أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح عبد العاطي - الشباب والثقافة















المزيد.....


الشباب والثقافة


صلاح عبد العاطي

الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 14:55
المحور: الادب والفن
    


ليست الثقافة مفهوماً سهلاً كي يوضع لها تعريف محدد ، لأن الثقافة في تطور مستمر ولأن الشخص مهما حاول أن يعطي تفسيراً مجرداً يتأثر رغم أنفه بمحيطه الاجتماعي والسياسي ولا يمكنه أن يتحرر من الدائرة الاقتصادية التي يتحرك فيها ، فما زال العلماء يجتهدوا علي تحديد معنى دقيق للثقافة . إلا أننا يمكن أن نقدم وبشكل عام بعض الاعتبارات الأساسية التي يجب فهمها في موضوع معقد كهذا فهناك تعاريف كثيرة للثقافة سوف نستعرض بعضها من أجل إظهار ثراء هذا المفهوم ودلالاته الكثيرة ، ثم نستعرض تعريف للثقافة بصفة عامة .
ويعرف إدوارد بيرنت تايلور(E..B.Taylor ) " العادات والتقاليد الشعبية ، والأعراف ، والقوانين التي تظهر من التفاعل الاجتماعي وتحمل معها محتوى عرفياً ، فضلاً عن العناصر المادية التي تؤلف مظهراً مهماً للثقافة وهي على شكل مهارات صناعية تتراوح بين رؤوس السهام إلى السيارات" .
وهناك العلاقات ذات المعاني بين أجزاء الثقافة والتعابير الرمزية التي توضع لها ، فالأعراف والحاجات المادية والعلاقات ذات المعاني تؤلف العناصر الرئيسة للثقافة.
أما تعريف روبرت بريسيتدت(Robert Biersedt) للثقافة فيقول فيه:
"الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشمل جميع الأشياء التي نفكر فيها ونعملها ، وكل ما نملك بصفتنا أعضاء في المجتمع
كما قام مالينوفسكي بتعريفها " بأنها تشمل المهارات الموروثة، والأشياء، والأساليب، والعمليات الفنية ، والأفكار والعادات والقيم
أما ابن خلدون فيرى أن الثقافة " هي كل ما قام به الإنسان من جهد وفكر ونشاط ليسد به النقص من طبيعته الأولى و حاجاته في بيئته حتى يعيش عيشة عامرة وزاخرة بالأدوات ، والصنائع "
هذه هي بعض تعاريف الثقافة التي وضعها علماء الاجتماع والأنثروبولوجية من أجل تبسيط مفهومها والوصول إلى تعريف موحد يمكن الأخذ به في الدراسات الاجتماعية وبخاصة المتعلقة بدراسات التغيير الثقافي .
فالثقافة بصفة عامة: " هي كل ما لدينا من تراث علمي وأدبي وفني يضاف إليه ما نبتكره ونخلقه في هذه المجالات لما فيه تقدم البشرية لما هو أفضل وأسعد.
وحسب رأيي ورأي الآخرين أنه من الضروري عند إعطاء مثل هذا المفهوم يجب التمييز بين المفهوم الجماعي والمفهوم الفردي ، أما المفهوم الأول فهو حصيلة أعمال أسلافنا في ميادين الفكر والفن والعادات أي كل مكونات الحضارة .
أما على المستوى الفردي، فالإنسان المثقف هو من يكتسب معرفة ومعلومات في مختلف الميادين المذكورة ويساهم على تطورها والرقي بها والمساعدة في خلق أشياء جديدة والإبداع فيها .
 العناصر المكونة للثقافة :
" تتكون ثقافة أي مجتمع من عدة عناصر ، نستعرضها حسب أهميتها ودرجة ممارستها من قبل أفراد المجتمع في ثلاث فئات تظهر كالتالي "
أ)العموميات:
وهي مجموع العادات والأنظمة و القوانين والأساليب والتقاليد والأعراف التي يمارسها معظم أفراد المجتمع ، كأنواع الطعام المحلية واللباس الوطني واللغة وأساليب تحية ومخاطبة الأفراد بعضهم لبعض ، والمعتقدات والممارسات الدينية ، وأحكام السلوك السوي والتأدب العام والأنظمة التربوية والإدارية والسياسية والاقتصادية والقيمة المتبعة .
ب)الخصوصيات:
وهي مجموع العادات والقيم والأنظمة والأساليب التي يختص بها حزب أو فئة أو طبقة محددة في المجتمع ، وتعمل على ممارستها بشكل واضح دون غيرها من الطبقات الاجتماعية الأخرى . كالعادات والتقاليد المهنية وأساليب التعامل الاجتماعي والقيم الخاصة ، وأدوات وطرق العيش التي تميز حياة طبقة اجتماعية بعينها ، والمعتقدات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية لفئة أو طبقة كالتجار أو الصناع أو المزارعين أو المثقفين أو الشباب أو الشيوخ .
ج)البدائل أو المتغيرات أو المستجدات:
وهي العناصر الثقافية التي لا تنتمي إلى العموميات والخصوصيات ويأتي بها الأفراد غالباً أو يتبنونها كبدائل لمثيلات لها في ثقافتهم المحلية ، نتيجة أسفارهم خارج الوطن وتعاملهم مع ثقافات الأمم الأخرى ، أو لقراءاتهم وإطلاعهم على المنشورات والبرامج المتنوعة السمعية ، البصرية وأفلام السينما والفيديو وغيرها الكثير من المطبوعات ووسائل الأعلام والترفيه السمعية/المرئية التي ترد قانونياً أو تتسرب سرياً لداخل المجتمع.
ومن الأمثلة علي البدائل أوالمستجدات الثقافية : أنواع الطعام الجديدة والأعمال الأدبية الأجنبية التي يأتي بها بعض المثقفين من الخارج ، واللباس المختلف عن نظيره الوطني العام ، والموسيقى ووسائل الترفيه الحديثة على الحياة المحلية .
والذي يجب تأكيده هنا هو أن أي ثقافة تعرف وتميز عادة بواسطة عمومياتها وخصوصياتها، دون بدائلها ومستجداتها المحدودة المتبناة من أفراد متناثرين هنا وهناك في الحياة الاجتماعية المحلية .
المبادئ العامة للسياسة الثقافية:
يوجد هناك عدد من المبادئ العامة للسياسة الثقافية يستعرضها الباحث علي شكل خطوات:
1-وضع خطة ثقافية بعيدة المدى مع تحديد مراحلها باعتبار معطيات الموجود والممكن إيجاده والمرغوب فيه من عديد الأطراف وفقاً لوعي صحيح لدى المختصين والمسيرين والمنتجين الثقافيين والموزعين في المؤسسات العمومية والخاصة والمستهلكين الذين يميزون الأنفع والأرفع .
2-مقاومة تهميش الثقافة يجعلها في متناول كل الأعمار وكل الفئات الاجتماعية ونشرها في كل جهات البلاد .
3-إدماج الثقافة في الدورة الاقتصادية بحيث تصبح المساندة المشتركة بين الاقتصاد والثقافة ضرورة التنمية الشاملة .
4-العمل على دعم ديمقراطية الثقافة .
5-المساندة المعنوية والمادية لكل رجال الثقافة .
6-ضيافة الثقافة القومية .
7-دعم اللامركزية الثقافية .
8-تمكين كل الهياكل والمنظمات المهتمة بالثقافة فن المساهمة في إعداد الخطة الثقافية وتطبيقها .
9-العمل على التعريف بثقافتنا في الخارج وجعلها في مستوى التجارب الثقافية العالمية لأن احترام الأمم هو في الحقيقة احترام لشخصيتها الثقافية .

الثقافة في المسيرة التنموية :
في اعتقادي أن الكثير وخاصة من فئة الشباب يثيرون الجدل لمعرفة الأسباب التي تعوق النشاط الثقافي وتحول دون مواكبة النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلدان ومن ضمنها بلدنا، وفي رأيي أن من أهم الأسباب التي حالت دون وصول العمل الثقافي المكانة التي نريدها هو مفهومنا الضيق للعمل الثقافي.
فالبعض يعتقد أن العمل الثقافي ليس إلا ترفيهاً طابعه الابتذال والسلبية، كما أن أهل الاقتصاد في بعض البلدان وفي بلدنا لم يعتبروا الثقافة عنصر إنتاج يمكن أن يخضع إلى المقاييس الاقتصادية حيث أنهم لم يولوا هذا الميدان عناية هامة بحكم التغيرات الاقتصادية التي تعيشها البلدان فانصبت اهتمامات بعضهم على التصنيع والتعليم والصحة.
" فيجب على الحكومة أن تولي أهمية للقطاع الثقافي وتعمل على تركيز الهياكل الأساسية لها وتقوم بتشكيل اللجان الثقافية وتفعيل دور الشعب ومؤسساتة ودور الشباب "
لذلك فإن غياب التشريعات الثقافية والسياسة الثقافية" المشروع الثقافي" ساعد في الماضي والحاضر على تكوين المفاهيم المغلوطة للعمل الثقافي.
لذا فالمطلوب من الحكومة سن القوانين والتشريعات التي تعزز العمل الثقافي بدا في المؤسسات العليا وانتهاءا بتأطير العاملين في الحقل الثقافي واشراك المؤسسات الجماهيرية والأهلية في تطوير هذا الميدان وتشجيعهم على الاستثمار وإيجاد البنية الأساسية ، وتشجيع المواهب على الخلق والإبداع وتوفير الإطار الكفء القادر على المساهمة في رفع مستوى العمل الثقافي وتفعيل دور الشباب في بناء مؤسسات المجتمع المدني .

العمل الثقافي ركيزة للخلق والإبداع :
إن أهم ركيزة من ركائز الثقافة على اختلاف مفاهيمها ما يسمى بالعمل الثقافي وهو في حد ذاته متشعب الحدود، جنابي التعريف لأنه يخضع لوجهات نظر مختلفة، فالكل له تصوره الذاتي لنوعية العمل الثقافي ولطرق استغلاله انطلاقاً من المخزون الأيديولوجي والمعرفي للفرد ، ومن الممكن أن يترتب على هذا بعض السلبيات أهمها العشوائية والاحتكار والفراغ والتقليد غير المتبصر، وهذه متجمعة تخلق فوضى وربكة ثقافية يكون لها تأثير على المادة الثقافية بثا ورضاً وتقبلا .
لذا فإن العمل الثقافي عند الأغلبية هو وسيلة لقضاء وقت الفراغ وهذا الخطأ بعينه ، فهذا لا يتعدى أن يكون إلا جانباً منه والأهم من ذلك أن العمل الثقافي جزء من النظام الاقتصادي والبناء الاجتماعي .
ومن الجدير ذكره بأن العمل الثقافي هو وسيلة للتعبير عن قدرات الشخص وركيزة لرفع المستوى الثقافي للإنسان وتنمية مواهبه والتعريف بها وهو الوسط المناسب لتفريغ طاقات الخلق والإبداع وهو الدرع الواقي من الآفات الاجتماعية لذا يحتاج كل مجتمع الى مشروع ثقافي.
الثقافة وتأثيرها في التربية والانسان والمجتمع:
الثقافة مرآة المجتمع التي يرى فيها نفسه بالمعني الحضاري...هي مجمل التعبيرات السلوكية للمجتمع ، وبقدر ما تكون سلوكيات أفراد وجماعات هذا المجتمع راشدة ومرضية و منتجة ، بقدر ما يكون متحضر الخلق فعال الدور بين الأمم ، أي بقدر ما يكون مثقفاً ، وسلوك الفرد والمجتمع من ناحية أخرى هو في الواقع نتاج لعملية بناء وتوجيه إنساني نطلق عليه التربية .
" ومن هنا نخلص إلى
 إمكانية قياسنا لدرجة التقدم الثقافي والحضاري للمجتمع خلال مقارنة كافة سلوكياته العامة والخاصة بمعايير يحددها المجتمع نفسه ، أو خبراء مختصين في مجالات العلوم الإنسانية المختلفة .
 إمكانية إنتاجنا الموجه للثقافة بالتربية ، فطالما كانت الثقافة مجموع ما يسلكه المجتمع نظرياً ومادياً ، فأننا نستطيع عند إذن تطوير وصيانة هذه السلوكيات للصيغ التي نرضاها.
وترتبط جودة الإنتاج الثقافي بالطبع بنوعية معايير الرضا التي يتبناها المجتمع لتسيير حياته اليومية وتقدم مستقبله، والتي تتحدد بدورها بناءً على أخلاقياته وطموحاته ومعتقداته بوجه عام، وفي كل الأحوال إذا كانت هذه المعايير راشدة متقدمة في نوعها وأهدافها يحصل المجتمع على حياة مستقرة بناءة ، وعلى دور مرموق بين الأمم و على ثقافة عصرية متطورة قادرة إجرائياً بواسطة التربية على تحقيق الأهداف الفردية الخاصة والجماعية العامة .
 إمكانية تقريرنا لنوع وأهداف وعمليات التربية المطلوبة بتحديدنا لماهية الثقافة التي نمتلكها ، أو التي نطمح إليها عند الرغبة بطبيعة الحال في التغيير أو التنقيح الثقافي .
 إمكانية تقريرنا لنوع الإنسان والمجتمع من خلال التربية والثقافة أو من خلال معطياتنا وأرصدتنا التربوية والثقافية.
فالإنسان والمجتمع هما حصيلة طبيعية لعمليات تربوية يسخرها (المجتمع) لتنمية الناشئين وزرع المواصفات الشخصية والسلوكية التي يحتاجها فيهم حاضراً ومستقبلاً .
صفات ومميزات الإنسان المثقف :
فالإنسان المثقف نراه كالأتي :
1-غني الخبرة في مجال اجتماعي أو علمي محددّ، أو في معظمها بأن واحد .
2-منفتحاً على الثقافات العالمية الأخرى، متفهما ًومتسامحا غير متعصب يرى حاجات غيره كما يرى حاجات نفسه .
3-ذكياً حاذقاً في إدراكه وسلوكه وتعامله وديمقراطي يحترم الاختلافات .
4-مطلعاً أكاديمياً في غير تخصصه ... أي لديه معرفة متنوعة في العلوم الأخرى .
5-مرن الشخصية والتعامل مع الناس والأشياء نظراً لسعة إطلاعه وأسفاره المادية عبر الأقطار خارج الوطن، أو لمواصلة رحلاته الفكرية عبر الكتب ومصادر المعرفة المتنوعة.
6-متحضر الهوية والشخصية والسلوك، دمث المعشر، وقور المظهر، متوازن القرار، واثق النفس ، هادئ ، قليل الكلام ، كثير العمل ..وناجح الحاضر والمستقبل.
7-إيجابي الميول والتصرف بوجه عام، بنّاء في دوره وقراراته الخاصة بالأسرة والمجتمع والحياة الاجتماعية والمحلية .

الثقافة والبناء الاجتماعي الاقتصادي:
إن العلاقة بين الثقافة والبناء الاجتماعي الاقتصادي تماثل بين الفراغ والعمل، فهي علاقة تعارض كما أنها علاقة تأثير وتأثر في الوقت ذاته .
فالثقافة هي الإطار الأشمل للفن قد تؤثر تأثيراً مضاداً لاقتصاديات يوم العمل في المجتمع، ويقول جيف ناتاف((Jeff Nuttav " إذا كان البناء الاقتصادي يشبع الحاجات الإنسانية الثابتة فإنه يتميز بأنه مركزي ، أماّ القوى الثقافية فطالما أنها تمثل الإطار الأشمل لتغير الرغبات الإنسانية فهي لا تمثل نفس البؤرة المركزية التي يمثلها البناء الاقتصادي".
والواقع أن الثقافة وما يرتبط بها من مستوى الوعي الجماهيري بأهمية دورها في المجتمع وبالأخص في المجتمعات النامية، تتأثر تأثراً عميقاً بصور وأشكال العلاقات الاجتماعية المميزة للمجتمع ككل ، وكما نستطيع أن نميز بالنظر إلى المستوى الاقتصادي بين طبقات متفوقة اقتصادياً وأخرى مقهورة اقتصادياً ، فإننا نستطيع على أساس الثقافة والخبرات و المعاني المتاحة في المجتمع أن نفرق بين ثقافة الصفوة وثقافة الجماهير ، ويكون بإمكاننا بعد ذلك أن نفحص على وجه الدقة العلاقة بين هذه الأوضاع الثقافية وبين مفهوم الفراغ .
ومن الجدير بالذكر أن طبقة الفراغ التي كانت دعامة الثقافة العليا في المجتمع الماضي كانت تتخذ لها وضعاً متميزاً كجماعة محددة المعالم داخل المجتمع ، غير أن التغيرات الاجتماعية والسياسية وعلى الأخص الديمقراطية السياسية وتطور التعليم العام قد عملا على كسر احتكار الطبقات العليا للثقافة السائدة في المجتمع ، كما أننا لا نستطيع الزعم بأن المجتمع المنقسم إلى طبقات لم يعد يتحقق بسبب ارتفاع المستوى المادي بصفة عامة ، فإننا بنفس الدرجة لا نستطيع أن نقول بأن المجتمع الحديث يخلو من ثقافة الصفوة حتى وإن كان الأغنياء يستهلكون بعض منتجات الثقافة الجماهيرية.

الأنشطة الثقافية ومساهمتها في تنمية قدرات الشباب:
1-أنه من خلال هذه النشاطات يستطيع الشاب أن يكتشف في نفسه قدرات جديدة تضيف جوانب إيجابية لشخصيته لا يستطيع أن يكتشفها في أي مجال آخر .
2-حين يلجأ المجتمع أو الجمهور أو المؤسسة إلى تكريم بعض البارزين في مجالات الأنشطة الثقافية والفنون ، كتكريم المثقفين والفنانين والرياضيين وغيرهم ، فإنه بذلك يجعل من نشاطات الفراغ قيمة جديدة إيجابية في نظر الناس ويجعل من هؤلاء الأفراد نماذج يمكن أن تحتذي .
3-الاشتراك في هذه النشاطات تخرج الشاب عن روتين الحياة اليومية في الزي أو في السلوك أو في أسلوب التفكير، ومن ثم يمثل مجالاً للتجديد والتغيير والقضاء على الملل .
4-تأمل بعض نشاطات ثقافية أو ترويحية ومتابعتها، مثل متابعة بعض الأمسيات الثقافية والمهرجانات الثقافية يعطي الشاب إحساساً بالجمال والاستغراق بعيداً عن روتين الحياة ، كما يمكن أن يكون مصدراً للإلهام بسلوك مبدع جديد.
5-يستطيع الشباب من خلال هذه النشاطات إيجاد أدوار ووظائف تمثل في حد ذاتها مجالاً للإشباع الاجتماعي.
6-الطقوس الترويحية التي تصاحب نشاطات الفراغ والحفلات والأمسيات الثقافية المختلفة تمثل في حد ذاتها مجالاً للإشباع الاجتماعي.
العلاقة المتبادلة بين الشباب والمجتمع :
لو أمعنا النظر في المجتمع العربي لوجدنا أن نسبة الشباب تشكل نسبة عالية تبلغ النصف تقريبا، وإذا أردنا مشاركة أو دور فاعل للشباب في بناء المجتمع المدني ومؤسساته فلابد أن يتم هذا الدور بمراحل عديدة أهمها:
1-مرحلة الطفولة : وتبدأ هذه المرحلة بتربية الطفل تربية سليمة مبنية على أساس تربوي منهجي وعلمي ، تعترف به كإنسان وإعطائه كامل حقوقه ومن هنا ينشأ الطفل ويرتقي إلى دور المشارك في المجتمع الصغير الذي يعيش به العائلة والمدرسة .
2-مرحلة الشباب : وفي هذه المرحلة لابد من توسيع تربية الشباب تربية صحيحة وسليمة بإعطائهم فرصة بكل حرية بالمواضيع الخاصة بالتصنيف المدني لأن المجتمع الذي نوصف إليه يعتمد على مؤسسات مدنية وأساس بناء هذه المؤسسات هو الشباب الفلسطيني ، فإذا وضعنا خطة في مجال التقنين والتأهيل لمجموع الشباب فإننا ندربهم على الأعمال الخاصة بهم مثل ( الديمقراطية-حقوق الإنسان -العمل الخيري والتطوعي-المواطنة-المجتمع المدني-الأحزاب... النقابات ... الخ ) .وغيرها من المواضيع التي تطور عقلية الشباب الفلسطيني .
3-المرحلة الأخيرة : وهي استعداد الشباب للمشاركة الفاعلة والإيجابية في بناء المجتمع المدني كتحصيل حاصل للمراحل التي مر بها سابقاً .
وهكذا يستطيع الشاب أن يشارك مشاركة إيجابية في بناء المجتمع المدني حسب اختصاصه وعمله ومهنته .
عناصر رئيسية مثبتة ومتفق عليها تؤدي إلى عمل ثقافي إيجابي :
1-خلق مناخ مناسب يساعد المجموعة المنشطة على إبراز خبرة كل فرد انطلاقا من مبدأ عام :العمل الثقافي هو عملية أخذ أو عطاء أو إفادة واستفادة وبهذا،ينتفي الرأي السائد القائل بأن الطريقة المثلى في العمل الثقافي تكمن في الاتفاق الجماعي على رأي أو وسيلة ، ويصبح من الإيجابي أن ينشط كلا على حسب طريقته انطلاقاً من الرصيد المعرفي الذاتي ،حيث لا مجال إلى أي ضغط متسلط من طرف الموجة او المشرف علي الأنشطة على مجموع المشاركين .
2-العمل على تحسين قدرات كل فرد والمجموعة وخلق علاقات اتصالية إنسانية بين الفرد والمجموعة.
3-الانتهاء بالفرد إلى التعود على ضرورة الابتكار الغني والخلق الجمالي.
هذه العناصر الثلاثة المتجمعة تساعد في اعتقادي وفي اعتقاد الكثيرين إذاً على توسيع حلقة الاتصال الجماعي من اجل مناخ مناسب تظهر فيه التجارب المختلفة وتتفتق عبره المواهب الكامنة لتتحسس الطريق نحو الانتشار الأوسع مجالاً، كما تساعد على خلق روابط إنسانية تجعل الفرد يدور في فلك جماعي بعيداً عن الإحساس بأي قيد أو حاجز يقف دونه والآخرين .
ميادين الأنشطة الثقافية: وهي ميادين كثيرة نذكر منها ….
1-الميدان الفني : مثل الفنون التشكيلية ، المسرح ، السينما ، الموسيقى ، ولعل أغلب المقبلين على هذه الميادين هم أولئك الذين يبحثون على المزيد من المعلومات .
2-الميدان العلمي الصرف:مثل الإلكترونيات، الفيزياء والكيمياء وغيرها والمقبلين على هذه الميادين دافعهم حب البحث والمعرفة والأمل في وجود وسائل ومعدات تساعدهم على تحقيق ذلك .
3-الميدان الترفيهي : مثل ألعاب فكرية سليمة ، عروض المسرح والسينما والموسيقى الهادفة وهي مجموعة من العروض تخضع إلى منطق العارض والمتفرج وبينهما المعروض يبحث من ورائها المتقبل عادة الترفيه والاستمتاع والاستفادة .
4-الميدان العملي التثقيفي :ويتمثل في المجلة الثقافية ، العدد الشهري، المنشورات الثقافية ، الندوات الثقافية ، الأمسيات الثقافية ، المسابقات الثقافية .

وهنالك ميادين أخري للعمل الثقافي، في الختام يبقي السؤال كيف نشجع ثقافتنا علي الانفتاح، كيف ندفع الممارسات الثقافية العربية التقدمية وكيف نشجع الممارسات الثقافية بين الشباب وخاصة في ضوء غياب العلاقات الفاعلة بين التعليم والثقافة في العالم العربي وفي ضوء أزمة الثقافة العربية والمثقفين العرب وهل نتوقع مستقبلا أفضل لشبابنا بدون ثقافة واعية وواعدة،ففي ظل التسارع المعرفي والتغير في العالم فإن المطلوب من المجتمعات والبشر اكتساب قدرات التحرك والتكيف لضمان البقاء والتقدم، وإذ ذاك لابد لها من مغادرة نطاق التقليد، والطموح نحو الإبداع في الحكم الصالح والتنمية والتحرر الذاتي وإحقاق الديمقراطية والتحرر من العصبيات العشائرية والإرثية، يشار هنا إلى أن الثقافة العربية تعاني من ثنائية وانقسام ثنائية التقليد والحداثة ولا يحتاج الإنسان لجهد كبير لكي يرى الفجوة التي تفصل بين الثقافتين،فالانغلاق والانكفاء على الذات والاغتراب يجعلنا نواجه التحديات بعقول سلبية هروبية فعلينا الانخراط في الحضارة الإنسانية دون تردد ودون حدود لأنها حضارة إنسانية لا يمكننا الوقوف ضدها ولا تحقيق التقدم خارجها، وللأسف ان ما يكبل العقل والعمل المشترك في المجتمع العربي في مجال التنمية عموما والتنمية الثقافية علي وجهة الخصوص هو ضعف الإرادة السياسية التي يمكن إرجاعها إلى غياب المجتمع المدني – الديمقراطي، وغياب دور المثقفين وتشريعاتهم للمستقبل بالإضافة إلى دور العوامل الخارجية المتمثلة في الاستعمار والصهيونية والإمبريالية العالمية والأمركة، التي تهدف إلى إبقاء حالة التخلف والتبعية في مجتمعنا . إن خصائص وسمات المجتمعات العصرية باتت تؤثر فيها العوامل الخارجية بشكل كبير، فالحروب المرتقبة والناشئة الآن وجرائم العدوان والحرب و الاحتلال الأجنبي آخذة في التصاعد، والتدمير الحضاري لمنجزات البشرية في مجالات التنمية وحقوق الإنسان آخذ في التسارع المحموم، ويمكن القول أن العالم يمر بأزمات وهموم غير عادية،إن المسيرة الثقافية العربية تتطلب ثورة منهجية تمكن من القيام بمجموعة من الأدوار دفعة واحدة في إطار عملية تنمية شاملة بعيدة عن التخدير الأيدولوجي والافتراء على حقائق التاريخ، لأن تحويل العلاقة من علاقة قوامها التنمية والتحرر إلى علاقة تتخذ حدية الصراع بين داخل مطلق وخارج مطلق، وبالتالي تنامى الحديث عن الغزو الفكري بدلاً من الاعتراف ومواجهة عوامل التخلف والضعف الذاتي، وانسحب ذلك على تنحية الشروط الاجتماعية والثقافية للتنمية، وتم اعتماد البنى الثقافية والاجتماعية الموروثة التي تحولت إلى عوامل للمناعة الوطنية أمام هاجس الغزو الفكري. كل ما سبق جعل من قضايا التحرر والمدنية والبناء الثقافي للشباب تنفصم عن البنى الاجتماعية والثقافية التقليدية وبقيت تلك البنى على حالها دون أن يطرأ عليها أي تغير جوهري، وتحول الخطاب النهضوي الحداثي إلى خطاب تقليدي ماضوي، مما مكن الاحتلال والإمبريالية من التحكم بأجزاء من عالمنا المطلق بناءً على خصوصية مزعومة، وعليه فإن العرب والشباب العربي اليوم مطالبون بفحص كافة أدواتهم وخاصة الثقافية منها في المعركة من أجل التقدم والتنمية والديمقراطية و الانعتاق، بما يمكنهم من مواجهة تحديات العصر في إطار كوني يتسم بالتعقيد والهيمنة الصهيوأمريكية.



#صلاح_عبد_العاطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانوراما.. بمناسبة الذكري الرابعة للانتفاضة
- تهكميات
- رسالة الى...........
- نحو رؤية لتطوير العمل الشبابي والطلابي داخل الاحزاب السياسية ...
- ماينقصنا؟؟؟
- السؤال الكبير...؟؟ المستقبل...
- مدرسة الانتصار
- المؤسسة؟؟؟
- دين كبير مستحق السداد
- تصميم وتنفيذ البرامج في مجال الطفولة والشباب
- مهنة التنشيط في فلسطين
- نحو تربية تقدمية في فلسطين والعالم العربي
- المجتمع الفلسطيني بين التقليد والحداثة
- الطفولة في فلسطين بين ضراوة الواقع وضرورات الرد
- التشبيك بين مؤسسات المجتمع المدني
- الشباب الفلسطيني الواقع والطموح
- تقرير اخباري عن مؤتمر التضامن مع الشعب الفلسطيني بالسويد


المزيد.....




- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح عبد العاطي - الشباب والثقافة