|
بعدما تحملت النفوس الكبيرة الآلام الكبيرة......................فهل يتحمل المستضعفون من الناس قواعد القرآن الآمرة؟ (الجزء الثالث)
فاطمة الزهراء طوبال
الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 19:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ها قد وصلنا في حديثنا هذا لإتمام ماتبقى من تفاسير حملناها على عاتقنا لنجيب بها دعاة الجهالة و إن كان موضوع الحلقة الماضية قصير المحتوى كما أشار البعض إلا أنه يحمل من المعاني و الدلالات ماينبغي للقارئ الغوص فيه عميقا...هكذا إذن ولقد أشرنا سابقا بأننا مسلمون مجابون الدعاء من ربنا الواحد الأحد، إلا أن البعض سامحهم الله جعلوا يشيرون إلي تهكما أن أجرب الدعاء ضد الأنظمة الفاسدة المتربعة على عرش أمتنا الإسلامية فلم تمر حينها إلا بضع أسابيع حتى شهد هؤلاء المكذبون الضالون ماحدث في تونس ومصر و هاأنذا أقول لكم...هل كان دعاء الملايين من أشقاءنا المصريين في اليوم الذي أسموه ب " جمعة الغضب" أو " جمعة التحدي و الرحيل" نافعا لهم للقضاء على النظام الظالم المستبد أم لا؟ لعل الصورة كانت أحسن تعبير وكان المشهد كافيا للإجابة على تهكمكم و إنكاركم الحق... نعم، فلقد أعجبتني المواقف الحاسمة لإخواننا المصريين الذين أحرزوا النصر بلا تخاذل و حبّبوا لنفسهم التضحية و نكران الذات في سبيل القضاء على الفساد. فبماذا سيفيدكم النكران بعد ذلك؟ نكران ماتحمله سيد الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من آلام كبيرة من أجل تبليغ الرسالة التي كُلف بحملها على عاتقه...فالتاريخ هو أكبر شاهد على النماذج الفريدة من التضحية التي قدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة مواقف ووقائع لا يرقى إليها الشك من أحدنا، فلقد هالتنا تضحياته الجليلة من أجل إخراج هذه الأمة من الضلالة إلى نور الإيمان، ولازلنا نهفو إليه بقلوبنا كلما قرأنا سيرته العطرة و ترنو إليه عيوننا لنرجو لقاءه يوم البعث بإذن الله تعالى... إن العظمة التي تكمن في مسيرة سيدنا هي عظمة مواقف إنسانية تملأ جوانح الأمة غبطة وسرورا، فكلما رحلنا نتجول في طيات صفحات سيرته النيرة شعرنا بذلك لكن مع الأسف أن البعض من الذين لايشعرون بالطمأنينة و لايستوعبون فضل الرسالة المحمدية على أمتنا تجدهم مثل المريض الذي يقضي وقته باحثا عن علاج لمرضه لكنه يتردد في تناول الدواء الذي قد يصفه له الطبيب بحجة أنه مر المذاق أو سبّب له تأثيرات جانبية مزعجة و غير مرغوب فيها حتى يترك المرض يأخذ منه مأخذا عظيما و لكن حينها ماذا بعد هذا المأخذ..........؟؟؟؟؟؟؟ أكيد يكون قد فات الأوان...فالمستضعفون من الناس تجدهم هكذا دائما في حالة تكلس يعتقدون أنهم على صواب دائما بيد أنهم لا يتحملون السماع إلى مايقرأ عليهم من آيات قرآنية خاصة إذا ما تعلق الأمر بمصالحهم الشخصية، تراهم ببساطة يدوسون الواقع ليفرضوا على المجتمع أفكار اغترابية لا تتلاءم مع المنطق و لايتقبلها العقل وتجدهم ينتقدون آيات الله و صنع آيات أخرى أو بالأحرى تحريف الآيات من أجل تكريس مبدأ الخساسة و الدناءة في عقول جامدة متحجرة بل أغلبها صارت إمعة لا تدافع عما يخصها أو يهين مقدساتها...ولم يكن ديننا ليهين أحدا أبدا... فمنذ بضع سنوات فقط علمنا من مصادر إعلامية بأمر الكتاب الذي أطلق عليه الصهاينة اسم "الفرقان الحق" the true Furquan و الذي كان موجها إلى المسلمين بموجة من الشتائم والتي تعتبرهم الخاسرون يوم القيامة فكيف يفعلون ذلك ماداموا على علم بوجود يوم القيامة؟ ليس هذا فحسب بل وصلت الوقاحة بواضع الكتاب إلى نعت سيد الخلق أجمعين محمدنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالمنافق و الكافر. فكيف يخرج من أفواههم هذا السباب في رسولنا الذي جاء ليخلصهم من نار جهنم؟ ومن عجب العجاب أن العبارات المذكورة في الكتاب المزعوم و التي تتصف بالبذاءة قيل أنها وحي إلهي، أبدا سحقا لما قالوه فالوحي لا ينطق عن الهوى و لا ينزل إلى الدرجات السفلى و لا يسب سيدنا محمد (صلى الله عليه و سلم)، كبرت كلمة كما قال الله تعالى تخرج من أفواههم فإن ما يقولونه هو كذب و افتراء . ولقد قال أحدهم إن اليهود هم أسياد العالم و أسيادكم. فلو كان الأمر صحيح فما سبيل نكرانهم رسالة النبي مع العلم أنهم أهل كتاب كما أنهم كانوا في صراع ضد الخزرج الذين كانوا يعبدون الأوثان بحيث أثناء احتدام الصراع بينهما ( اليهود و الخزرج) توعد اليهود قبائل الخزرج بظهور نبي تبشرهم التوراة بقدومه و توعدوا مقاتلة الخزرج تحت رايته. فما خطب تخليهم عن هذا الوعد إذن؟ ومن سيد من؟ ماداموا قد أخلفوا بوعدهم للخزرج التي كانت السباقة في الدخول إلى الإسلام و أين تكمن السيادة إذا أهين رسولنا و أهينت مقدساتنا و احتلت أراضينا (فلسطين) من قبل هؤلاء اليهود؟ فهل لي أن أروي لبعض المتهورين من دعاة الخساسة و الجهالة ممن ينتقدون آيات القرآن الكريم و يحاولون تحريفها قصة ابراهى الذي حاول تحطيم الكعبة الشريفة فأرسل الله عليه و جنوده طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل...فللكعبة رب يحميها كما للقرآن رب يحميه...أم أروي لهم قصة الصحيفة التي نقضتها قريشا مع سيد الخلق محمد ( صلى الله عليه وسلم) فأكلتها الأرَضة و أبقت على الكلمة المقدسة ( باسمك اللهم) أم أروي لهم قصة العنكبوت التي نسجت خيوطها عند مدخل غار حراء و الحمامة التي عششت على مشارفه فلم تقتفي قريشا آثار محمد صلى الله عليه وسلم وهو رفقة أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه) حيث قال له نبينا ( لا تحزن إن الله معنا)... لعل هؤلاء يعلمون جيدا و بالتفصيل المفصل كل هذه القصص فهم ليسوا بحاجة إلى راو يروي لهم الحكايا و لكن بالمختصر المفيد فإن هؤلاء يودون فقط السعي إلى تحريف الحقائق و تزوير الوقائع وفق مؤامرات و مساع دنيئة تشوه ما أنزل على خير البرية... فسيادة العالم من قبل تلك القوى كلها زيف و كذب و الغلبة دائما للحقيقة و الصدق و الغلبة كانت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فما فتئت من خلاله قريش إلا أن ترضخ للأمر الواقع و تسلم بنجاح الرسول الأكرم و عشرة آلاف مسلم يحملون أعلامهم داخلين البيت الحرام و هم يحملون إليه الأمن و السلام و العافية...بل يحملون الرسالة الحضارية التي زعم الغرب أنهم الأولى بحملها لكن أولوية الحق كانت لحبيبنا المصطفى عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام، يومها دخل المسجد الحرام و رآه ملأى بالأصنام و التماثيل طالما اتخذها الكفار آلهة و عبدوها دون كرامة أو وعي ...هذه التماثيل التي هانت أمامها كرامة الإنسانية وعزة النفس فأريقت لأجلها الدماء من أجل ماذا؟ من أجل حجر أصم لايسمع ولا يرى. فماذا بعد الذي شهده التاريخ من نصر عظيم لنبي الأمة؟ هذا الرسول الذي سوَى بين الفقير و الغني و بين العبد و السيد و بين المرأة و الرجل و جعلهم في مقام واحد و الأكرم عند الله اتقاهم...و يزعم الغرب حاليا أنهم من دعاة حقوق الإنسان و الديمقراطية و المساواة بينما رسولنا الحبيب كان أولاهم منذ أزمنة غابرة في الدفاع عن الكرامة الإنسانية و صونها من المظالم فعلَّمنا ما معنى التسامح و الود و الإخاء و الإخلاص و التعاون و التضامن و الحرية و الحب و المساواة و التمتع بالحقوق و تأدية الواجبات فرغم ماعاناه محمد صلى الله عليه وسلم من اضطهاد من طرف الكفار و جبروتهم و قسوتهم عليه إلا انه في يوم الفتح أطلق سراحهم ( اذهبوا فأنتم الطلقاء) ولم ينتقم منهم، بل سامحهم جاعلا من هذا اليوم العظيم يوما للحفاظ على الحريات الإنسانية، فكان هذا الحبيب الذي تحمل الآلام الكبيرة ذو نفس كبيرة، فهل يتحمل المستضعفون من الناس قواعد القرآن الآمرة؟
#فاطمة_الزهراء_طوبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كفاح من طرف واحد
-
عندما تتحول المهزلة الكروية إلى نصر تاريخي
-
من ذا الذي يريد ان يسكت صوت القرآن بحجة حرية الآخرين؟
-
إشكالية البنوك الربوية
-
النظام الدبلوماسي و الصراع العربي العربي الإسرائيلي
-
حتى نغير ما في أنفسنا
-
تحقيق صحفي
-
عندما تسمى مخابز و مقاهي بأسماء العلماء و الفقهاء...هل يفعلو
...
-
إشكالية الدولة المعاصرة
-
إشكالية الفكر العربي المعاصر
-
هل يمكن أن نقيم نظام مثالي؟
-
إشكالية الإستثمارات الأجنبية داخل الوطن العربي
-
الدب الروسي يعود إلى الواجهة
-
الهجرة غير الشرعية
-
قضايا تنموية في الوطن العربي
-
الفن و القيمة الفنية في مجتمعاتنا العربية
-
الأدب الصوفي وتفرعاته الفنية
-
إشكالية النمو الديمغرافي في العالم العربي
-
التربية الأسرية في مجتمعاتنا العربية
-
الصحة و الوقاية الصحية في المجتمع الجزائري
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|