أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي بداي - وا طنطلاه















المزيد.....

وا طنطلاه


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 3276 - 2011 / 2 / 13 - 23:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كانت جدتي رحمها الله ، حين تعجز عن الرد على أسئلتي المتلاحقة، الملحاحة، تخاطبني مهددة وأصابعها الرؤوفة تجول في غابة رأسي : الآن يجب أن تنام والا أتى الطنطل فهو ينتظر إشارة مني ها..! وكنت أحاول في الليالي التالية أن لاتصل الأمور معها الى حد التلويح بخطر الطنطل الذي لم أكن أتخيله الا كائنا أسود، معتما، بإمتدادات إسطورية ومخالب ، وقد عرفت جدتي بخبرتها الطويلة معي أنني أخشى طنطلها حقا، فكانت تتمادى أحيانا فتهددني به نهارا أيضا أن كنت أاتي بما لاترضاه.المهم أن طنطل جدتي ذاك، كان تهديدا مؤقتا، كان إختراعا شعبيا أستخدمته جدتي كما جدات وأمهات ملايين العراقيين للسيطرة علي ولجمي وتخويفي ومن ثم التحكم بأفعالي ، مالبث هذا التهديد بعد أن كبرت أن تلاشى .
بين حين وآخرتتظاهرمجاميع مثقفين في شارع المتنبي ببغداد من أجل محاولة تحريك جماهيرتعيش في ظل نظام هو رسميا "نظام ديموقراطي"، "يسمح بحرية "التعبير عن الرأي" " و"التظاهر السلمي" و"يعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة والشفافية" ...الى آخر التعابير التي دخلت القاموس اللغوي للعراقيين أخيرا، ولكن هؤلاء المتظاهرين بقوا قلة قليلة جدا من العراقيين، هي القلة التي تتحسس عمق الهوة التي حفرها العراقيون بأنفسهم لأنفسهم في إستفتائهم على دستورهم/ المصيدة ، وفي إصرارهم على إنتخاب من إنتخبوا، هذه القلة هي التي تتحرك بين الحين والآخرمنبهة الى الخطرالمحدق أما ملايين العراقيين الآخرين فهم لايثورون، هم نيام ...يخافون الطنطل ...
هناك في العراق ،من مسببات الثورة مايزيد ربما بكثير على ماتوفر في مصر وتونس من أسباب ،فالعراقيون أولا عانوا من أربعين سنة من حكم فاق حكم مبارك بقساوته وإجرامه وتفريطه بإستقلال الوطن ومستقبله عبر ثلاثة حروب خارجية مدمرة، وحرب داخلية مستمرة لأربعين سنة، وحين داهمتهم جيوش أمريكا داسوا على أحاسيسهم الوطنية الى حين، لأنهم رأوأ في بقاء صدام تفريط دائم بإستقلال الوطن، لكنهم الآن لاينبسون ببنت شفة .. إنه الطنطل!
والعراقيون ثانيا ينامون على بحر هائل العمق من الثروات ، وينامون عمليا في ذات الوقت في قعر بحرهائل من الأزبال، والنفايات، وأوحال الأمطار،والوعود الكاذبة، والبطالة ،والفساد الإداري والمالي ، وتملأ خياشيمهم روائح الكاربون، والكبريت، والنفط الأسود، ومخلفات الدبابات، والإطارات المحترقة وتخترق أجسادهم مخلفات اليورانيوم وتغزو مزارعهم أملاح البزل الإيرانية القادمة من الشقيق الشيعي الرحيم لتحرق آخر سنتمتر مربع من الأرض العراقية الصالحة للزراعة ، وهم لايفعلون شيئا فالطنطل ينتظر.
تحاصرهم ملايين اللحى المزيفة، وعشرات الوجوه الكالحة،المغبرة ،الكئيبة لأعضاء المجالس البلديات والمحافظين ذوي الجباه المعفرة بالباذنجان تزييفا لهوية الأنتماء لله ، والجمل الخارجة من أفواههم تجر المنصوب، وترفع المجرور،وتعد ببناء جنة الله على الأرض خلال أسبوع كذبا وهم صامتون، تحفر آذانهم ليل نهار أصوات الملالي النائحين من مليار مئذنة كأنما القيامة قد قامت للتو، وكأنما أهل هذه البلاد كفار يتوجب في كل دقيقة وثانية أن يزعق زاعق في آذانهم لتنبيههم أن الله موجود وأنه سينتقم منهم في أقرب وقت حين يظفر بهم ، والقوم صامتون إرضاء لصمت الطنطل.
نعم..يعيش ملايين العراقيين عمليا قريبا جدا من الحياة الآخرة، بعيدا جدا عن الدنيا التي يعيشها ستة مليار من البشر يستمتعون بثرواتهم ويقدمون إضافاتهم ضمن مسيرة البشرية ، حتى أغاني العراقيين في الأفراح" إن سمح بها إتباع العصائب جيوش المهدي والهادي وأشباههم" تشبه المراثي النائحة في المقابر، لاشئ في حياة العراقيين يشبه حيوات غيرهم من الناس الآخرين، الأحرار من تهديد الطنطل.
العراقيون هم أتعس أبناء الأرض ، قاسوا سنينا، عاشوها على الهامش لايرون في الحياة أية متعة، حتى أصبحواغيرمستعدين للكفاح من أجلها الا بمايضمن مستوى الكفاف ثم حين خيل اليهم أن أبواب السماء قد فتحت لهم وجدوا أنفسهم مخدرين بأفيون الطائفية ، لقد حولهم الطنطل الى ملايين لاتعيش الا بفعل قانون الإستمرارية، ولاتفكر أبعد من يومها ، قالوا لهم إن سبب تعاستكم هو موقف أجدادكم من الحسين الشهيد فتركوا بيوتهم وهجوا على الأقدام بعوائلهم وأطفالهم قاصدين كربلاء زحفا على الأقدام ، لكن ذلك كله لم يشفع لهم ولم يجعل أحوالهم تتحسن ، ضربوا ظهورهم بالسياط الحديدية ،ومزقوا جباههم بالسيوف بهستيريا طالبين العفو والصفح وعيونهم تتوسل أبي عبد الله أن يوعز بإعلان رضاه عنهم ، ألقوا بما تبقى في جيوبهم من حثالة المال متبرعين ،لكن السرطانات ظلت تلتهم أبناءهم ، والمصائب تفتك بهم بلارحمة وبين حين وآخريفجر الطنطل شاحنة هنا وسوقا هناك للتنبيه الى وجوده. فالطنطل في إنتظار. الطنطل أكثر خطرا على وحدة الأمة من خطر الموت جوعا.
حين تقول أن ثمانية أعوام من حكم المساجد قد أسفرعن غنى فاحش ، ونهب مخجل لثروات البلاد من قبل المسؤولين الكبار والصغار ومتوسطي القامة وكلهم من خريجي الأحزاب الطائفية تكون قد كفرت، وحين تصرخ عن إختلاق لوظائف عليا لاضرورة لها سوى توزيعها على ذوي القربى ، وأن في مقدمة مسببات الفساد لائحة رواتب وإمتيازات أعضاء البرلمان وأعضاء مجالس المحافظات والوزراء التي لامثيل لها في كل الأرض، والتي كانت سببا في إستعارتنافس شرس بين ممثلي الأحزاب الدينية أدى الى ماأدى اليه من هزال الحال، تكون قد تجاوزت الخطوط الحمر ووضعت نفسك عرضة لتطبيق المادة حاء/تاء -طناطل. وحين تمسك بشباك الكاظم وتبكي ناعيا كل مجالات الحياة المتحضرة من صناعة وزراعة وثقافة وتعليم التي ماتت بفعل التقادم والإهمال المتعمد ، وحين تشكو الى الإمام الحسين مناجيا: ياأبا عبد الله برعت الحكومة في إتباعها أبشع إستغلال لمشاعر ملايين المسلمين الشيعة بإسمك ،بتسخير ميزانية الدولة لتاجيج هستيريا الزيارات الدينية لمقامك بدلا من الإلتفات الى حالة من ثرت من أجلهم من فقراء ومعدمين يعيشون تحت خط الفقر تكون قد تركت موقعك الطائفي وإلتحقت بالنواصب، حين تصرخ وتنبه وتقول ياجماعة الخير بلادنا لاتتحمل مشاريع كفاح مسلح بعد مانالها من بساطيل العسكرودباباتهم، إنتبهوا !أسرقوا قليلا وإفعلوا خيرا كثيرا عل الله يغفر لكم وفق قانون الحسنات والسيئات ، فإن إستطعتم اليوم خداع البعض فالأجيال تنمو بسرعة مذهلة ومن كان في الرابعة من عمرة يوم دخلت الدبابات الأميركية بغداد سينشب أضافره بعد عامين بأعناق أقربكم اليه ، تكون قد وضعت نفسك على قائمة المليشيات السوداء.
أخشى ماأخشاه أن يفيض الكيل بالناس فتستغيث بعد حين: وا طنطلاه......



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصدقائي التوانسة ..إحذروا من أسوا العابدين بن....
- ثلاثة أوهام لتبرير إستعباد الناس بإسم الدين
- 2011 عام العالم العراقي -عبد الجبار عبد الله- بمناسبة ذكراه ...
- البحث عن أخبث رجل في العالم
- رد السيد علي الدباغ على مقالة علي بداي
- حقيقة تزوير المالكي لشهادة وزير التربية
- لو اسس عراقيو الخارج حزبهم الخاص
- الانتخابات عيد العراقيين الوحيد
- هل تسعى جهة ما لتدمير العراق سرا بالسلاح الايكولوجي؟
- الجعفري يبدا حملته الاتخابية بمعلقة عنصرية
- اممية المشرفين على -الحوار المتمدن - في زمن الطوائف
- -أيام بغداد- اجعلوني وزيرا بلا راتب ولاحماية!
- عبد الكريم اسكن الفقراء وبقي هو بلا بيت
- 1000 دولار مساهمتي لتاسيس فضائية اليسار العراقي
- عمائم.... وعشائر.... وشعر شعبي
- بسمه تعالى ....سنسرقكم
- كم يتقاضى قادة العراق الجديد؟
- ميثاق شرف لانقاذ العراق ....نداء للموقعين على نداء-مدنيون- و ...
- هل نحن امة عبيد ايها السيد المالكي؟؟
- شعب يعيش في المنافي وحكومته تستورد العمالة المصرية


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي بداي - وا طنطلاه