|
التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق ( 5 )
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 11:56
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق ( 5 ) صلاح بدرالدين سوريا أمام " الموجة الرابعة " في عملية التغيير منذ قبل رحيل المستعمر وانتزاع دول المنطقة استقلالها والانضمام الى هيئة الأمم المتجدة ككيانات تتمتع بالسيادة واحدة تلو الأخرى بحلول القرن العشرين حققت شعوبنا الكثير بفعل نضالاتها الهادفة الى حياة أفضل وتابعت حراكها المتواصل بأشكال وصور متعددة للحاق بركب التقدم ونشدان المستقبل الزاهر في ظل الحرية والديموقراطية والمساواة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والذي لم يتوقف ومازالت طموحاتها المشروعة بلاحدود التي تتجدد وتتوسع على مر الأعوام والعقود ولاشك أن كل ذلك قد جسد الطبيعة الانسانية المتميزة بالبحث عن الجديد والسير صوب دروب التغيير الذي شهد في تدرجه التاريخي على خطوط متمايزة متنافرة أحيانا وبأكثر من نسق موجات أربع خلال العقود السبعة الأخيرة . الموجة الأولى : بدأت عندما ثارت الشعوب ضد الاستعمار الكولونيالي لتبديل الوضع القائم في أوسع الجبهات الشعبية الموحدة من خلال حركاتها التحررية الوطنية التي مثلت في مراحل معينة جميع المكونات القومية والاجتماعية والروحية ومعظم الطبقات الوطنية والفئات المتنورة والنخب المتعلمة وفقراء المدن وفلاحي الريف وكانت الأهداف واضحة : رحيل المستعمر بدون رجعة وقيام الحكومات الوطنية وتحقيق السيادة والاستقلال الناجز وبناء مؤسسات الدولة العصرية وبمرور الزمن وبالرغم من تحقيق الكثير من الخطوات وانجاز القسم الأكبر من الأهداف المعلنة الا أن " البورجوازيات الوطنية " التي حلت مكان الأجنبي في حكم وادارة البلاد لم تستكمل الرسالة المفترضة مقارنة بدورالبورجوازية الأوروبية الناهضة وانجازاتها الاقتصادية والسياسية والعلمية كما عجزت عن تحقيق الحدود الدنيا من الطموحات الشعبية في الحرية والعيش الكريم والتقدم الاجتماعي واخفاقها في تأدية الواجبات القومية وخاصة بشأن القضية الفلسطينية وتحديات النكبة مما دفع ذلك باتجاه البحث عن تغيير الوضع مجددا نحو الأفضل . الموجة الثانية : جاءت عبر الانقلابات العسكرية من مجموعات من الضباط يغلب عليها المنبت الريفي قسم منهم حاول ركوب مشاعر التذمر الشعبي والاستئثار بالسلطة بدفع من الخارج في اطار معادلة الصراع الدولي وتناقضات مراكز القوى الاقليمية في مرحلة الحرب الباردة وقسم كان مدفوعا من أحزاب عقائدية تهدف الى تغيير الوضع لمصلحتها الطبقية والآيديولوجية والطائفية وقسم آخر وهو الأقل تأثيرا كان يرنو الى اجراء الاصلاح الحقيقي وتطوير بنية الدولة وتحقيق الديموقراطية وبالنتيجة وخلال عقود طويلة استأثر الحكام الجدد بتسلط استبدادي مخيف ولم يحققوا أيا من الأهداف والشعارات المذاعة في بلاغاتهم ولم يلتزموا بالوعود والعهود وحولوا الحكم الى مرتع للحزب ثم الطائفة ثم العائلة وبالآخير توقف الأمر على الفرد الدكتاتور وحولوا المجتمع الى رهينة لمئات الآلاف من المخبرين والمراقبين وصرفوا أموال الشعب على أجهزة الأمن والموالين وسيطروا على مصادر الثروة وسنوا دساتير وقوانين بحجم الفئات الحاكمة ولمصلحة الحزب القائد للدولة والمجتمع واخترعوا لأول مرة بدعة حالة الطوارىء والأحكام العرفية والاصطفاف الطائفي والعنصرية تجاه القوميات غير العربية وتحديا القومية الكردية ومارسوا بحقهاعمليات التمثلية القومية والتعريب والتهجير وتغيير التركيب الديموغرافي لمناطقها التاريخية انتهاء بالابادة والمقابر الجماعية ونسجوا صلات وأبرموا عقود مع محاور وجماعات ارهابية تتغطى بالدين والمذهب واستطاعو مع مرور الوقت بناء قاعدة اجتماعية – اقتصادية تستند اليها وعلى امتداد حكمهم نفذوا خطط مبرمجة لتصفية وتفتيت المجتمع المدني وحركات المعارضة وخنق أي صوت ضد النظم الحاكمة . الموجة الثالثة : ظهرت بدفع ومساهمة الخارج بعد أن فقد الداخل المعارض التواق الى التغيير السريع عوامل القوة التنظيمية والتعبوية المدمرة بفعل الاستبداد ولم تعد هناك أية آلية شعبية لاجراء التحولات المطلوبة وتوجهت الأنظار الى خارج الحدود وبشكل خاص نحو الادارة الأمريكية بعد أن حررت ادارة الرئيس بوش الأب الكويت وفرضت شروطا مذلة على النظام الدكتاتوري في بغداد في خيمة صفوان وانتشرت في عهدها مقولة " النظام العالمي الجديد " كاشارة الى دعم الجهود المبذولة لازاحة النظم الاستبدادية هذه المؤشرات التي عززتها ادارة بوش الابن بشعاراتها في دمقرطة الشرق الأوسط الجديد ومواجهة الارهاب العالمي ومن ضمنه الأنظمة الداعمة له والمارقة وقد أفرز التوجه الخارجي الجديد هذا عددا من التجارب العملية من بينها اسقاط نظام يوغسلافيا واسقاط نظام صدام الدكتاتوري وخلع نظام طالبان الظلامي في أفغانستان ودعم العملية السياسية الديموقراطية في هذه البلدان ولاشك أن أثمان التحرير كان غاليا جدا أولها هدم مؤسسات الدولة واعادة البناء والخسائر البشرية الكبيرة ومازالت السوابق الثلاث مثار اختلافات ونقاشات ولكن بالمحصلة شكلت تجربة جديدة في مسألة التغيير بالعنف والقوة باعتماد العامل الخارجي بشكل أساسي . الموجة الرابعة : وتظهر الآن منذ الرابع عشر من الشهر الأول في العام الجديد مع الثورة التونسية الظافرة والانتفاضة الشعبية المصرية المندلعة منذ الخامس والعشرين من أجل التغيير الديموقراطي السلمي وحققت أهدافها الرئيسية حتى الآن وما تجري من تحركات وتحضيرات في بلدان أخرى وهي بعكس الموجة السابقة تماما تعتمد الداخل منطلقا أساسيا وحيدا وقودها الشباب والفقراء والعاطلون عن العمل قابلة لاستقطاب سائر الطبقات الوطنية والفئات المثقفة وجماهير العمال والموظفين وحتى أوساط الجيش تتميز بالعفوية وانعدام التخطيط المسبق من جانب الأحزاب السياسية تجسد حقيقة تقدم الشارع على الأحزاب في المعرفة والثورية والشجاعة وبعد النظر وهي مازالت في طورها الجديد من المبكر الاحاطة بكل جوانبها خاصة وأن ظهورها بهذا الشكل فاجأ الجميع ليس الحاكم والشرطة والأمن والحكومة بل القوى العالمية الكبرى والعظمى وسفاراتهم وأجهزتهم الاستخبارية .
• للبحث صلة
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتفاضة الشعوب نحو التغييرفي ندوة لمؤسسة كاوا
-
التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق ( 4 )
-
التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق ( 3 )
-
- المسيحيون العراقيون بين الحاضر والمستقبل -في ندوة لمؤسسة ك
...
-
التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق - 2 -
-
التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق
-
الديموقراطية المغدورة في لبنان
-
مؤسسة كاوا تشارك في الحوار بين المثقفين ورجال الدين
-
تفكيك البنى الكولونيالية - والآخر القومي -
-
من السابق التونسي الى اللاحق السوري
-
- مابعد الاستفتاء السوداني حق تقرير المصير الى أين ؟ -
-
محنة الدولة الشمولية أمام انبعاث - الآخر -
-
ولكن لماذا صلاح الدين ؟
-
أنظمة - الفشل الوطني - مابعد الاستقلال
-
في بدعة - البحور الخمسة -
-
- حق تقرير المصير - كرديا
-
- أزمة كركوك وآفاق الحل - في مؤسسة كاوا
-
الاخاء العربي - الكردي على الطريقة - البصرية -
-
أبعاد ودلالات انفراج الأزمة العراقية
-
ألا يستحق الكرد - طائفا - عربيا
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|