محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 23:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
"من شباب ليبيا الى كل من تسول له نفسه المساس بالخطوط الحمراء الاربع، تعال واجهنا باي ميدان او شارع ببلادنا الحبيبة. شباب ليبيا" .
هذا نص رسالة تلقيتها مسا الاربعاء على هاتفي المحمول، مصدرها جهة رسمية لم تعلن عن نفسها بالتحديد، فوجئت حقيقة بالرسالة خاصة وأنني لم ابادر بأي موقف يمكن أن يجعلني هدفا لمثل هذا التهديد السافرة، لكن ما أثار اشمئزازي وسخطي هو اكتشافي بعد ساعة ان هذه الرسالة معممة على كل الليبيين الذين يمتلكون أجهزة هاتف محمول، بما فيهم الذين لم يعرفوا بوجود حراك سياسي في البلاد ومحاولات للتظاهر للمطالبة باصلاحات تم قمعها بعنف .
تساءلت عن مغزى هذه الرسالة التهديدية!! هل وصلت العلاقة بين الدولة الليبية والمواطن الى درجة القطيعة والتهديد بلغة سوقية كهذه؟!!!
وهل فعلا اصبح الليبيون كلهم مصنفون في قائمة الاعداء المتربصين بالثورة؟ ويجب توجيه هذا التهديد السافر لهم حتى لا يتجرأوا على المساس بتلك الخطوط الحمراء ؟
وهل يعرف كل الليبيين تلك الخوط ؟؟ وهل سمعوا بها أصلا؟
ألا يعرف كاتب هذه التهديدات أن أغلبية الليبيين لم يسمعوا عن هذه الخطوط ولا اية خطوط أخرى!!
إنني لم أجد تفسيرا لمثل هذه التهديدات وللغة التعبئة والحشد والتحريض التي تبنتها مختلف وسائل الاعلام في البلاد، منذ ليل الثلاثاء إثر تظاهر مئات المواطنين في مدينة بنغازي للمطالبة بالافراج عن محامي يتبنى قضية مقتل اكثر من عشرة اشخاص امام القنصلية الايطالية في بنغازي قبل عدة سنوات على يد رجال الامن. والتفسير الوحيد لهذه التهديدات ولهذا اللغة حسب تقديري هو وجود رغبة محمومة لدى بعض القوى للدفع بالبلاد الى هاوية العنف والتخريب، من خلال ارسال رسائل استفزازية بشكل عشوائي وخلق أجواء تساعد على توتير الموقف وتصعيد الاحتقانات ودفع اكبر شريحة من الناس للخروج الى الشارع، ومن ثم الانقضاض عليهم لخلق أجواء من العنف والعنف المضاد داخل المجتمع تعزز موقفهم المتبني للعنف كخيار وحيد للتعامل مع اية مطالب حقوقية او معيشية يبديها الليبيون في الشارع العام.
كان حريا بمن يدبج هذه التهديدات إذا كان حقا يسعى لتجنيب البلاد المهالك، أن يقرأ وبتمعن وتدبر ما جنته سياسة العنف والتخوين والتهديد على بلدان مجاورة، وأين أوصلهم العنف والتهديد ، وأن يعمل على تفادي أخطاءهم، واتباع لغة عاقلة تهدئ غضب الغاضبين وتفك الاحتقان في الشارع وتدعوا الى التكاتف والتلاحم بين كل مكونات المجتمع لمواجهة الأزمات دونما إقصاء أو تخوين أو تهميش، وطرح كل المشاكل على الطاولة والتفكير بصوت عال لإجاد الحلول الناجعة لها، بدل لغة الهمس والوشوشة والرشا المعتمدة هذه الأيام .
ولكن يبدو أن سوق المزايدة الثورجية هذه الأيام في ذروته، فلا نستغرب أن تصعد هذه الفئة المتعيشة على التوتر والعنف والممتهنة للغة التهديد واستعراض القوة أن تبادر الى استفزاز الناس في الشوارع والاشتباك معها لتوصيل رسالة عن وجود أعداء متربصين بالثورة، وأنهم مستعدين لقمعهم وبالتالي رفع رصيدهم في حساب الثورة التي سرقوها وجيروها لصالحهم.
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟