أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين الأطرش - مجرد هلوسة














المزيد.....

مجرد هلوسة


محمد حسين الأطرش

الحوار المتمدن-العدد: 3289 - 2011 / 2 / 26 - 09:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما أكون، على الأقل أنا، لم أسمع مصطلح هلوسة بهذه الكثافة طوال حياتي. شعرت للحظة وكـأنني أصطدم به للمرة الآولى. تفاجئت بالمصطلح وما يحمله من معاني تغييب العقل لدرجة تجعلك تدرك مباشرة مدى ما يصيب العقل من عدم القدرة على الإتزان بحيث يميل بصاحبه نحو الجنوح إلى ارتكاب ممارسات ما كان ليرتكبها في حالته الطبيعية.
خطابات العقيد القذافي وما تضمنته من وصف لملايين المتظاهرين بالهلوسة إلى جانب حال العقيد ذاته وهو يتندر بما تضمنه كتابه الأخضر جعلني أنتبه متسائلا، متآخرا، إلى أننا لعقود طويلة بدا لي أننا كنا مصابين بالهلوسة.
لولا حالة الهلوسة التي عشناها لكنا اكتشفنا مرض العقيد وهلوساته طيلة أكثر من أربعين عاما. كيف يمكن أن نصدق بأن معتوها مريضا استطاع أن يتفوه ويحاضر طيلة عقود طويلة دون أن نكتشف ما فيه من أمراض لو لم نكن مصابين بالهلوسة. كيف يمكن أن ننسى اليوم قصائد شعرائنا المهداة له وكتابات مثقفينا وتظاهرات القذافي الثقافية الثورية التي شاركه فيها نخب عربية مثقفة دون أن ننتبه. كنا في حالة هلوسة أو غيبوبة؟
مثقفون كبار شاركوا في ندوات سنوية لمناقشة الكتاب الأخضر، الكتاب المقدس للعقيد، ولم يكتفوا بالمشاركة بل انضموا لجوقة المطبلين المزمرين للعقيد وكتابه. ترانا لم نكن نقرأ؟ اكتشفنا بالأمس ونحن نخرج من غيبوبتنا أن ما تلاه العقيد من كتابه سخيف مثله، مريض وموبوء مثله.
صحيح أن مبارك، مشكورا، لم يكتب كتابا أخضر إلا أنه وقبل انتهاء كل ولاية من ولاياته كان يقرأ علينا خطبا عصماء عن الإصلاح المنشود وكأن من أفسد شخصا غيره. يقرأ لنا خططا للآتي وكأن ما مضى ارتكبه غيره. هلوسة ما بعدها هلوسة إذا ما أضفت إليها مواقف آلاف المثقفين طيلة عقود ناهيك عن أغاني المطربين ومدح المادحين. هلوسة، غيبوبة، لم نكن فقط مغلوبين على آمرنا؟
لعقود طويلة والأسد، الأب، يرفع شعار "أمة عربية واحدة ، ذات رسالة خالدة" وجنوده يقتلون نزلاء سجن تدمر وقواته تبيد شباب حماة دون محاكمة أو حق في الدفاع عن النفس وفروع المخابرات المزينة بكلماته الخالدة تطحن كل مثقف أو مطالب بحرية تعبير. لم يتغير الأسد، الإبن، عن أبيه رغم محاولاته الآخيرة لصحيفة أجنبية لكن للمصادفة تزامن حديثه مع الحكم بسجن المدونة، طل الملوحي، خمس سنوات لتعاملها مع المخابرات الأميركية. بالمناسبة لا يزيد عمر الملوحي عن سبعة عشر عاما. حبوب الصمود والتصدي أدخلتنا في حالة هلوسة أو غيبوية لأكثر من أربعين عاما.
عقود وعقود وقف فيها الإمام، في المناسابات الرسمية رافعا يديه ومرددين وراءه أن يأخذ بيد القائد ويطيل عمره ويحفظ عهده. أي أئمة وأي مثقفين وأي صحفيين وكتاب كنا طيلة تلك العقود. حبوب الهلوسة،تراها، آثرت فينا أكثر من غيرنا؟
للنظر لكل تلك العقود لنكتشف كم طالت فترة الغيبوبة، كيف أصبحت الهلوسة ديمومة ونحن ندعو للملك وللأمير بطول العمر مشفوعا بسلسلة طويلة من آيات التفخيم والتآليه دون أن يفطن كتابنا واقتصاديوننا وعلماء الإجتماع لدينا بأن أمير المؤمنين وحاشيته يكنزون الذهب والفضة والناس تجوع. هلوسة، غيبوية جعلت كل مثقفينا تعتاش على فتاتهم فصارت تكتب لمجد ملوك الخليج الذين يلهون بأموال الشعب في البلدان الغربية.
هلوسة أو غيبوبة طالت لعقود طويلة لذلك صدمتنا تونس وهي تحاول الخروج منها وأسكرتنا الفرحة وشباب ميدان التحرير يكررون مياه النيل من بقايا حبوب الهلوسة وأننا نكتشف والليبيين ونحن نخرج من الغيبوبة أن المهلوس المزمن القذافي يتحكم بكرامتنا.
الخروج من الغيبوبة والتخلص من إدمان الهلوسة قد بدأ والشفاء التام قريب بالإرادة وحدها.
ما كتبت بقايا هلوسة أحاول الخروج منها.



#محمد_حسين_الأطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقاحة قذافية
- الدولة لا دين لها
- -لا صوت يعلو فوق صوت البندقية-
- متى يُستآصل الأسد وأمثاله؟
- أمريكا فاسدة أيضا
- إدوارد سعيد إرهابي
- صحفي ... إذا تستحق القتل!
- الأطفال... رزقهم ليس في السماء
- البرادعي وآلتون جون خطرين على مصر
- باسم الإسلام: أجراس المدارس لن تقرع
- دعما لسميرة سويدان: جنسية الأم حق للأولاد
- حُمّى المساجد أصابت الرئيس الجزائري
- قوى اليسار -الكافرة-
- - طرابلس بيت بغاء المسلمين-
- ليس للمرأة حقوق
- تلك الكافرة، تستحق الجلد
- -يا بلاش- ... مسلم واحد مقابل مسلمتين أوأربع مسيحيات
- لا يرفعون راية الاسلام بل يضعوننا على «الخازوق»
- إنتبه قبل أن تجتّث قلمك فتوى!
- -التعليم الديني- لكي لا تحاسبنا عقول أولادنا


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين الأطرش - مجرد هلوسة