|
اليسار الديموقراطي-: توسيع المعارضة الشعبية السلمية
حركة اليسار الديموقراطي
الحوار المتمدن-العدد: 980 - 2004 / 10 / 8 - 11:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
"اليسار الديموقراطي": توسيع المعارضة الشعبية السلمية ردّاً على الاستمرار في سياسة الأمر الواقع
دعت “حركة اليسار الديموقراطي” الجهات المسؤولة الى ازالة المسببات التي اوصلت لبنان وسوريا الى المأزق عبر “الخروج من خيار التمديد والدخول في حوار عميق وجدي استنادا الى اتفاق الطائف”، محذرة من “استمرار نهج فرض الامر الواقع وحينها لن يكون امام المعارضة ومهما كانت الصعوبات سوى التمسك بخيار توسيع المعارضة الشعبية”.
اصدرت امس “حركة اليسار الديموقراطي” البيان الآتي: “محاولة اغتيال النائب مروان حماده جسدت في شكل مأسوي مأزق الواقع السياسي في لبنان ووضعت الجميع امام مسؤولية تحديد سبل المتابعة.
لسنا من الراغبين في الدخول في مباريات الاتهام علماً اننا لسنا من الجالسين في قاعة انتظار نتائج التحقيقات.
ان البلاد تعيش مواجهة حقيقية بين منطقين:
أ – منطق القوة، منطق فرض الامر الواقع، مع ما يقتضيه من استهتار بكل المعطيات والحقائق واستعداد لتجاوز كل الاعراف والدساتير والقيم، ناهيك بارادة اللبنانيين ومصالحهم. وهذا المنطق يعمل بفظاظة بالغة من اجل قولبة الشرعية الشكلية، وذلك بالاعتماد على البنى الاوامرية العسكرية والامنية، وبالاساس الاستقواء بالدور السوري واسترضائه عبر الخضوع لارادته ومصالحه من دون قيد او شرط.
ب – المنطق الآخر يرى ان مسلك السلطة المولاّة على البلاد اوصل حياة اللبنانيين الى وضع بالغ السوء على كل المستويات: حريات وديموقراطية وحقوق وانهيار اقتصادي وفقر وصحة وتعليم وضمانات وعدالة وقضاء وقيم. والمحصلة العامة مجتمع يائس ومفكك وهجرة غير عادية تعادل الفرار من الجحيم القائم.
لقد مر على اتفاق الطائف خمسة عشر عاماً، ومر على تحرير الجنوب اربعة اعوام، ورغم كل النصوص الدستورية، بقيت الأمور تقريباً على حالها، وبقي لبنان بلداً مستباحاً تتحول مؤسساته السلطوية تدريجاً هياكل شكلية، تتهاوى يوماً بعد يوم، ليحل محلها نظام الاجهزة والتشكيلات المافيوية التي تعمل بتصميم لاخضاع اللبنانيين وتحويلهم رعايا تابعة ومطواعة . ولتسهيل ذلك تعرضت الحياة السياسية لأشرس عملية تدمير وجرت محاولات لمصادرة الاحزاب واستتباعها او اضطهادها بالاضافة الى مصادرة معظم وسائل الاعلام.
وشكل السطو على المال العام للدولة، واستباحة مصالح اللبنانيين، الهدف الاسمى لهذه القوى التي راكمت، وغالباً في شكل لاشرعي، الثروات الخيالية وذلك لم يكن ممكناً لولا تعطيل كل ادوات المحاسبة الرسمية والشعبية بالارتكاز على منطق القوة الصافية والترهيب وتطويع القضاء وتهميش قوة القانون واستخدامه استنسابياً وفقاً لمصالحهم.
ولقد ترافقت هذه العملية المنهجية، الهادفة الى فرض سياسة وضع اليد على البلاد، بكم هائل من الادعاءات القومية والعروبية والثوروية الوهمية، محاولة تكريس لبنان ساحة للمواجهة الشاملة لاهداف وظيفية واستخدامية.
منذ البداية، اظهر اللبنانيون ممانعات متفاوتة في وجه هذا الواقع، تجسدت بتحالف معارض من تيارات متعددة، والعامل الحاسم الذي أمن للمعارضة موقعاً مؤثراً ومرغوباً لدى الرأي العام، هو الانكشاف الواضح للدور السلبي للسلطة على كل المستويات، وامعانها في التعدي على مصالح الوطن والمواطن والمواطنين واستهانتها بكل الثوابت الوطنية، واستخفافها بقيم المجتمع ومصالحه واسس وحدته.
واذا كانت كل سلطات ما بعد الطائف، ومن دون استثناء، قد اقدمت على الارتكابات وصاغت سياسات فاسدة ومعادية لمصالح اللبنانيين، فإن الحكم الاخير، وبكل مكوناته، شكل ذروة الرداءة بطبيعته الامنية لجهة المزاوجة بين العدوانية العالية تجاه الحريات الديموقراطية ومصالح المجتمع وحقوق اللبنانيين، هذا من جهة، ومن جهة اخرى الغباء البالغ في التعامل مع المتغيرات الخطيرة التي جرت في فترة ولايته، وتحديداً، من خلال تكريس سياسة الاستتباع الكاملة للوصي السوري، وتحويل البلد الى وظيفة مالية وامنية لديه، في مقابل زيادة منسوب الرضا، وضمان الاستزادة في الحكم.ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، امل اللبنانيون باحتمال التغيير، باحتمال الخروج من واقع كابوسي يسيطر على كل جوانب حياتهم.
وهذه المرة لم يأملوا بصمت، وانما عبروا بالفم الملآن، وعبر كل الاطر المتاحة السياسية والدينية والمدنية، عبروا عن رغبتهم في التغيير والانتقال الى مسار مغاير للقائم، ما من شأنه ان يضعهم على سكة الخروج من المأزق.
وكذلك تلازمت، هذه المرة، ارادة الناس مع جهوز المعارضة، عبر طروحاتها الناضجة المعتدلة المجسدة لخيار تغييري متدرج؛ على مستوى القضايا الداخلية، قضايا الحريات، والديموقراطية، احترام الدستور، وقيم الجمهورية، وبرنامج اصلاح سياسي واقتصادي اجتماعي، واعادة الاحترام لمؤسسات السلطة، وفي الاصل منها، المؤسسة التشريعية، وخصوصاً مؤسسة القضاء بصفتها دعامة اساس لبناء دولة الحق والقانون؛ بالاضافة الى ايقاف مفاعيل مشروع الدولة الامنية القائمة على نفوذ الاجهزة وتجاوزها لادوارها القانونية.
لقد لاقت حركة المعارضة وطروحاتها اوسع ترحيب لدى الرأي العام، وبدا للوهلة الاولى ولفترةـ، ان اولي الامر سيأخذون في الاعتبار، هذه المرة، مقتضيات المصلحة الوطنية، وتحديدا مقتضيات التطورات الخطيرة التي تحيط بلبنان وسوريا، وبانت في شكل ساطع، عبثية تجاوز الضرورات الداخلية للتغيير ، وموجبات التعامل العقلاني مع الواقع الدولي. رغم ذلك كله ولاعتبارات تبدو لنا من النوع الشديد الخصوصية المتجاوز لمقتضيات العقلانية والمنطق، رغم ذلك، اقدم الصانع والصنيعة على تحدي ارادة اللبنانيين والمعبر عنها تكرارا منذ بداية الاستحقاق، والدخول غير الآمن في مواجهة مع الشرعية الدولية التي استبقت بت الامر واعلنت رفضها له.
ونتساءل باستهجان: هل فعلا ضاقت بهم الاحوال الى هذا الحد؟
تجاه الامر الواقع الجديد، اعلن العديد من التيارات السياسية الواسعة، وعدد لا بأس به من النواب الشجعان، وطيف واسع من نخب المجتمع المدني وتحديدا في لقاء البريستول، جميعا معارضتهم الديموقراطية للذي فرض من خلال آليات باتت مكشوفة للجميع. واعلنت المعارضة الواسعة التمثيل والانتشار، استعدادها لخوض مواجهة سلمية وديموقراطية، من خلا ل برنامج شامل اعدته، وصيغ هي في طور تحضيرها، واكدت كذلك رفضها المشاركة في اي حكومة تحاول مداورة تكريس وتشريع الامر الواقع المفروض.
ونظرا الى معرفتنا الدقيقة بنوعية تحالف الامر الواقع المسيطر، جهدنا لوضع تصور عقلاني متدرج، يحاذر التحدي، ويؤمن، قدر المستطاع، مراعاة المصالح المشتركة اللبنانية – السورية، ويسعى للخروج من مأزق التدويل بالالتزام الدقيق والمبرمج لاتفاق الطائف.
بالترافق مع ذلك، حسمت المعارضة خيارها الرافض لتغطية الوضع المفروض، لكل الاعتبارات التي عرضت سابقاـ، واكدت عدم مشاركتها في أي حكومة، في ظل حكم ممدد له ومطعون بشرعيته، وفي ظل واقع سياسي تتحكم بمفاصله الاجهزة المشتركة، وفي ظل مجلس نيابي غب الطلب. والنتيجة الوحيدة للمشاركة ستكون فقدان المعارضة كل صدقيتها، وتسليم البلاد كليا للقوى والسياسات والاغراض التي اوصلتها الى قلب الانهيار.
في مواجهة خيار المعارضة الواضح القائم على المعارضة السلمية الشعبية الديموقراطية، هبت موجة مبرمجة، اقل ما يقال فيها انها اتهامية تهديدية، تهويلية. واخطر ما فيها انها ترافقت مع حملات كيدية من جانب اجهزة السلطة، طالت نوابا ووزراء ومناطق هادفة كسر ارادة المعارضة. وبدا جليا ان قوى الامر الواقع مصممة على اتباع سياسة العصا والجزرة، وهذا ما جسدته ممارسات الاجهزة، المصحوبة بكم ممل من التصريحات التهويلية المبشرة بالخراب والدم، ومن جهة اخرى، مبادرة رفيق الحريري الاغرائية الاستيعابية.
في ظل هذه المناخات، وبالتزامن مع تقرير الامين العام للامم المتحدة، حلت كارثة التفجير القاتلة والتي نجا منها مروان حماده بأعجوبة.
ليس لنا ان نحدد من قام بذلك، ومن هي بالدقة الجهة التي اقدمت على ارتكاب الجريمة، ومن هم المنفذون! فذلك امر هو في صلب مسؤوليات السلطات المفاخرة طويلا بقدراتها على بسط الامن. ولكن لنا ان نعلن ان المناخات التي سبقت الحادث وصاحبته، من السلطة ومحازبيها، امنت كل الشروط لاي راغب في زرع رعب الارهاب في حياتنا السياسية.
نعود الى منطلق ان محاولة اغتيال مروان حماده، وضعت البلاد امام احتمالين وربما اكثر: اما ان تقدم الجهات المسؤولة صاحبة القرار على تقويم جديد للواقع في ضوء كل المعطيات، وتعمل، وبكل مسؤولية، على ازالة المسببات التي اوصلت لبنان وسوريا الى هذا المأزق، بداية في الخروج من خيار التمديد، وبالتالي الدخول في حوار عميق وجدي، استنادا الى اتفاق الطائف بهدف تصحيح المسار الداخلي اللبناني ومسار العلاقات بين البلدين، وهذا من شأنه حكما اخراجنا من مأزق مواجهة الشرعية الدولية. واما يستمر نهج فرض الامر الواقع، وحينها لن يكون امام المعارضة، ومهما كانت الصعوبات، سوى التمسك بخيار توسيع المعارضة الشعبية السلمية الديموقراطيـة، لان ما يجري هو تماما دفاع عن المصير الوطني، دفاع عن وحدة لبنان، ودفاع عن الحريات والدسـتور، انه التزام بالخيار الكبير لوطن ديموقراطي عربي حر ومستقـل، ساع لأفضل تكامل مع بيئتـه العربيةـ، وتحـديدا مع الشقيقة سورياـ، وفق اسس تخــــدم مصلــحة البلــــــدين والشعبين.
هل هذه المسيرة محفوفة بالمخاطر؟ ربما. هل يتكرر الارهاب؟ ربما. لكننا لا ندافع عن المعارضة ولا عن موقعها في السلطة، اننا ندافع عن مصير وطن وشعب قدم الكثير الكثير من التضحيات، وفي سبيله نحن جاهزون لمواجهة وتحمل كل الصعاب.
لن نعود للوراء، الحرب الاهلية تجاوزها لبنان بكل مكوناته، والسلم الاهلي بات خيارا راسخا. ومهما حاولت قوى الماضي، قوى الخوف والتخويف والفسادـ، فإننا ماضون الى الامم الامام تلبية لاحلام اللبنانيين وخصوصا الاجيال الشابة في وطن حر عربي ديموقراطي مستقل وفي دولة الرعاية والحق والقانون”.
الاربعاء 6 تشرين الأول 2004
#حركة_اليسار_الديموقراطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمعية تأسيسية ل((اليسار الديموقراطي)) في 17 ت1
-
مشروع النظام الداخلي لحركة اليسار الديموقراطي في لبنان
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|