|
شباب فلسطين لا يقلدون غيرهم بل يصححون مسار ثورة شعبهم
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 10:18
المحور:
القضية الفلسطينية
شباب الثورة الفلسطينية لا يقلدون ثورات غيرهم بل يصححون مسار ثورة شعبهم ،وبالتالي ليس صحيحا أن دعوة الشباب الفلسطيني للثورة لإنهاء الانقسام دوافعها التقليد والمحاكاة للثورات العربية التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن ولا مبرر لها مستمد من واقع الشعب الفلسطيني. قد تتفق الحالة الفلسطينية مع غيرها من حيث ريادة الشباب لفكرة الثورة ومن حيث استعمال مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية لنشر الدعوة للثورة ومن حيث شروط ودوافع الثورة المرتبطة بمستوى المعيشة والعدالة الاجتماعية ،التي هي في الحالة الفلسطينية متواجدة أكثر بكثير من أية دولة عربية ،إلا أن الخصوصية تأتي من حيث أن الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون عليه الشعب الفلسطيني هو الثورة ما دام الاحتلال جاثما على أرضنا وأجسادنا ومُهينا لكرامتنا ومُدنسا لمقدساتنا،وأن وجود حكومتين وسلطتين ومؤسسات سياسية رسمية وأجهزة أمنية و(ديمقراطية) الخ وضع غير الطبيعي وخارج سياق مرحلة التحرر الوطني التي يفترض أنها الوضع الطبيعي وانحراف عنها. إذن الثورة الفلسطينية القادمة والتي عنوانها إنهاء الانقسام ليست تقليدا لأحد بل استنهاض لثورة مغدورة ،ثورة غدرها بعض أهلها قبل أن يجهضها الاحتلال،الثورة القادمة التي سيكون طليعتها الشباب ومن خلفهم كل فئات الشعب تصحيح لوضع خاطئ وإعادة للأمور إلى نصابها،شعب خاضع للاحتلال عليه مواجهة الاحتلال موحدا .ثورة إنهاء الانقسام ثورة ضد الاحتلال تبدأ بإزالة العقبات التي تَحُوٌل بين الشعب وحقه في مقارعة الاحتلال، والانقسام أهم هذه العوائق. قد يطرح البعض لماذا التركيز على إنها الانقسام وجعله عنوانا للثورة الفلسطينية؟ الجواب ببساطة أن إنهاء الانقسام هو مفتاح عودة الشعب الفلسطيني لهويته وكينونته الوطنية اللتان مزقهما الانقسام ،وإنهاء الانقسام مفتاح عودة القضية لماهيتها وأصولها كحركة تحرر وطني ، وإنهاء الانقسام هو المدخل لمواجهة الاحتلال سلما أو مقاومة ،فأي جهد لمقاومة الاحتلال سياسيا كان أو عسكريا في ظل الانقسام سيكون مصيره الفشل أو تكريس حالة الانقسام . الانقسام أخرج القضية الفلسطينية عن سياقها الطبيعي ،دمر المشروع الوطني ،دمر مشروع السلام الفلسطيني ،دمر مشروع المقاومة وأنهاه،فَصَل بين الشعب في غزة والشعب في الضفة وصَدَرَ الانقسام للخارج إلى فلسطينيي الشتات ،عزز الأحقاد بين أبناء الشعب ،شوه صورتنا في الخارج،مكن إسرائيل من العمل على استكمال مشروعها الاستيطاني ألتهويدي بشكل سريع ومريح،نَشرَ الفقر والبطالة والإحباط واليأس عند الشعب،وبصورة عامة فإن الانقسام صيَّر الشعب الفلسطيني في حالة غير مسبوقة من الإذلال والتيه السياسي ،وبالتالي فإن كل من ساعد على وجود حالة الانقسام أو يدافع عنها أو يقف ضد من يطالب بإنهائها يصطف إلى جانب العدو الصهيوني. لقد منح الشعب الفلسطيني للفصائل وخصوصا فتح وحماس الوقت الكافي لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ،صبر عليهم لسنوات :من حوارات لحوارات ومن أوراق مصالحة لأخرى ومن وسيط لوسيط، والنتيجة مزيد من الانقسام والدمار، والحزبان الكبيران ،حماس وفتح يجلس كل منهما على كرسي سلطة معتقدا انه مَلَكَ الدنيا وما عليها، ولسان حالهما يقول فليذهب الشعب إلى الجحيم . ما كنا نتمنى أن تكون الثورة طريقا لإنهاء الانقسام لأننا نعرف محاذير ثورة أو انتفاضة في مواجهة حكومة فلسطينية سواء كانت حكومة غزة أم حكومة رام الله وفي مواجهة شرائح من الشعب – حتى وإن كانت قليلة العدد -مستفيدة من الانقسام ،وفي ظل وجود الاحتلال العدو الأوحد والوحيد للشعب ،ونعرف جيدا أن إسرائيل تترقب مثل هكذا ثورة ليس لأنها تريد إنهاء الانقسام بل لأنها تريد أن ننشغل يبعضنا بعضا وهي ستعمل على صب الزيت على نار الثورة لتزيدها اشتعالا ،ولكن ما العمل؟ إلى متى سيبقى الفلسطينيون سادة الثورة والجهاد في حالة خنوع وانتظار للمجهول ؟إلى متى سنبقى ننتظر المنقذ الخارجي؟إلى متى سنبقى نراهن على أحزاب وحركات تماهت مع الانقسام وباتت تتعيش من ورائه؟.أما بالنسبة لإسرائيل فنحن متأكدين بأن الشعب الفلسطيني وطليعته الشبابية لن يسمحوا لها بحرف ثورتهم أو التأثير على مسارها بل سيجعلونها ثورة سلمية حضارية بهدف محدد وواضح وهو إنهاء الانقسام تمهيدا لإنهاء الاحتلال. في الأسبوع الماضي أرسلت رسالتي الأولى للشباب،وقد لامني بعض الأصدقاء قائلا كيف تراهن على مشروع ثورة فاشلة ؟وما أدراك بأن الشباب سينفذون ما وعدوا به من قيامهم بالثورة أو مجرد الخروج إلى الشارع ؟وإن خرجوا للشارع فما الذي يضمن أنهم سيحققون هدفهم بإنهاء الانقسام ؟. في رسالتي الثانية هذه للشباب أقول بأننا كفلسطينيين لسنا حديثي عهد بالثورة ،كما انه لا توجد ثورة مضمونة النتائج منذ بدايتها ،قد لا يخرج الناس بمئات الآلاف ولكنهم سيخرجون ولو بالعشرات وسيبلغون رسالتهم –الفصائل التي تستطيع إخراج الناس بعشرات بل بمئات الآلاف تخليدا لذكرى انطلاقتها تستطيع إخراج نفس الأعداد لإنهاء الانقسام إن كانت معنية بالفعل بإنهائه -،وفي رسالتي هذه أقول أيضا للشباب الذي يهيئون أنفسهم للثورة أن لا تتراجعوا أو تخافوا ،فأنتم لا تقلوا عن الشباب الأبطال الذين كسروا حاجز الخوف في مصر وتونس وغيرهما من البلدان، فأنتم وُلِدتم من رَحم أمهات ماجدات أنجبن الشهيد والجريح والأسير والمعتقل،وانتم أصحاب القضية لأنكم تناضلون من اجل المستقبل، مستقبلكم، أما نحن الكهول فأبناء الماضي،ولا تتركوا مستقبلكم لمن لم يكن أمينا على حاضركم ويحاول أن يصادر مستقبلكم وحلمكم الوطني بالحرية والاستقلال والحياة الكريمة. 21/02/2011 [email protected] www.palnation.com
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة فلسطينية لإنهاء الانقسام أصبحت ضرورة وطنية بعد انغلاق أ
...
-
الثورة المصرية:تبدد أوهاما وتحيي آمالا وتثير تخوفات
-
الثورة المصرية بين وطنية المطالب وقومية التداعيات
-
تداعيات إستراتيجية محتملة للأحداث في مصر على الصراع في الشرق
...
-
الثورتان التونسية والمصرية من منظور سسيولوجيا الثورة
-
الثورة التونسية :ثورة لإصلاح النظام السياسي وليس لتغييره
-
العالم العربي من ديمقراطية متعثرة لحكامة منشودة
-
هل ستدشن أحداث تونس عهدا عربيا جديدا
-
انسحاق الديمقراطية ما بين سندان الأنظمة ومطرقة الإسلاموفوبيا
-
حتى لا تتوه خطانا عن الطريق
-
حتى لا تتحول حركة فتح لمجرد ذكرى
-
ما بعد تعثر المفاوضات :حرب إسرائيلية معممة وبدائل فلسطينية م
...
-
التصعيد العسكري في قطاع غزة وسياسة خلط الأوراق
-
أثر الانقسام على الحياة الاكاديمية في فلسطين
-
في ظل الانقسام لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات
-
تغيير وظيفة السلطة بدلا من حلها
-
حديث الرئيس الفلسطيني عن حل السلطة:ورقة ضغط تفاوضية أم إجراء
...
-
وثائق ويكلكس :اكتشافات خطيرة أم ضجة مفتعلة؟
-
أياد استعمارية وراء استمرار قضية الصحراء بدون حل
-
المنزلقات الثلاثة
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|