أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل عبدالله - تشريح جثة التخلف والمتخلفين















المزيد.....

تشريح جثة التخلف والمتخلفين


جميل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 03:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حالة التخلف التي نعيشها اليوم في أواسط مجتمعنا أصابتنا، تجعل حياتنا كجسد مريض فحسب، يحتاج إلى الفحص لتحديد مواطن الداء ونوعية الدواء الذي يحتاجونه، بل أصبحنا بالتخلف أقرب إلى جثة هامدة، تحتاج إلى التشريح !!، لتحديد صنوف الميكروبات والفيروسات التي أصابتنا ، فحولت مليون وثمانمائة ألف من البشر هنا إلى إشكالية في حد ذاتهم، بدلاً من أن يكونوا بشراً كادحين من عمال وفلاحين وصيادين مثقفين ومدرسين أكاديميين ، يعانون إشكاليات في سعيهم لتحصيل قوتهم، وتأسيس حياة أفضل لهم ولأجيالهم...هناك فارق كبير إذن بين أن يعاني شعب إشكاليات وبين أن يكون الشعب ذاته هو المشكلة !!
أن الأحداث التي واكبت الحالة الاقتصادية المتردية والحصار الظالم على قطاع غزة، تعد افتضاحاً لحالة التخلف التي تجمع الشعب، اللذين نصر منذ أكثر من نصف قرن بتقديمه التضحيات والشهداء... ورغم أن كل الحقائق على الأرض تصرخ، أن دعوى القومية العربية لا ظل لها من المصداقية أن أنقذوا غزة، إلا على أرضية التخلف... وأنها دعوى تعسفية تماماً، تحولت مع الوقت إلى لغم عنقودي، تتناثر شظاياه القاتلة في كل اتجاه.
لننال نحن منها النصيب الأكبر، ويطال بعضها العالم من حولنا... رغم هذا فإننا لا نقر ما يراه البعض، أن الطفح الجلدي الذي داهم الشعب ألغزي ، فاضحاً ما يكنه من كراهية متجذرة بين الناس، هو دليل على زيف ما تزعمه أو ندعيه من أخوة فلسطينية تربطنا مع بعضنا البعض... الأمر ليس أبداً على هذا النحو، فلو أخذنا على سبيل المثال علاقتنا مع مصر الشقيقة القضية ليست ما إذا كان الشعبين المصري والفلسطيني أشقاء أم لا..!؟
فالسؤال الذي طرحته الأحداث مختلف عن هذا تماماً. .
السؤال الحقيقي والموجع هو عما إذا كانت هذه الشعوب عموماً تتمتع ولو بالحد الأدنى من التحضر..؟
وإذا ما كانت الإجابة سلبية –وهي بالتأكيد كذلك- سوف يصدمنا تساؤل آخر، أشد قسوة ومرارة، عن سر حصانة هذه الشعوب المنيعة ضد الحضارة!!
ليست المسألة إذن إن كنا شعبين شقيقين أم لا، فالشعوب غير الشقيقة لا تفعل هكذا مع بعضها، على هامش الحدود والأحداث التي جرت لا تشابه إلى الإطلاق ما حدث من بضع الألوف والذين قاموا بأعمال شغب، تسببت في عقوبات لدولتهم، تلقتها بقناعة تحسب كواحدة من ملامح أمة متحضرة... الأمر عندنا مختلف جذرياً، بصناعته المسبقة بواسطة وسائل الإعلام لدى الطرفين، وبالتخطيط والتنفيذ للمؤسسة السياسية ، ليساهم الجميع في صنع حالة، ربما كانت غير مسبوقة عالمياً، وهي حالة تقاتل جماهير شعبين... فالأمم تتقاتل عبر نظم حكمها، وتستخدم أجهزتها العسكرية في المواجهة، وتناشد الجماهير مساندتها خلال ذلك، بمجرد التأييد والتعضيد المعنوي، دون تدخل الجماهير فعلياً في الاشتباك... بل وتدعي كل نظم الحكم المتحاربة، أنها لا تضمر شراً لشعب الطرف المقابل، وتوجه إليه خطاب صداقة، محاولة إقناعه أن نظام حكمة يدفع به لمعركة مع شعب صديق له!!
أما نحن شعوب العروبة المجيدة، وأصحاب الحلم العربي، فنتقاتل مع بعضنا البعض بالسكاكين والأحجار وشعلات اللهب، وبنهب الممتلكات، وترويع الرجال والنساء والأطفال المقيمين بين ظهرانينا!!
الساحة حافلة الآن بالنظريات الهائمة :
نسمع مثلاً أن ما حدث لعبة سياسية لنظامين سياسيين فاشلين وفاسدين يحكمان الشعبين، يتوسلان إلهاء الجماهير بعيداً عن تهديد وجودهما الهش، والمفتقد لأي شرعية شعبية أو ديمقراطية.نسمع عن مؤامرة خارجية وراء الأحداث، تطوع البعض بحكم الاعتياد بوصفها بالصهيونية، وأضاف البعض جديداً هذه المرة، فتحدث عن مؤامرة من العصفور القطري ، الذي يطمح لأن يلعب دور نسر، بأداء إيجابي لصالح الشعوب والدول المحيطة، نسمع أيضاً عن العداء والكراهية المتأصل لدى عموم العرب بلا استثناء، تجاه المصري المحسود على حضارته القديمة والممتدة عبر آلاف السنين، مقابل شراذم عشائر بدوية، تعجز عن التطور، وتصر أن تبقى – كما هو شأن البدو أبداً- عالة على الحضارة والمتحضرين، وأن هذا العداء لكل ما هو مصري، متأصل لدى نخب هذه الشعوب وحكامها، وتنساق خلفهم الدهماء، رغم شعارات العروبة الزاعقة، سواء على المستوى الرسمي، أو عبر وسائل الإعلام!!
لم نعدم أيضاً من ينسب الأحداث إلى مؤامرة أو خطة توريث الحكم في مصر، وبالحديث التلقائي الحماسي غير المنمق لأكبرهما لقناة تليفزيونية فضائية، ليبدو نجلي الرئيس كشباب مصري منتم للقاعدة الجماهيرية، ويتحمسان لما تتحمس له، وأنهما ليسا "أبناء ذوات" مفروضين على الجماهير من عل!!
ونحن في خضم هذه الضوضاء، وفي غياب تحقيقات ودراسات علمية رصينة، تتناول كافة الظواهر المجتمعية لبلادنا وشعوبنا، لا نستطيع أن نتبين مدى مصداقية أي من هذه الأقاويل...لكننا نستطيع أن نؤكد أمراً واحداً، هو أن أي صناعة أو فلنقل مؤامرة، لا تنجح فيما تهدف إليه، إلا إذا استخدمت خامات مناسبة لما تود تصنيعه. .
نعرف أيضاً يقيناً أن "كل إناء ينضح بما فيه"... وأن أي وسائل إعلام أو أنظمة حكم، أو أي مدبري أحداث ومؤامرات، لن يجدوا من الجماهير آذاناً صاغية، إذا ما طالبوها بما هي غير مستعدة أو مؤهلة له. . بل هل يمكن أن يجرؤ أحد في وسائل إعلام شعوب متحضرة، أن يحرض الجماهير على ممارسات همجية؟. . لا أظن أن أحداً
يمكن أن يطرأ على باله مجرد التفكير في أن يُقَدِم على ذلك أمامنا ملحوظة بسيطة وتبدو هامشية في غمار ما حدث من جرائم للغوغاء. . ملحوظة منقطعة الصلة بكل ما ذكرنا أعلاه من نظريات وتفسيرات. . بعيدة عن التعصب، وعن مؤامرة صهيونية للتفرقة، كما هي بعيدة عن حسد المصري على حضارته، وعن مؤامرة توريث الحكم المصرية!!

في النهاية: إذا أردنا أن نجد حلولاً أو علاجاً لشعوبنا، فيجب علينا أن نعمد مباشرة إلى جذور الورطة أو الأزمة أو المرض وألا نترك أنفسنا ننساق للانشغال بقشور وأوهام، أو بأعراض جانبية. . فأصل الداء واضح وضوح الشمس... الداء الوبيل الذي يعطينا مناعة ضد التحضر، ويجعل منا أعجوبة العصر في التخلف، والذي يثمر مختلف أنواع ثمار التخلف والوحشية البدائية. . ويظهر في مناسبات مختلفة، أو بدون مناسبة على الإطلاق، كما قد يظهر في مدن عربية مختلفة ، فالكراهية تتفجر من تلقاء ذاتها، ولا تنتظر في الأغلب مبررات... وإذا كان الجميع حالياً يطالب برد الاعتبار لكرامة المصري التي أهانها بلطجية ، فمن لأقباط مصر، يعيد لهم الكرامة والأمن المنتهك بغوغاء اللصوص ، والذين تكتفي قوات الأمن بمراقبة ما يحدث لهم، لتشرب بعدها معهم الشاي في جلسات صلح عرفي؟!!



#جميل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا ألان يامصر !؟
- كن محبا متفائلا .. لا تقتل نفسك
- المعرفة و الإبداع في زمن ضاع في الإبداع
- الايدولوجيا الفاشية
- ملحمة البطولة الإنسانية في المقاومة للشعب السوفيتي
- غزة والحلم
- الأحزاب والسلم الأهلي
- كلمة مؤتمر حق العودة للاجئين وقرارات الأمم المتحدة
- دراسة جديدة حول الفقر في قطاع غزة
- رحيل الى الوطن
- دعوني أتكلم - شهادة أمرآة من المناجم البوليفية -
- هناك حروب وسلام
- ملامح المرأة المقاتلة السوفيتية
- فأسيلي تيوركن .. النموذج الثوري المقاتل
- ستالين الزعيم والقائد في زمن قله فيه القادة
- هل بدأت عملية تشكيل هوية الثقافية للفلسطينيين ؟؟؟
- الحرب الوطنية العظمى .. ومقاومة الشعب السوفيتي
- الموت والانبعاث والخلود ...من ذكريات الجيش الأحمر الحرب العا ...
- عندما تلتقي الماركسية بشباب الحزب المثقف
- الحركات الأصولية في المجتمع العربي


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل عبدالله - تشريح جثة التخلف والمتخلفين