|
العولمة الثقافية وتداعياتها على الشباب في فلسطين
صلاح عبد العاطي
الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 16:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يسلط هذا المبحث من رسالتي لنيل درجة الماجستير، الضوء على تأثير العولمة الثقافية على الشباب المجتمع الفلسطيني وسبل مواجهة تداعياتها. لا يختلف اثنان حول الأهمية التي يكتسيها عنصر الشباب في المجتمع, فهو الطاقة الحيوية الفاعلة التي تساهم في عمليات التنمية والتغيير الاجتماعي، ولن يتأتى ذلك إلا بإحاطة هؤلاء الشباب بكل أسباب التطور والتنمية التي تجعلهم يتفاعلون مع متغيرات العصر بكل ثقة واقتدار، صامدين في وجه تداعيات العولمة السلبية في عالم شديد الانفتاح وكثير المعلومات، عالم التدفق الكثيف والمتسارع لمنتجات حضارة الصورة التي لم تعد تستثني أحدا، واضعة نصب عينيها زرع قيم وتوجهات جديدة تستجيب لطبيعة التطلعات الرامية إلى بناء ثقافة عالمية جديدة، ولاشك أن الشباب يندرج في صلب هذه الاستراتيجية التي ترتكز على وسائل الإعلام المرئية بما تتضمنه من إمكانات ومغريات في صنع منظومة ثقافية عالمية استهلاكية منمطة ومستنسخة عما تروج له القنوات الفضائية وسائل المعرفة والتكنولوجيا على الصعيد العالمي من قيم استهلاكية.( أبو زيد ، 2004)؛ ونظرا لأن الشباب العربي يشكل القدرة الشرائية الاستهلاكية المتصاعدة بالنسبة للعولمة؛ مما يجعلها الشريحة المستهدفة الرئيسة لخلق مبادئ توحيدية تقدس الهمبرجر والمشروبات الغازية وأجهزة التكنولوجيا الحديثة كالهواتف النقالة. ويوازي هذه الوحدات الاستهلاكية انفتاح على ثقافات أخرى دون وجود مصفاة معنوية داخل هؤلاء الشباب؛ لتمييز الصالح والطالح من مكوناتها، الأمر الذي يؤدي إلى الإخلال بمفهوم الحريات، وحدوث تلاقح غير سوي يخلق ثقافة عربية مشوهة يتبناها حالياً العديد من الشباب العربي. (عبد الرءوف،2002) ومن المعروف أن التبعية الاقتصادية تتيح الفرصة لتبعية ثقافية لكن معالمها أقل وضوحاً، وهو ما يحدث في الوطن العربي بالخفاء، لكنه في النهاية يظهر حين تصنف الدول المركز بأنها الدول المتطورة، وتصنف الدول الأطراف كالدول العربية الأكثر تخلفاً واستقبالاً سلبياً للعولمة. أما على الصعيد الفلسطيني فتعد مظاهر العولمة في فلسطين باهتة جداً، وتقتصر على انفتاح ضعيف يتعلق ببعض وسائل التكنولوجيا كشبكة الإنترنت وأجهزة الهاتف النقال، ولكننا لا نجد هيمنة الماركات الاستهلاكية الأخرى كسلاسل مطاعم الماكدونالد والكنتاكي، أو وجود وكالات رسمية للماركات التجارية العالمية المشهورة للعطور والأزياء. وهذا يرجع بدرجة أساسية إلى عدم رغبة تلك الشركات الكبرى بأن يكون لها تواجد في منطقة شرق أوسطية غير مستقرة سياسياً وأمنياً كفلسطين نتيجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. (عبد العاطي،2004) فالعولمة قد ساهمت في بلورة رؤى واتجاهات ومواقف لدى الشباب الفلسطيني، بعضها واضح المعالم، وأكثرها يميل إلى الضبابية وذيوع القيم السلبية، والتخبط وانعدام الثقة بالمجتمع من جهة والانغلاق على الذات والتطرف في الأفكار، إضافة إلى أن انخفاض مستوى الوعي بالحقائق والمفاهيم الحديثة كالعولمة يؤدي إلى وجود الإشكاليات التي قد تواجه الشباب في تفاعلهم مع الواقع المحيط بهم، مما يؤدي إلى صراع فكري قد يفقد الشاب من خلاله هويته الثقافية وانتمائه الوطني والعربي والإسلامي (سالم ويونس، 2002).
أشكال وتداعيات العولمة:
1.الحصار لا أحد ينكر أن هناك عولمة من نوع آخر تؤثر في حياة المواطنين الفلسطينيين عامة والشباب خاصة، ألا وهي عولمة القرار السياسي لضمان الخضوع لهيمنة وشروط محركي العولمة الاقتصادية والسياسية في العالم، كان من نتائجها تعرض الأراضي الفلسطينية في العقد الأخير إلي حصار خانق الذي جاء نتيجة للعولمة السياسية ولممارسات الاحتلال الإسرائيلي بموافقة أمريكية وتواطؤ أوروبي وعجز عربي وإسلامي، تزايد على أثر فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، وصل حد الخنق لقطاع غزة على أثر تداعيات عملية الحسم العسكري والانقلاب الذي قادته حركة حماس في غزة بتاريخ 14/6/2007، وكان لهذا الحصار الذي يعتبر نتاج ظاهرة العولمة أثار وخيمة منها حرمان العديد من الشباب من أقل الحقوق، ألا وهي توفير التعليم المناسب حيث عجز عدد كبير منهم على التوجه إلى الجامعات بعد تزايد الفقر وتوفير مواصلاتهم، أو دفع الرسوم الجامعية أو أن يحلموا بأكثر من توفير قوت يومهم لهم وعائلاتهم، كما تم حرمان الشباب الفلسطيني من السفر واستيراد الانفتاح الدولي على مستوى المعلومات والكتب والاقتصاد والتجارة والتعليم.
2. شبكة الإنترنت ازدادت وتتزايد ظواهر ارتياد الشباب لمقاهي الإنترنت أو زيادة عدد المشتركين في شبكة المعلومات الانترانت، لتمضية الوقت، ومع إقرارنا بأن الإنترنت ليست ظاهرة سيئة بحد ذاتها، ولكن الاستخدام السيئ لها خاصة في مجال استخدام غرف الدردشة والنفاذ إلى المواقع الجنسية بعيداً عن التوجيه الأسري والمجتمعي الذي يتعاطى مع هذا الموضوع بنوع من السرية والتكتم الشديد، يفتح المجال واسعاً أمام الشباب خاصة من هم في سن الخطر للوقوع في فخ العلاقات غير الآمنة، وهذا بحد ذاته خطر يهدد المجتمع بأسرة ويهدد العلاقات السوية المفترضة بين أفراده. اقتصرت علاقة الشباب الفلسطيني مع مظاهر العولمة على التعامل مع الوسائل الاتصالية والإعلامية لهذه العولمة، ويأتي في مقدمتها ارتياد نوادي الإنترنت واشتراك المكاتب والمنازل بها والذي زاد في آخر عامين بصورة ملحوظة بسبب تسهيل الاشتراك المجاني من قبل شركة الاتصالات الفلسطينية. وبسبب زيادة سطوة الإنترنت على الجيل الجديد من الشباب والشابات؛ مما جعل الشبكة منفذا للوعي الرئيسي لهؤلاء، وحلت بديلاً عن دور الأهل والقيم المجتمعية التي يكتشف الجيل الحالي أنها لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر وتقنياته التي يشهدها العالم، خاصة أن السلطة سواء كانت الأسرة أم الدولة أم الجامعة لم تعد تملك إجابات عصرية مقنعة لهؤلاء الشباب، وبالتالي فإنهم يفقدون تدريجياً هويتهم ويرتبطون بالعولمة.(رحال، 2004) وبسبب استيراد الآلة دون وجود المعلومة والفكرة تزايدت أعداد الشباب الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا في جوانب سلبية ولساعات طويلة، مما يحتم وجود برامج وأنشطة في مجال التكنولوجيا.(ملف الشباب، 2002)، وفقا للمسح الذي أجراه المركز الفلسطيني للرأي العام عن مواضيع وأهداف استخدام الإنترنت، وجد أن 17,7% من مستخدمي الإنترنت الفلسطينيين يستخدمونه لتصفح الأخبار والأوضاع الراهنة، 18.8% لمتابعة المصادر التعليمية،7.1% لمتابعة الأمور المهنية، 10.2% لمتابعة معلومات العمل والمعلومات، 3و2% لمتابعة أمور السفر والسياحة، 22.5% للدردشة، 4.1% للرياضة،13.2 % للثقافة، 2.8% لمتابعة طرق ترفيهية أخرى، 1.3% لمتابعة معلومات الشراء والزبائن، (مركز المعلومات البديل، 2005)، وفقا لإحصائيات أي تي يو فإن نسبة مستخدمي الإنترنت في الأراضي المحتلة وصلت في عام 2000 إلي 35 ألف مستخدم، وارتفعت إلى 145 ألف مستخدم في 2003 حتى وصلت إلى 160 ألف مستخدم في عام 2005 (تقرير استخدام وتسويق الإنترنت في الأراضي الفلسطينية، 2005). وفي تصريح صحفي لوكالة معا أشار مهند هيجاوي مدير عام شركة الاتصالات الفلسطينية أن عدد المشتركين في خدمة ADSL للإنترنت تجاوز رقم 50 ألف، وأن فلسطين تتقدم على الكثير من دول الجوار في عدد المشتركين حيث بدأت الخدمة فعليا في فلسطين مع بداية عام 2006، وقد وصلت خلال عام واحد إلى 26 ألف مشترك, وهذا وقد أشارت إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء بأن المجموع السنوي لما ينفقه الشباب الفلسطيني على التكنولوجيا بلغ 166 مليون شيقل في العام 2006، وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن 59% من الشباب يستخدمون الإنترنت (بواقع 71% للذكور و47% للإناث). كذلك فإن 31% ممن يستخدمون الإنترنت يستخدمونه للبحث عن عمل، و77% يستخدمونه للاتصال بالأصدقاء والأقارب، و75% يستخدمونه للتسلية، و43% يستخدمونه لإنجاز الأعمال. ومما يلاحظ أيضاً أن استخدام الإنترنت في تزايد سريع، وأن عدد المستخدمين في تصاعد مستمر يوماً بعد يوم رغم ازدياد تذمر التربويون وأولياء الأمور من وقوع المراهقين والمراهقات بسحر الإنترنت، وانتشار المحادثات (الدردشة) الهابطة. (قلالوة، 2007) في الحقيقة إن للإنترنت تأثيره الفعال، ووقعه الشديد على جميع الأفراد المستخدمين له، وقد أشارت كثير من الدراسات الحديثة بأن الإنترنت جزء أساسي في إثراء معلومات الإنسان، وتوسيع خبراته وإذكاء قدراته العقلية وزيادة معارفه، وبخاصة لدى الشباب الذين يرغبون في مزيد من العلم والمعرفة. وفعلاً إن الإنترنت قد جاء بإضافات علمية مفاجئة إذ لم يتم اكتشافها إلا من باب الخيال العلمي، فالإنترنت ساعد على نشر المعلومات وقصر المسافات وأزال الحدود، واختصر الزمن، وأعطى للمد العلمي حرية واسعة في التناول من قبل الجميع عبر الشبكة المعلوماتية العالمية، ومتابعة نتائج البحوث وآثار الحوادث والتطورات العالمية، مما ساعد بحق على مواكبة التقدم البشري، إلا أن ذلك لا يمنع من الاستخدام السلبي للتعامل مع شبكة الإنترنت حيث تشير الدراسات إلى سلبيات نذكر منها: تفاقم أزمات الشباب أكثر فأكثر، حيث بات الشباب يعاني من أزمة مزدوجة متولدة عن الأزمات المعرفية المتوارثة في المجتمع العربي، وأخرى ناتجة عن التأثيرات القادمة عبر الإنترنت، والتي تعكس ثقافة ومفاهيم مجتمعات أخرى غريبة، وتتحدث عن رفاهية خيالية نسبة لشباب البلدان الفقيرة، مما يهدد الشباب في هذه البلدان بأزمات جديدة جراء هذا المد العولمي، إلى جانب استخدام الإنترنت في نشر الصور والثقافة الإباحية والمعلومات المشبوهة والأفلام المخلة بالآداب العامة، وانتهاك حقوق المؤلفين الأدبية وعمليات الإرهاب، وعمليات الابتزاز من قبل بعض العصابات ضد شركات، بإفشاء أسرارهم والتزوير والسطو على أموال البنوك والإعلانات الكاذبة, كما تتجلى أضرار الإنترنت على الشباب في إساءة استخدام المحادثة والبريد الإلكتروني في تبادل الرسائل والثقافة الجنسية غير البريئة، وكذلك محاولة اختراق المواقع الممنوعة وقضاء الوقت في اللهو غير البريء،( شبابنا في ظل الأزمة اقتصادية يبحثون عن الكماليات (2007 ما يعني الولوج إلى عالم الجريمة المنظمة، وأحيانا العزلة الاجتماعية جراء الإدمان على الإنترنت، لذا لابد من إكساب الشباب قيما ومهارات حُسن الاستخدام له والاستفادة منه.
3. الهاتف النقال لا يوجد الآن شاب وشابة تجاوز/ت العشرين من عمره/ها ولا يمتلك أو تمتلك هاتف نقال سواء كانوا من الطبقة المتوسطة أو الغنية، لما تمنحه إياه من شعور بالخصوصية والتميز رغم أن التعامل معه لا يزال سطحياً، حيث تشير بعض الإحصاءات المؤسسية أن نظام كالمسجات يستخدم لتبادل الرسائل العاطفية بشكل رئيسي، أو تصوير بعض المقاطع وإرسال مقاطع البلوتوث، وأن منهم من يقضي يومه في البحث عن أحدث النغمات والأشكال الحديثة من الجهاز، ولكن خدمات الجهاز لنقال في تطور مستمر وخاصة في ضوء التطور الإلكتروني والتكنولوجي للأجهزة والتي أصبحت عبارة عن أجهزة كمبيوتر صغيرة تمكن الشخص من القيام بمجموعة من العمليات المتعددة. وقد كشف د. عبد المالك الجابر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية أن عدد مشتركي جوال وصل إلى مليون مشترك (وكالة معا الإخبارية، 2007-أ). فالهاتف النقال أوجد جيلا جديدا يرى في التلفون الخلوي النقال حاجة أساسية للتواصل مع أقرانه، إلا أن هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام ففي الوقت الذي يعاني فيه الشباب الفلسطيني من الفقر والبطالة ألا إنه حريص على اقتناء أرقي أجهزة الجوال والمحمول، ولعل ما تحققه شركة جوال من أرباح سنوية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات خير شاهد على سعة استهلاك واستخدام الجوال في أوساط الشباب والمجتمع.
4. قنوات الأخبار والمنوعات العربية والدولية يعد التليفزيون الوسيلة الأكثر انتشاراً وشعبية من بين كافة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيري على مستوى العالم، كما أنه يتميز، بل ينفرد، بتنوع مواده ما بين الإخبارية، والعلمية، والثقافية، والترفيهية، والتسجيلية، فضلاً عن المواد الإعلانية، ولعل من أهم التطورات التي طرأت على هذا الجهاز خلال السنوات القليلة الماضية، كونه أصبح وسيلة إعلام كوكبية بأكثر من كونها محلية. وذلك مع البث الفضائي المتجاوز للحدود الوطنية، ومن ثم اتسع مجال الاختيار والتفضيل على كافة المستويات أمام جمهور المشاهدين، وهو تطور يتساوق مع تطورات العولمة، ومن ثم يصبح هذا الجهاز بمثابة ملتقيا لتفاعل الثقافات والقيم، المحلية والكوكبية، التي تتأثر وتؤثر بدرجات متفاوتة على المتلقين في جميع أنحاء العالم.( رشوان وحسن، 2004) فقد أصبح فضاء الكرة الأرضية مغطى بشبكة كاملة من الفضائيات المتابعة لكل تفاصيل الحياة، ولم يعد هناك فضاء محظور، وما هو مغلق اليوم يصبح مفتوحا ومشاعا غدا، وثقافة الأمم باتت تواجه " اقتحام البرامج المعولمة بالصورة والصوت، فمن عروض الأفلام السينمائية إلى عروض الفيديو كليب إلى نشرات الأخبار والفضائيات الدينية والتي تعد عروضها شكلا آخر من شكل التوجيه الثقافي، تسهم في بناء منظومة الوعي الكوني وثقافته، وتوجهه بحسب الرسالة التي يرسمها المالكون لها. وكان من نتائج هذا الانتشار أن أدمن الكثير من الشباب والشابات على قضاء وقت فراغه وأحياناً على حساب أوقاته الأخرى في متابعة الفضائيات، خاصة التي تعرض الأفلام العربية، مثل روتانا سينما والأجنبية مثل أم بي سي أكشن أو الفضائيات التي تبث أفلاما وعروضا جنسية إباحية، أو التي تعرض الأغاني المصورة بطريقة الفيديو كليب 24 ساعة كمجموعة روتانيات وميلودي، وكما يحرصون على متابعة برامج تلفزيون الواقع كستار أكاديمي التي هي من اختراع غربي وصورة جديدة لعولمة الثقافات، وهناك من يحاول الاشتراك فيها. وعلى النقيض نجد منهم وخاصة الكبار في السن من أدمن القنوات الإخبارية كقناتي الجزيرة والعربية ومتابعة الحوارات السياسية عليها، والتي تسمى "صراع الديكة"، والتي هي أيضاً من اختراع أمريكي وأوروبي. كما أن نظرة فاحصة إلى فضائياتنا العربية ومدى الحيز الذي تحتله قضايا الشباب فيها يصيب الغيورون بخيبة أمل، فنظرة هذه المحطات إلى قضايا الشباب نظرة استهلاكية وسطحية لا تتصور قضايا الشباب – في أغلب طروحاتها – خارج الموسيقى والرقص والفن والرياضة وما شابه ذلك، وبرامج تليفزيون الواقع تشهد بذلك، وليست "ستار أكاديمي" وحدها التي تغرد نشازا في هذا المضمار وإنما هي حلقة في سلسلة يمكن أن تكون مفرغة، أي لا نهاية لها تتعامل مع الشباب وعقولهم، وتنظر إليهم تلك النظرة الاستهلاكية.. بينما الحقيقة أن للشباب قضايا حقيقية غائبة عن اهتمامات تلك الفضائيات.(شاهين، 2005 ) وفي دراسة أجرتها إحدى المؤسسات الأوروبية حول وسائل الإعلام والشباب وهدفت لتحديد تأثير وسائل الإعلام على الشباب واتجاهات استهلاك، تبين أن ساعات الترفية اليومية للشباب تقدر بمعدل 3.9 ساعة في اليوم ومعظمها تذهب بمتابعة وسائل إعلام مختلفة، وأغلب الشباب يقضون بين 2-3 ساعات في مشاهدة التلفزيون.(الشباب والإعلام، 2003 ). فالمواطن العربي يقضي بوجه عام ما يزيد على 36% من وقته في مشاهدة التلفزيون، ويحتل العالم العربي ذيل القافلة متورما بأعداد لا حصر لها من الأميين، إذ تزحف نسب الأمية لتطعى على عدد المثقفين والمتعلمين, وإذا تحدثنا عن الأمية الإلكترونية فحدث ولا حرج، فنسبة ضحاياها من الطلبة الجامعيين يتجاوز90% ، وفي عز جموح الثورة الإلكترونية وما تستوجبه من تطور معرفي فإن 54,7 % نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة في العالم العربي، وهي أقل نسبة في العالم, 4 كتب لكل 100,000 نسبة الكتب الصادرة سنوياً في العالم العربي. 52-كتاباً لكل 100.000 نسبة الكتب الصادرة سنوياً في الدول الصناعية. وتعكس هذه الأرقام شساعة الهوة بين المجتمع العربي وبين العالم المتقدم. ( بلغيث، 2006) كما تؤكد مختلف الدراسات الميدانية أن القراءة تتراجع في العالم العربي فاسحة المجال لزحف وسائل الإعلام السمعية البصرية, ولم يعد الأمر يقتصر على عامة الناس بل تعدى ذلك ليشمل الفئات الاجتماعية التي يعد الكتاب مادة أساسية في عملها مثل الطلبة والمعلمين والفئات المثقفة, وإذا رجعنا لاستقراء آراء المعلمين والأساتذة في مختلف المستويات التعليمية؛ فسنجد أن هناك شبه إجماع على أن غالبية الطلبة والتلاميذ لا يعتنون بالقراءة إلا في حدود المناهج والكتب المقررة، وأن حصيلتهم المعرفية والثقافية هزيلة وفي تراجع مستمر؛ وعليه فبغض النظر عن عدم وجود إحصاءات علمية حول نسب ومستويات القراءة في العالم العربي، إلا أن هذه المعطيات المذكورة، من ارتفاع نسب الأمية وتراجع حركة النشر، لا تترك مجالاً للتأكيد أو للحديث عن ظاهرة العزوف عن القراءة في العالم العربي، وأن هذه الظاهرة آخذة في الانتشار والتوسع، تدعمها أسباب داخلية اقتصادية وسياسية واجتماعية، وأسباب خارجية، يمكن اعتبار العولمة الثقافية وانتشار وسائل البث الفضائي من أهمها (المسكين وعبد العال، 1998) وإجمالا، فإن الحكم بإيجابية أو سلبية ما تنطوي عليه القنوات التليفزيونية من قيم هو بالطبع أمر نسبى، نظرا لأن هذه القنوات جميعها، وفي اختلافها وتنوع موادها، وما تقدمه من ثقافات، وأذواق، وما تبثه من قيم وأيديولوجيات، هي بمثابة عالم مصغر يعكس قوة وإرادة المهيمنين على مستوى كوكبي، ويصبح من المهم في هذا الصدد التسلح بالقدرة على التعامل الواعي معها، والفرز النقدي لما تبثه.
5. المحطات التلفزيونية والإذاعات المحلية: في فترة قياسية للغاية، انتشرت في مجتمعنا الفلسطيني ظاهرة الإذاعات المحلية والتلفزيونات المحلية التي تنوعت واختلفت بتنوع واختلاف انتماءاتنا وتوجهاتنا وقناعاتنا الدينية والسياسية والثقافية، وهذه المحطات تعتمد في تسيير برامجها المختلفة على العنصر الشاب، لأسباب متعددة، يقف على رأسها قلة التكلفة المالية التي تقع على مسؤولية إدارة هذه المحطات والإذاعات تجاه القوى العاملة فيها، مقابل إتاحة الفرصة أمام الشباب للتدريب على العمل الإعلامي، والحصول على وجاهة اجتماعية يَحتفى بها كثيراً في مجتمعنا الفلسطيني. وللأسف الشديد، أدى غياب إستراتيجية واضحة لعمل كثير من هذه المؤسسات إلى انعكاسات سلبية على ثقافة الشباب وقيمهم الاجتماعية، أبرزها غياب الهوية الوطنية التي تعكس نفسها أول ما تعكس في اللغة التي يقدم بها هؤلاء الشباب برامجهم، فهي إما لغة خالية من الدراسة والعلم، سطحية تفتقر إلى الرؤية والفكر، فيما تدلنا طبيعة البرامج المقدمة في هذه الإذاعات على مؤشر سلبي آخر، وهو سيادة نمط البرامج المفتوحة التي تعتمد على مداخلات المشاركين، وهي هنا مداخلات لا توصف بأكثر من كونها دردشة خالية من أي مضمون(إسماعيل، 2004)، ولا تطرح في الأغلب آراء في قضايا أو مشكلات تخص الشباب والمجتمع بأسره، وهذا في النهاية يقود إلى التسطيح والتدجين الفكري البائس، في ظل التركيز على الأغاني وإرسال التهاني، التي تدخل ضمن إطار المجاملات الاجتماعية الشخصية، أو في ضوء استغلال بعض هذه الإذاعات والمحطات على التحريض السياسي" الردح" والذي وصل حد إشعال الساحة الفلسطينية وتهديد أركان السلم الأهلي الذي تكرس بالانقسام الفلسطيني.
6. الاحتكاك بالمؤسسات الأهلية والدولية: تلعب المؤسسات الأهلية والمدنية دوراً كبيراً في خلق توجهات جديدة عند الشباب نحو تبني الشباب لمفاهيم جديدة كالديمقراطية وحقوق الإنسان، وأهمية التعليم والتدريب والسفر والتواصل مع الآخر، وعلى أهمية دورها إلا أن بعضها لا يخلو من أن يكون جزءا من مكونات العولمة التي تصب في المجتمع العربي وفلسطين، إذ يعمل بعضها ضمن أجندات وتمويل مشروط في تنفيذ البرامج الشبابية والمجتمعية. حيث نرى بين الفينة والأخرى بعض الفعاليات التي تستهدف الشباب تحث دوافع مختلفة باختلاف الجهات المتوجهة نحو الشباب، فهناك من يتوجه نحو الشباب انطلاقاً من أن التسوية تتطلب التهدئة، وإذ إن الشباب هم الفئة الأكثر حماساً وتوقداً، فإن البرامج الهادفة للتهدئة يجب أن توجه إليهم، وفي المقابل فإن هنالك من يتوجه إليهم من منطلقات تنموية وطنية صادقة وخالصة تستند إلى أنه بدون مشاركة الشباب، وبدون بناء الشباب لن يتم إيجاد تنمية حقيقية في فلسطين، كما أن هنالك فئة ثالثة تنفذ المشاريع للشباب بوصفهم أحد "الفئات المستهدفة". عبد العاطي،2005- ت) أي بدون أن يرتبط ذلك بتوجه مرسوم ضمن إستراتيجية تنموية شاملة، وتنطبق هذه الآلية على طريقة عمل بعض المنظمات غير الحكومية التي تعتبر العمل مع الشباب على أنه جزء من المشاريع الهادفة فقط لتنفيذ برامج وصرف أموال، وليس جزءاً من عملية البناء الوطنية الجارية. ولعل أحد دواعي وبواعث هذه النظرة التجزيئية يتمثل في غياب الرؤية التنموية الفلسطينية وتحكم المانحين بأولويات التنمية، وبالتالي غياب سياسات محددة واضحة المعالم تجاه الشباب وغيرهم.(حمامي، 1996) ومن الملفت أيضا ملاحظة تزايد عدد هذه المؤسسات في فلسطين، وتزايد أعداد الشباب المتطوعة والعاملة فيها ضمن قناعات بأن هذه المؤسسات نوع من الخلاص من روتين الفراغ، أو التعامل الرسمي في المؤسسات الحكومية وتعمل على تمكينهم وتطويرهم. وهذا لا يجعل الأمر يخلو من وجود شكاوى عند بعض الشباب عقب خوض تجربة مع هذه المؤسسات أنها تتبنى برامج ورؤى مغايرة عن احتياجاتهم، فقد ارتبطت بطريقة أو بأخرى بالعملية السياسية الجارية" التطبيع، أو ببث ثقافة أصولية.(ملف الشباب.2002) ومن الملفت أيضا ملاحظة سلوك الإمبرياليات الكبيرة من حيث عدم اكتفائها باختراق المجتمعات في مختلف الصعد والقطاعات، بل التحول إلى اختراق القواعد والشعوب بآليات "التسويق الاجتماعي"( هوكنز، 1996). ونظرا لسعة الموضوع سوف أسوق مثالا يؤكد بعض ما ذهبنا إليه: فالبرامج الممولة من الـUSAID ) والموجهة للشباب نجدها معنية بإيجاد جيل من الشباب المؤدلج رأسماليا، والمأخوذ بنمط السوق الحر و"العولمة" بأشكالها المعاصرة، فقد عرضت وكالة التنمية الأمريكية شروطا تعجيزية مهينة لقاء الدعم المالي الذي تقدمه للمؤسسات الأهلية الفلسطينية، هو التوقيع على "إقرار بخصوص تمويل الإرهاب" على واعتماده كناظم اشتراطي جديد للعلاقة، والمشكلة الأساسية التي تتفرع من هذا الإقرار هي نص الإقرار وفق المفهوم الأمريكي للإرهاب، المتطابق مع المفهوم الإسرائيلي الذي يتعامل مع النضال الوطني التحرري برمته باعتباره إرهابا مدانا ومرفوضا، ووفقا لهذا المفهوم فإن كل من يقاوم الاحتلال العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر إرهابيا، وكذلك فإن المنظمة التي ينتمي إليها تعتبر منظمة إرهابية. ولا شك في أن المفهوم الأمريكي الإسرائيلي للإرهاب يتناقض مع القانون الدولي وما يتفرع عنه من اتفاقات جنيف واتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها من القرارات التي اعتمدها المجتمع الدولي، واستند إليها في إضفاء الشرعية على النضال الوطني الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية باعتبارهما نضالا مشروعا من أجل الحرية. غير أن القضية الأخطر في الموقف الأمريكي ليس في عدم الاعتراف بحركة التحرر الوطني الفلسطيني التي تطرح أهم قضية عادلة في أهدافها ومطالبها وحسب، بل و في محاولة تحويل هذه الحركة من طرف واحد إلى منظمات إرهابية ينبغي محاربتها ودمجها بالإرهاب الدولي، وهذا الأمر يجعل من عمل المنظمات الأهلية المدعومة من USAID معلقا في الهواء وفي أحسن الأحوال منفصلا عن المجتمع.
ظواهر بين الشباب كرد على العولمة:
1. التشدد الديني رغم أن فلسطين افتقدت إلى وجود مظاهر العولمة الكلية والناضجة والانفتاح الكامل على الآخر إلا أن العولمة السياسية التي تتعامل من خلالها أمريكا والدول الأوروبية مع القضية الفلسطينية، والكيل بمكيالين في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان جعل هناك شعورا عاما بالإحباط والتشاؤم، وهذا التشاؤم والإحباط كما يقول فرويد "يؤدي إلى منشأة الدوافع العدوانية والقاسية المكبوتة، فالجزء الأكبر من التشاؤم ينم عن الخوف من شر مستطير.."(سيف الدولة، 1978) وكانت هذه الدوافع العدوانية عند شباب فلسطين قد دفعتهم إلى حالة من النكوص: "إخفاق الطاقة في مواجهة الموقف الراهن".(سيف الدولة، 1978)، والعودة إلى أصول الدين والتشدد في تبنيها وإحيائها من جديد، سواء كان تدينا إكراهيا عبر آليات مجتمعية وثقافية موحدة في المنزل والمسجد والمدرسة والشارع، أو بالاختيار بإتباع جهات أصولية معينة. فالشباب الفلسطيني لديه شعور طاغٍ باليأس وانسداد الأفق خاصة في ظل سياسة التهميش الموجهة ضدهم بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالمجتمع، ما جعله يرفض الحياة بشكل مر، والمساهمة في ضرورة تغيير الواقع بأساليب مضادة، ولو أدت إلى حرمانه هو شخصياً من هذه الحياة التي لا تشكل في نفسه سوى معاناة دائمة لا بريق فيها لأمل في عدل أو مساواة أو حرية أو حقوق، فقد ساهم الحصار المستمر للأراضي الفلسطينية وانغلاقها عن العالم الخارجي من سهولة تنامي التيار الديني في فلسطين الأمر الذي وفر الظروف المواتية لإنبات جماعات دينية أصولية متشددة، فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، دفعت ببعض الشباب للولوج في هذا الفكر المتشدد، ساعدهم في ذلك انتشار استخدام الإنترنت، فجزء كبير من أفكار وثقافة هؤلاء الشباب يتلقونها عبر مواقع الإنترنت والمنتديات القريبة من فكر القاعدة، والجماعات التكفيرية المنتشرة عبر الشبكة العنكبوتية، التي تنتهج أسلوب الردة والتكفير.(الصواف، 2007) .
فهناك علاقة وثيقة بين التغيّرات الاجتماعية ونشوء تكنولوجيات جديدة، فالأشرطة الـمسجلة لعبت دورا كبيرا في خلق قاعدة شعبية عريضة للأصولية الجديدة في طورها الأوّل، كما ساهم التلفزيون، والتكنولوجيا الجديدة بذلك بطريقة راديكالية وحاسمة تقريباً وكذلك شبكة الإنترنت، وما ينجم عنها، ويرتبط بها، من أنشطة دعائية(خضر، 2007). فالعولمة ساهمت في إيجاد رد فعل أصولي على مستوى محلي، فضلاً عن المستوى الدولي، الذي يركز بقوة على التحديات الناجمة عن الثقافة الغربية ("الشيطان"، "إبليس")، حيث يعبر عنه حتى في بعض الحالات بالإرهاب المحلي أو الدولي. بيد أن مضمون رد الفعل الأخير، الثقافي، هو أقل ما يمكن، أو هو غير موجود. فالعنف الإرهابي يستهدف نشر الخوف، بينما يُعبأ المتعاطفون نيلاً لدعمهم. والأهم أن الإرهاب يستخدم بوصفه آلة لكسب القوة، وأما الثقافة - الدين بشكل أكثر تحديداً - فتوظف عادة بأسلوبٍ جدِّ انتهازي، يؤدي إلى اللاثقافة، بل يؤدي في الحالات المتطرفة إلى الإجرام العالمي المتخفي تحت عباءة ثقافية أو دينية (Juergensmeye، 2003)
كما تشير الدراسات إلى تنامي ظاهرة العنف وممارستها داخل المجتمع الفلسطيني وبخاصة بين جيل الشباب بسبب الإذلال الذي يمارسه الاحتلال وفوضى السلاح، وبسبب التربية التقليدية والفئوية الموجودة في المجتمع التي تكرس قيم العنف والتعصب القبلي والفئوي.(محسن، 2004) وقد شهد المجتمع الفلسطيني ظهور جماعات متشددة ومتطرفة قامت بتفجير بعض مقاهي الإنترنت ومحلات الكوافير والألعاب؛ بحجة أنها تبث أو تنشر قيما غربية أو كونها أوكارا للفساد.
2. ثقافة مشوهة وانحلال أخلاقي نظرا لسعي تجار المعلوماتية إلى الربح والمنفعة يصبح التنافس على إنتاج العنف والفساد والإباحية في أشدَّه، حيث تلاعب هذه القنوات الجشعة الدوافع الغريزية في الإنسان فتثيرها وتحركها لتزيد من أرباحها، فالمخزون الأكبر لإنتاج المعلوماتية يعتمد على نشر ثقافة الاستهلاك واللذة والمتعة والإباحية والعنف والجنس، مما يقود إلى الانحلال والتخلي عن القيم الأخلاقية والإنسانية. فقد أصبح جيل اليوم يبحث عن "بطل خيالي" أو قوى خارقة مثل "السوبرمان"، و"مايكل جاكسون"، فهذا النمط هو القادر على حل مشكلات الواقع المتناقض الذي يعيش فيه الفرد في المجتمع العربي، من شغف الشباب بالمغامرات والعنف وأفلام الحركة والإثارة، والأغاني الهابطة والثقافة الأجنبية، بدعوى مجاراة روح العصر، فقد أكد عدد من الدراسات التي قامت بهدف تحليل المضمون الإعلامي الذي تقدمه وسائل الإعلام في المجتمعات العربية إلى أن الإعلام أصبح أداة دعاية لنموذج معيشي غربي (عبد المعطي، 2001) وبسبب تبعية الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل وتحكم الأخيرة في المعابر التجارية بالخط الأخضر أو بالدول العربية انتشرت في فلسطين بشكل منظم عبر العقود الماضية وبتعاون مافيات إسرائيلية مع طابور خامس من الفلسطينيين المخدرات والأفلام والمواقع الجنسية الهابطة، الأمر الذي أدى إلى هبوط أخلاقي وانفتاح جنسي جاهل عند طبقة معينة من الشباب خاصة الفقيرة والجاهلة منها. قد أكدت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إلى وجود قرابة 40 ألف متعاطٍ في الضفة والقطاع، و 15 ألف متعاطٍ في مدينة القدس لوحدها،وحوالي 9 آلاف مدمن نصفهم في القدس) وكالة معا الإخبارية 2007-ب). ففي عصر العولمة حل الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي والطبقي، وهو اختراق يقوم على نشر جملة أوهام هي نفسها مكونات الثقافة الاستهلاكية التي تروج لها العولمة لتصل إلى الشباب وهي الفردية ووهم الخيار الشخصي، إذ تسعى هذه الأشكال الإعلامية إلى تكريس أيديولوجيا الفردية المستسلمة وهي أيديولوجيا تضرب في الصميم الهوية الثقافية الفردية والوطنية والقومية، فالشباب العربي والفلسطيني يبدو مهدداً أكثر من غيره بمخاطر هذا الاختراق الذي يملك سلاحاً ذا حدين، إذ يكرس الثنائية والانشطار في الهوية الوطنية والقومية، ليس الآن فقط، بل وعلى مدى الأجيال الصاعدة والقادمة، أو كما يقول أبو هين:"ممارسات الاحتلال والحصار تؤدي إلى ظهور ثلاثة أنماط مجتمعية متطرفة: الأصولية والإجرام و"المقاومة المتطرفة"( الأيام، 2006). فالانفتاح الثقافي دون وجود آليات فعالة للتحصين الذاتي أدى ويؤدي إلي نشر ثقافة الإباحية والفساد الجنسي والانحراف، والانغلاق على الذات والأصولية التي بدورها تؤدي إلي نشر قيم التعصب والإقصاء والتطرف والعيش في الماضي، فثمة ثورة تكنولوجية هائلة وغير مسبوقة في كل مكان من العالـم، ولهذه الثورة تجليات مختلفة، فثمة علاقة عضوية بين الأصولية والتكنولوجيا. فالأولى من بضاعة الثانية، والثانية سلاح الأولى، علاقة لـم تكن لتتحقق بهذه الطريقة، وينجم عنها ما نراه من انهيار أوطان، وتفتت شعوب، وضمور ثقافات، لولا هجوم الصحراء والهوامش الوهابية، مسلحة بالثروة النفطية، على الحواضر العربية، وهذا، للأسف، ما كان. (خضر، 2007).
وما يزيد الأمر تعقيداً، ضعف الثقافة العربية أمام الاختراق الخارجي، مما يحدث عملية إحلال لبعض العادات والممارسات والسلوك اليومي والقيم ونمط الحياة الاجتماعية على الشباب وفئات المجتمع الأخرى، مما يساهم بدوره في تغيير هوية تلك المجتمعات ويعيد صياغتها في ضوء أهداف اقتصادية وسياسية لخدمة المجتمعات ذات الثقافات الأقوى. وقد قال أحد الحكماء قديماً: "يغيب العقل حين يغيب الدقيق" وهذا ما يحدث مع الشباب الفلسطيني الذي تتصدر توفير حاجات الإنسان الأولى كالمأكل والمسكن أولوياته، وغياب الثقافة الواعية، أما الشباب الواعي باحتياجاته ومشاكله فإنها شريحة نادرة لأنه إما ينخرط في التعليم وينسى النشاطات الثقافية والتربوية أو يأخذه النشاط الحزبي، وهذا النوع النادر سرعان ما يفكر بالهجرة بعد انتهاء المرحلة الجامعية إذ تشير إحصائيات أن ثلث الشباب الفلسطيني يرغبون بالهجرة خارج الأراضي الفلسطينية.( مسح الشباب ، 2007). من جهة أخرى تنتشر تعميمات في أوساط النخبة والشباب بأن العولمة تهدد الخصوصية الثقافية لذا يجب مواجهتها ومواجهة أخطارها؛ وإلا فإن العرب ذاهبون إلى الاندثار، ثقافةً، ولغةً، وحضارةً وديناً! هذه هي العبارة، أو ما في معناها، تكاد تُسمع وتردد في أغلب اللقاءات والحوارات التي تطرح مسألة علاقة المجتمع العربي والفلسطيني بالعولمة وبالعالم من حولنا. لذا فقد أصبح مفهوم "الخصوصية الثقافية" أداة فعالة للدفاع عن كل جوانب التخلف والاستبداد العربي، فإن طرح أمر تسلط الرجل العربي على المرأة في المنطقة، جاء الرد بأن ذلك واحد من عناصر "خصوصيتنا الثقافية"، وإن طرح أمر عالمية حقوق الإنسان بما في ذلك حق الفرد في الحرية والتعبير والاختيار في الفكر والعلاقات، جاء الرد بأن "فتح الباب للحرية على مصراعيها" يهدد خصوصيتنا الثقافية، وحتى إن طرحت مسألة كبرى بحجم الديمقراطية وضرورتها فإننا نسمع ذات الحجة بأن الديمقراطية لا تناسب هذا المجتمع العربي أو ذاك لأن له "خصوصية ثقافية معينة، وهكذا انضمت إلى قائمة المكونات الثقافية لـ"خصوصيتنا الثقافية العربية" أمور مثل اضطهاد المرأة، عدم مساءلة الحاكم، القمع الأبوي، وما ينتج عن ذلك من كوارث ولائية، النفاق الاجتماعي حيث يتبنى الأفراد أنماط سلوك متناقضة.(الحروب، 2007).
وهكذا نجد التشدد والتشبث بالخصوصية الثقافية يؤدي إلى خلق علاقة متوترة مع العالم من حولنا، علاقة شك عميق توحي بأن كل ما يأتينا من هذا العالم سيدمرنا ويقضي على شخصيتنا، وكأن هذا العالم أيضاً لا همَّ له إلا التآمر على "خصوصيتنا الثقافية" ومحوها، ويقع هنا الشباب فريسة التناقض بين دعوات تحذره من فعل كذا، وكذا، لأن ذلك سوف يقضي على هويته وخصوصيته الثقافية، وبين الواقع على الأرض الذي يدعوه للتخفف من تلك الخصوصية الجامدة والتعامل بروح مفتوحة مع العصر إن أراد أن يكون ابناً له، مستفيداً منه ومنتجا فاعلاً فيه.
3. تبدل أوضاع المرأة والعلاقات بين الجنسين: إن واقع المرأة وعلاقات النوع الاجتماعي ليست علاقات جامدة على الإطلاق، فهي تتأثر بمجمل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، ويعاد تشكيلها وتعريفها بناء على ظروف المجتمع في مرحلة تاريخية ما، كما قد تؤدي الحروب والثورات والكوارث الطبيعية إلى تغيرات جوهرية حول المفاهيم السائدة "ما يصلح لأن تمارسه النساء وما يصلح لأن يمارسه الرجال" من أعمال ومهمات داخل البيت وخارجه، وتساهم في تغيير الأنماط التقليدية من العلاقات، وتساهم في تفعيل وصول النساء لمراكز صنع القرار والمساهمة في التنمية،( القزاز ، 2005)، إلا إن الواقع الفلسطيني أكثر تعقيداً، باعتبار تدخل جملة من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية تحد من أدوار المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، بدءاً من عصر العولمة واستمرار بقاء المجتمع الأبوي التقليدي، وانتهاء بأزمة الديمقراطية وغيابها وتراجع ممارساتها في الحياة السياسية والاجتماعية. ولكن ممارسات الاحتلال سابقا وفي السنوات الأخيرة قد أدت إلي تكثيف الشعور بالحصار والعزلة، وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية بهذه الطريقة البشعة " أسهل على أي فرد من غزة الوصول إلي واشنطن عن الوصل إلي الضفة، كل ذلك يثير تساؤلاً عن مدى استعداد النساء للخروج من بيوتهن ومن مجتمعاتهن المحلية، والمشاركة في الحياة العامة وفي الأنشطة الاجتماعية والسياسية المتعلقة بمصيرهن، فقد شهدت السنوات الأخيرة حالة من التراجع في وضعية النساء في الأراضي الفلسطينية، حيث زادت حالات الزواج المبكر بنسبة 79%، كما ارتفعت معدلات الطلاق بنسبة 40%، كما زادت حالات التسرب من المدارس بنسبة 30%، وارتفعت بالمقابل حالات العنف ضد النساء ووصلت إلى قتل 33 امرأة على خلفية الشرف في كل من الضفة والقطاع، كما انخفضت مشاركة المرآة في قوة العمل لتصل إلى 11.4% بعد ما وصلت إلى 14% قبل اندلاع الانتفاضة( عبد العاطي، 2006) . زد على ذلك حالة الفقر في المجتمع الفلسطيني والتي أثرت تأثيرا كبيراً على شتى مجالات الحياة اليومية، حيث ازداد دور العائلة الممتدة وتأثيرها على علاقات النوع الاجتماعي بدءً أيضاً من جنس الجنين، ومروراً بطرق تربية الأطفال، وانتهاء بقرار الزواج، وقرار الإنجاب وعدد الأطفال، وغير ذلك من القضايا التي تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة النساء والرجال على حد سواء، ما ساهم بتكريس الدور التقليدي للمرأة وحصرها في إطار الدور الإنجابي وأبعدها عن إمكانيات المشاركة في أنشطة اجتماعية وثقافية، فالنساء هن الأكثر تضرراً بسبب مجموع الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني، في المقابل ساهمت العولمة في تبادل بعض العلاقات بين الجنسين حيث بات التغير بشكل واضح وملموس وظاهر للعيان، فاليوم النساء يملأن المؤسسات والمصارف، المدرسة، الجامعة، فقد خرجت المرأة للعمل، ولن أدخل هنا في موجبات خروجها هذا وفي علاقة ذلك بمجتمع الاستهلاك وفي إيجابيات أو سلبيات ذلك، كما ويمكن ملاحظة زيادة عدد الفتيات في الجامعة عن عدد الطلاب، وهي ظاهرة تعم معظم الدول العربية.( ابو زيد، 2004)، كما تأثر الشباب والثقافة العربية بأفلام السينما والمضمون الترفيهي من دراما وأغاني ورقصات، فالأزياء التي تعرضها الفضائيات وتناول الطعام وأنماط الاحترام واللياقة وكذلك الإعلانات وما يرتبط بها من عادات استهلاكية أثرت في القيم والدوافع والمعتقدات على أجيال الشباب ( خريسان، 2001) فقد انتشرت في المجتمع الفلسطيني بعض السلوكيات والعادات بين الشباب ناتج عن تأثرهم بالرسائل التي تبثها الأجهزة الإعلامية والقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت، منها مظاهر تبادل العلاقات بين الجنسين باتجاه ميل الشباب إلى إقامة علاقات جنسية خارج الزواج ، أو مظاهر الزواج العرفي ، والزواج الجماعي؛ نظرا لتعقد الأوضاع الاقتصادية والعجز عن الزواج في ضوء غليان جنسي على أثر المشاهد والصور التي تبثها الفضائيات وسائل الأعلام المختلفة، وإن كان هذا المجال لم تقترب منه الدراسات الاجتماعية بعد لتعطينا نسبا وأرقاما تشير لحجم هذه المظاهر في المجتمع الفلسطيني. كما أن تزايد الطلب على عمليات التجميل من قبل الفتيات من أجل مضاهاة الفنانات أليسا ونانسي وهيفاء وهبي التي أصبحت نموذجا للمرأة العصرية التي يقارن الرجل بينها وبين زوجته أحيانا، تعد مؤشرا أضافيا على تأثير العولمة على قطاع الشباب، فالفتاة العربية والفلسطينية تواجه تحديا كبيرا في عصر العولمة حيث أصبحت متطلبات الحفاظ على الرجال كبيرة وشاقة أمام المرأة مقارنة مع فتيات الفيديو كليب وعارضات الأزياء، وكذلك الحال أمام الشاب الذي عليه إن يحافظ على مظهره، وأن يحرص على اقتناء جوال متطور وأحدث الثياب والعطور، " فالشباب ورثوا تناقضات اجتماعية متعددة ففي الوقت الذي نجد الطلاب يتظاهرون ضد إدارات الجامعات لعدم قدرتهم على دفع الرسوم الجامعية، نجدهم يشترون أحدث وأغلى أنواع الهواتف الخلوية" من ناحية قد تفضل الفتاة التوفير في شراء الكتب، مقابل شراء الملابس؛ لتبدو في أبهى حلة، لدرجة أن هذا التناقض يتفشى بين الشباب، وأصبح جزءا من الثقافة العامة التي تتوارثها الأجيال "ثقافة النفاق والتجمل". فالمجتمع الفلسطيني يعد مجتمعا مغلقا فكريا واجتماعيا، في زمن الانفتاح العالمي. وهذا أدى بالشباب إلى الاهتمام بما هو سطحي، وأفقدهم الإحساس بالمسؤولية، وسبب لهم التوتر النفسي والتناقض الاجتماعي.
4. نقص الثقافة الديمقراطية والمدنية لدى الشباب:
إن تربية الأبناء في مجتمعنا الفلسطيني، تخلو للأسف الشديد من قيم المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات، كما تغيب أو تنقص أسس الحوار وقيم التسامح والتفاهم والمشاركة وسيادة القانون، لحساب ثقافة التعصب والعنف ما يؤثر سلباً على السلم الأهلي وعلاقات الشباب بعضهم ببعض، كما أنّ ضعف ثقافة الديمقراطية بين الشباب لأسباب تتعلق بتهميش المؤسسات والتنظيمات لهم، والتخلي عن أهمية توعية الشباب مدنيا، أعطى المجال واسعاً لتراجع قيم المشاركة وسيادة القانون وحقوق الإنسان لحساب رؤى وأفكار تقليدية وعشائرية وفئوية تعصبية ما سمح بانتشار التيارات والتشكيلات الأصولية والتقليدية على حساب رؤى واتجاهات تنويرية ديمقراطية، وبسبب المواجهة مع الاحتلال ساد العنف والسلاح في الثقافة، حيث ارتبط النضال الفلسطيني بثقافة تعلي من شأن العسكري على المدني، والسلطة على المجتمع، والمقاتل على المنتج، والحرب على الحب، والنضال على الحياة ما عقد من انتشار الثقافة المدنية داخل المجتمع الفلسطيني.(صالح، 2006)
5. تهميش الشباب:
يمثل المجتمع الفلسطيني نموذجا نافرا لحالة التهميش التي يعاني منها قطاع الشباب، فبصرف النظر عن النسبة الكبيرة التي يشكلها هذا القطاع في المجتمع الفلسطيني، فإن الشباب لا يحظون بنفوذ أو وزن يوازي حجمهم على صعيد اتخاذ القرار أو حضورهم المؤثر في القضايا اليومية الملموسة، ( نداء القدس، 2006) ومعظم الشباب الفلسطيني يعانون من مشكلات وتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. فنسبة الفقر والبطالة في ارتفاع مستمر في أوساط الشباب إذ تشير الإحصاءات إلى أن 36% من الشباب نشيطون اقتصاديا بواقع (58% للذكور و13% للإناث)، في حين بلغ معدل البطالة بين الشباب حوالي 37% (بواقع 36% للذكور و45% للإناث)، كما أن 87% من الشباب غير النشيطين اقتصاديا ما زالوا على مقاعد الدراسة، (بواقع 94% للذكور و82% للإناث)، 24% من الشباب غير راضين عن عملهم الحالي بسبب قلة الأجر، في حين أن 26% من الشباب العاملين بأجر تغطي أجورهم النقدية ما لا يزيد عن نصف مصاريف الأسرة، مقابل 10% من الشباب يملكون موارد مادية يمكنهم أن يتصرفوا بها دون تدخل من أحد، وبلغ خط الفقر المتوسط للأسرة المرجعية (المكونة من ستة أفراد، بالغين اثنين وأربعة أطفال) في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2006 حوالي 518 دولارا أمريكيا، بينما بلغ خط الفقر المدقع (الشديد) لنفس الأسرة المرجعية حوالي 414 دولارا أمريكيا. وتشير إحصاءات الجهاز المركزي أن 57% من الأسر الفلسطينية يقل دخلها الشهري عن خط الفقر الوطني خلال عام 2006، في حين بلغت نسبة الأسر التي يقل دخلها عن خط الفقر الشديد حوالي 44%. من ناحية أخرى، شكلت الأسر التي يرأسها شباب حوالي 10% من إجمالي عدد الأسر.( مسح الشباب،2007) واستنادا إلى تقرير برنامج تقدير الفقر في فلسطين2003 " فإن مجموعات مختلفة ومتزايدة من الشباب الفلسطيني يعانون من حالة من التهميش في التركيب الهيكلي المجتمعي ويقعون خارج دائرة القرار والتأثير والاستشارة حتى في القضايا ذات الصلة بالشباب أو بالقطاعات الاجتماعية الأخرى، ولعل أوضح مثال لتهميش الشباب هو عدم وجود تشريعات تكفل تفعيل دور الشباب في المجتمع، فحتى اليوم لم يرَ قانون الشباب النور، والجدير بالذكر أن المسودة الأولى التي وصلت للجنة القانونية في المجلس التشريعي وأثارت الكثير من السخط والاستهجان من العاملين مع الشباب والشباب والاتحادات الشبابية لا تبشر بوجود توجه لإقرار قانون عصري للشباب، يعمل على التمهيد لتصحيح الخلل الموجود في المجتمع، ويعزز مشاركة الشباب في صنع القرار.
6. مسخ صورة القدوة والنخبة في أذهان الشباب:
يمثل المثقف القدوة ضمير الشعب الملتزم بقضاياه، وهو صوت الشعب المعبر عن همومه وتطلعاته ومع انتشار العولمة تراجعت صورة النخب الفكرية والسياسية في المجتمع، وقد لعبت أدوات العولمة الثقافية دورا فاعلا في إسقاط كل رموز القدوة والنخبة من خلال ثقافة الصورة المنقولة عبر الشبكات عابرة القارات والدول، وهي أحد أوجه التأثير الثقافي الأكثر خطرا والتي يسرت آليات الإخضاع لثقافة العولمة، التي فضحت حجم المأساة الاجتماعية المتخفية، وخرقت حجب المسكوت عنه في المتغير الاجتماعي الذي أصبح لا يطاق نتيجة القهر الاجتماعي المفروض على ما هو مسموح به من حق الشعوب بالعيش والتمتع بحقوق الإنسان والتعبير، ما جعل الأهل والمربين والنخب الفكرية في حالة عجز عن المحافظة على صورتهم أمام الأجيال القادمة أو قدراتهم المتعلقة بمواكبة التطور المعرفي، إلي جانب اهتزاز قيمة المواطنة المتساوية لدى الشباب من خلال مؤشرات واقعية أهمها عدم احترام المسئولين لمبادئ تكافؤ الفرص، وسيادة القانون، وتعاطيهم بمحسوبية وانتشار الفساد، ما أدى بدوره إلي اهتزاز المثل العليا والقدوة، وساهم في اهتزاز صورة النخب القدوة في المجتمع.
تداعيات العولمة الإيجابية على الشباب:
إن الحديث عن العولمة الثقافية وأدواتها الاتصالية كثيرا ما يقود إلى الحديث عن الانعكاسات السلبية، وإغفال إيجابياتها والتي ساهمت في ازدهار المكونات الثقافية العربية فاللغة العربية، والدين، والعادات، والتقاليد المحافظة، تزداد شعبيتها في عصر العولمة الذي تعيشه المجتمعات العربية. فهذه المجتمعات صارت أكثر تديناً من ذي قبل، أي قبل عصر العولمة، واللغة العربية الفصحى تستخدم على نطاق غير مسبوق عبر مئات الفضائيات والإذاعات والصحف والمدارس والجامعات.( الحروب، 2007) كما ساهمت العولمة في تطوير وتشجيع القطاعات الثقافية على النموّ بما قلّص من المسافات بين الشعوب والمجموعات وعلى تقاسم أشكال الإنتاج الفكري والفنّي وفضاءات التثقيف والترفيه والترويح، خصوصا بفضل ما أدّت إليه التحوّلات العميقة في مفهوم العمل والأنشطة الملزمة، واتجاهات الترفيه وعلاقتها بثقافة الصورة وذلك من منظور تربوي ونفسي واجتماعي. فالترفيه يلعب دوراً مهماً في تربية الأفراد وتنمية قدراتهم ومداركهم ومعارفهم، كما يلعب دوراً في ديناميكية المجتمع؛ لأنه يمكن أن يكون مؤشر تقدّم أو تقهقر اجتماعي، كما أن الترفيه يعدّ عاملا مساعدًا للشباب في ظل نقص أماكن الترفية وزيادة حجم معاناة الفلسطينيين من جراء ممارسات الاحتلال ونقص المسارح ودور السينما والمتنزهات العامة. كما ساعدت الثورة الاتصالية على تطوير سهولة تواصل الثقافات، وتقاسم الأفكار والقيم والمواقف وأشكال السلوك. ويعدّ الإنترنت، في العديد من الدول، المجال الأوّل للتعلم وللترفيه خاصة بالنسبة للشباب. ويمثل الانتشار الرهيب في الإعلام واتصالات وشبكات المعلومات، والإنتاج العالمي، وزيادة الوعي المعرفي والثقافي المترتب على زيادة أعداد المتعلمين والمؤهلين والمثقفين في العالم النامي، كنزا وتحديا كبيرا أمام الدول العربية. كما ساهمت ثورة الاتصال في تعزيز كفاءة الشباب الذين أظهروا مقدرة فائقة على العمل والتنظيم، فقد اأهر الشباب الفلسطيني صورة مشرفة في تمثيل فلسطين، وفي إقامة مواقع انترنت تشرح معاناة الشعب الفلسطيني وتفضح الانتهاكات الإسرائيلية. كما ساهمت ثورة المعلومات في تعزيز قدرة الشباب إلي النفاذ للمعارف والتعلم، كما أتاحت فرصا للشباب للحصول على منح دراسية وأعمال خارج فلسطين، وعززت اتصال الشباب الفلسطيني بالشباب العربي والعالمي، واتاحت لهم فرص التواصل وعقد الصداقات بل وأحيانا فرص للتعارف والزواج. ومن الواضح أن العولمة عن طريق نشر المعرفة التكنولوجية المقيدة اقتصاديا قد لعبت دورا كبيرا في تطوير قدرات العمل الاقتصادي لكثير من الدول والمؤسسات والشباب، فقد وفرت العولمة الكثير من الفرص الظاهرية المرتبطة بزيادة حجم التجارة الدولية، وتدفق رؤوس الأموال وتحسين إمكانية الحصول على التكنولوجية بالرغم مما رافقها الكثير من التحديات والآثار المرتبطة بالتهميش والإقصاء. فالثورة التكنولوجية والمعلوماتية قد خدمت البشرية فأصبحت الكرة الأرضية شقة صغيرة، فعندما نتفرج على لعبة كرة قدم نتقاسم الإثارة والتأييد لفريق واحد، وبنفس اللحظة تظهر انفعالاتنا رغم البعد الجغرافي الشاسع، كما وحدت العولمة بين نضال الشعوب والمجتمعات المدنية وتبادلت القوى الوطنية والعربية والدولية الحوار والنقاش وأشكال وأساليب التضامن والنضال ضد الاحتلال وضد الأنظمة القمعية وضد قوي العولمة، فقد أحدثت العولمة وما ترافق معها من ثورة التكنولوجيا الإلكترونية والاتصالات المعلوماتية المعاصرة تطورات هائلة في جميع مفارق الحياة، أحدثت قفزات سريعة في استخداماتها، وبخاصة في مجالات الكمبيوتر وبرمجياته، وشبكة المعلومات الإنترنت، بما فيها من إبداعات جديدة، وابتكارات دقيقة، واستخدامات كبيرة بصورة مذهلة، مما جعل العالم في متناول الجميع متى شاءوا، وأينما كانوا، وكلهم ولع وشوق في الإطلاع على ما في الكون، والإفادة منه في التقدم الحياتي الباهر في شتى ميادين العلوم والثقافة والتربية والإعلام والاقتصاد والتجارة والصناعات والمؤسسات الإدارية والحكومات الإلكتروني، وساهمت العولمة الثقافية في انفتاح المجتمع العربي والفلسطيني والشباب فيه على العالم, وتقريب البعيد, وتسهيل الحصول على المعلومات والإطلاع على ثقافات الشعوب في العالم والاستفادة من الخبرات ومواكبة الحضارة والتكنولوجيا والتقدم. (زعزع، 2002) كما وعززت العولمة عند الشباب السعي لإقامة ثقافة مضادة لأشكال تنميط الشباب على الطريقة الاستهلاكية الأمريكية، فالشباب الفلسطيني والعربي استطاع اختراق هذه الثقافات الاستهلاكية وأوجد ردود فعل إزاءها، كما وشهد المجتمع العربي والفلسطيني حملات مقاطعة لبعض السلع الاستهلاكية الأمريكية وشهد أيضا إيجاد ثقافة مقاومة لبعض الأفكار- التطبيع وخلط المقاومة بالإرهاب - التي روجت إليها بعض أقطاب العولمة، وحيث لعب بعض الشباب والمثقفين العرب ومن خلال استخدم وسائل العولمة في أحياء ثقافتهم وقضاياهم وحشد أكبر أطار من التضامن مع قضية الشعب الفلسطيني، وأيضا في مواجهة تداعيات العولمة.
خلاصة: يقول مثل ياباني إننا نقف في الوسط من العولمة لكنهم يدفعوننا إلى طرف ما، ويمكن القول إن الشاب العربي والفلسطيني وإزاء التعاطي مع العولمة تحكمه حالتان: الأولى: التفاعل مع التكنولوجيا والتدفق الإعلامي والمعلوماتى والأدوات التكنولوجية والاتصالية. الثانية: الانعزال عن التكنولوجيا بدعوى الخصوصية والحفاظ على الهوية العربية. والحقيقة أن الشباب العربي يعيش كلتا الحالتين، انطلاقا من أن هذا الشباب مجموع متنوع, وليس كيان كتلي يسهل توصيفه، ورسم ملامحه، لذا يمكن تقسيم الشباب اقتصاديا إلى ثلاث فئات مختلفة تبعاً لتأثرهم بأدوات العولمة الثقافية: الأولي: فئة القادرين اقتصاديا وهم القلة القليلة القادرين على الحصول على خدمات أرقى من المتاح، وفرص تطوير معرفي أفضل فقد أمدت العولمة تلك الفئة بأدوات رفاهية جديدة وإمكانيات أعلى للمعرفة والمتعة وفرص تعلم, وخبرات أوسع وقدرات اتصالية هائلة، الأمر الذي أمد هذه الفئة بعلاقات اتصالية أعمق بالعالم، في حين ضعفت الصلة بعلاقته بوطنه حيث لم تعد هناك عوامل وطنية قادرة على جذبه وانتزاع اهتمامه كتلك الإحداث الوافدة عبر التكنولوجيا، وهى الحالة التي تسمي بالعزل التكنولوجي الاختياري. وفئة ثانية: متوسطة تتلقى هذه الفئة قيم العولمة عبر القنوات الفضائية وعبر تقليد الفئة الأولى سلوكياً، حيث يتعاظم طموح هؤلاء الشباب بالثراء والرغبة في التمتع بالسلع الاستهلاكية المنتشرة. فشباب هذه الفئة في حالة سعى دائم للوصول إلى حالة توازن بين الثقافة القادمة والثقافة المحلية التي تغلفها بعض القيود، برغم ذلك، فهؤلاء الشباب هم الأكثر التصاقاً بهموم الوطن وقضاياه، وهم العمود الفقري للأحزاب السياسية، هذه الفئة هي الأكبر حجماً في المجتمع الفلسطيني، وهى القوة الشرائية لمنتجات العولمة وهى التي تغذى الطموحات الاستهلاكية. وإذا كان هناك ثمة صراع ثقافي داخلي يتشكل داخل الفئة الأولى، فإن الصراع الداخلي لدى هذه الفئة أعلى صوتاً، خاصة صراع البحث عن الهوية، فهي فئة يسكنها التوتر الاجتماعي وتعانى من الضمور النسبي نتيجة حالة الفقر والبطالة العالية في المجتمع الفلسطيني، وهذه الفئة من الشباب هم في الغالب القوة الشبابية الفاعلة في منظمات المجتمع المدني الفلسطينية. أما الفئة الثالثة: وهي الأكبر فهم فئة الفقراء هؤلاء إما محرومين حرماناً تاماً من تكنولوجيا العولمة أو مستهلكين للمواد الإعلامية المنبثة عبر الإعلام المرئي والمسموع وهم فئة واسعة, إلا أن أخطر مشكلاتها هو التعرض الكثيف لقيم جديدة تقدم بواسطة أنداد لهم من شرائح أخرى، الأمر الذي يدفع شباب تلك الفئة إلى التقليد بدون الاستناد إلى بناء فكرى، فتكنولوجيا العولمة تكرس الشعور بالدونية والحرمان لدى تلك الفئة من الشباب، وتدفع بهم إلى اليأس أو العنف والتطرف، وهذه الفئة تشكل القوة الأساسية للجريمة وللمخدرات وللعنف المنظم في كل أشكاله، وهي الفئة التي تدفع ضريبة التداعيات الاقتصادية والثقافية للعولمة، فلا تتعاطى مع تداعيات العولمة الثقافية إلا بمنطق " الفرصة المسروقة " وهم أكثر العناصر تداولاً للأفلام الإباحية، وهم غالباً مساهمون في حوادث العنف والتشدد بكافة أنواعه.( نصر، 2003) مما سبق وسقناه يؤكد على ضرورة العمل على تحديد استراتجيات التعاطي مع العولمة بشكل يكفل الاستفادة من إيجابياتها والتخفيف ما أمكن من سلبياتها وتداعياتها على الشباب والمجتمع الفلسطيني والعربي.
خامسا: استراتيجيات مواجهة تداعيات العولمة على الشباب:
يؤكد عدد من المفكرين والكتاب العرب بتعدد مدارسهم أن الغائب الكبير عربياً هو الوعي بالشروط الحقيقية للاستجابة لتحدي العولمة، ذلك أن هذا الاستقبال المضطرب والقراءة الملتبسة للعولمة كظاهرة وكمفهوم يحول دون التعامل مع العولمة بحضور واع؛ لذا يمكن اقتراح بعض الحلول، لكن أيا من الحلول المفترضة لا يمكنها أن تكون ناجحة وناجعة إلا إذا انطلقت من رؤية واضحة وعميقة لمفهوم الحل، الذي لا أراه شخصيا إلا أن يكون نابعا مما هو وطني إنساني، فالرؤية الشمولية العالمية للقضايا والمشكلات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية لا تعني بالضرورة إلغاء الخصوصية الوطنية، والبحث عن رؤى وطنية يمكن أن تطرح بدائل عالمية. فالعولمة الجديدة المسيطرة على القرار السياسي والاقتصادي والثقافي العالمي، لا يمكن مواجهتها إلا بإيجاد قوى مضادة شعبية عالمية قادرة على تجاوز النظام العالمي الحالي وخلق بدائل من داخل هذا النظام المهيمن، وذلك بالاتجاه نحو نظام ديمقراطي حقيقي يكفل العدالة والتضامن والعمل الإنساني الخلاق لمواجهة مشاكل البيئة ومكافحة لفقر والبطالة واحترام حقوق الإنسان والمساواة في الإنتاج وفي توزيع الثروات بين الشعوب كافة، فالحل العالمي لا يمكن أن يبدأ إلا عبر اقتراح حلول وطنية، والتي يجب أن ترتكز على العولمة الثقافية، فكل شعوب الأرض أصبحت تعيش مشاكل وتداعيات متشابهة بفعل ثورة المعلومات وانتشار الإعلام الفضائي، وكذا بسبب انتشار الشركات الكبرى العابرة للقارات، فلم يعد التفكير في الواقع المعيش خاصا بكل شعب على حدة، ولم تعد مواجهة التكتل والهيمنة للنظام الرأسمالي العولمي ذات فائدة في غياب التضامن والتعاون الإنساني بين كل شعوب الأرض، وعلى الخصوص شعوب العالم الثالث، والشعوب العربية التي عليها أن تخلق تكتلا سياسيل واقتصاديا وثقافيا وإطارا للنضال والمقاومة ضد تيار العولمة اللبيرالية الجارف من أجل تحقيق تنمية حقيقية ومكانة متميزة على خارطة العالم الجديد. كما تتطلب معالجة مشكلات المجتمع الفلسطيني في ظل العولمة وجود رؤية سياسية وطنية ومنظور تنموي شامل متفق عليه يوجه أداء كافة مؤسسات المجتمع، يضمن الاستثمار الفعال لكافة مصادر المجتمع ويتيح المجال لتفعيل كافة طاقات المجتمع الفلسطيني ضمن إستراتيجية عمل تكاملية، تضمن ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية، وتعزيز سيادة القانون والديمقراطية كناظم للعلاقات الاجتماعية والسياسية، وإصلاح أوضاع التربية والتعليم وتحديداً الجامعات الفلسطينية، وتطوير أداء مختلف المؤسسات الفلسطينية، وبرغم أهمية كافة هذه التحليلات والاقتراحات التي يؤدي تطبيقها إلى تعظيم قدرة المجتمع الفلسطيني على تجاوز مشكلاته، إلا أن المدخل الحقيقي للتمكين والتنمية في المناطق الفلسطينية يكمن في تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وإنشاء دولته المستقلة بعيدا عن المؤثرات الخارجية السلبية، فتحقيق الحلم بدولة ومجتمع يعيش فيه كافة المواطنين بكرامة وتعاون ومسؤولية ومحبة وسلام، مسألة قابلة للتحقيق في حال تم إزالة الاحتلال والمعيقات الأخرى أمام تحقيق ذلك الحلم، فنظرة جدية للواقع الإنساني لتؤكد أن أحلام الناس مشتركة، فجميع الناس، في حقيقة الأمر، يسعون للعدالة والسعادة والأمن الشخصي والأسري والمجتمعي، وإنَّ تضافر الجهود على قاعدة احترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بفلسطين يمكنها أن تكفل بأن يقوم الفلسطينيون، وبالتعاون مع المجتمع الدولي، بإنشاء دولة نموذجا في التنمية والعدل والسلام.( تقرير التنمية البشرية ، 2004). إن الرد العملي على تداعيات العولمة السلبية يفرض على جميع المعنيين في السلطة الوطنية ومؤسساتها ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص أن تعمل على دعم المشاريع الشبابية الفردية والجماعية، التي تعمل على رفع القدرات الشبابية في المجال الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بشكل يكفل استثمار طاقات الشباب ومشاركتهم الفعالة في عملية التنمية المتكاملة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، دعم وإعادة تأهيل الاتحادات والأندية والمؤسسات الثقافية ومساعدتها على القيام بالأنشطة المختلفة على اعتبار أنها أكثر الجهات تلمساً لاحتياجات الشباب المختلفة، دعم الأنشطة الشبابية الترفيهية وتوفير حاضنات للشباب، وإعادة أعمار دور السينما والمسارح، وإنشاء مؤسسات شبابية تتوافر لديها الأماكن والإمكانيات التي تستطيع من خلالها تقديم خدمات الترفية والتربية السليمة للشباب، مدينة ملاهي متنزهات عامة أندية تربوية واجتماعية، وتشجيع الشباب على القراءة والمطالعة من خلال إقامة، وبناء شبكة من المكتبات العامة التي تتوافر فيها تجهيزات الحاسوب في المناطق والتجمعات الفلسطينية، والعمل على دعم مبادرات الشباب في المجال الثقافي المسرحي والفني والرياضي، بما يكفل الاستجابة لاحتياجات الشباب وتطوير البرامج والخدمات المقدمة للشباب من قبل المؤسسات التي تعمل في قطاع الشباب باعتمادها مبدأ المشاركة في تحديد الاحتياجات والتخطيط التنفيذ والتقييم، وأن تكون فئة الشباب ليست فئة مستهدفة فقط والاهتمام بمشاركة الشباب في صنع القرار، من خلال تنظيم الأطر الشبابية العامة وتشكيل المنظمات الخاصة بهم، أو من خلال دعم تشكيل برلمان شبابي وهيئات شبابية ضاغطة - كون الحقوق تتنزع - والعمل على تنمية الممارسة الديمقراطية لدى الشباب، والقيام بحملات توعية للشباب بحقوقه وتنظيم الرحلات والمخيمات الشبابية والكشفية والإرشادية العلمية والثقافية والرياضية، منح الشباب فرصة المشاركة في المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات، والتعاون مع الهيئات المحلية والعربية والدولية التي تهتم بالشباب والطفولة وتساهم في تحقيق طموحاتهم، والتواصل الثقافي مع الشباب في العالم، بما يضمن تشجيع الحوار الجاد وتعويد الشباب على ممارسة حرية الرأي والتعبير واحترام الغير، وسماع الرأي الآخر ورعاية الأفكار والأبحاث والدراسات واستقطاب المفكرين والمهتمين وأعلام الفكر لتبادل وجهات النظر بما يخدم فكرة العمل على تنشيط وتعزيز قدرات ومكانة الشباب واحترام حقوقهم، بما يضمن قدرات أفضل للشباب في مواجهة تداعيات العولمة السلبية.
#صلاح_عبد_العاطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحريات الاكاديمية في فلسطين
-
واقع الحق في التنقل والسفر بالأراضي الفلسطينية
-
دور التربية في تعزيز السلم الاهلي
-
مناهضة التعذيب في المعايير الدولية و الوطنية و الواقع الفلسط
...
-
ازمة الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني
-
مسئوليات الاحتلال الإسرائيلي الجنائية والمدنية عن جرائم حربه
...
-
ورقة عمل حول خطة السلطة الوطنية لاعوام 2008-2010
-
الحريات العامة بين التعصب والتسامح
-
قراءة نقدية في كتاب -صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالم
...
-
المخادعون والمخدوعون
-
المشاركة السياسية في المجتمع العربي
-
إلف.. باء الحريات.. في مجتمع تتراجع فيه الحرية
-
المرأة الفلسطينيةبين الواقع والطموح
-
الواقع الاجتماعي والثقافي للشباب الفلسطيني
-
الاستيطان الصهيوني في فلسطين حتى عام 1948
-
مشروع الشرق الأوسط وتداعياته على الأمن القومي العربي
-
المرأة الفلسطينية بين الواقع والمأمول
-
الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة
-
كلام عن الحرية.. العزلة .. الانكشاف
-
الاقليات وحقوق الانسان في المجتمع العربي
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|