|
الإعلام ...يُريد كشف الفساد
كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 00:49
المحور:
الصحافة والاعلام
الإعلام ...يُريد كشف الفساد د.كامل القيّم / أستاذ الإعلام والاتصال في ظل المتغيرات التي تجرُفنا بها وقائع ثنائية الأنظمة والشعوب ...حتى كُدنا نلهث من متابعة ما يجري ...أين كان كل ذلك ...وأين كانت تلك الرموز المفزعة من قبيل الحكام والرؤساء والسياسيين ...وأين الكذب الذي تكفلت بها الشعوب العربية على أنها أقوى الأمم ...واعلم الأمم ...وأنزه الأمم ...الخ من قاموس اخدعهم فيرضوا . والمشهد الذي يقلب المعادلة فتغدوا الأمور في هذه الأيام مقلوبة ....فالسلطات لأول مرة تتوسل الاتصال بالشعوب ...والسلطات لأول مرة تتخفى من الإعلام ...والسلطات لأول مرة عبر التاريخ تصبح هي المتلقي والشعب هو الفضائية والصورة والصحيفة ... في الوقت الذي تعولمت على الأقل في الشارع العربي كلمات أجمل ما سمعنا من هذا الإجماع ( الشعب يريد ...إرحل ...كفانا فقر ...محاسبة الفاسدين ....حقوق الفقراء ....تعديل الدستور ....وأعلام ورموز الأوطان تتعالى ... رحمة ربانية لكشف ماكينة سرعة الإطاحات، ولتنظيف الوجوه من كذب الشاشات وممل الكلمات...دواء لم تقنصه حتى مثيلوجيا الحضارات القديمة ... لكن البو عزيزي وبعربة خضاره أعطانا أغلى جرعة للتطهير ولكنس الوجوه الكالحة ...الكاذبة ،الجالسة برد الفعل، تعّفر وتعّولم الشارع العربي لأول مرة كالضوء مسرعاً وواثقاً ومبدعاً . أيام ملئها الجمال والرموز والدماء ...أيام شعوب لا تنسى فكل شبر في ميدان التحرير ودوارة اللؤلؤة وجامعة صنعاء وساحات طرابلس ... وما تحت نصب الحرية والفردوس والكوت سيضيء بعضا من نور، أيام كان الإعلام فيها فارساً مرة وجباناً في مرات ...إعلام كان يرجّف الطبول ويكشر عن أنياب القتلة والفاسدين ويغض النظر عن الشرفاء والمصلحين ...الإعلام بطل تلك الأيام ...والدقائق واللحظات ..هو الذي يكشف وهو الذي يُعّري وهو الذي يُمجّد...إذا ارتدى عباءة الدفاع عن الرأي العام وتلحّف بقداس المهنة على انه مُراقب السلطة وحارس الشعب . والتجارب قدمت لنا أمثلة جبارة لقطبي الصراع... وسائل إعلام أرادت سحق الناس بالصورة والدعاية، حجبت سيل الدماء وصعق الهراوات ، وحررت بما لا يوجد وصنعت أوكسجين البقاء حتى لدقائق للطغاة والنائمين والفاشلين( كما في مصر والبحرين وليبيا واليمن ...والعراق دخل الخط... )عجيب ميدان الإعلام هذا، والذي في الغالب يحتكم الى تلك الثنائية ...أسير الممول وأسير الحاكم..وأسير التوجه... كلها باسم الشعب ...والأمن الوطني ...والشرعية الدستورية والسلم الاجتماعي ....موسيقى حكام سيُجرفون .. عجيب هذا الذي يتمادى ويتغاضى عن سحق عظام الأطفال وأحلام الشباب بحياة كريمة، وخنق البوح بما يفسد المسؤول ...تلك السلطنة التي صنعوها لهم وهم لا يستحقون . ونحن نُحّي ونُمجّد و نتطلع من يتماثل مع الإعلام الذي اسقط حكومات ...وزج رموز السياسة الدولية بمحاكم لا ينتهي ...الإعلام الذي يؤمن بأنه محامي الشعب ومواجه السلطة إذا انحرفت...وليس إي كلام . واليوم في العراق نعيش اقترابات الإحداث وبدأت وتناثرت وتوزعت المواقف ...ألقت بظلالها على خلط كبير بالأوراق ...بكل بساطة هناك مطالبون بمكافحة الفساد ...وهناك من يغض النظر عن ذلك ...وغض النظر من جانب السلطة في العراق يتحرك ...بأسلوب ميداني ( التعامل مع المطلب الخدمي ...تعيين ...إقالة ....زيادة ....توفير ....الخ) والآخر استباقي كالتحدث باسم يجب ان يكون لكن قاطرة التوصيف متأخرة جدا.. ولايمكن القول ان المسؤول قد سبق الشارع وأحس به قبل ملامح التظاهرات الأخيرة... وتمر مطالبات غاية من الأهمية والخطورة ... حينما يجمع ويتمنى ويتأوه العراقيون بالكامل ...حتى انضوى بعض السياسيين معهم ...لإيقاف الفساد...سرقة أموال الشعب بالقوانين والمباركة الدستورية وغير الدستورية ...ولكن لا احد يصرح من سيكافح الفساد؟ وماهو الفساد؟ وكم هدر من اموال ؟وكم نوع له في العراق ؟ من أين نبدأ؟ وكيف نحتفل بحلاقة أخر سارق في البلد ...حتى وان كان سارق زمن او ممحاة طفل.وإذا كانت مكافحة الفساد شعار يرفعه المسؤول الفاسد والمؤسسة الفاسدة، ونعيش يومنا بالآف الفسادات دون ان نرحم أطفالنا وجياعنا ومحرومينا وحتى نفطنا الذي يبكي على نفسه .ولم نسال لماذا تم ذلك ، ومن سيتحمل ديون أطفال العراق . في إحدى المحاضرات المتعلقة بالإعلام والفساد سقتُ المقولة الآتية ( اعطني وسيلة إعلام ...ومن ثم محكمة... أنظف لك الفاسدين) فتعجب احد الحضور وماذا تقصد ...قلت اعلق من يسرق المال العام ...واطرد الفاشل تلفزيونياً ، المشكلة معروفة للجميع والقضية تتراوح من سقوط النظام ( النظام السابق ...) وحتى الآن تحت ذات الشعارات وذات التبريرات وذات المفاصل وذات البوسترات والإعلانات والدورات نراوح ونراوح ....والإعلام ينشر عن النزاهة ...والنزاهة بعد سنين تكتفي بالأرقام والأخبار التوصيفية العامة والحلقة تدور حتى ننشئ جامعات وربما وزارات بعد ان أسسنا أكاديميات لمكافحة الفساد. ففي الوقت الذي يشخّص الشعب العراقي داء المرحلة بشكل تكاملي... تعمل بعض وسائل الإعلام دون خجل او مسؤولية على التلميح الى أن ذلك طبيعياً ...او وقتياً ...او ليس بهذا بالتناسق مع مفردات برامجية تذهب بك خارج نطاق الواقع.. والشوارع العربية مشتعلة والحكومات تتوسل، والمشهد ملؤه شهداء وجرحى وتصريحات دولية ( وبعض الفضائيات نائمة باسم الشعب) .... التوصيف ...عجيب !! الفساد حالة ...تستدعي الكشف ...التحري ...الاستقصاء ...الرقم ....الكم ...السبب .... الضرر..من يتحمل تبعاته ...لا يمكن بعد تحمل نقد الوسائل لحالة الفساد او ذكر وجوده ...وترك القطط تسمن وتستمر بالتخفي ...وبأخلاقية ...ومثالية الإعلام ..صحيح ان الإعلاميين دون حماية ودون مساند ولكن شرف المباراة يستحق أن ننجز إحدى اجل ...وأبهى ...وأقدس عملية ..كشف الفساد.ففي كل بقاع العالم صحف التقصي تنبش بالماضي لكي تخرج دولارا فاسدا من المؤسسات ...والكل يعلم كم من قضايا كشفت بعد عشرات السنين ، سببت أعاصير سياسية واجتماعية وركنت أحزاب كبرى في مزابل تاريخ الشعوب. وكشف الفساد منبر إعلامي أكثر مما هو سياسي او مؤسسي ...ويتحتم ان لا نكتفي بذلك بل ان نكشف بالخبرة والتدريب والملاحقة ...كل مفاصله وأرجو من الإعلاميين ان يخطو خطوة جبارة وبمشاركة ومساعدة الشعب ( والوطنيين من السلطة ) أن يكون الكشف بأثر رجعي ...إي ليس كل ما مر تحرر من المساءلة ...العقود القرارات فساد التخطيط ( القرارات الغبية ) ( كل ما لم يكن وكان ما يجب ان يكون) بنظر القياس العلمي والمنطق ...الآلاف الملفات ...ينتظرها الأطفال ...كي يلعنوا الفاسدين ...الفاشلين ...لأنهم لم يحترموا العلم ولم يعرفوا ان الخرافة والجهل والتصور، صعبة أمام المعرفة العلمية والحكمة والرياضيات .فتحيتي لكل إعلامي عراقي يتقصى ويفضح ويدّل السلطة والشعب على إي حالة فاسدة بالوثائق والأسانيد..ولنعمل من اجل دولة بلا فساد بطلها الإعلام . لست احلم ولكن...أتغنى بجملتي ... اعطني إعلام ومحكمة .. وسيكون العراق طاهرا من الُسرّاق والنائمين عن حق الشعب . د.كامل القيّم / أستاذ الإعلام والاتصال مركز حمورابي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية/ بابل
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راتب المالكي ...وموافقة النجيفي ... إصلاح بطعم الصمت!!!
-
الإعلام ينظّف السياسة....أزار وفضاء وإطاحة
-
الاتصال الرقمي... معول يهدم عناصر الخبر الصحفي
-
الإعلام وكسرة الخبز التونسية ...هل تكفي لصفع السياسيين
-
كيف يتلقى الجمهور وسائل الاعلام
-
سيارات بابلية ...بجهود الحكومة المحلية تدخل خدمة العلاقات ال
...
-
عيني على الاعلام
-
هل نشهد ...فضائيات تعاقب السياسيين ؟
-
البديل الاتصالي الناعم لقوى الاحتلال الأمريكي في العراق
-
المسؤول الفضائي...مجلس محافظة بابل انموذجاً
-
قياسات الرأي العام ... بين المنظور الإعلامي و التوظيف السياس
...
-
مجلس محافظة بابل ...من الاتصال الالكتروني الى الاتصال الحجري
-
التصريح الإعلامي .....متى يصبح احترافاً ؟ جريمة الصالحية انم
...
-
الإعلام الاستقصائي ....عَصف لديمقراطية الفضاء
-
مشتركات الظاهرة العلمية في العلوم الإنسانية والصرفة
-
الوظيفة التفسيرية لمضمون وسائل الإعلام ...عن طريق قادة الرأي
-
قناة المستقلة ...خُبث فضائي... و أداة لعسكرة الأفكار
-
قناة الاتجاه الفضائية ... إطلالة مباركة ...وأمل بإعلام متفرّ
...
-
الفضائيات العراقية ...الى متى تحت الطَرق السياسي ؟
-
مركز حمورابي للبحوث والدراسات..يحتفي لأجل العراق
المزيد.....
-
لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف
...
-
أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
-
روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ
...
-
تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك
...
-
-العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
-
محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
-
زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و
...
-
في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا
...
-
النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
-
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|