عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 13:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يجتمع المسؤولون في أحد البلاد العربية لاتخاذ موقف من المجازر الحاصلة بحق الشعب الليبي، فيختلفون على أي صيغة ويعودون كلّ إلى مكانه دون أيّ بيان. مجرّد إدانة لاغتيال شعب بأكمله، فحسب لا يمكن الإتفاق عليها، فبين المسؤولين نجد من يتلقى دعماً سنوياً من القذافي، وبينهم من يدير مشاريع القذافي في بلده، وبينهم من فتحت أبواب النفط الليبي له، وبينهم من صاهره بزواج ابنته من أحد أبناء القذافي سراً، وبينهم من يعمل على كسب جولة ودّ معه، حتى يحقق من خلالها مصالح معينة إذا ما تسنّى للقذافي البقاء في الحكم.
تلك هي المواقف تتحكم بها أموال القذافي، وتتحكم بمصائر الناس لا في ليبيا فحسب بل تمتدّ أبعد بكثير منها إلى الولايات المتحدة نفسها وإلى بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا ودول حوض البحر المتوسط وأفريقيا ودول عربية عديدة.
وقد كان شعوراً بالخيبة أن ألمح علماً أميركياً يتيماً يقفز بين رايات أصيلة ويحشر أنفه وسط دماء وجراح الشباب الثائر على امتداد الأراضي الليبية. لا أعلم عن رافعه شيئاً ولا أدرك سبباً لرفعه سوى أنّها محاولة غبية لإعطاء صورة عن الولايات المتحدة الأميركية كمحرّر للشعوب! وما هذا إلاّ محض كذب وغباء، فواشنطن لم تكن يوماً بجناحيها الأكبر الحاكمين أبدا، وبأجنحتها المتطرفة التي لم تصل بعد إلى الحكم، وبجيشها وقواتها إلاّ قوة امبريالية تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب الشعوب، ولطالما كانت الشعوب العربية، ومنها الليبية أحد أهدافها، والهدف مالي اقتصادي بالدرجة الأولى.
ولكلّ ثمنه بطبيعة الحال.. فالفتات المقدّم "للكتائب الخضراء" في الدول العربية والأفريقية يتحول عقوداً كبيرة للنفط للبريطانيين والأميركيين والإيطاليين والفرنسيين، وعقوداً لتشغيل الموانئ، وحسابات مصرفية تتخذها أمواله وأموال عائلته وحاشيته ملجأ لها بعيداً عن توزيع الثروات كما يجب، وتعهدات بقمع الأصوات التحررية في البلاد، وتعهدات أخرى بإيقاف الهجرة الأفريقية غير الشرعية من موانئ ليبيا.
هي سيول من المال تتحكم بالقرارات العربية، والغربية أيضاً، فهل ننسى سويسرا وهنيبعل؟ وهل ننسى بريطانيا ولوكربي؟ وهل ننسى كيف حول برلسكوني إيطاليا إلى عشيقة للقذافي في العلن بعدما كانت في السر؟ وهل ننسى تهاوي كلّ الموانع الأميركية أمام الجماهيرية وصولاً إلى اجتماع معتصم بهيلاري؟
وأمام كلّ تلك الأموال لا يمكن لأيّ ليبي أن يأمل خيراً إلاّ بدماء الشباب الثائر، وقبضاته، وصرخاته، وصموده في وجه عالم بأكمله يتآمر عليه سراً وعلناً وينتظر استتباب الأوضاع مجدداً للقذافي، الذي اعتبر نفسه مجد العالم واقتنع مجدداً بكلامه حين لم يعارضه أحد فيه!
#عصام_سحمراني (هاشتاغ)
Essam_Sahmarani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟