أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى لمودن - زمن التوراث الشعبية السلمية؛حاجة المغرب لإصلاحات دستورية عميقة















المزيد.....

زمن التوراث الشعبية السلمية؛حاجة المغرب لإصلاحات دستورية عميقة


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 13:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تخلصت تونس من حاكمها السابق في 14 يناير بعد 23 يوما من الاحتجاج المسترسل، وأرغمت مصر حسني مبارك على التنحي عن منصبه في 11 يناير بعد 18 يوما من الثورة العارمة، لقد أظهرت الثورتان مجموعة من الحقائق:
ـ الشعوب لم تعد تخشى قوات القمع المختلفة، رغم أن الأنظمة تنفق عليها الملايير، وتجند لها أكبر عدد من الشباب الوي البنية والأطر المتخصصة يمكن أن يفوق عددهم المدرسين والأطباء... وذلك لحمايتهم من كل انتفاضة ممكنة يقوم بها الشعب مطالبا بالتغيير. لكن ظهر أن هذه القوة في الأول تلجأ إلى كل أساليب القمع الممكنة، لكن سرعان ما تنهار، ولا عجب في ذلك مادامت تعجز عن إيقاف الأمواج البشرية، وفي نفس الوقت فعناصرها جزء من الشعب كيفما كان الحال، وكيفما كانت الامتيازات التي يحصلون عليها، وفي الأخير ينظمون إلى صفوف بقية المواطنين.

ـ لم تعد الجيوش تحمي بشكل مطلق الحاكمين الطغاة، ولم تعد تلجأ لانقلابات تغير عبرها مستبدا بآخر يحمل "تباشير الأمل" وسرعان ما يتحول إلى مستبد جديد يطول مقامه في السلطة، أصبحت الجيوش تتحمل مسؤوليتها في حماية الوطن وتنأى عن الخلافات السياسية الداخلية، وتقف إلى جانب المحتجين ضد أجهزة القمع الأخرى وميلشيات المستفيدين من الأوضاع السابقة، أصبح قادة الجيوش يعلنون ولاءهم للشعب أولا، ويتفادون أي منزلق يسئ للمؤسسة العسكرية في نظر الشعب صاحب السيادة الحقيقية، ولا يغامرون بإجراءات قمعية لن تستثنيهم من متابعات مستقبلية محتملة سواء داخل أوطانهم أو خارجها، في ظل تنامي الشرط الحقوقي في العالم.

ـ كما كان دائما، الشباب في مقدمة الراغبين في التغيير والمشاركين بحماس في الثورات والمقاومة عبر التاريخ، وظهر أن الشباب الآن أكثر نضجا وتعليما وإصرارا على التخلص من الاستبداد وتحقيق الديمقراطية والعدالة، ولا يقبل بإصلاحات شكلية يلجأ إليها الحكام في آخر لحظة لإنقاذ أنفسهم. أصبح الشباب على دراية بكيفية إدارة الدول الديمقراطية، ولا يطالب غير ذلك...
ـ منحت وسائل الاتصال الحديثة خاصة الانترنيت والقنوات الفضائية التلفزية إمكانيات هائلة لبث الحماس والإخبار والتأطير، وقد تأكد أن المواقع الاجتماعية كالفايسبوك والتوتير واليوتوب والبريد الإلكتروني والمدونات... كلها أدوات فعالة في التواصل يصعب حجبها ومراقبتها بشكل كامل من طرف الأنظمة المتسلطة على الشعوب، عبرها تعقد الاجتماعات والمشاورات وتنقل آخر الأخبار وتتخذ القرارات والمواقف الموالية حسب ظروف كل لحظة وحين.

ـ ظهر أن أول المضاربين في الاقتصاد وأول المستفيدين من الريع وأول من يستغل مسؤولياتهم في السلطة من أجل الاغتناء غير المشروع هم الحكام والمحيطون بهم، فهذا حاكم تونس السابق وأفراد عائلته يجثمون على ثروات هائلة، وهذا ديكتاتور مصر السابق يتوفر هو وأفراد قلة من أسرته على ما يفوق الأربعين مليار (وما يقل عن 70)جلها في الخارج، بينما الدولة ترزح تحت الديون، والفقر مستشر في الشعب أو تتوسع دائرته يوما بعد آخر.

ـ لم يعد ممكنا الآن أن يتذرع أي حاكم بالخصوصية المحلية ليمنع عن شعبه الديمقراطية أسلوبا في الحكم، يعتمد فيه الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، ويضمن حرية التعبير، وتكون الانتخابات النزيهة هي الشرط الوحيد لممارسة الحكم وتدبير شؤون الدولة لمدة زمنية محددة، تكون انتخابات جديدة هي حكم الشعب على من سير دفة الحكم ليجدد فيه(الشعب) الثقة لمرة واحدة أو يتنحى عن السلطة ليتسلمها من حصل على المشروعية الانتخابية، ويحصل ذلك عبر إقرار دساتير متوافق حولها لا توضع بالإكراه من طرف جهة غالبة، دساتير تتماشى مع ظروف العصر ومتطلباته من أجل التداول على السلطة وتجنيب البلدان اللجوء إلى الثورات من أجل الانعتاق مع ما يرافق ذلك من خسائر بشرية ومادية جسيمة، فلو كان شعبا تونس ومصر يعرفان أن موعدا قريبا ينتظرهم لتغيير الحكام عبر الانتخابات لما حدثت الثورة.

ـ لم تعد تقنع أحدا بعض "المشروعيات" الخاصة، كالمشاركة في "ملاحم" سابقة، والتاريخ الشخصي والأسري للحكام، و"إنجازاتهم" في تاريخ سابق، سواء كانت هذه "المنجزات" حقيقية أو وهمية، فهذا مبارك تحدث عن "منجزاته" العسكرية، وبنعلي في تونس دائما يثير انقلابه ضد سلفه الحبيب بورقيبة، وكلاهما يعتبران ذلك كافيا لبقائهما في السلطة، بينما الشعب أصبح الآن يهمه الحاضر والرفع من مستوى العيش وضمان الحرية والكرامة.

ـ لم تعد الثورات الآن ذات طابع "خبزي" تسعى لتحقيق مطالب حول رغد العيش وتوفير الشغل وضمان السكن والصحة والتعليم.. بل تسعى لإيجاد حل جذري للمشكل من أساسه، ألا وهو التخلص من الحكم المتسلط، الذي يكون وراء كل مظاهر التخلف، والتحكم في الشعب، ونهب خيرات البلد، ونشر الفساد والرشوة والمحسوبية والزبونية... لأن لك من طبيعة هذه الأنظمة وعبرها تقتات لتبقى في السلطة، وهي تدعي خدمة الشعب والوطن، بينما لا تخدم سوى فئة قليلة متحكمة، وتبرر عجزها بقلة الإمكانيات وصعوبة الظرفية..الخ، بينما هذه الصعوبات لا تعني شيئا بالنسبة لعناصرها المتحكمة والفئات الاجتماعية المتحالفة معها، فتتوفر على أرصدة ضخمة، وتتحكم في مفاصل الاقتصاد الوطني، وتحول القطاع العام إلى"خاص" يكون حقيقة في ملكيتها وتحت تصرفها باسم "شركات" خاصة.. بينما الشعب أصبح يريد المشاركة في تدبير السلطة عبر الانتخابات ليطلع على حقيقة الوضع الاقتصادي، فإن كانت هناك أزمة فعلى الجميع، وإن عم الرخاء فستلحق عائداته الجميع، وطبعا مع ما يتطلبه ذلك من حسن التدبير ومراكمة الثروة الوطنية.
وعليه ففي حالة المغرب، أصبح من الضروري إنجاز إصلاحات دستورية عميقة، والانتقال الفعلي إلى مرحلة أخرى من تاريخ المغرب، يكون عنوانها البارز "ملكية برلمانية"، يسود فيها الملك ولا يحكم، تعطى فيها صلاحيات واسعة لحكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع، وفصل حقيقي بين السلطات، تماشيا مع متطلبات العصر وما يحمله من نسمات التغيير التي لم تعد تستثني أحدا، وعدم الارتكان " لأوهام خطاب الاطمئنان التي أثبتت الأيام سقوطها عند أول اختبار" كما جاء في بيان صادر عن الحزب الاشتراكي الموحد، وقد سجل الجميع التراجع الذي حصل في المغرب بعد خفوت خطاب "الانتقال الديمقراطي" الذي لم يقع، بل وقع تراجع عبر الحديث عن "ملكية تنفيذية"، والتحكم المطلق في مختلف دواليب الدولة والمجتمع، وإخراج حزب الدولة إلى الوجود على شاكلة الحزب الحاكم في تونس ومصر، ومحاصرة الخصوم السياسيين والتحكم في الإعلام العمومي واحتكاره، والخلط بين السلطة والتجارة كما جاء في بيان الهيئة السياسية المشار إليها سابقا.. إن المغرب ليس في منأى عن أي حراك اجتماعي وسياسي، ومن مؤشرات ذلك دعوة عدد من الشباب على المواقع الاجتماعية إلى "التحرك" في 20 فبراير الحالي للمطالبة بإقرار "ملكية برلمانية"، ورغم أن ذلك مازال مجرد خطابات على الانترنيت، فقد أكدت التجارب عم الاستهانة بذلك، مادامت نفس الشروط (غالبا) متوفرة، كشكلية المؤسسات "المنتخبة" وعدم صلاحياتها في التأثير على حياة المواطنين إيجابا، تفاقم الأزمات الاجتماعية والخصاص الملحوظ لدى فئات واسعة من المجتمع وعلى رأسها الشباب المتعلم، واحتكار الاقتصاد من طرف أقلية، وانتشار الفساد، منه الرشوة والمحسوبية والريع وشراء الذمم أثناء الانتخابات...
إن الاحتجاج في 20 فبراير لم يعد مقصورا على شباب يعلن عن ذلك في الانترنيت، بل أعلنت عن ذلك بعض التنظيمات المحلية، فهذه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على سبيل المثال قررت القيام بمسيرة في نفس اليوم وهي ترفع مطالب إصلاحية. إن حكمة المغاربة وتعقلهم تجعلهم دائما يتفادون الفوضى والتخريب والانتقام.. بل يميلون نحو "المصالحة" ورفع المطالب، فهل سيلتقط الجميع مغزى الإشارات والرسائل التي تتناقلها الشعوب من أجل ترسيخ الديمقراطية الحقيقية؟



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة:هروب الحاكم
- حوار مع د. المهدي لحلو: الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ...
- وزارة التربية الوطنية في المغرب تستعين بالمعطلين حملة الشواه ...
- جنوب السودان على أعتاب استفتاء يقوده إلى الاستقلال
- سيدي سليمان أمام عسر التنمية كنموذج لسوء التدبير بالمغرب
- الأخطر ليس إغلاق -ويكيليكس- بل استمرار ممارسة السلطة بديكتات ...
- التقويم وفق بيداغوجيا الإدماج في مدارس المغرب: المشاكل والصع ...
- الحزب الاشتراكي الموحد في المغرب يهيئ لمؤتمره القادم عبر نقا ...
- المطالبة بتنفيذ توصيات هئية الإنصاف والمصالحة بالمغرب: مسيرة ...
- أي دور للمدرس (ة) في المنظومة التربوية في المغرب
- حزب الاتحاد الاشتراكي في المغرب ضد حذف الغرفة الثانية ووزيره ...
- التباسات التفرغ النقابي بالمغرب
- كيف تتجاهل -الجزيرة- كل ما هو اشتراكي ويساري
- التضليل الإعلامي في التلفزة المغربية
- الإعلام والسلطة في المغرب
- محاربة الرشوة في المغرب؛ حوار مع عبد العزيز لطرش عضو -الهيئة ...
- ما ذنب النساء في السعودية؟
- رؤية الحزب الاشتراكي الموحد للوضع السياسي في المغرب من خلال ...
- تفويت ماء عين بنصميم لشركة مغربية، جمعية العقد العالمي للماء ...
- الماء ملك جماعي مشترك (المغرب)


المزيد.....




- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى لمودن - زمن التوراث الشعبية السلمية؛حاجة المغرب لإصلاحات دستورية عميقة