أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شفيق سيد أحمد - كيفية استثمار تفوق الخطاب العلماني















المزيد.....


كيفية استثمار تفوق الخطاب العلماني


شفيق سيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 10:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بنظرة علمانية لشعار "الإسلام هو الحل" يمكن ومن الضروري القول: "الإسلام ليس الحل", ليس للمشاكل الحياتية. إن تسييس الدين بل مشكلة للأمور الحياتية وأيضاً مشكلة للدين.
أمور الحياة تحتمل الحقيقة النسبية باختلاف زوايا النظر, ومراعاة لحرية الإختيار. ولذلك ثمة من يعتقد أن في تسييس الدين مساساً بقدسيته لأن فيه تطويعاً لثبات ويقينية قدسية الدين لإنزاله إلى مستوى الجدال والمداولة الحياتية المتغيرة والمتبدلة, ولأن فيه مساساً بنقائه بإنزاله إلى مستوى المعترك السياسي اللعوب وغير النقي والذي تتضارب فيه المصالح الحياتية غير القدسية.
لا يمكن الإدعاء أن الفكر الإسلامي السياسي أُفرِز, في هذه الحقبة في مجتمعنا, كنتاج لزخر فكري وتنظيري, من بين غيره من الأفكار كبروز وكإقناع. بل برز بسبب القحط الفكري والتنظيري, فاحتلت العواطف الدينية, وليس الفكر الديني, هذا الفراغ, وبدا وكأننا أمام طرح إسلامي يرقى لصفة الحل, الحل السياسي, وذلك دونما شعور بالحاجة لملئه بفحوى تتعاطى المرحلة وإشكالياتها, لا بل إنه يتساهل بحيث يعطي حلولاً مقَولبة ونمطية ومعدّة مسبقاً لمشاكل شائكة ومتقلبة في عالم متغير الممارسة والفكر. وإن هذا العالم (الخارجي) شديد السطوة والتأثير على العالم وبضمنها "عالمنا العربي الإسلامي" بحيث لا يمكن الإختباء أو التداول معه من منطلقات غيبية ومنغلقة أو بتجاهله. بمعنى أن من يقول لك إن الإسلام هو الحل, لا يقول لك كيفية الحل وأين هو بالضبط, بل يقول غيباً إنه هناك يقيناً, مدفوعاً بتلك العواطف.
السياسة وتسيير شتى أمور المجتمع المتغيرة والمتبدلة مع محور الزمن تحتمل وتحتاج تنوع الحلول والرؤى الخلاقة وتبدلها مع مرور الزمن, الدين ثابت ومطلق ويقيني وغير قابل للتغيير, وبالمناسبة لا يمكن قبول الإدعاء بأن الإجتهاد الديني خلاق, فهو ينحصر في نطاق التأويل والتفسير ولا يرقى للتنظير – وما أحوجنا له في هذه الحقبة المريرة, التي تفتقد هذه الأمة طريقها وحتى تفتقد المؤشرات لمعالم الطريق.
ينقص مجتمعنا أو مجتمعاتنا العربية الأوتوبيا (نظرية الحل المثالي المنشود للمجتمع سواءًا كانت ديمقراطية أو قومية أو دينية أو غيرها), مما يُفضي إلى غياب الرؤية والتطلع للمستقبل والتخطيط له ويبات المجتمع في مسيرته متخبطاً وتائهاً. وهذا ينطبق وصفاً على حالة مجتمعنا. وهل من وليد الصدفة أن منزلة المجتمعات الإسلامية تنحدر إلى درك مُخزٍ من حيث التماسك البنيوي الجماعي وإرساء مقومات الحياة والبقاء؟
لا يمكن تجاهل مسؤولية غياب الأوتوبيا حيال علوّ كلمة الإسلام السياسي فهو بالضرورة مسبب, بحيث أن هذا الغياب التنظيري يُحدث تلك الفجوة وذلك الحيّز الذي يحتله بسهولة وعن غير جدارة الخطاب الديني وأحياناً الأصولي منه. ومن ناحية أخرى إن هذا الغياب التنظيري هو أيضاً نتيجة لسيطرة الخطاب الديني على عقلية المجتمع, بل قُل على عواطفِه, حيث لا يستطيع الفكر الديني تشجيع أو على الأقل احتواء مبدأ التعددية, لا فكراً ولا ممارسة. لا بل إنه من الممكن الإشارة إلى تلك العواطف الدينية التقليدية على أنها مسؤولة ليس فقط عن سطحية الحل الديني بل أيضاً عن إمعان القحط الفكري. فإنك إذا ابتدأت مسيرتك الفكرية بما يسمى الحل الإسلامي الديني مثلاً, فإنك لن تتقدم ولا خطوة واحدة, لأنك تبتدأُ بما أسميه قيدك الفكري, وما أحوجنا لفتح هذه الآفاق.

******
تلك الرؤية إنما هي من منظار علماني, ولم أتوخَّ في هذه العجالة مناقشتها ومحاججة الفكر الديني مقابلها, بل على الأكثر عرض الخطاب الآخر, العلماني. والسؤال المطروح - هل بمقدور هذا الخطاب التأثير على مجتمعاتنا المتأثرة بالدين؟ - أولاً, ليس هناك حقاً خيار آخر لمجتمع يروم الإستمرارية والبقاء! لزامٌ إعلاءُ هذا الخطاب عاجلاً وليس آجلاً! والقضية تتركز في الكيفية.
وهنا يجب احتواء الدين, وليس مناهضته, ضمن المبدأ العلماني الذي يضمن حرية المعتقد. المطلوب فصل الدين عن العمل السياسي وليس عن المجتمع. وليس من الحكمة الخروج ضد الشخصية العربية المتأثرة بأصفاد وكوابح التقليد من أجل تغييرها, حتى لو كانت مهزومة ذهنياً ومادياً, فسيلقى هذا التوجه صداً طبيعياً. بل يجب العمل على تثقيفها وكشف خيارات طرح تجديدي أمامها, وهو ما يضمن فرصاً أكثر لنجاعة التأثير.
ما أقوله ليس مدفوعاً بتوجه براغماتي عملي وحسب, بل إنه مبدأيّ. فلو كانت الدعوة الإسلامية المعاصرة تقتصر على غاية دينية بحتة كعلاقة العبد بربه وإعلاء شأن الأخلاقيات, لَنظرنا إلى الأمر من زاوية مختلفة كل الإختلاف, إلى حد القول إن هذا يتماشى مع مبدأ حرية المعتقد (العلماني), ولما تعارض ذلك مع مبدأ فصل الدين عن الدولة. وهذا ذات الوضع الذي توصلت إليه المجتمعات العلمانية مع مؤسسة الدين. من الواضح أن صاحب الفكر الإسلامي السياسي يرفض هذا المنطق لأن في عقيدته "الإسلام دين ودولة", ولكن يجب توسيع مساحة التداول والتجاذب بين هذين الفكرين بحيث لاينجرّ العلماني لمناقشة الأمور التي يراها علمانية بمصطلحات دينية. وإن قابلية الخطاب العلماني احتواءَ الدين ضمن هذا المبدأ هي سمة إضافية تدل على تفوق هذا الخطاب, لأن العكس ليس صحيحاً.
دفعاً للإلتباس, التوجه البراغماتي الآنف وصفه لا يلغي ضرورة طرح أخلاقي "آخر", مثلاً ما يعرضه ويؤمّنه الفكر الغربي الحديث من مفاهيم أكثر تطوراً للمساواة وحقوق الفرد والإقتصاد والرفاهية وتحرير المرأة وخلاف ذلك. وتكريساً لصد المداولة الدينية الفوقية وقلبها رأساً على عقب, أضرب مثلاً قضية حرية المرأة, فعلى صاحب الخطاب الديني أن يَجهد في تسويغ مشروعية طرحه المجحف للمرأة, ولا تقع على عاتق العلماني واضح الرؤية مهمة تسويغ تضارب حرية المرأة المنشودة مع ثوابت الطرح الديني الغيبي. وكما قلنا إن أمور الحياة المتبدلة والمتأثرة تحتمل الحقيقة النسبية باختلاف زوايا النظر, ومراعاة لحرية الإختيار, رغماً عن تلك الثوابت.
******
إذن لماذا يبدو الطرح العلماني متردداً وخجولاً أمام الطرح الديني ذي الصوت الأعلى والأجلى؟ - إنها الحساسية الدينية المنبثقة عما أسميه الجبن الفكري المتجذر في مجتمعاتنا. وعلى فكرة, هذا التخاذل برأيي اختياري وله مسبباته التربوية والثقافية وليس بسبب ما قد يدعيه البعض"بالإكراه الديني", وإن كان ينسجم معه.
يجب الخروج بخطاب علماني جليّ لا حشرجة فيه وبلا تلكّؤ, عن طريق التخلص من ذلك التخاذل الفكري وتلك الحساسية والإقتناع بتفوق هذا الخطاب, قشعاً لغشاوةٍ على البصائر ودرءاً لمضيعةٍ للمصائر.



#شفيق_سيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز ...
- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شفيق سيد أحمد - كيفية استثمار تفوق الخطاب العلماني