|
امريكا المحتلة!
مهند السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 18:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
امريكا المحتلة! في كل مرة تقف امريكا في مجلس الامن الدولي معارضة لاي قرار يصدر ضد اسرائيل مهما كانت مسببات مشروع القرار!...والفيتو الامريكي الاخير(18-2-2011) كان فريدا من حيث انه الوحيد الذي عارض قرار ادانة اسرائيل في استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية بينما ايدته 14 بلدا اغلبيتهم حلفاء لامريكا!...وهذا الفيتو يضاف الى مئات من مشاريع القرارات التي ولدت ميتة ضمن هيئة امم مسلوبة الارادة والاحترام!. ليس في الامر غرابة...ابدا! فأمريكا هي بلد محتل من قبل اسرائيل! والبلاد المحتلة لا تستطيع ان تفعل اي شيء يناقض مصالح المستعمر لها،وعليه فأن الرئيس الامريكي والكونغرس وكافة الهيئات الحكومية الامريكية هي ادوات مسلوبة الارادة وضعيفة الشخصية المستقلة بيد الاحتلال الاسرائيلي لبلدها!... ليس هنالك بلد حر ومستقل في العالم يخالف مصالحه الاستراتيجية مع اي امم اخرى في العالم لاجل بلد صديق بدون مقابل او ضمن حدود معقولة من التحالفات المشتركة...اما بلدا مثل امريكا يجازف بمعاداة حوالي ملياري مسلم في العالم يشكلون اغلبية في عشرات البلدان ويضاف لهم مؤيدين ومناصرين كثر من الشعوب الاخرى لاجل خاطر دولة صغيرة تعلن تحالفها معها!...فهذا امرا يخالف العقل والمنطق ويناقض حماية المصالح الخارجية فضلا عن تشويه صورة البلد وتحط من مكانتها الادبية وسوف تؤدي الى تكوين تحالف معادي مع اشاعة مشاعر الكره والحقد والغضب اللامحدودة!. ان امريكا بلدا محتلا وقد تكون تلك الحالة فريدة في التاريخ في ان دولة صغيرة تحتل اكبر بلد في العالم!...نعم توجد حالات مشابهة في التاريخ مثل احتلال بريطانيا للقارة الهندية او احتلال اليابان للصين او احتلال هولندا لاندونيسيا!...ولكن بلد بهذه القوة العسكرية والاقتصادية يكون ضعيفا الى تلك الدرجة المروعة من الاذلال المتنوع امام قوة خفية مثل اسرائيل!ولا يقاومها مثلما فعلت البلاد السابقة، فذلك امرا عجيبا!... مهما كانت التفسيرات المعقولة وغير المعقولة لاسباب ذلك الاحتلال ووسائله،ولكن الامر المثير ان اغلب الامريكيين( 315 مليون) هم خاضعين بل ومؤيدين لهذا الاحتلال الى درجة تفقدهم كل استقلالية او حتى انحدار فظيع في مستوى الحرية في الاختيار بينما يملئون العالم ضجيجا بدعواهم لاجل اشاعة الحريات والديمقراطيات في العالم!...فأذا انا كنت محتلا ولا استطيع ان اقاوم بل واخضع بطيبة خاطر وتجلب لي من جراء ذلك الخزي والعار وكره الاخرين وحقدهم فذلك الامر على الاقل يمنعني من قيادة العالم او توجيه النصح للاخرين في اتباع اسلوب الحكم والاختيار المثالية!. ان معظم شعوب الارض قاومت الاحتلال لبلادها بمختلف الوسائل المعروفة والمبتكرة،ولكن هذا الشعب الغريب هو محتل نفسيا قبل ان يكون خارجيا لاحتلال جعلهم مكروهين الى درجة مثيرة للانتباه ومازالوا بطريقة في غاية الغباء يتسائلون لماذا يكرهنا الاخرون؟!... ان التحالف مع اي بلد يكون ضمن حدود لا يمكن الخروج عنها والا اصبح ذلك احتلالا مريبا في طرقه واساليبه ونتائجه!...ان الشعب الامريكي هو شعب مسلوب الارادة ولا يستطيع، لا هو ولا حكومته ان يحرروا انفسهم من هذا الاحتلال الذي جعلهم كدمى بيد دولة صغيرة تعبث بقدراتهم الضخمة خارجيا فضلا عن وجود اتباعها داخليا بينما حذرهم مؤسسوها من ان يدخلوا البلاد ويستولوا على مقدراتها او يتحكموا بها!!...بل الامر الاكثر غرابة في عدم وجود رغبة داخلية للمقاومة مما يجعل الشك والريبة سائدان في مقدرة هؤلاء ليس في قيادة العالم الى بر الامان بل في قيادة انفسهم ضمن منظومة العولمة الجديدة!. ان اصغر شعوب العالم تقاوم الاحتلال او السيطرة والنفوذ الاجنبي،ولكن الشعب الامريكي يخضع له بأرادة تدل على سلب جمعي للعقل والمنطق وتحولهم الى ادوات جامدة راغبة في عمل المستحيل ولو ادى الى تدمير بلادهم لاجل رغبات المستعمر الصغير!. قد يحمل المستقبل مفاجئات من خلال التحرر من ذلك الخضوع المذل الذي لا يقبله اي انسان واعي ذو ارادة حرة ومستقلة...ولكن الاكثر توقعا ان تلك البلاد تحمل في بنيتها التكوينية بذور التفكك او الضعف او الانحدار الى مستويات قياسية في تدني المكانة بين امم الارض. لم تكن القوى الكبرى التي سبقت امريكا في سيطرتها على العالم بذلك الضعف والاذلال الى درجة تكون حكومته ممسوخة بلا ادنى حياء او خجل ولا ادنى مقاومة ولو من جانب مجموعات صغيرة تريد لبلدها البقاء ضمن صفوف الامم الحرة وفي اعلى مكانة في التصنيف العالمي!. ان ذلك يدل على هشاشة التفكير الامريكي وهزليته في ان يكون مسؤولا عن مواقفه في الداخل والخارج!...الامر الحتمي المعروف هو في دوام استحالة بقاء امريكا كقوة فريدة مسيطرة على العالم الى مالانهاية! فذلك الامر لا يمكن ان يتصوره او يتوقعه اي دارس للتاريخ وعبره...نعم قد يكون بقاء امة ما ضمن صفوف الامم القوية لفترة طويلة هو امرا معقولا ولكن كقوة لا يمكن هزيمتها فهو امرا خرافيا تأباه الطبيعة البشرية!. الامر الاخر هو في مواقف حلفاء امريكا من احتلالها من قبل دولة صغيرة وعدم تبنيهم لمواقف تثير فيها حمية الاستقلالية او احترام الذات!...بل وسارت دول اخرى على نفس المنهج ولكن بدرجة ادنى من قوة التبعية واستلاب الشخصية الامريكية!. ان المواقف الامريكية الرسمية والشعبية ضد قضايا الشعوب الاخرى ضمن ميزان العدالة والمساواة المطلق والحدي بين الجميع هي مواقف خزي وعار وانحطاط ادبي وسوف تجلب لها مبررات العداء التي يتجنبها عادة كل بلد حر!. في النهاية... لن يكون التاريخ منحنيا الا لارادة الامم الحرة...وليس للخاضعة او المسلوبة الارادة!.
#مهند_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الواجب المنسي
-
لحظة صمت
-
مذكرات من بيت الاغتراب 2
-
عصر الثورات
-
ثورة بلا حدود!
-
مذكرات من بيت الاغتراب
-
قراءة في الثورة المصرية
-
الخيانة الادبية
-
على هامش الثورة المصرية
-
سباق الثورات!
-
من لا يحضره البرهان!
-
الوسائل والغايات في تفجير الثورات-3
-
الوسائل والغايات في تفجير الثورات-2
-
الوسائل والغايات في تفجير الثورات-1
-
المنافسة والتطوير
-
هكذا تكلم المعتوه!
-
تونس الحرة
-
نكبات وأحزان
-
خارج المكان
-
بغية الباحثين
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|