرى هناك أنباء تتحدث عن إسقاط عاهل المغرب لحكومة عباس الفاسي وتغييرها بفريق تقنوقراطي استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة (2012). يحاول البعض تفسير هذا الحدث كاستجابة القصر لمطالب الشعب، لكن هناك معطى يقف في وجه هذا التحليل إذ الشعب طالب في 20 فبراير بملكية برلمانية حقيقية أي بنظام كالنموذج البريطاني، بينما إقالة الملك لحكومة وتعيين أخرى مكانها هو ترسيخ لسلطة الفرد المطلقة. كما أن هذا القرار الملكي قد يكون من ورائه إبعاد المطالبين بالملكية البرلمانية من السلطة وإضعافهم حيث بدأت بعض الأحزاب المعترف بها تجدد مطلبها القديم-الجديد هذا، مما قد يعني أن القصر لا يفكر في التنازل عن سلطاته المطلقة ولا يرغب في تطور المغرب نحو الديمقراطية الحقة. ويسند هذا الطرح إعلان وزارة الداخلية المغربية بعدم تساهلها مع المحتجين هذه المرة وتصدىها لهم بحزم، وهو بالفعل ما نفذته بقمعها لتظاهرة مساندة للثورة الشعبية الليبية ضد الديكتاتورية القذافية. فهل هذا يعني أن القصر يضع السيناريو الليبي كخيار وحيد أمام الشعب؟ أم أن عاهل المغرب يحاول إعداد الأرضية المناسبة لنقل السلطة بشكل سلمي ومرن يجنب المغرب هزات عنيفة؟ الأيام المقبلة ستكشف عن النوايا الحقيقية للنظام المغربي.
#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضعف الإيمان
-
ملك الملوك مرتجفا يدعو لإحراق ليبيا وسيف الإعدام يهدد بالقتل
-
الحكم للقارئ
-
مطالب الشعب وردود النظام
-
تحية للأمير الوطني
-
20 فببراير يوم امتحان عسير لمغرب العهد الجديد
-
هو الشعب..
-
مؤامرة على الثورة الشعبية بمصر
-
يا مصر لا تنتفضي..
-
العرش أعزّ من الشعب
-
هل سيكون المغرب حالة استثنائية مما يجري من تحولات في المنطقة
...
-
تحيى مصر
-
بعد تونس مصر
-
نداء إلى كافة القوى التقدمية
-
قائد الثورة التونسية
-
ماذا حصل في تونس؟
-
على هامش طلب القنصل الأمريكي
-
تمويل القناة الفضائية
-
ضرورة إنشاء قناة تنويرية
-
شهداء أم ضحايا؟
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|