|
هل أفاق العرب من سباتهم ؟
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 17:14
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الجواب على هذا السؤال التراجيدي يلزمه وعياً في الطريقية والكيفية التي يعيش بها العرب ، وهم لكي يستفيقوا من هذا السُبات الطويل يلزمهم جملة أفعال وأعمال وحفريات في الذهنية والعقلية ، كما يلزمهم تحرير للإرادة وتحرير للذات وفك إرتباط مع أدوات الماضي سواء في التغيير أو في الإعمار ، كما يلزمهم فهم موضوعي للحياة ولمعنى العيش الكريم ، والخروج من الخوف والثقة بالمستقبل والإبتعاد عن الشعارات الطنانه ، والكف عن الثرثرة في الكلام وفي الخطاب وإحترام النفس وعدم التفريط بالقيم الأصيلة ، ونبذ الإيمان السلبي بالقضاء والقدر ، وعدم الإنصات للحكام العرب وأعوانهم ، وخرق تلك الأنظمة السياسية والإجتماعية البالية التي تحكمت بالإنسان العربي وأفقدته هويته وأنتماءه وشعوره ، ونحن نعتبر هذه مقدمات واجبة لتحرير المنطقة العربية من فوضى الأنظمة والفساد والإستبداد ، هي مقدمات نعتقد إنها تمثل الحد الأدنى لمن يريد من الشعوب العربية التحرر والإنعتاق والنظر إلى المستقبل بعين الرضا والأمل .
ننطلق في هذا من إيماننا بان الإنسان العربي شأنه شأن غيره حالم بحياة أكثر عدلاً وحرية وسلاما ، كما إنه أعني الإنسان العربي قد ظُلم كثيراً وصُدر حقه وطُمست كرامته في ظل أنظمة سياسية وإجتماعية وإقتصادية فاسدة ومستبدة ، ولكي يحقق الإنسان العربي ذاته وهويته ويشعر بوجوده ، عليه ان يُغير نمط حياته وسلوكه البدائي ويُغير من طبيعة علاقته بالحياة وبالقانون ، وعليه أن يعمل لتغيير الثقافة الدينية السائدة التي تخلق مجتمعاً متطرفاً ميالاً للعنف والإرهاب ، وأستبدال هذه الثقافة بثقافة الحياة والإيمان بان الدين لله وإن الوطن للجميع ، وعدم الإستماع للعازفين على وتر الطائفية وتحكيم الدين وربطه بالسياسة ، كما إن على العربي مهمة إجتماعية وتربوية في تصحيح الإعتقاد من خلال نبذ العشائرية العتيقة لأنها عامل تخلف مضاف لا يخدم بناء مجتمع مدني ، بل إنها ترسخ وتجذر الدكتاتورية والإستبداد وهنا لا نتحدث عن القيم الأخلاقية بل على الطبيعة الإجتماعية ، وهي طبيعة قديمة وغير مجديه في عالمنا وعصرنا الرآهن ، مهما حاولنا إسباغ عليها من الذكريات والتراث ، فكلها غدت من الماضي ويجب ان تكون كذلك ، والحاكم السياسي حين يشجع على القبلية والعشائرية يجب أن نخشاه ونخافه على مستقبلنا ومستقبل أبناءنا .
وأقول هذا : وأنا أعيش نشوة النصر الذي تحقق مع ثورة المصريين ، تلك الثورة التي شجعتنا وأعطتنا المزيد من الأمل في إمكانية حدوث التغيير الذي نطلبه ونرجوه ، في بناءات الدولة العربية وقواعدها لكي تكون أكثر واقعية وإنسجاماً وموائمةً ، فالشعارات التي نادى بها الثوار مقبولة أكثر لنا وللعالم في كونها نزوع نحو التحرر من القيود التاريخية والسياسية التي فرضتها طبيعة الأنظمة الحاكمة ، كما إن إصرار المصريين على العدل والحرية والسلام يجعلنا أكثر وثوقاً بان الإنسان العربي اليوم صار أكثر وعياً للواقع ولمتطلباته ، ليس هذا وحسب بل جُعلت تلك القيم شعاراً للمرحلة في عموم المنطقة العربية نشاهد هذا في العراق وفي الجزائر وفي اليمن ، كما إن طريقة الجهاد المصري تحررت من العنف ومالت إلى السلام ، وخلقت جواً من المحبة يفرض على الجميع في العالم إحترامه ، وهذا درس بليغ يجب على الشعوب العربية أن تتعلمه لأن ذلك يعبر عن رسالة الإنسان العربي إلى غيره حيثما كان ، رسالة تقول : إن الإنسان العربي قد بلغ رشده ، ومن حقه ان يعيش الحياة أسوة ببقية شعوب العالم الحر .
ويبدو لي وأنا أتتبع حركة الثورة العربية اليوم أجد إنها تلاحق أشياء معينه محددة ، هي لازمة وضرورية له كما إنها جزء من كيانه ووجوده والتأكيد عليها في الساحات والشوارع يضفي عليها أهمية ويخرجها من حيز التدافع المعروف بين الشرق والغرب ، إن شعوب المنطقة العربية كلها من غير أستثناء مطالبة لكي يكون لها هذا العام عام التحرر والإنعتاق وبناء الدولة المدنية المنشودة ، ومن هنا رأينا توضيح هذه الأمور لأن لها اكبر الأثر في مستقبل الأمة العربية والإسلامية .
أقول : من البديهي أن يكتب النجاح للشعوب العربية وهي تتصدى لنيل حقوقها وأسترداد كرامتها ، ولا حاجة للتذكير من جديد بان الصراع من أجل الحرية هو صراع طويل ، ولا نحسب ان تتحرر كل الدول العربية في هذه السنة ، ولكن المؤمل ان يكون للشعوب العربية الدافع على الحرية ، يُغذي هذا ما حدث في تونس وفي مصر ، ذلك الحدث الذي سيكون له كبير أثر في تغيير الأنظمة العربية الواحدة تلو الأخرى ، طبعاً سيُكابر البعض ويدعي البعض الأخر ويتطرف البعض في شعاراته عن التحرير وعن الوحدة وعن فلسطين إلى ما هنالك ، لكن ذلك لن ينفع طالما أصر الشعب العربي حقوقه وطالما عرف إن البناء بالحرية وبالديمقراطية لذلك صارت هي الهدف وهي الغاية وهي الحلم بالعيش في ظل القانون والنظام ، إذ فيها يكون الكل سواء لا عبيد ولا سادة ولا خدم ولا إقطاع ، وهذ ه الكينونة دافع أكيد ومحفز غير عادي للجميع كي يشد العزم ويسابق الزمن ، فالفرص تمر مر السحاب ، ومن لا يغتنمها يعش طول العمر بين الحُفر ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة المصرية ... الحلم العربي
-
ثورة الشعب المصري
-
الحرية والثقافة
-
الثورة التونسية في مواجهة التحديات
-
لماذا الليبرالية الديمقراطية ؟
-
على أبواب عام جديد
-
أردوغان والوحدة
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|