فارس حرّام
الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 03:50
المحور:
المجتمع المدني
بيان من الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف
تراقب الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف ما يحدث في العراق من تصاعد في الحراك الشعبي لتحقيق مطالب حقيقية ومشروعة طال انتظارها في هذا البلد.
وإذ نعبر عن دعمنا لجهود قوات الأمن العراقية في إحلال الأمن ومحاربة الإرهاب وبقايا صدام والبعث، ووقوفنا بوضوح ضد أي مخطط يبتغي التخريب والاعتداء على المال العام، فإننا نود أن نؤكد في المقابل على أن تسارع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في بلادنا، اليوم قبل غد، للوقوف إلى صف المطالب الشعبية وأن تنزع عنها ثوب اللامبالاة التي أوصلت الوضع في العراق إلى ما هو عليه اليوم، من انعدام الثقة بالدولة وأجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وليس أدلّ على ذلك مما حدث لفترة حوالي العام الكامل منذ انتهاء الانتخابات التشريعية عام 2010، من مشهد مهين لتطلعات الشعب العراقي حين تمسكت الأحزاب والكتل السياسية بمواقفها المتشددة إزاء حصص كل منها في الحكومة، حتى بدأ مسلسل التنازلات المتقابلة، وكأن من جاء ينقذنا من مآسي صدام، ليس له هم إلا نيل حصته من الحكم حتى لو أنتج ذلك مآسيَ أخرى لشعبنا.
إن اللامبالاة وانعدام الجدية افقد الناس الثقة بسياسيي البلد، وإن غياب الرؤية الوطنية الشاملة وروح التواضع للهاجس الشعبي العام أنتج أوضاعاً زادت التوتر بين الناس، وصولاً إلى التهمة السائدة بأن أغلب السياسيين هم أكثر المستفيدين من هذا الوضع، وإن كنا نحن واثقين من وجود سياسيين حقيقيين مخلصين لمشروع العراق الجديد.
لقد تحقق للعراق بعد سقوط صدام عام 2003 مكاسب تاريخية كبيرة، أولها الشروع ببناء الديمقراطية ودولة المؤسسات، إلا أن طبقة الحاكمين والسياسيين التي تشكلت لاحقاً لم تلبث أن تسببت بخلخلة هذا المشروع الكبير، وإبقاء معنى الديمقراطية متمثلاً بالتصويت في صناديق الاقتراع كل أربعة أعوام، يصاحب ذلك كله قضم تدريجي من الحريات المدنية، مع تركيز تدريجي للسلطة لتكون في يد واحدة.
إن ظهور الطائفية السياسية، وأنانية الأحزاب والغالبية العظمى من السياسيين، منعت العراق من التمتع بمرحلة ما بعد الدكتاتورية، وأذهبت ثماني سنوات حتى الآن من أعمار العراقيين في التنافس على المطامح، في ضوء قوانين غالبيتها فضفاض وموضوع على مقاس المتنافسين أنفسهم، لعل في مقدمتها قانون الانتخابات، الذي سمح طوال السنوات الثماني الماضية في وصول الأشخاص غير المناسبين إلى الأماكن المناسبة، بعيداً عن حقيقة تسلسل أصوات الناخبين.
وعلى ضوء الأحداث الجارية في العالم العربي المحيط ببلادنا، وبالنظر إلى حالة التبرم الواضحة لدى أبناء شعبنا العراقي من ضآلة مكتسباته من مرحلة ما بعد صدام. فإن الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف تود أن تظهر النصح للحكومة المحلية في النجف الأشرف، وهي المحافظة التي تنعم باستقرار أمني وحركة إعمار نشطة، بأن تباشر من اليوم بتقديم برامج تغير الوضع السائد في المحافظة، وأن تكشف بعيداً عن المجاملات الحزبية والصفقات السياسية عن انتمائها إلى الشعب قبل السلطة، وأن تلتقط عنصر الوقت التقاط الحريص على أعمار الناس التي ذهب أكثرها هباء بين ظلام صدام ولامبالاة من بعده.
إن الوضع المزري الذي ظهرت فيه شوارع النجف بعد الأمطار الأخيرة، بحيث غدت المدينة كأنها محافظة من طين، وظهور حالة تبليط الشوارع أكثر من مرة منذ عام 2003، مؤشران لا يبدوان سطحيين على مقدار الفساد واللامبالاة وغياب الردع، الذي وصل إليه الوضع في النجف. ولا نعلم حتى الآن أين ذهبت الأموال المخصصة لخدمات الشوارع، ولتبليطها أكثر من مرة، وأين ذهب المفسدون؟ ومن منهم بالضبط من تمت محاكمته فعلاً؟
كما إن عدم ظهور مؤشرات حقيقية على أن حكومة النجف الأشرف تتابع ملف البطاقة التموينية متابعة شديدة الجدية، وبصورة تضغط على الحكومة الاتحادية باسم أهالي النجف الأشرف، نقول إن ذلك يعدّ من عناصر التبرم التي تلقي بظلالها على كاهل المواطن النجفي.
والأمر نفسه يتعلق بملفات أخرى كثيرة يبدو فيها غياب الرؤية الستراتيجية الكاملة واضحاً للعيان، ولا نعلم بالضبط، كيف يمكن للعمل الحكومي أن يكتب له النجاح في ظل عدم وجود رؤية ستراتيجية تجتاز المرحلة الحالية من جهة، يصاحبها جدول زمني لتحقيق برامج هذه الرؤية ابتداءً من اليوم من جهة أخرى.
فعلى سبيل المثال: ما رؤية الحكومة المحلية في قطاع الزراعة بالمحافظة؟ ما سقف الإنتاج الزراعيّ في صنف محدد تنوي تحقيقه في عام 2015 مثلاً؟ ما رؤيتها لمواجهة غزو الإنتاج الزراعي غير المحلي الذي عطّل مزارعينا ومزارعنا؟ ما رؤية الحكومة المحلية في قطاع الخدمات في المحافظة؟ ما رؤيتها لمواجهة مسألة البطالة؟ وما مخططها في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي؟ وقطاع الثقافة؟ والاستثمار؟ والسياحة؟
بالطبع إننا نتحدث عن رؤية ستراتيجية ولا نتحدث عن قرارات وأوامر إدارية، نتحدث عن برامج عامة ولا نتحدث عن مشروعات تحدث هنا وهناك. ولدينا القناعة الكافية للقول بأن اطلاع المواطن على الرؤية الستراتيجية للمحافظة كفيل بمنحه دافعاً للصبر أكثر، إضافة إلى فائدة وجود مثل هذه الرؤية لمساعدة المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لتشكل خلفية رقابية على عمل الحكومة يمكن أن يشعر المواطنين عبرها بأنهم يشتركون فعلاً في صياغة أوضاع محافظتهم.
وبالنظر إلى أن لغة اغلب بيانات الوضع في العراق اليوم تأخذ منحى عمومياً، فإننا نود أن نكون واضحين ومتحملين مسؤولياتنا الوطنية والثقافية بمطالبة الحكومة المحلية في المحافظة بشقيها التشريعي والتنفيذي بما يأتي:
1- إنهاء حالة المجاملة للحكومة الاتحادية، والأعذار المتكررة، وإعلان المواقف التي تنتصر لمطالب الناس أولاً بأول، وإشعار أبناء النجف الأشرف بالاهتمام بما يتعلق بآرائهم في القوانين والأنظمة المعمول بها في البلاد وبأداء البرلمان والوزارات، وليكن مذكوراً أن شعب النجف الأشرف هو الذي انتخب حكومته، ومن ثم هو الذي يستطيع أن يحميها من أي تضييق أو عزل أو إقالة ممكنة تحدث عبر الحكومة الاتحادية.
2- إصدار ستراتيجية واضحة خاصة بعمل الحكومة في محافظة النجف الأشرف، تتضمن الأفكار التي سيتم تطبيقها لاحقاً في قطاعات الحياة كافة، وتكون بمثابة تأسيس لعمل الحكومات المدنية التي ستأتي بها الانتخابات المتوالية القادمة، وأن يتم نشر هذه الستراتيجية في وسائل الإعلام والسماح بمناقشتها ونقدها وتعديلها وصولاً إلى ما يمكن تسميته بـ "ستراتيجية الحكومة المحلية في محافظة النجف الأشرف".
3- تثوير برامج الشفافية في محافظة النجف الأشرف، وإحداث نقلة كبرى فيها وجعلها متميزة على مستوى العراق، ولنتذكر بأن المواطن النجفي له الحقّ بمعرفة ما يحدث في مدينته في القطاعات كافة.
4- تنظيم برنامج أسبوعي تلفزيوني يعرض التحقيقات والمحاكمات التي تتعلق بالمفسدين في النجف، ونشر محاضر محاكماتهم في الصحف.
5- نشر التعيينات كلها التي تتم في المحافظة على الموقع الإلكتروني للإدارة المدنية، أو أي وسيلة إعلامية أخرى، مع نشر الأسباب الموجبة للتعيين والتخصص المباشر للمعينين ومستوى شهاداتهم.
6- نشر وقائع جلسات مجلس محافظة النجف الأشرف، أولا بأول في وسائل الإعلام المختلفة، تلفزيونياً وكتابةً، باستثناء ما يراه المجلس متعلقاً بخصوصيات الوضع الأمني، وذلك لمعرفة الكيفية التي تدار فيها هذه الجلسات، وطبيعة الموضوعات التي تناقش فيها، وفرز أعضاء المجلس الجادين لخدمة أبناء المحافظة من غير الجادين، وعدم الاقتصار على نشر قرارات المجلس وحدها، أو نشر مقتضبات إعلامية للاجتماعات.
7- إنشاء مركز بحوث تخصصي مستقل حول أوضاع محافظة النجف الأشرف، يزود الحكومة المحلية والإعلام والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية بتقارير ومعلومات مبنية على استبيانات واستطلاعات تجري بين أهالي النجف الأشرف، حول الأوضاع المختلفة في المحافظة، بدلاً من الاكتفاء بالمعلومات المقتضبة التي تقدمها تقارير وزارة التخطيط، والمستشارون المحليون وصفحات الإعلام.
8- تمكين حق المواطن النجفي بمعرفة المعلومات الممكنة حول العمليات الإرهابية التي تمت سابقاً في المحافظة، والجهات التي تقف خلف زعزعة الأمن والنظام في المحافظة، وعدم الاكتفاء بالمقتضبات الإعلامية.
إن الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء والكتاب وهي تدعو لتحقيق هذه المطالب، فإنها تود أن تؤكد دعمها الكثير من بيانات المثقفين العراقيين التي صدرت مؤخراً حول الوضع في بلادنا، كما نود أن نؤكد أن الغاية من هذا البيان أن يكون لمثقفي المحافظة الصوت العقلاني في الأحداث المتلاحقة في بلادنا، ولنجنب محافظتنا السوء ولنكن جميعنا سوراً يحميها من الإرهاب وأيادي البعث وصدام، والمتصيدين من الساسة الفاسدين.
كما إننا نهيب بالحكومة المحلية في المحافظة أن تنتصر لهذه المطالب لتؤكد أنها حريصة على تحقيق ازدهار المحافظة ورفاهية أبنائها، كما ندعو مثقفي المحافظة والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني للتضامن معنا لتحقيق ما ورد في هذا البيان من المطالب، وإضافة مطالب أخرى لها إن وجدت، كما نرجو من أبناء شعبنا في المحافظة الالتزام بالطرق القانونية في أثناء مطالبتهم بحقوقهم، بالحرص على المال العام وتفويت الفرصة على المتصيدين لإخلال الأمن.
وليكن شعارنا: النجف الأشرف والعراق أولاً.
الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف
النجف الأشرف / التاسع عشر من شباط/ 2011
الدكتور عبد الهادي الفرطوسي/ الدكتور باقر الكرباسي/ مهدي هادي شعلان/ زمن عبد زيد الكرعاوي
رئيس الاتحاد: فارس حرّام
#فارس_حرّام (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟