حمزة رستناوي
الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 22:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أصدر السوري عدنان الرفاعي 1994 – 1415للهجرة كتابه "المعجزة"- و هو وفقا ً لتعريف الكاتب - اكتشاف لنظرية متكاملة عن الإعجاز العددي , حيث جاء على الغلاف الخارجي ما يلي:
" المعجزة : نظرية قرآنية في الإعجاز العددي تعرض لأول مرة في العالم"
و يرى الرفاعي أن الإعجاز العددي أسمى المعجزات و أعمقها , حيث يورد:" لما كانت الأعداد " كقيمة رياضية مجردة عن التعلق بالأشياء" لا تحتمل المتناقضات, و القرآن الكريم ينتمي لعالم الأمر الذي لا يحتمل المتناقضات, فإن المعجزة العددية التي يحملها كتاب الله تعالى هي أسمى المعجزات و أعمقها, لأنها مجردة عن عالم الخلق و مجردة عن الخصوصية اللغوية,فيدركها كل البشر على اختلاف لغتهم, و مجردة عن الخصوصيات المذهبية و الطائفية, و مجردة عن اختلاف مفاهيم البشر في إدراك دلالات النصوص القرآنية" "10"
و يرى الرفاعي كذلك أن الرسم القرآني المدشّن حاليا هو توقيفي " و ليس للبشر و اجتهاداتهم شيء في رسم كلماته, فرسم الكلمة القرآنية هو بأمر الله من الله تعالى,كما هي تماما في اللوح المحفوظ.""11"
و يتابع سرد أسس "نظرية الاعجازية الجديدة ":
"*مجموع ورود أي كلمة في القرآن الكريم هو سر مطابق تماما لحقيقة المسألة التي تصفها و تسميها هذه الكلمة
*مجموع كلمات أي نص قرآني هو سر يرتبط ارتباطا مطلقا بجوهر المسألة التي يحمل وصفها هذا النص
*مجموع كلمات أي جملة قرآنية يرتبط مع غيره من مجاميع كلمات الجمل القرآنية الأخرى ,وفق معادلات مطابقة تماما للمسائل التي تصفها هذه الجمل
*رسم الكلمة القرآنية يأتي بشكل مطابق تماما لحقيقة المسألة التي تصفها و تسمّيها هذه الكلمة, و لغة القرآن الكريم أكبر و أشمل و أوسع من قواعد اللغة العربية التي تم تأطيرها , و القرآن الكريم هو المعيار لهذه القواعد
*مجموع حروف أي جملة قرآنية يرتبط مع غيره من مجاميع حروف الجمل القرآنية الأخرى,وفق معادلات مطابقة تماما للمسائل التي تصورها هذه الجمل
* مجموع حروف أي نص قرآني هو سر يتعلق بجوهر المسألة التي يصوّرها هذا النص
*النص القرآني المصوِّر لمسألة ما موضوع بمكانه بحيث يأتي مرتبطا و بشكل مطلق مع سياق الحديث المحيط بالنص و مع الحلقات الأخرى التي تصوّر المسألة نفسها في سور أخرى , و ذلك بالنسبة لمجموع حروف الجمل و الآيات التي يتكوّن منها هذا النص
*البرهان على جميع عناصر هذه النظرية هو برهان رياضي ,يعتمد على مجموع الحروف و الكلمات المرسومة في القرآن الكريم, و بدراسة سهلة ,بحيث يستطيع أي إنسان أن يتحقق من صحة أي معلومة في هذا البرهان" "12"
و استكمل الرفاعي " مشروعه الاعجازي " بالعديد من المؤلفات هي : النظرية الثانية : القدر- النظرية الثالثة: الحق المطلق- النظرية الرابعة :الحكمة المطلقة- النظرية الخامسة:إحدى الكبر- النظرية السادسة:سلم الخلاص-الحق الذي لا يريدون-قضية الوجود- المعجزة الكبرى: حوار أكثر من جرئ-مخططات في سبيل الحكمة- نقد نقد النظرية الاعجازية في القرآن الكريم."13"
و قد أثار "المشروع الاعجازي للرفاعي" حفيظة التيار السلفي و جال الدين المحافظين و ركزّوا في هجومهم على نقده لأحاديث منسوبة للنبي محمد تتعارض – من وجهة نظره- مع "معجزة القرآن الكريم" و كذلك حول قضايا عقائدية و فقهية : كالناسخ و المنسوخ - عذاب القبر- اليوم الآخر- إرضاع الكبير- زواج المتعة..الخ" "14". بل و قد وصل الأمر ببعضهم إلى درجة تكفير و هدر دم السيد عدنان الرفاعي."15" و من نافل القول أن النقد السابق لكتابات الرفاعي خارج إطار بحثنا لموضوعة الإعجاز العددي, و لكن تطرقنا إليه لطغيانه على المشهد.
أما النقود الموجّهة "للمشروع الاعجازي للرفاعي" فقد جاءت عن طريقين
الطريق الأول : القول أن ما جاء به الرفاعي ليس بجديد و هو "مسروق" من سابقيه ,يورد محمد هداية: " حكاية الإعجاز العددي الذي عرضه المهندس عدنان أولا هذا ليس فكر عدنان إنما هو للأستاذ عبد الرزاق نوفل..أنا عايز أقول الذي يسرق لما يسرق يشتغل ,يعني هو الرجل غلط...الخ""16" و يرد الرفاعي على ذلك بقوله : "كتاب المعجزة الكبرى مبني على اكتشاف أبجدية جديدة , الكتاب مبني على حساب القيم العددية للقرآن الكريم وفق هذه الأبجدية, و على اكتشافين عرضا لأول مرة في العالم, الأول, الأول أن العبارات القرآنية المتوازية في المعنى و الدلالات قيمتها العددية متساوية, و الثاني هو أن العبارات القرآنية المتكاملة في المعنى و الدلالات قيمتها العددية من مضاعفات العدد19 دون الباقي ,هذا هو هيكل النظرية و هذا هو معظم ما ورد في الكتاب""17"
و من المفيد التذكير هنا بمحورية العدد 19 في الكثير من كتابات الاعجازيين السابقين على الرفاعي و الذي ابتدأها رشاد خليفة منذ عام 1972و سنأتي على تفصيل لاحقا ً.
أما الطريق الثاني:فينتقد "خطأ منهجي" وقع فيه الاعجازيون عامة , و ضمنا "المعجزة الكبرى لعدنان الرفاعي" فيورد أحمد شكري:هناك أمر مهم أغفله معظم المؤلفين في ما يسمى الإعجاز العددي وهو: عدم مراعاتهم الاختلاف في أوجه القراءة ورسم المصحف وعد الآي، تعد هذه النقطة من أهم ما يؤخذ على الباحثين والكاتبين في الإعجاز العددي، حيث أهمل كثير منهم هذا الأمر تماما، ولم يراعوا في حساباتهم الكثيرة ما يبنى على اختلاف أوجه القراءة و الرسم و عد الآي من اختلاف في عدد الحروف، وفي الواقع فإن الاختلاف الحاصل في هذه العلوم الثلاثة والمثبت في الكتب المتخصصة ينقض كلاما كثيرا للباحثين في الإعجاز العددي، ويجعل النتائج التي توصلوا إليها غير دقيقة أو غير صحيحة""18"
و يتابع أحمد شكري :" ويؤخذ على كثير من المؤلفين في ما يسمى الإعجاز العددي عدم السير على قاعدة واحدة , ومبدأ محدد في العد، فتجد أحدهم يعمد إلى انتقاء كلمة أو كلمات معينة من السورة يقيم عليها دراسته وبحثه دون أن يعلل سبب انتقاء ما انتقاه وترك ما تركه. يُنْظَر:إدريس الخرشاف، يس مركز ثقل القرآن، 1404هـ - 1984م، (ط1) ص 30 و48-90، وعدنان الرفاعي، المعجزة، ص 38 و54 و97.""19"
و يستدل على ذلك باختيار الرفاعي لقصة سليمان كما وردت في سورة صاد دون غيرها , و جزمه بعدد السنوات التي عاشها النبي سليمان و هو مما لا يُعرف على وجه اليقين."20"
وفي عام 1999 في بيروت صدرت الترجمة العربية لكتاب فريد قبطي الجزائري " طلوع الشمس من مغربها" و هو كتاب آلّفه الكاتب بالفرنسية أساسا مستهدفا تقديم "حجة علمية على المصدر الإلهي للقرآن الكريم " لغير المسلمين
في عام 2001 كتب العراقي عادل كمال جميل كتابه "كمال الإعجاز في القرآن الكريم"
و قد عرض هذا الكتاب لإعجاز رقمي في فواصل آيات القرآن الكريم, يظهر فيه القرآن كنص واحد و متصل .
و في عام 2002 صدر كتاب "أسرع الحاسبين" لعاطف صليبي و قد سبق الإشارة إليه في سياق نقد كتابات رشاد خليفة, يقوم كتاب " أسرع الحاسبين" على افتراض وجود قوانين رياضية دقيقة تستند إلى ثوابت قرآنية هي الأعداد 19 و29 و13 و23 و11 و17, يمكنها من خلالها و عبر صيغ و علاقات رياضية معقّدة تفسير الظواهر الفيزيائية أو الاجتماعية أو غيرها, و قد توصّل الكاتب إلى نتائج خالف بها عموم المفسرين و المسلمين في موضوعات مثل عدد السنوات التي قضاها أصحاب الكهف في سباتهم و كذلك السنوات التي قضاها النبي نوح في قومه.
و في عام 2007 سوف نشهد ظاهرة جديدة في عالم الإعجاز الرقمي , حيث أعلن د.إبراهيم كامل وهو مستثمر و رجل أعمال مصري عن اكتشاف "الشفرة الرقمية للقرآن" في مؤتمر صحفي عقده و أكّد " أن زوجته هناء سيد أحمد الشهيرة بأم نور قد توصلت إليها، وذلك من خلال الشركة المساهمة التي أسساها معا تحت اسم: أ ل م.. الرسالة الأخيرة" و وصف الدكتور كامل هذا الاكتشاف " بأنه الأول من نوعه منذ نزول القرآن منذ أربعة عشر قرنا لأنه يكشف الإعجاز الرقمي والعددي للحروف والآيات والسور في القرآن الكريم ,من خلال استخدام تكنولوجيا الحاسب الآلي، وأنه يؤكد بالدليل المادي القاطع لغير المسلمين أنه نزل من عند الله , ولا يمكن لإنس أو جان أن يكتب آية أو سورة منه بهذه الشفرة التي يمكن من خلالها كشف أي خطأ أو تحريف في أي حرف ,واستخدامها كأداة لاختبار صحة طباعة المصحف""21"
و قد أثار هذا "الاكتشاف الاعجازي "جدلا ً كبيرا بين أوساط المتخصصين و رجال الدين المصريين ,فأقره مفتى الديار المصرية السابق د. نصر فريد واصل و رأى "أنه يمكن الاستفادة من برنامج "البصمة القرآنية" في ترجيح رأي على آخر في بعض القضايا الخلافية", و كذلك أقره د.إبراهيم عطا الفيومي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر, بالإضافة إلى أ د محمد الشحات الجندي و أ.د عبد الله مبروك النجار" عضوي مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر , و كذلك د. أحمد المعصراوي أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر، وشيخ عموم المقارئ المصرية."22"
بينما أكد الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر السابق , و رئيس اللجنة الفقهية بمجمع البحوث أنه تم مناقشة موضوع الشفرة الرقمية للقرآن في اجتماع بمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر "و رفضه كل الأعضاء مؤكدين انه يسئ إلي الإسلام ويشوه صورته " " وأشار عدد من أعضاء المجمع البارزين إلي أنه سبق عرض هذا البحث علي جامعة مكة المكرمة , وبعد دراسته قررت عدم الموافقة عليه , لأن تطبيقه سيؤدي إلي حذف بعض الآيات القرآنية من سورتين , وكذلك حذف بعض الحروف لتطابق الشفرة الرقمية التي توصل إليها البحث مع آيات القرآن , وأن في هذا مساساً بإعجاز القرآن الكريم" "وقد أكد شيخ الأزهر أنه لا علاقة لمجمع البحوث الإسلامية بهذا البحث وأنه لا يعرف عنه شيئا في حين أشار الدكتور عبد الله النجار إلي أن أعضاء مجمع البحوث الإسلامية يخشون كل ما هو جديد!!""23"
و قد تلا هذا تقديم بلاغ للنائب العام من قبل مكتشفة "الشفرة العددية للقرآن الكريم" يتهم د.عبد الفتاح الشيخ "بالتطاول من خلال اعتباره أن الرقم(19) يخص مجموعة من الكفرة, رغم ذكر هذا الرقم في القرآن الكريم في قوله تعالي: عليها تسعة عشر" "24" .
و بذلك أسدل الستار على حدث إعجازي , كرّس فيه رجال دين أنفسهم كمستشارين دينيين لرجل أعمال في سابقة ,لم تكن الأولى و لن تكون الأخيرة , و لكنها الأولى من حيث طرحها الإعجاز الرقمي كمجال للاستثمار الاقتصادي خاصة أن خدمات شركة الرسالة الخالدة لم تكن مجانية "25".
يتبع
هوامش البحث:
"10": عدنان الرفاعي- كتاب : المعجزة "نظرية قرآنية في الإعجاز العددي – نسخة الكترونية – عن الموقع الذكر للكاتب http://www.thekr.net- ص10
"11"نفس المرجع ص13
"12": نفس المرجع – الصفحات 13- 14
"13" راجع موقع الذكر للكاتب على النت. http://www.thekr.net
"14": راجع موقع الذكر للكاتب و ردوده على بعضهم في كتيبات : رد المهندس عدنان الرفاعي على المتاجرين بالسنة الشريفة- هكذا يفترون على المهندس عدنان الرفاعي- رد المهندس عدنان الرفاعي على الدكتور محمد هداية..الخ
"15" كالدعوات التي بثت على قناة الحكمة الفضائية , و قد صدر بيان تضامني مع الرفاعي ,موجود على موقع اتحاد الكتاب العرب على الرابط:
http://awu-dam.net/content/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B7-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%81%D9%8A%D9%87-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B6-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D8%AF%D8%B3-%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%8A
"16":كتيب بعنوان :رد المهندس عدنان الرفاعي على الدكتور محمد هداية ص3 - عن موقع الذكر للكاتب
"17": نفس المرجع السابق ص3
"18" عن ملتقى البيان لتفسير القرآن الكريم- الحلقة الثانية - الرابط
http://www.bayan-alquran.net/forums/showthread.php?t=1981
"19": عن ملتقى البيان لتفسير القرآن الكريم- الحلقة الثالثة - الرابط
http://www.bayan-alquran.net/forums/showthread.php?t=1981
"20": عن ملتقى البيان لتفسير القرآن الكريم- الحلقة الثالثة- الرابط
http://www.bayan-alquran.net/forums/showthread.php?t=1981
"21" زينب عبد اللاة- جريدة الأسبوع-أكدته الكاتبة شخصيا لي, و لكن تعذر الحصول على تاريخ و رقم عدد جريدة الأسبوع.
منقول من الرابط على النت: http://www.elosboa.com/elosboa/issue...ahlelzekr1.asp
"22": موقع شفرة القرآن – البيان الإعلامي تاريخ 10-يوليو-2008 على الرابط:
http://www.thekorancode.com/new/index1.htm
"23" زينب عبد اللاة - جريدة الأسبوع- مرجع سابق
"24": جريدة الأهرام – تاريخ 11 يوليو 2007 - بلاغ للنائب العام بسبب الشفرة القرآنية!
"25":راجع موقع الشركة على النت على الرابط:
http://www.thekorancode.com
#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟