أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتن نور - حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته















المزيد.....

حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأن الشعوب العربية وعت تواً على حقيقة راسخة كانت ومازالت على كوكب الأرض كالطود منذ إنتصاب الإنسان على قائمتين سافرتين، حقيقة لا مفر منها ولا جدال يبخسها، وهي أن إرادة الكل أقوى من أرادة الجزء مهما أمتلك هذا الجزء من قوة ونفوذ وثرثرات ترهيبية ماكرة ووسائل، وأن الشعوب أينما كانت وكيفما وجدت أقوى من حكوماتها او زمرها الحاكمة مهما أشتد طغيانها وإستبدادها،ومهما أمتلكت من أساليب قمعية وأدوات وحشية للترويع وتثبيط الهمم.
كأن شعوب هذه الرقعة الجغرافية المحدودبة بآفاتها الأجتماعية والسياسية والأيديولوجية ومن كل شق آثيم، والممتدة سباتها بين جبهتي ماء وثراء،كأنها اعتادت على الإمتثال طوعا لمجون حكوماتها السرمدي،أو لعائلات العواهل والأمراء من طراز سبع نجوم جاثيات.كأنها اعتادت،وفي أحسن الأحوال وأثقل الأحمال،على إستجداء أبسط الحقوق ومنها لقمة العيش أو كسوة نظيفة لا يعلوها وحل فاقة او ذلة،إستجداء كرامتها وإنسانيتها ممن فقدها يوم لامست مؤخرته دفءعرشٍ تحفّه المواخير وما أدراك.

شعب مثل الشعب العراقي،والذي ساقه الطاغية صدام حسين الى قاع وجوده كمجتمع بشري كانت قد توقدت من نسل إسلافه أبهى الحضارات والمسلات والقيم،شعب مثل الشعب العراقي سقط طيلة نظام زمرة البعث من ساقين قائمتين كان قد أنتصب عليهما في حقب جليلة من تاريخه المجيد،الى حضيض زحفه "المقدس" وراء حبة طماطم او شربة ماء صالح للإستهلاك الآدمي.
لن ننصف الحقيقة،بتصوري،لو وضعنا اللوم بثقله على رأس نظام حكمٍ طغى وأستبد مهما كان فاشيا وعاهرا حد النخاع،لا أغالي اذا قلت ما يقع من اللوم على الشعوب أكثر مما يقع فوق رؤوس السماسرة والطواغيت،فالشعوب لابد أن تمتلك إرادة غير إرادة الزحف والإستجداء،وإرادة التذمر والتقشع في السراديب او خلف أبواب موصدة..
لو كان الشعب العراقي قد ثار ثورته لإسقاط نظام البعث وطواغيته وقد ذاق منه كلما يبخس وجوده كأنسان أولا، وكمواطن ذي قيمة عليا ثانيا، لو كان قد ثار منتصبا على ساقين لا تثب الى الخلف بعد وثبة لما أمتدت ضحايا ثورته كما أمتدت ضحايا صمته وتراكمت الى مقابر جماعية مهوولة،وأطفال شوارع حفاة،وأرامل يتسولنّ ما يسد رمقهنّ في شوارع دول الجوار وأرصفتها..ناهيك عمن أستبدت به الفاقة فهبط تحت صفر قامته الى أسواق سماسرة الجسد وتجارها،وما تركه من أرث الجهالة والتجهيل وفنون النهب والسلب والتزوير وآليات التطيبل والتزمير للقادة الأشاوس من بعده لثأثآتهم الخطابية الطنانة..وناهيك عن الإحتلال فهو محنة قصوى بحد ذاته..

الإنتفاضة الشعبانية عام 1991 آبان الإنسحاب من دولة الكويت كادت تطيح بالنظام شر طيحة والى القير وبئس المصير،إلا انها لم تصمد آنذاك وتقهقرت بجموعها وفلولها خلف الأبواب والمتاريس،لا يسعنا أن ننكر في هذا المقام الدور الأمريكي في تمكين رأس النظام البعثي وحاشيته من دحر الإنتفاضة وكانوا على وشك الهروب عراة حفاة أمام شعب ثار برجاله ونساءه وصغاره وشيوخه ثورة عارمة،ما كان للتمكين الأمريكي أن يحقق نجاحا مخزيا لإبقاء صدام في السلطة لولا فتور همة الثائرين دون قيادات متمكنة، ولولا وجل عزائمهم أمام وحشية النظام ومن مكنّـه ليبقى قائدا قوميا للبطش والخيبة والمهانة،إلا أن ما عاناه الشعب العراقي بعد الإنتفاضة وحتى سقوط النظام وبعده..جاء اكثر وحشيتة وترويعا وخسائرا في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وما اليها من دمار وتدمير. وإن جفلت العزائم،جفل الحق وتلاشت الحقوق..وضاعت هيبة المواطن والوطن..

لكل عراقي شريف أقول،أدرس بروية تاريخك الحديث الذي عاصرته بشقيه قبل طاغية البعث وبعده.. أدرسه واتعظ ثم ثر فقد آن لك أن تثور، صل صولتك بعد ثمانية أعوام عجاف مقرفات قاحلات لا نمت حبة قمح مباركة بينهما ولا أبتلَ فيها غصن ياسمين فأزهر.
ولكل من ينسق ويعدّ عدته وملته وروابط جأشه وجأش حاشيته ومحبيه للخروج بحشودٍ مليونية مولولة الى قبر الإمام الحسين لتقضّ مضجعه بالعويل والتطبير السنويّ، أقول..آن وقتكم أيها السادة إن كنتم حقا من أنصار الحسين ومن مناصري ثورته ورافعي رايته ولم تكن خنوعا أو إستجداءً مثلما تعلمون أو تعلمتم.. أرفعوا رايات مواكبكم المليونية الوطنية وبهمة من تهتدون بهم من رموز ثوراتكم السالفة إن كان للدين برموزه وعبره التاريخية ودروسه ثمة جدوى باقية غير النواح والتظلم وسط المتغطرسين والجبابرة والمفسدين ولحين نزول عزرائيل لينصركم برحمته..
حاصروا المنطقة الصفراء المثقلة بهموم تحاصصاتها وهشاشات إئتلافاتها وأجندات تشريعات رواتبها وإيفاداتها وما أدراك..المتخمة،تخمة دود الأرض من موتاكم بعد التحرير،السافرة برحلات الصيف والشتاء وما بينهما من حجِ وحجيج وأعياد أضاح ومنتجعات وضجيج.. ثمانية أعوام مضت بمن تعاقب على السلطة ومن مازال متدفئا عصيا،ثمانية أعوام أنـُجِز بها أضخم مشروع سياسي في العراق لتوطيد مليار شماعة من الكونكريت المسلح علقت عليها أفخم الخطابات المضللِة في التاريخ لتبرير العجز والخيبة وضمور الحس الوطني إن كان ثمة حس في الواجهة، لتبرير التقصير واللامبالاة،وقلة الحنكة والخبرة السياسية في إدارة شؤون البلد وشؤون مواطنيه ورعاياه والحفاظ على أمواله وخيراته..

ماذا تنتظر أيها الشعب العراقي المرصوف في عتمة الزاوية العمياء فمن يا ترى تظنه سيراك.. هل تنتظر نصف قطعة صابون مضافة لحصتك التموينية ام حفنة عدس لم ينخره دود المستودعات الرطبة..أم تراك تنتظر صفقات التسليح العسكري المليارية من طائرات وبوارج ومدرعات لا طائل منها ولا ثمر غير ربح العمولات الوثير لمن تعرش في المنطقة الصفراء كالهشاب يقطر صمغا ليغرف ما يمكن غرفه من أموالكم وخيرات أرضكم عبر صفقات أما زائفة أو سابقة لإوانها وآوان ضرورتها، ولا صفقة تذكر جاءتكم بكهرباء او قطرة ماء زلال.. آن لكم أن تثوروا ثورةً نجيبة لإصلاح المنطقة الصفراء قبل إصلاح أحوالكم، فقد تسرطن فيها الفساد والإفساد وتجذر، وأستشرى فيها الجوع المميت لإمتلاك السلطة والنفوذ والثراء،جوع سقيم غير جوعكم لا يسد رمقه سوى إمتصاص ذهبكم الأسود هذا الذي تتبضعون فتاته لطرد بعض عتمة عن بيوتكم، أو بردٍ زمهريرعن أجسادكم المتعبة بوطنية رجالات السير النضالية بسجلاتهم السياسية كمعارضين بؤساء إشداء لنظام حكمكم السابق ولأمد طويل.
هل سألتم لوهلة ما الذي كانوا يعارضونه في سياسات نظام الحكم قبلهم، مالذي كانوا يناضلون من أجله زمن صدام،هل كان نضالهم المزمع من أجل العراق وشعبه أم انه محض صراع سياسي كان وتكالب على السلطة؟
رحم الله صدام حسين..أقولها جهارا.. رغم طغيانه وإستبداده وفساده وحروبه وغزواته ومقابره الجماعية وما اليه من أهوال ننتزع منها مجلدات لتاريخ حقبته البائسة... رحمه الله فقط لأنه لم يمنح زبائن المنطقة الخضراء حاليا بأحزابها وقاداتها ومحنكيها ومن شاكلهم فرصة خضراء سانحة آنذاك لسلطةٍ تذكر أو محاصصة مرجوة..لكنهم تسلطوا وتحاصصوا بفرصة غبراء جاءتهم وهم نيام،ومازال ليومنا هذا حصادها أغبر.

آن لك أن تثور أيها الشعب المطحون المطعون بمن أنتخب،المعفر من الأخمص الى الرأس بثماني سنوات خلت من شظف العيش وبؤسه المقيت العالق بإنتظار أمل قادم من اقصى عتمةِ النفق،آن للمنطقة الخضراء أن تُزرع بما يورق ويزهر لنشم عبيره ونلمس تفتقات براعمه..آن للمنطقة الخضراء أن تـُكنس ويعاد تـأثيثها تأثيثا وطنيا يُرعد ويُمطر ليل نهار حتى يغرقَ كل مواطن بخصب أرضه وخيراتها بعد طول صبرٍ وكساد..بل وآن لأمريكا وسفارتها الفارهة في بغداد أن تذعن لمطالب شعب إدعت تحريره من دكتاتورية بغيضة أجهضت حقوقه فأوقعته في جيفة البئر وما أدراك.. وأن تقتلع بجبروتها من لا يريده الشعب مثلما أقتلعت عميلها السابق..وإلا ستـُقتـَلَع بجحافلها وبفترة قياسية لم تحسب لها حساب وبهمة أبناء الرافدين وأسودهم! ..
ستذعن آلهة الأرض وأبالستها من أقصاها الى أقصاها أمام صولات الشعوب وثوراتها البيضاء الناصعة من أجل الحرية والعدالة والكرامة والعيش الآمن الرغيد..من أجل إنسان حر يعدو بثقله على قائمتين منتصبتين أبدا كما شاءت له الطبيعة وأنتخبت.. دونما تحدب او تقعر أو عرج..
أنتفضوا وثوروا وكل شرفاء الأرض معكم ..



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زفيرُ التبغ الرديء..
- ذاكرةُ قطرة مُتعَبة..
- زرادشت ما بعد الصفر..
- قطوع مكافِئة..
- جدال المستويات.. والمجتمع بين الإقليدية واللاإقليدية
- لا غبارَ ..
- أرقٌ.. واصطياف
- إغتراب جسد.. وثمة نيّف..
- فضيحة على مقياس ريختر للبصيرة...
- تفجيرات بغداد وأحجية المربع الأول...
- للمطر ايضا..ثمة اساطير..
- اذهب اليّ...
- تسبيحات حمالة الحطب..
- خربشات آخر دهشة
- هل يتعارض نظام الكوتا مع مفهوم المساواة؟
- قال لك العرّاف..
- حوار ظريف حول تعدد الزوجات والأزواج...
- إخضاع الدين لسلطة العقل:عبث ام ضرورة..
- يا غزة قولي ولا تقولي..
- سيمفونيات و..مراحيض


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتن نور - حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته