|
عندما يقطع الحزب أيادي الوطن
هوشنك بروكا
الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 17:56
المحور:
المجتمع المدني
هل انتهى زمن الإقتتال الكردي ـ الكردي، كما أكد على ذلك رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في خطبه الكثيرة، مراراً، بمناسبة وبدونها؟ شخصياً أشك في ذلك. ولهذا الشك، ألف سبب وسبب، لعل أبرزها تهديد سكرتير المكتب السياسي لحزب بارزاني، فاضل ميراني، الذي أعلن بدمٍ بارد، مؤخراً، وعلى الملأ، بأن حزبه "سيقطع كلّ يد تمتد إليه". جاء ذلك في أول ردة فعل نارية للديمقراطي الكردستاني، عقب مظاهرات السليمانية التي انطلقت في السابع عشر من الشهر الجاري. هكذا هددّ ميراني، المعروف بولائه للبارزاني، أكراده، ب"قطع يد" كل من "يستهدف"(أو يخرج عن طاعة) حزبه، وعرشه على فوق كردستان.
أياً كان القصد من كلام السكرتير هذا، سواء قصد به أحزاباً كردستانية معارضة، أو أيادٍ خارجية "أجنبية عدوة"، كما أكدّ في تصريحه، فإن الهدف من التهديد، يبقى واحداً لا شريك له، ألا وهو الدفاع عن "سلطة البارتي"، وبالتالي عن الحق "المقدس" لحزبه، في كردستان غصباً عن الذي يريد أو لا يريد. كلّ هذا التمسك ب"كردستان للبارتي"، ربما من باب الإعتقاد ب"الوجود الضروري" لحزبه في "كردستان الضرورة"، لسببٍ أساس، ألا وهو لكون الحزب صنيع البارزاني الأكبر، وعموداً من أعمدة الثورة أيام كردستان الجبل. فمن شارك كردستان جبالها، لا بدّ أن يكون له الآن حرير مدنها، ومن عانى من نقمة تحت(ها) لا بدّ أن ينعم الآن بنعيم فوقها. هكذا تسجل الثورات،على الأغلب، الأوطان بإسم قادتها، بعد كل صعودٍ لها، من التحت إلى الفوق، أو كلّ خروجٍ من تاريخ المقاومة، ليعقبه دخولٌ في تاريخ المال والجاه والسلطة.
مبدئياً، وفق "الشرعية الثورية"، في كونها "شرعية سائدة"، لا يُنكر، أن من قام بإشعال "كردستان الثورة"، له الأولوية في إدراة دولتها أيضاً، ولكن ليس كما يشاء، وأن يجعلها نعمة تحت الطلب في فم من يشاء، ويقطعها عمن يشاء. الثورة، عملياً تسقط، عندما تأكل أبناءها، كما هي القاعدة في كل زمانٍ ومكان، وكما هو الحال في كردستان الآن. والثوار يسقطون أيضاً، عندما يصبحون حكاماً وطغاة، يحوّلون الثورة من بندقية لأجل صناعة وطن، إلى بندقية في صدر الوطن.
انظروا إلى القذافي فاتح الثورة الليبية، الذي حكم ليبيا أربعة عقودٍ ونيف، بإسم الثورة. انظروا إلى "جنونه الثوري"، وهو الصانع ل"ليبيا الثورة"، كيف جاء على أكتاف الشعب إلى رأس الثورة، ويدوس الآن بذات الثورة وآلتها على رؤوس أبناء الشعب. انظروا إلى ثورته، كيف تحوّلت من حربٍ شعبيةٍ لأجل تحرير الشعب، إلى حربٍ همجية لإفقار وإذلال وتحقير وإعدام الشعب. انظروا إليه، كيف يحوّل الثورة الآن، من "ليبيا تعيش"، إلى "ليبيا ليس لها إلا أن تُقتل وتُسحل"، فقط لأن الشعب وليبيا(هم) ما عادوا يريدونه: إما هو يعيش، أو تسقط ليبيا! إما هو يكون، أو تُعدم ليبيا! إما هو إلى الأبد، أو لا ليبيا من بعده!
بهذه "الثورية النرجسية"، يدير القذافي، "ثائر ليبيا الأمس"، مع زمرته وأفراد عائلته وعشيرته، ليبيا اليوم في شوراعها الثائرة.
كلام ميراني، يشي بشيءٍ، قليلٍ أو كثير، من هذا القبيل. ولما لا؟ فلا ننسى أنّ القذافي، كان "نبيلاً جداً" بمواقفه، زماناً ما، تجاه القضية الكردية، كما جاء على لسان وفد الاحزاب الكوردستانية، بمشاركة كلٍّ من دلشاد بارزاني ممثلاً عن رئيس إقليم كردستان، وبرزان فرج ممثل الإتحاد الوطني في فرنسا، الذي قام بزيارةٍ "أخوية" ل"للأخ" القذافي في مقر اقامته بالقرب من فندق ماريني بالعاصمة الفرنسية باريس، في ديسمبر 2007.
فمن يشيد ب"نبل" و"أخوية" القذافي تجاه قضيته، بالأقوال، من الطبيعي أو الممكن أن يقلّده أيضاً بالأفعال.
سياسة "قطع الأيادي" التي هدد بها ميراني أكراده، هي سياسة، فيها من الحرب أكثر من السلام، ومن "الأنا" أكثر من "النحن"، ومن الحزب في كونه يملك كردستان بالقوة والمال، أكثر من كونه حزباً يحكم بالديمقراطية، ومن الحزب بإعتباره حزباً فوق الحكومة، أكثر من كونه حزباً من الحكومة وضمنها.
أنها سياسة فوقية، استعلائية، نرجسية بإمتياز، تفوق وتعلو كلّ وطن. ما أعلنه ميراني من استعداد حزبه ل"قطع كل يدٍ تمتد إليه"، هو برأيي رسالة واضحة، للشارع الكردستاني ولكل من تسوّل نفسه، الخرورج عن طاعة "كردستان الضرورة"، و"الحزب الضرورة"، و"العشيرة الضرورة"، و"القائد الضرورة". فأعذرمن أنذر!
إذن، إما هو وحزبه في فوق كردستان، أو الخراب وقطع يد كردستان الشارع! إما هو وحزبه في كردستان الفوق، أو الخراب لكل كردستان التحت!
القادم من كردستان الشوارع القادمة، سيكون محفوفاً بأكثر من خطر، لعل أبلغ الخطر على كردستان التي لا تزال تتراوح ما بين "بهدينان" و"سوران"، هو قتل "كردستان الدولة" ب"كردستان الحزب"، وضرب "داخل كردستان" ب"داخل الحزب"، وتصفية "مواطني وأبناء كردستان" ب"آل وأصحاب ورفاق وأزلام وأقلام وإعلام الحزب".
#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كردستان في القرآن!
-
شريعة الجَلد
-
عن بيتي الأجنبي وأشجاري المكتومة!
-
في -خرافة- صلاح بدرالدين
-
سيد القمني: من عقل العقل إلى عقل النقل!
-
في ركاكة مكتوب بارزاني الأخير أو بيان اللابيان
-
إلى من يهمه العقل: وفاءً لوفاء سلطان
-
ومات أبادير واقفاً..
-
كل عام وأنا أكرهكَ!
-
الحريري بين لبنانَين
-
تركيا من الإنفتاح إلى الإنغلاق
-
العلم السوري قاتلاً ومقتولاً
-
القذافي فاتحاً للجنّة
-
ما وراء منع المآذن
-
نوبل أوباما -الشاعر-
-
-فوضى- نوال السعدواي الخلاقة
-
أكراد الشمال: بين فرضية الدولة والدولة المفترضة
-
سوريا: تقتل العراق وتمشي في جنازته
-
جلببة العلم على -سنّة- حماس
-
عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!
المزيد.....
-
كيف حوّلت حماس إطلاق سراح الأسرى إلى مشهد مهين-لإسرائيل-؟
-
حماس تسلم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة و183 فلسطينيا إلى الحر
...
-
-وحدة الظل-.. ماذا نعرف عن القوة المسؤولة عن احتجاز الأسرى ا
...
-
حشود غفيرة تحمل الأسرى الفلسطينيين المحررين في احتفالات بالض
...
-
اجتماع عربي بالقاهرة لبحث اتفاق غزة واستهداف الأونروا
-
رسائل -اليوم التالي-.. القسام تحشد وحداتها العسكرية في عملية
...
-
تزامنا مع خروج الأسرى.. الاحتلال يطلق قنابل الصوت صوب الفلسط
...
-
وصول حافلات تقل معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية إلى
...
-
حماس تفرج عن ثلاث رهائن في رابع عملية لتبادل الأسرى مع إسرائ
...
-
الأسرى الفلسطينيون.. الحرية مهما تأخرت تظل حقا لا يسلب + فيد
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|