أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - رائدة الغرباوي - العلمانية وفكرة الفصل بين الدين والدولة















المزيد.....

العلمانية وفكرة الفصل بين الدين والدولة


رائدة الغرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 23:03
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



لقد اشار الاستاذ جان ريفيرد الى ان العلمانية هي (( كلمة لها رائحة البارود لما تثير من استجابات متضاربة، متناقضة، والتناقض التي تحركه ليس تناقضا طبيعيا كالذي يؤلف الاراء مع فكرة واضحة او ضدها، بل هو تناقض ينال مضمون الفكرة ومعنى الكلمة)).
ففي العالم العربي وبسبب هيمنة القوى الدينية سياسيا او اجتماعيا او على كليهما نجد الالحاح على استعمال كلمة العلمانية وبدون تطابق بين معناها ومبادئها وهذا قد اضر بها ويصبح الضرر اكثر في امكانية الوصول الى مرحلة فصل الدين عن الدولة لا باعتبار العلمانية الحادا وانما باعتبارها فكرا وموقفا يتعلق بتحديد صلاحية كل من الدين والدولة واين يلتقيان واين يفترقان.
فقد جعلها كثير من رجال الدين ومسلمون اكثر صلاحية ولاتفترق وفق اطروحة الاسلام دينا ودنيا فليس لنا في العالم العربي الا ان نفكر في جميع الاشكاليات وبصوت مسموع لنتمكن من تشخيص ازمة الواقع السياسي والاجتماعي العربي وبلورة بديل ثقافي منشود لهذا الواقع حتى مع اقامة المقارنة مع الغرب بالرغم من ان الكثير من المثقفين والسياسيين يرفضون المقارنة والتي لها فوائدها دائما ويدفعهم لرفضها المحافظة على الاستبداد والتخلف السياسي وغياب القانون والدستور والحريات المدنية. فلا يسعنا قبول اراء هؤلاء ولا التوصيات المتطرفة التي سببت الفتن والانقسامات ولم تطرح مخرجا من الازمات مخرجا يكون عملية تلامس للواقع فالافضل هو ان تنئ العقيدة عن كل صلة بالسياسة لان السلطة اذا دخلت العقيدة افسدتها وافرغت مضمونها.
منذ دخلت المسيحية اوربا والمسيحيون هناك يعانون مشكلة كبيرة تعرضوا لها طوال فترة العصور الوسطى وهي مشكلة انقسام الولاء , فقد تحتم على المسيحي ان يدين بالولاء لسلطتين فانه الى جانب طاعته لله يجب ان يطيع القيصر ومعنى ذلك قيام سلطة دينية تمثلها الكنيسة وسلطة زمنية يمثلها الامبراطور وكل منهما تفرض الطاعة العمياء والولاء التام والمشكلة التي تقوم ازاء ذلك هي انه اذا تعارضت السلطتان فماذا يعمل المسيحي؟ ايطيع الامبراطور؟ ام يطيع الكنيسة؟ ولاشك ان المسيحي يعتقد ان ديانته سماوية انزلها الله لتطهير الانسان وخلاص روحه يؤمن بان اتباع تعاليم الدين والكنيسة مقدمة على طاعة الامبراطور. وفي سبيل المحافظة على عقيدته لايتردد في عصيان القيصر اذا خالفت قوانينه واوامره عقيدة الدين . ومن هنا بدأت مشكلة تنظيم العلاقة بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية اي الكنيسة والدولة وعلى مر تلك العصور والحقب ظهر مفكرين وفلاسفة في ظل استبداد الكنيسة نادوا بعقلنة المسيحية بعد ان اخضعوها للنقد مثل اسبينوزا وبعده هوبز في زمن الاستبداد السياسي والحكم المطلق الذي اعلن ان المؤسسات السياسية والاجتماعية لايتم تبرير وجودها الا بمقدار ما تحمي مصالح العامة وتضمن الحقوق الفردية فمهد الطريق نحو اضعاف الحكم المطلق فانبثقت المؤسسات على يد لاحقيه من المفكرين والفلاسفة امثال لوك الذي عبر عن الثورة الانكليزية والطبقات الصاعدة نحو النهضة والتنوير بعد فترات ساد بها استبداد الكنيسة تارة واستبداد الحكم المطلق تارةاخرى فدعى الى عقلنة المسيحية وانتقد نظريات الحكم الابوي للملوك ومجد حرية الانسان باعتباره كائنا عاقلا وجد حرا في الطبيعة فالعقل والحرية مترابطتان وان غاية الفلسفة مثل غاية السياسة وهي البحث عن سعادة الانسان وتحقيق حمايته من الظلم والاستبداد.
ويعتبر لوك ابا للفردية والليبرالية والعلمانية لايعطي الحكم اي وظيفة دينية فهو يفصل بين ماهو زمني من اختصاص الحكومة وبين ماهو روحي خارج اختصاصها فيقول:( ان كل سلطات الحكومة المدنية لاتتعلق الا بالمصالح المدنية) منطلقا من عقلانية الحكومة وواقعيتها الدنيوية . ولكن لوك لايترك السلطة حرة بل قيدها بالعدالة . وكذلك كان قبله هوبز قد اعطى للعقل مكانة سياسية حين قيد الملك بالعقل والضمير المهني في وقت بدأ ينتقد الحكم المطلق ويشن هجوما في مؤلفه ( مملكة الظلمات) على رجال الاكليروس والوزراء والملك وضد ثقافة الخوف التي ينشرها رجال الدين وتشكل مصدر ارباحهم .
ولم يقتصر الامر على مفكرين وفلاسفة بريطانيا في التفكير الحر العلمي بل سرعان ما انتشر فكر العلمانية الى اوربا رغم الارهاب الفكري العنيف من قبل الكنيسة والحكم المطلق فاشاعوا موجة تنوير في فرنسا ظهر فولتير والموسوعيون وديدرو وروسو ومونتيسكيو وفلاسفة الانوار واساتذة مثل هيغل وفويرباخ فتشكلت ملامح مجتمع جديد بمعزل عن السلطة والمجتمع السياسي للملك ورجال الدين هو المجتمع المدني الذي بنى افكارا تعتمد على الحقوق والقانون وانصاف الفئات المهمشة في المجتمع والعاملة في البؤس والحرمان والتمييز وكانت فكرة المجتمع المدني ثمرة العلمانية .
يمكننا القول بان في السياق العلماني هناك مسألة اساسية هي ان الحقوق ليست مكتسبة وانما طبيعية اي لا دخل للاديان ومؤسسات الحكم ملكية ام جمهورية في انبثاقها او منحها كما لايحق للاديان ومؤسسات الحكم مصادرتها او تجميدها .ومن هذا الموقف ونتيجة ظروف فرضتها احداث تاريخية على المستوى السياسي والاجتماعي مرت بها اوربا تبلورت فكرة الفصل بين الدين والدولة واعتبارها الفكرة الاساسية للعلمانية والتي ركزت على التعليم والمدارس وضرورة كونه تعليما حرا لاسيطرة عليه من قبل الدولة او الكنيسة بدافع عدم توجيهه ايديولوجيا خارج العلم والتجربة ففي فرنسا مثلا وبعد حقبة طويلة من الحروب الدينية التي غذتها التعاليم اللاهوتية في المدارس امتدت من القرن السادس عشر الى القرن التاسع عشر صدرت عام 1905 سلسلة من التشريعات هدفها ان لاتقوم المدارس لاي دعاية دينية , فقد كان المجتمع الفرنسي منقسما بسبب تلك الحروب ودوافعها التي اصبغت بصبغة دينية وغذتها العواطف والحماسات الدينية مما ولد التعصب والتمييز الذين يهددان اي مجتمع ويساعدان في تغذية النزاعات بين ابناءه وتقسيم اوصال الدولة وتعويم القانون الذي يساوي بين كل افراد المجتمع بعيدا عن اللون والجنس والطائفة والدين
ان العالم يعاني من ازمة قيم وهم يرون ان التوازن مفقود بين المادة والروح لكن ظهرت فئة مطعمة بكليهماعلى سبيل المثال بعض الاحزاب المسيحية في اوربا ينادون بتطعيم المجتمع بالقيم الروحية الموجودة في الديانة المسيحية ولايدعون الى الحكم الكنسي. لكن السمة العامة لجميع الاحزاب السياسية وبالرغم من هدف الوصول الى السلطة الا انها تعمل على التوفيق بين المصالح الخاصة لاعضائها وللجماعات المنضوية تحت لوائها حتى وان كانت دينية وبين المصلحة الوطنية .
وبشكل عام فان العلمانيين لايمنعون وصول الاحزاب الدينية الى السلطة بينما العكس صحيح اي ان السلطة الدينية تمنع العلماني من الوصول الى الحكم حتى لوحظي بدعم جماهيري فمثلا النظام العلماني في تركيا والمنصوص عليه في الدستور لم يمنع الاحزاب الاسلامية من الوصول الى السلطة واحترام ارادة الناس حين اختاروا بواسطة صناديق الاقتراع الاحزاب الاسلامية في اكثر من دورة انتخابية بينما الدولة الدينية لاتفعل الشئ نفسه .
ان التأسيس الفلسفي للعلمانية لايعني شيئا اذا لم يتجسد هذا التاسيس في ديناميكية اجتماعية مدنية , ففي اوربا يعمل المجتمع المدني على كل المستويات وخاصة المستوى الاجتماعي والثقافي واخترق كل الفضاءات سواءا المتروكة من السلطة السياسية عمدا او سهوا وملئها حتى اصبحت هناك اعدادا كبيرة من المؤسسات والمنظمات والجمعيات الصغيرة والكبيرة والتخصصات التي لاتعد ولا تحصى ولكن تبقى اهمها على الاطلاق هي الاحزاب وبغض النظر عن حجمها واتساع رقعتها تبقى لهذه الاحزاب امكانية التوجيه والتجنيد لخدمة برنامجها , فالاحزاب الكبيرة في اوروبا عادة تستقطب الجماهير عن طريق ما يمكنها تقديمه لهم لان الجماهير في اوربا وبعدما عملت وتعمل على واجباتها اصبحت متطلبة مهتمة بحقوقها اكثر وبما يمكن ان تحصل عليه من السلطة السياسية وعادة ما تكون تلك الاحزاب علمانية لكي لاتتقيد بحدود معينة بفرضها الدين في تحركها لكسب الجمهور . ولكن في اوروبا لايطلقون عليها صفة العلمانية بل الليبرالية او التحررية ,لهم مجموعة مبادئ لها مغزى فكري واقتصادي وسياسي ودولي يعطون قيمة لحرية الفكر والتعبير وفصل الدين عن الدولة والحرية الفردية ,فالقوى السياسية الليبرالية في اوربا ينطوي تحتها العديد من التيارات والاحزاب ذات التطلعات الديمقراطية الحرة ومختلف احزاب الاحرار ومبادئهم ومواقفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبارة عن خليط من القيم الديمقراطية والروح المسيحية ايضا.
ولكن يبقى الهدف الاساسي لاي حزب هو الحصول على السلطة السياسية فتقوم باعمال ترمي اساسا لتحقيق هذا الهدف ولكنها في الوقت نفسه تؤدي خدمات للمجتمع ولو ان هذه الاعمال تكون نتاجا ثانويا لكنها تتحدد وفقا للمبادئ التي تتحكم في طبيعة العمل السياسي في الدول المختلفة , فكثيرا ما تستعين تلك الاحزاب بمؤسسات المجتمع المدني بكل اشكالها واختصاصاتها الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية منها لخدمة اهدافها بالوصول الى السلطة استغلالا للجو الديمقراطي الحر وفي نفس الوقت تحقق تلك المؤسسات هدفها بملء الفراغ الذي يشعر به المواطن او الناخب في علاقته بالهيئة الحاكمة , فمؤسسات المجتمع المدني تضم ملايين الافراد ذوو الاتجاهات المختلفة والاخلاق والمعرفة السياسية والمصلحة الاقتصادية وهم في حاجة الى اداة تجمع بينهم وتبلور اهدافهم وتمدهم بالوسيلة التي تسهل عليهم مهمة انتقاد السلطة الحاكمة وتوجيهها.

المراجع
1: نماذج من العلمانية في الفكر العربي المعاصر _ الدكتور احمد ماضي
2: مدخل الى علم السياسة _ الدكتور بطرس بطرس غالي
3: الموسوعة السياسية _ الدكتور عبد الكاظم الجاسور
4: الدستور اللبناني
5: روافد _ موقع مختص بقضايا الحرية وحقوق الانسان _ مقال للدكتور نصر حسن
6: الحوار المتمدن _ شهاب الدمشقي



#رائدة_الغرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان تاسيس البرلمان الشعبي للمرأة العراقية
- العمامة العلمانية


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - رائدة الغرباوي - العلمانية وفكرة الفصل بين الدين والدولة