|
مأساة أللواء محمد نجيب,أول رئيس لجمهورية مصر العربية
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 17:01
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
ولد أللواء محمد نجيب سنة 1901-وتوفي بمستشفى عابدين سنة 1984م ,دون أن يصبه أي مرض ما عدى أمراض الكبر والشيخوخة غير أن الدروس التي تعلمها في حياته من النحاس والوفد والحيوانات الأليفة ومصير أبناءه كانت تكفي لأن تصيبه بالموت وبالسكتة القلبية ليس مرة واحدة وإنما 100مرة ودفن في القاهرة رغم أنه كان يفضل أن يدفن إلى جوار أبيه في السودان .
تعلم محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر الحديثة ثلاثة دروس أساسية واحد من مصطفى النحاس وواحد من الحيوانات الأليفة التي كانا يربيهن في فيلا( زينب الوكيل), والدرس الأول مفاده أن الشعب مصدر السلطات وأنه من اللازم الفصل بين قيادة الجيش وبين رئاسة الجمهورية والدرس الثاني هو أن الثورة يخطط لها العلماء والعباقرة ويقودها الشجعان ويستفيد منها اللصوص والزعران والبلطجية والدرس الأخير هو الدرس الذي عاش قصة وفاءه مع الكلاب والقطط وخصوصا الصورة الجميلة التي التقطها في فيلا زينب الوكيل وهي عبارة عن قطة ماتت أمها فأرضعتها كلبة حتى نضجت .
والقصة الأولى حين وقعت الأزمة بين مصطفى النحاس -زعيم حزب الوفد الذي خلف سعد زغلول –وبين جلالة الملك فؤاد أبو الملك فاروق, حول حل مجلس البرلمان لأن أغلبيته من الوفديين سنة1929موقصة الدرس الأول بدأت حين تفاجأ في منتصف ألليل الباشا مصطفى النحاس زوج زينب الوكيل برجل قصير القامة يلبس ملابس خادم من (النوبه) مصريا وقد تسوّر سور منزله في (الجاردن ستي) بعد منتصف ألليل يعرض عليه فكرة تدخل الجيش المصري لإجبار جلالته على احترام الدستور والعمل به لمنع حل مجلس النواب الذي تكونت أغلبيته من الوفديين ولتعزيز سلطة أو مبدأ الشعب مصدر كل السلطات, ولم يكن هذا الذي تسور المنزل ليلا مثل اللصوص والحرامية غير الجنرال أو الأميرال (محمد نجيب) الرجل العظيم الذي لم تلد جمهورية مصر رجلا مثله في الإخلاص الوطني لوطنه وللأمة وللشعب, وقد ذكر ذلك في سيرته الذاتية في كتاب تحدث فيه عن نفسه (كنت رئيسا لمصر) والمهم في الموضوع أن مصطفى باشا النحاس أعطى اللواء محمد نجيب درسا في ضرورة فصل السلطات عن بعضها البعض لضمان بقاء وتقدم مؤسسات المجتمع المدنية والحرية والديمقراطية التي ظل محمد نجيب مؤمنا بها ورفض النحاس تدخل الجيش بين مجلس البرلمان وجلالة الملك وهذا الدرس الذي تعلمه (محمد نجيب ) أراد تطبيقه بعد نجاح ثورة يوليو 1952م وبالضبط سنة 1954م ولكن جمال عبد الناصر أشاع عن خطة بين حزب الوفد ومحمد نجيب أي بين مصطفى النحاس زعيم الوفد واللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية وقام بالتحالف المخزي مع الرجعية ومع الإخوان المسلمين الذين خرجوا في الشوارع في تظاهرات غريبة من نوعها تنادي بإسقاط الحرية والديمقراطية وبتنحي اللواء محمد نجيب ورتب لكل ذلك جمال عبد الناصر في فترة انشغال محمد نجيب بزيارة آل سعود وأولاده للقاهرة وقام باعتقال الرئيس فيما عرف باسم (أزمة مارس) واعترف (محمد الصاوي) قائد التظاهرات بعد ذلك بأنه كان أجيرا تلقى من جمال عبد الناصر مبلغ 4 آلاف جنيه من أجل تنظيم إضراب عمالي في القاهرة أي بعد سنةٍ من توليه رسميا منصب رئيس الجمهورية المصرية حين أراد فصل الجيش المصري عن التدخل في الحياة السياسية لصالح الضباط الأحرار وكانت خطة محمد نجيب أن تتراجع قيادة الثورة إلى صفوف الجيش وأن يعود الضباط الأحرار إلى الخدمة في الجيش أو التقاعد لأنها ليست ثورة وبأنه قد قبل قيادة ورئاسة الجمهورية لحين تنظيم الأمور لكي يختار الشعب الرئيس المناسب في انتخابات حرةٍ ونزيهة وهذا الأمر دفع بعبد الناصر بأن يزج بمحمد نجيب في فيلا (زينب الوكيل) وتم اعتقاله بعد أن حاول دخول ( قصر عابدين) وقال في مذكرته (كنت رئيسا) آلمني الوداع الذي ودعوني به والذي لم يكن كالوداع الذي ودعته أنا لجلالة للملك فاروق بالإسكندرية حين أمرت الجيش بأن يطلقوا لوداعه 21 طلقة مدفعية وحّول عبد الناصر وصاية الجيش على الملك الرضيع إلى ثورة عسكرية ومصرية وصادر الحريات العامة وكل من يدعو للحرية وللديمقراطية هذا الذي لم يقبل به محمد نجيب الزعيم الحقيقي للحرية وللديمقراطية لا هو ولا مصطفى النحاس واستفاد من تلك المغالطة أو الثورة السلمية اللصوص والزعران والبلطجية وخسرها المثقفون وخصوصا الإخوان المسلمين الذين أقعدهم جمال عبد الناصر على (بعبوص) وأول ما بدأ به هو اعدام (سيد قطب) كما يقولون يوم تحالف الاخوان وقيادة الثورة ضد الوفديين واللواء محمد نجيب الذين ما زالوا جاثمين على صدر الشعب المصري بعد أن كانت من تخطيط العباقرة والحكماء الذين يريدون إصلاح الأمة وأجرى عبد الناصر استفتاء شعبيا مزورا فاز به ب99% من أصوات الشعب المصري , وفيلا زينب الوكيل هي لحرم مصطفى باشا النحاس التي يقال بأنها أفسدت العلاقة بين (مكرم عبيد) سكرتير حزب الوفد والناطق الإعلامي وبين الباشا مصطفى النحاس التي أدت بالتالي إلى صدور (الكتاب الأسود) الذي نسب به مكرم عبيد وشهوده قضايا من الفساد السياسي التي يطرب لسمعها (أحمد حسنين) رئيس الديوان الملكي ومؤسسة القصر في ذلك الوقت لإفساد الحركة الديمقراطية بين الوفد وثقة الشعب بالوفد وظلت فيلا زينب الوكيل رمزا للحرية وللديمقراطية إلى أن أفسدها الضباط الأحرار.
واقتيد (محمد نجيب ) تحت حراسة مشددة من الضباط بحيث لم يسمحوا له بأن يرى أبناءه وزوجته حتى أنهم لم يسمحوا له بالسير في جنازتها وتحول بيت زعيم الأمة مصطفى النحاس(فيلا زينب الوكيل) إلى معتقل لرئيس الجمهورية الذي تلقى به أول درس عن الحقوق المدنية وضرورة فصل السلطات وبقاء الشعب مصدر كل السلطات وصادروا كل ما به من أثاث وتركوه بلا أي شيء يزين جدرانه ومنظره وعاث به جنود الثورة الفساد وتعرض به الزعيم محمد نجيب لكثير من الإهانة والضرب خصوصا أنهم كانوا يضربونه على نفس الجرح الذي أصيب به في معركة فلسطين سنة 1948م وتم نقله من الفيلا ذات مرة سنة 1956 أيام العدوان الثلاثي على مصر بسبب ورود أنباء تحدثت عن محاولة إنزال مظلي للجيش البريطاني على فيلا زينب الوكيل من أجل إعادة محمد نجيب رئيسا للجمهورية المصرية حتى أن المخابرات المصرية تحرشت بابنه البكر (فاروق) وقادوه إلى معتقلات التعذيب بتهمة التطاول على جمال عبد الناصر ولاقى من التعذيب الشديد ما لقاه وخرج من المعتقل مصابا بمرض القلب وتوفي بعد شهرين من إطلاق سراحه متأثرا بجراحه البليغة الأمر الذي أدى بمحمد نجيب بأن يصاب بحزن شديد على هذا المصير الذي واجهه ولده البكر ومن يومها تعلم درسا قاسيا وأخيرا وهو أن الكلاب والقطط أوفى لصاحبها من الناس وأن تربي كلبا مخلصا لك خيرا لك من أن تربي إنسانا يعضك في يديك وفي ظهرك يطعنك من الخلف , أما ابنته الوحيدة (سميحة) فقد ماتت بعد تخرجها وحصولها على الليسانس بأربعة أشهر جراء الحزن والهم والكمد أما ابنه الثاني (علي) فقد قُتل في المانيا أثناء دهس سيارة له من قبل المخابرات المصرية ونزلوا بعد دهسه من السيارة وضربوه على رأسه حتى فارق الحياة وحين حضرت جثته إلى القاهرة رفض جمال عبد الناصر دفنها في مصر, وقبل عام من وفاته رفعت عائلة زينب الوكيل قضية كسبت فيها ملكيتها للفيلا فأمر الرئيس حسني مبارك بأن يقيم محمد نجيب في فيلا على نفقة الدولة بحي القُبه وأطلق اسمه على أكثر من شارع ومدرسة بعد وفاته سنة 1984م وأُقيمت له جنازة عظيمة تليق بمقام الملوك مشى في مقدمتها كل قيادات المكتب السياسي والرئيس محمد حسني مبارك وبعض سفراء الدول الأجنبية وأعداء الناصرية وترك وراءه فقط ولدا وحيدا يعمل سائق تكسي في شوارع القاهرة كل ما قدمته له الثورة ومصر أنهم أعفوه من أقساط التكسي الذي ذهب في حادثة قيطار.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسادتي
-
ليس لدينا كرامة ندافع عنها
-
من يستفيد من هذا الدرس؟
-
المسحوق الأردني
-
فشل المخابرات
-
ارحلو نريد أن نرى وجه ألله
-
حفلة وداع وتعارف
-
اصلاحات جلالة الملك
-
مبروك الحكومة الجديدة
-
المساعدات الأمريكية
-
أكثر شخصية مكروهة في الوطن العربي
-
من يسقط النظام؟
-
مخلوق للكتابة
-
من يحمينا؟
-
المحبة تُغير شكلي
-
هل تحبني حبيبتي؟
-
شرف المهنة
-
عُقدة التفوق
-
الخطية
-
من أجل كيلو طحين
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|