أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظافر أبو الحارث - فقه الضباع















المزيد.....

فقه الضباع


ظافر أبو الحارث

الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 23:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فقه الضباع !
مالذي ينعش الدكتاتوريات في العالم الإسلامي و العربي تحديداً بحيث لا يزاح الحاكم إلا بثورة أو انقلاب ، لافرق في ذلك بين المملكة و بين الجمهورية و الإمارة و السلطنة ، فحكمهم على حد تعبير شعار السوريين قديماً ((إلى الأبد يا حافظ الأسد))؟

الذي ينعشها هو طبيعة الثقافة العربية التي اعتادت الأحكام الشمولية و ألفت الإستحواذ على السلطة إلى أجل غير مسمى ، و شئنا أم أبينا ، فإن الفقه و مشتقاته يلعب دوراً محورياً في تحريك المسار الثقافي للعالم العربي ، حتى أن أعرافه و عاداته معجونة بشظايا الفقه و معجون هو بها أيضاً ، و هو كان و لا يزال لعبة بيد الحاكم ، فكم من مدارس فقهية انتكست و اندرست لأنها وقفت بوجه السلطان الحاكم و أخرى انتعشت لأنها أرضت سلطانه و شهواته؟

ما يثير في الموضوع هو اللقاء الذي أجرته قناة إقرأ مع الكاهن الأكبر للسلطة الفقهية التشريعية في مملكة آل سعود ، الشيخ عبد العزيز آل شيخ:

http://www.youtube.com/watch?v=v0Yoeg7k1s4

يقول في هذا اللقاء (( أن بيعة يزيد بن معاوية بيعة شرعية ، و أن امتناع الحسين بن علي و عبد الله بن الزبير عن مبايعته كانت لشبهة عرضت لهما ))!

لست معنياً بالسياق التأريخي لتلك الحقبة و إنما تعنيني خطورة هذه المقالة في الواقع الحديث ، فليس هذا شخصاً مغموراً غير معتد به ، و إنما يمثل فقهاً يتصدر الواجهة اليوم في دولة تزعم أنها تقتفي أثر القرآن و السنة وفقاً لما يسمى بالفهم السلفي للقرون الأولى.

كلامه هذا يعني أننا إذا عرضنا صورة الثورة الشعبية التونسية و ما تلاها من ثورة التحرير المصرية على طاولة النقد الفقهي – بنسخته السعودية تحديداً – سيأتيك الجواب بأن هؤلاء الذين خرجوا بهذه التظاهرات هم خوارج على الحاكم الشرعي ، و خروجهم و مطالبتهم بحريتهم باطلة ، و أن (زين العابدين بن علي) و (مبارك) هم حكام شرعيون و بيعتهم شرعية !

و الخوارج في الفقه الإسلامي دمائهم مباحة ، و كانت هذه تهمة تكفي لقطع رؤوس المخالفين للولاة و الخلفاء على مسار التأريخ الدموي المسمى إسلامياً ، فما أن خالفه أحد حتى صاح الخليفة في وجهه : حُلّ لي قتلك! أنت حروري (نسبة إلى حروراء معقل الخوارج قديماً).

كل هذا الإفساد و القتل و الإضطهاد و السجون و التعذيب و النهب المهول لحقوق الناس هو فعل شرعي لأن الحاكم شرعي ، و من خالفه فلا يلومن إلا نفسه إن سقطت عنقه ! فإن كان ينتمي إلى هذه الكذبة التي اسمها السلف – كالحسين و ابن الزبير – فخروجهما شبهة ( حكم مخفّف!) ، و إلا فللحاكم أن يفعل فيه ما يشاء!

ترى ما هي الشبهة التي عرضت للحسين و ابن الزبير و فَقِهَهَا يزيد و أبوه و كاهن البلاط السعودي الأكبر؟ يعلم القاصي و الداني أن الخليفة الجديد كان فاسقاً سكيراً يلعب بالكلاب و القردة ، و أوجز ابن الذهبي سيرته بقوله ((وكان ناصبيا ، فظا ، غليظا ، جلفا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر . افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين ، واختتمها بواقعة الحرة)). خليفة يتناول المسكر و يفعل المنكر هو خليفة شرعي فقيه ، و من تربى في حجر الرسالة هو خارجي ذو شبهة لا فقه عنده و لا دراية! هذا فقه الكاهن الأكبر و زعيم سحرة البلاط!

ثم كيف تكون بيعة قامت على الغصب و القهر و الغدر و الإنقضاض على الأمة و التهديد بحد السيف شرعية ترضي الله و رسوله؟ فأين ذهب إذن قوله تعالى ((و أمرهم شورى بينهم)) و أين ذهب إذن قوله (ص) لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ قس على هذا أن الفرعون بيعته شرعية و النمرود بيعته شرعية و كسرى بيعته شرعية و هرقل بيعته شرعية ، بل و صدام أيضاً بيعته شرعية!

إن الرجل يعكس محوراً مركزياً من المحاور التي قامت عليها الحركة السلفية الحديثة من خلال طبيعة علاقتها بالحاكم (رجل السيف) ، فمن تغلب بالسيف فطاعته واجبة و إن كان فاسقاً! فالدعوة إلى طاعة ولي الأمر تقوم أساساً على التشريع لطاعة المتغلب بالقوة وضرب رأس كل من يخالفه ، فإن جاء متغلب آخر و تمكن منه لأصبحت طاعته هو الآخر واجبة في فقه علماء السلطة بعد أن كان مهدور الدم ! فالخارجي مهدور الدم حتى يتمكن من السلطة فيتحول إلى حاكم شرعي!

ما يثير حقيقة في هذا الفقه العجيب هو أنه يفتي لما بعد تأسيس الحركة و ينسى ما قبلها ، فالحلف الذي عقده محمد بن عبد الوهاب (مُنظّر الحركة) مع آل سعود (رجل السيف) هو نفسه حلف الخوارج الذي يدينون أصحابه و يهدرون دمائهم اليوم! فحلفهم هذا حدث في ظل ما يسمى بالخلافة التركية الإسلامية و هم خرجوا عليها!! مما يعني منازعة السلطة الشرعية في ولايتها على العباد والبلاد ، لأن ولاية الخليفة أو السلطان التركي انعقدت بإجماع فقهاء الأمصار آنذاك و بذلك كانت ولايته شرعية أكثر من شرعية ولاية يزيد - حسب المفهوم نفسه - و الخروج عليه كانت فيه مفسدة كبيرة و سفك لدماء محرمة لم تجف حتى يومنا هذا! لكنه نفاق الكهنة و سدنة المعبد.

إن أخطر ما في فقه الأعراب هذا حرصه على تطويع الأمة لحكام الجور ، فلا وجود للعدل في ميزانهم ، مما أدى إلى نسف محتوى آيات وأحاديث كثيرة تأمر بضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وإقامة العدل والقسط، فضربوا بذلك عرض الحائط بقوله تعالى (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط)) فهذا الحاكم يستمد شرعيته من الدين و يحكم باسمه و لكن ليس عليه أن يحكم بالقسط! و طوّعوا الأمر و المعروف و النهي عن المنكر بما دون المساس بسلطة الحاكم حتى و إن كانت مصدر المنكر كله و المانعة للمعروف كله.

هل هذا فقه نقدمه للعالم الذي يؤمن بالتعددية و يبحث عن الحرية و العدل و المساواة لنقول له أن ديننا يبيح الإنقضاض على السلطة بالدم ، و لا وجود للمعارضة في ديننا! إنه فقه الضباع القائم على القتل و الختل و الغدر و سفك الدماء من أجل الوصول إلى السلطة ، و لهذا الضبع حق السمع و الطاعة حتى لو عاث في الأرض فساداً و أهلك الحرث و النسل و وأد العقل! هذا هو فقه الأعراب الغلاظ الذين ابتدأوا عهدهم بحلفهم مع السفاحين من عصابة آل سعود حتى أصبحت لهم دولة و منبر على حين غفلة من الزمن . أقاموا الدنيا و أقعدوها بدعوى التوحيد و هم في حقيقتهم يؤمنون بالجبت و يعبدون الطاغوت بصورة الحاكم.

إذا أراد السعوديون تغيير حاكمهم يوما ما فليبدأوا أولا ً بالمؤسسة الدينية و كهنة العالم السُفلي ، فمنهم يستمد آل سعود شرعيتهم!



#ظافر_أبو_الحارث (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلا حدود


المزيد.....




- لليوم الخامس مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى +في ...
- بعد الكشف عن خلية -ال16- هل هي بداية نهاية الإخوان المسلمين ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن إحباط الأردن -مخططات إرهابية لجماعة ...
- لماذا يقتحم المتطرفون المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي؟
- اغاني الأطفال ممتعة على تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 .. ...
- هل اعتدى مؤيدون لفلسطين على مخبز يهودي في فرنسا؟
- لندن.. أعضاء أكبر هيئة يهودية يدينون هجوم إسرائيل على غزة
- خبراء يحذرون من -دمج الإخوان- بعد كشف مخطط تخريب الأردن
- سوريا: فصل الجنسين في الجامع الأموي بدمشق يثير جدلا واسعا
- أردوغان يهنئ الأتراك من الطائفة اليهودية بمناسبة عيد الفصح


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظافر أبو الحارث - فقه الضباع