|
طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر
احمد ثامر جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 15:15
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
إلى أنظار وزارة التعليم العالي طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر ولدت هذه الجامعة في لحظة عراقية ملتبسة امتدت طوال عقد التسعينيات المرير . ويعلم الجميع كيف أنشئت جامعة ذي قار أسوة بجامعات حديثة أخرى في ظروف معقدة لم تكن تسمح لأحد بقراءة أو تقييم مدى استعداد المدينة وجاهزيتها لاستضافة كيان جديد بوسعه أن يشكل منعطفا حاسما في تاريخها . فقد جاءت الجامعة تحت ضغط العوامل الاقتصادية الصعبة في فترة الحصار بالدرجة الأساس ، وليس لان مدينة الناصرية مؤهلة في حينها لتكون مدينة جامعية بمستوى علمي وحضاري واجتماعي معين كما يتوهم البعض . وبالتالي ما كان للجامعة أن توجد لولا قرار حكومي غير مدروس اعتقد بغباء مجيد أن كثرة الجامعات دليل عافية ومؤشر تطور مدني ، على غرار ما يحدث في دول العالم المتحضر ، فكان العقل الصدامي نتيجة لذلك التصور مبادرا جبارا في سعيه الأهوج لقذف بضعة جامعات وليدة في مدن صغيرة بائسة تتقارب في ضياعها وتخلفها وأحلامها المتواضعة ، لتكون النتيجة الملموسة : جامعات وكليات رمادية محلية في مدن منها الديوانية والكوفة والناصرية والسماوة وأخرى غيرها . ففي مدينة ريفية فقيرة كالناصرية تعاني أساسا شحة في الكفاءات وغيابا في المناخ المدني للبنية الاجتماعية ، فضلا عن انعدام الجوانب الخدمية التي تمكن الطلبة من الدراسة في جامعة لم تكن لها - يوما ما - هوية أكاديمية خاصة وسط شتاتها في أبنية بائسة هنا وهناك تشكل كناية عن بؤس الجامعة الأصيل ، تحتاج إلى الكثير من الصبر والنزاهة والعمل المخلص لتكون بمستوى يؤهلها للاستمرار والتطور على مختلف الصعد . ولكن رغبة الأهالي البريئة في وجود مأوى جامعي لابنائهم في تلك الظروف يجنبهم تكاليف الدراسة في محافظات أخرى ويخفف عنهم مشقة العبء المادي الباهظ هو ما دفع بهذه الورطة لتكون حقيقة واقعة ، لكن مؤسية . ومنذ البداية اعتقدت مع آخرين إن هذه الجامعة ستكون مستقبلا – عن قصد أو غير قصد - ميدانا خطيرا لتشويه الوسط الجامعي كما عرفناه بوصفه ميدانا حقيقيا لتنمية المواهب وإنضاج القدرات العلمية والمعرفية والثقافية ، وبالفعل أصبحت خلال سنوات برهانا ماثلا على خطوات التراجع نحو الوراء ، كونها مرتعا لاستسهال الدراسة وتشويه الخريجين ولملمة الكوادر التدريسية تحت ضغط الاخوانيات وبدون استحقاقات علمية أو أخلاقية أحيانا ، فيما اصبح همها الأساس تمويه الواقع المر للجامعة تحت شعارات كاذبة . ولنا في تردي باقي الجامعات وسوء الوضع العراقي عامة عزاء وقبولا لحالنا هذا . وفي فترات مختلفة وردتنا العديد من الشكاوى من الطلبة بمختلف مراحلهم واختصاصاتهم وحتى من بعض الموظفين ، تفيد جميعها بسوء الوضع داخل الجامعة إلى حد تراجيدي يشهد فيما يشهد على التردي المؤسف للوضع الجامعي . فكيف إذن يمكن للجامعة وهي إحدى أهم معاقل المجتمع المدني أن تجتذب طلابها إلى قلب العملية التعليمية والتربوية وتؤهلهم ليكونوا قادة مجتمع فاعلين في مختلف المجالات ، فيما هي ذاتها بلا شخصية تميزها ، كونها ساحة مفتوحة لصراعات وأرادات حزبية وانتهازية ونفعية ضيقة ؟ جامعة لم تستضف بحياتها أمسية ثقافية تستطيع ببساطة شديدة تحطيم مقومات أية موهبة شابة في العالم . لا ادري حقا كيف يمكن لهذه الجامعة التي اختارت عزلتها بنفسها ، أن تثق بقدرتها على تخريج أجيال من الشباب والشابات ، مانحة إياهم درسا في الحياة والعلم والثقافة ، إذا كانت هي ذاتها مركبا عجيبا غارقا في أمواج الاقتتال والتهديد واحتقار الطلبة . ليس غريبا ذلك ، لا سيما وان نفر من أساتذتها أناس يحملون شهادات أكاديمية متواضعة منحت في زمن العطاء الصدامي لكل عابر في حملة جيش الماجستير الذي فرخته الجامعات العراقية بكثرة مخيفة تحت ضغط السلطة الرعناء وبرعاية قائدها الضرورة !! باختصار شديد وضجر حقيقي مما جرى ويجري ، أضع بعض الظواهر والحوداث المخزية أمام أنظار الوزارة والقراء ، تاركا لضمائرهم امتياز الحكم عليها : 1- مشاعر الانتقام والحقد والغيرة والندية هي الحدود الملموسة لعلاقة بعض الأساتذة بالطلبة ، بشكل يؤشر غياب العلاقة التربوية السليمة بين الطالب والأستاذ . 2- انعدام الاحترام والالتزام بين عمادة الكليات ورئاسة الجامعة ، واستغلال طيبة رئيس الجامعة وتوفيقيته . 3-ابتزاز بعض الأساتذة للطلبة وتحرش البعض الآخر بالطالبات بشكل استفزازي عبر التلويح بتغيير الدرجات لمن لا تستجيب . 4-ابتداع البعض فكرة الانتخابات داخل الجامعة لغايات شخصية لا تتعدى الرغبة باصطياد المناصب والمكاسب المادية . وكانت النتيجة فشل الانتخابات بعد ظهور مشادات كلامية بين رئاسة الجامعة والتدريسيين في مؤتمرهم الانتخابي المزعوم . 5-انعدام المساواة والشراكة الوظيفية وروح الاخوة بين التدريسيين وباقي موظفي الجامعة ، حيث يرفض بعض التدريسيين دخول الموظفين إلى قاعة المطعم حفاظا على علو مكانتهم !! 6-انفلات سواق الباصات في الجامعة من أية مسؤولية وظيفية واستخدامهم الباصات لإغراض شخصية وعدم التزامهم بقوانين العمل المنصوص عليها . فضلا عن تمرد الشعبة المالية في الجامعة على تعليمات رئاسة الجامعة واتباعها طرق ملتوية في عملها . 7-استخدام السلاح والتهديد به داخل الجامعة لأكثر من مرة من قبل التدريسيين ، بل حتى تلويح أحد الأساتذة باستخدام الرمانات اليدوية ضد زميله إذا ما نافسه على منصب رئيس الجامعة . واطلاق النار على بيت أحد التدريسيين واتهام شخص آخر بذلك . 8- التشديد المبالغ فيه ضد الطلبة بارتداء الزي الموحد حتى في اليوم الأول للدوام الرسمي وطرد من لا يلتزم بذلك ، فيما يغض النظر عن آخرين يحتمون بمظلات أحزابنا الوطنية المسالمة مهما كان حجم الجرم المرتكب !!! وهناك حوادث كثيرة ( من دكتاتورية الاستعلامات إلى كليات التربية والعلوم ) يطول سردها ، وتحتاج إلى حس لا املكه وترفضه نواياي الحسنة ، يبحث صاحبه عن اصطياد الأخطاء والعثرات لمجرد التشهير . فما أسعى إليه مع كل المخلصين هو صلاح حالنا أيا كان ، في عراق طالما حلمنا به سرا وعلانية ، ولن نكون هذه المرة مجاملين ولا عطوفين على من يتجرأ على تخريب بلدنا ثانية تحت أية ذريعة كانت . لن أتحدث كثيرا وأنا الذي فجع قلبه كما الآخرين بما يسمع ويرى كل يوم من مصائب يندى لها الجبين في مرافق حياتنا وفي معظم دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية التي ارتحلت من خندق البعثيين إلى ساحة البعثيين الجدد ، لنجد أنفسنا وقد دفعنا قسرا إلى الاعتقاد إننا شعب لا يعرف طريقه إلى الفرح والسلام والرقي .. أرجو أن تفكر الجامعة جديا بتصحيح وضعها واصلاح مسارها المعوج ، قبل أن تهم بكتابة رد لن يغير شيئا من واقع الحال المؤسف . وأتمنى لكل الاخوة التدريسيين المثابرين نبلا ونزاهة والذين لا تخلو الجامعة أو المدينة منهم أن يقفوا ضد كل ما يسئ للجامعة وللمدينة تحت مسميات وعناوين هشة يحركها أفق ضيق وقلب صدئ .
#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للحقول الخضر ينشد لوركا قصائده
-
حداثة الرواية السينمائية
-
! إرهاب النفط في وجوه الشيطان
-
جندي أمريكي .. جندي عراقي
-
الحياة في الأهوار العراقية
-
بابلو بيكاسو
-
استبطان الذات بلقطة قريبة
-
الآخر في الخطاب السينمائي
-
نصف ظلام ، نصف حياة
-
فرانكشتاين...صورة عن الواقع والخيال
-
في ورشة غابرييل غارسيا ماركيز
-
تراجيديا انتخابات الجمعية الوطنية
-
مَن أذلَّ الجواهري في كردستان !؟
-
مارتن سكورسيزي
-
بعيدا عن دائرة الحياة
-
متاهات بورخس والكتابة بالذاكرة
-
جوزيف كونراد سينمائيا
-
حصار هوليود ووعي الآخر
-
عودة كازانوفا
-
أفلام وأوهام وواقع افتراضي
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|