|
نهاية الأرب في نصح ثورات العرب
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3281 - 2011 / 2 / 18 - 00:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة 1 ـ مرّ تاريخ العرب الحديث والمعاصر بمرحلتين :ـ عصر التحرر من الإستعمار الأوربي والخلافة العثمانية وبعث الفكر السلفي من خلال السعودية . وفي هذه المرحلة تم رسم الجغرافيا السياسية وظهور دول جديدة في الشام والعراق والجزيرة العربية وشمال افريقيا . ثم عصر الإستبداد المحلي حيث تدعم حكم الملكيات في الخليج والأردن والمغرب ، وجاءت الانقلابات وثورات التحرير بنظم جمهورية أقامت استبدادا بالغ القسوة والفساد في مصر والعراق وسوريا ولبيبا والسودان وتونس والجزائر وموريتانيا واليمن . الآن بدأ عصر تحرير الفرد العربي والشعوب العربية من الإستبداد والإحتلال المحلي بثورتي تونس ومصر، وتنتشر توابعها في بلاد العرب من البحرين إلى المغرب ومن اليمن إلى الجزائر ومن سوريا إلى السودان ومن الأردن إلى ليبيا .. وحتى العراق المثقل بالاحزان والدماء . 2 ـ تميزت تلك الثورات بطابع مختلف ، ليس انقلاباً عسكرياً يطمح للسلطة ولكن بثورة شبابية شعبية يجري الأعداد لها ومتابعتها من خلال الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة ، وتعتمد على حشد الجماهير التي طال تحملها للظلم وطال تطلعها للعدل والأمن والكرامة . وقد اتضحت الطبيعة السلمية لمظاهرات ثورة اللوتس المصرية ، وتحمل المتظاهرون وحشية بوليس مبارك وسقط منهم المئات من القتلى والآلاف من الجرحى فأضيف إلى معالم الثورة تعاطف العالم الذي يشهد أحداثها دقيقة بدقيقة ، ولم يتحمل وحشية مبارك في التعامل مع متظاهرين مسالمين يطلبون حقوقهم المشروعة ، فكان أن سقط مبارك مغضوبا عليه . سقوط مبارك انعش آمال الشعوب العربية فانتقلت توابع الثورة إلى الشارع العربي لتبدأ مرحلة جديدة تتكون ملامحها الآن لتسود بقية هذا القرن حيث سيعاد رسم الخريطة السياسية للوطن العربي . أولاً : وحرصاً على نجاح الثورات العربية وبأقل قدر ممكن من الخسائر والتضحيات انصح أن تكون الثورات العربية : ـ 1ـ حقوقية وليست طائفية دينية أومذهبية أو عرقية : ـ يعتمد المستبد العربي على التفرقة بين ابناء الوطن الواحد وشغلهم بالنزاعات الدينية والطائفية حتى لا يتفقوا ويتحدوا ضده ، وبالتالي لابد من نسيان الإنقسام المذهبي والديني والانصهار خلف مبادئ العدل والحرية ، وتحت شعارات محددة هي اسقاط النظام القائم واقامة نظام حقوقي ديمقراطي مكانه . 2 ـ سلمية : لأن اللجوء للسلاح سيفقد الثورة التعاطف الذى تحتاجه ، وسيصل بها الى واحد من طريقين أحلاهما مرّ علقم : إن انتصر الثوار بالسلاح فستنتهى الى ثورة حمراء وربما حرب أهلية يتناقش فيها أرباب الطوائف بالسلاح و التفجيرات والقتل العشوائى ، وربما يقام ديكور ديمقراطى فى العاصمة و لكن تسقط الدولة تماما كما فى الصومال ، أو تسقط جزئيا وتفقد سيطرتها على أطراف الوطن كما فى العراق و افغانستان . أمّا إن أنتصر النظام ـ وهذا هو الأرجح لأنه الأقوى تسليحا ـ فسيعود المستبد أكثر ضراوة ووحشية . لذا فإن خيار التظاهر السلمى هو الأنجح ، ويستلزم الاستعداد للموت والصبر والتصميم على بلوغ الهدف مهما بلغت التضحيات ، . وسيتضاعف عدد المنضمين للمظاهرات عندما يتزايد سقوط الضحايا . سقوط الضحايا لن يخيف الثوار بل على العكس سيشجع على قهر الخوف ويثبت الرغبة فى الثأر والانتقام بنفس الطريق وهو التظاهر . وفى النهاية سيتوقف البوليس عاجزا ويسقط المستبد. إنّ قبضة القائمين على الأمن ستتراخى حين يواجهون متظاهرين مسالمين من العار قتالهم أو قتلهم فى سبيل شخص مستبد يعطيهم الفتات ، ثم إن أولئك المتظاهرين في نهاية الأمر اخوة لهم في الوطن، يريدون الاصلاح وعزة الوطن. 3 ـ تسامحية : الإلتزام بالطابع السلمي وحده لا يكفي . الأفضل ان يقترن بالعزم على الصفح والغفران لنترك مجالاً للتراجع أمام الخصم ، فهو يدرك أن عصره آيل للسقوط ، وأن بقاءه في السلطة مستحيل وأن زواله مسألة وقت .. والذي يؤرقه هو المصير الذي ينتظره ، ولو تاأد أن مصيره القتل أو الملاحقة فسيستميت دفاعاً عن وجوده ، أما إذا تم فتح باب الخروج الآمن له فإن قبضته ستتراخى ، ويسقط .. السلام والغفران يتطلبان أيضاً التمسك بالهدف المعلن وهو اسقاط النظام ، سواء كان رئيساً او ملكاً .. ونعيد التأكيد على أن الإصرار على الهدف يعني الإستعداد للموت في سبيله . وهو المقصود بتغيير ما في النفس من خوف ورضى بالذل إلى عزة واستعداد للموت في سبيل حياة حرة كريمة للوطن والمواطنين . 4 ـ ثورة الغفران الأكفان : وهذا الإستعداد للموت يمكن التعبير عنه بارتداء الأكفان لتكون ثورة الغفران الأكفان .. ولنتخيل مظاهرات بمئات الألوف كل منهم يرتدي كفنه ، ويحمل شعارات ترحب بالموت في سبيل حياة كريمة ومطلب إسقاط النظام سلمياً الذى لا رجعة عنه. ولنتخيل أن الملايين من كل شعب عربي شاركت في هذه المظاهرات بحيث تغلب كثرتهم فرق الأمن ، وتسجل عيون العالم وأعلامه هذا المشهد وتسجل جرائم الأمن لو اعتدى ، ولا بد من إطلاق الرصاص والقنابل وسقوط الضحايا ، وذلك هو عربون النصر وثمن الحرية ، الى أن يتراجع الأمن ، ويسقط المستبد العربي .. 5 ـ ثورة منظمة بقيادة وإطار سياسى حقوقى : ومنعاً للوقوع في الفوضى ، وحتى لا يقوم المحترفون في الفترة الأنتقالية بركوب الموجة وسرقة الانتصار فلابد من تكوين واجهة سياسية تقود مظاهرات الثورة في الداخل والخارج وتتحدث مع الاعلام العربى والدولى ، وبعد سقوط الطاغية تتحاور مع بقايا النظام المنهار في كيفية ملء الفراغ وتسيير الفترة الأنتقالية ، ثم تدخل بشعبها إلى تكوين نظام جمهوري حقوقي يحفظ للفرد حقوقه الإنسانية والسياسية .. أخيرا: الآن نعيش بكل فخر قوله جل وعلا:(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)(الرعد 11). ودائما : صدق الله العظيم .!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احمد صبحي منصور في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اسقاط
...
-
بيان المركز العالمى للقرآن الكريم : الله أكبر .. وسقط الطاغي
...
-
القرآن والواقع الاجتماعي( 16 ) : مبارك والخزى فى الدنيا ..!!
-
اقتلوا مبارك ثم أقيموا له محاكمة عادلة
-
أين شرف العسكرية المصرية ؟ هل تقف مع جنرالات مبارك أم مع مصر
...
-
في فقه الشرعية السياسية : بين شرعية الاستبداد والاستعباد وشر
...
-
يا مبارك .. أخرج منها مذءموماً مدحوراً :
-
انتصرت ثورة -اللوتس -المصرية.- والحمد لله رب العالمين -.
-
النضال فى سبيل العدل هو جهاد فى سبيل الله
-
يا أمهات مصر ... تحركن لقيادة المظاهرات
-
عار عليك يا شيخ الأزهر أن تكون مطية لطاغية فاجر .!!
-
بيان المركز العالمى للقرآن الكريم بشأن مظاهرات يوم الغضب الم
...
-
لكل نفس بشرية جسدان (18 ): (القضاء والقدر) والجسد الأزلى
-
حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية : لمحة أصولية تاريخية: ا
...
-
أيها الجلاّد : مقاومة سلطاتك شرف وعزّة ..وجهاد..!!
-
بعد هرب طاغية تونس : مبارك الطريد ..بلا توريث ولا تمديد .
-
نداء الى جنرالات الجيش المصرى : أليس منكم رجل رشيد ؟
-
مشاركة المرأة فى صنع القرار : رؤية قرآنية.
-
القرآن والواقع الاجتماعى (16 ) (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ
...
-
القرآن والواقع الاجتماعى (15 ) (فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ
...
المزيد.....
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|