أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - لقمان محمد - اللغة الأم مفتاح المستقبل الأنساني














المزيد.....

اللغة الأم مفتاح المستقبل الأنساني


لقمان محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 03:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


كيف أن لكل فردٍ خارطة جينية خاصة تميزه عن الأفراد الآخرين،حتى يمكننا أن نسميها الصندوق الأسود لكل أنسان، لما تحتويه على معلومات وراثية خاصة عن الفرد، فلكل شعبٍ أيضاً لغة خاصة تحمل مفرداتها ثقافة وتراث هذا الشعب، وقيمه المادية والمعنوية، وتحدد هويته القومية. إن أي خلل يحدث في الخارطة الجينية والمورثات لدى الفرد يخلق مولوداً غير صحي ومُعاق ذهنياً وبدنياً، كذلك الحالة هي بالنسبة للغة أيضاً، فأي ضغطٍ أو حظرٍ عليها تُخلق شخصيةً غير مستقرة وشعب متوتر اجتماعياً وسيكولوجياً. لأن اللغة الأم هي مصدر الإبداع ووسيلة للتعبير الثقافي،والتي تجعل النمو الفكري والوعي والذهنية والعقلية تتطور بشكل صحي، وهذا بدوره ينشئ مجتمعاً صحياً ويؤثر على مستوى التعليم ونتائجه وعلى مصادر المعلومات و المعرفة أيضاً.
إن المعلومات في عصر التقنية المذهلة وفي مجتمع المعرفة هي أداة ووسيلة أساسية لصنع القرار التي تُمكن الناس من المشاركة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والتطور الأنساني. ومن ثم امتلاك القدرة على الوصول للمعارف والمعلومات المتلقاة من التنمية البشرية وكيفية الأنتفاع منها والتأثير فيها، التي بدورها ستؤثر بشكل متزايد في قدرة الفرد على المشاركة في المجتمع وامتلاك إرادة لتحديد نوعية الحياة التي يرغب الفرد والمجتمع عيشها. وإن اللغة هي الوسيلة الأولى التي تؤدي دوراً حاسماً وأساسياً في هذه العملية.
لهذا فاللغات ليست فقط مجرد أدوات تواصل، بل هي أيضاً وسائل لنقل منظومات القيم والأخلاق والتراث وأشكال التعبير الثقافي والجمالي الفني، كما أنها عامل أساسي في تشكيل هوية الشعوب والأمم وأفرادها. وإن التنوع اللغوي الذي من نتاجه التنوع الثقافي، هو عنصراً أساسياً في التراث الحي للبشرية والثقافة الأنسانية يستوجب رعايتها. نظراً لهذا الدور الحياتي التي تلعبه اللغات في تحديد مصير الشعوب ومستقبلها، فقد قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونيسكو) بأن يكون يوم" 21 شباط"* من كل عام يوماً عالمياً للغة الأم. هذا القرار الذي اتخذته اليونيسكو بتارخ 17-11-1999- والبدء بالعمل به منذ عام 2000 والهدف من هذا القرار هو المحافظة على حقوق الأقليات والقوميات وحق الشعوب بالتعليم باللغة الأم، وبالتالي تعزيز التعدد اللغوي و التنوع الثقافي الأنساني.
إن الحضارات القديمة قد أثّرت وتأثّرت فيما بينها وأصبحت ميراثاً انسانياً، فإن اللغات التي تستخدمها البشرية هي أيضاً أثّرت وتأثّرت فيما بينها. لذلك فإن اللغات تترابط فيما بينها بأصولٍ مشتركة مع حفاظ كل لغة على مصدرها الخاص للمفردات والمعاني تعبّر فيها عن الواقع والتراث ومستوى الوعي والفكري والإيماني لكل شعب، وهذا التنوع يصبح ثروة ثقافية أنسانية. لأن اللغات تحافظ وتطور الميراث المادي والمعنوي للشعوب، فإن تعايش وإنسجام اللغات يؤدي إلى التقارب الثقافي والتعايش السلمي وتحقيق التضامن المبني على أساس الإحترام والحوار والتفاهم والتسامح فيما بين الشعوب والأفراد.
إن الدول التي تضع قوانين عنصرية والحكومات التي تتبع سياسات تمييزية تهدف إلى صهر اللغات الأخرى داخل المجتمع، تحقن المجتمع بفيروس التفرقة الذي يؤدي إلى إضعاف شعور الإنتماء ونشوء خلل اجتماعي فاسد تصعب لا وبل حتى يتعذر مكافحته. لأن سياسة الصهر القومي واللغوي، يؤدي إلى ضياع الذاكرة والأنماط التفكيرية التي تعتبر موارد ثمينة للمستقبل الأنساني.
بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، يجب على كافة الأنظمة الشمولية والدول التي تتبع سياسة الصهر،أن تعيد كتابة دساتيرها وتضع قوانين وسياسات لغوية تضمن التعلم للشعوب والجماعات الأثنية بلغتهم الأم وايجاد آليات التواصل بين الثقافات وإقامة ثقافة سياسية ديمقراطية.
نظراً لِما تلعبه اللغة الأم من دور أساسي على الهوية والتواصل والإندماج الاجتماعي والتطور الثقافي والتنمية في مستقبل الشعوب، فهي ذات أهمية استرتيجية على مستقبل سكان الكوكب والكوكب ذاته. بحيث يتم تسخير كل الروئ المتنوعة والمعارف وأشكال الثقافات عن طريق تعزيز التعلم باللغات الأم والتي تعتبر وسيلة أساسية للتفاعل الإجتماعي و المفتاح المصيري للمستقبل الأنساني.
*(في 21 شباط من عام 1952 فتحت الشرطة النار في مدينة داكا-عاصمة بنغلاديش الحالية-على تلاميذ خرجوا متظاهرين للمطالبة بالتعلم بلغتهم البنغالية كواحدة من لغتي البلاد الرسمية لما كان يعرف آنذاك بباكستان).

لقمان محمد - السويد



#لقمان_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصبح الأنسان حرية
- اللغة شيفرة هوية الفرد
- دستور حقوق الأنسان


المزيد.....




- إدارة بايدن تسمح للمقاولين العسكريين الأمريكيين بالانتشار في ...
- بايدن يعلق على أحداث أمستردام
- روسيا تؤكد استعدادها لنقل 80 ألف طن من وقود الديزل إلى كوبا ...
- رئيس الوزراء اليوناني يقدم مقترحات للاتحاد الأوروبي من أجل ا ...
- رويترز: البنتاغون يسمح بتواجد متعاقدين عسكريين في أوكرانيا ل ...
- الناتو يزعم أن التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية يمس الأمن ا ...
- إيران: مقتل 4 -إرهابيين- وجندي في عملية في سيستان وبلوشستان ...
- قضيّة الوثائق السرية المسربة: مستشارة الحكومة الإسرائيلية تو ...
- تواصل التنديدات الدولية بالهجمات على مشجعين إسرائيليين في أم ...
- القضاء الأمريكي يوجه الاتهام لإيراني بالتخطيط لاغتيال ترامب ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - لقمان محمد - اللغة الأم مفتاح المستقبل الأنساني